الأربعاء - 06 شعبان 1446 هـ - 05 فبراير 2025 م

هل يُنْكَر في مسائل الخلاف؟

A A

مقدمة:

الخلافُ كثير وله أوجه متعدِّدة، وليس على درجة واحدةٍ، فمنه ما هو واسع ويسمَّى عند الفقهاء بخلاف التنوّع، وهو عبارة عن التنازع في موارد الاجتهاد المعتبرة شرعًا والدلالات القريبة التي يحتملها النصّ، مثل الخلاف في معنى القرء: هل هو الحيض أم الطهر؟ ومن الذي بيده عقدة النكاح: هل هو الولي أم الزوج؟ فهذا النوع من الخلاف معتبرٌ، ولا إنكار فيه، وإنما تجري المناظرة فيه والجدال لتبيين الأقرب للصواب من غيره.

وهناك خلافُ التضادِّ، وهو الخلاف في مسائل الحلال والحرام، وردّ المجمع عليه والمقطوع به أو ما بني على غلبة الظن، مثل نسخ حلّ المتعة، وحرمة نكاح عمَّة المرأة عليها أو خالتها عليها، وهذا لا يعتبر، بل هو شاذّ، ولا تجوز الفتيا به، ويجب الإنكار على المخالف فيه.

ومن يدَّعي أنه لا إنكارَ في مسائل الخلاف فإنَّ الواقع العلميَّ والعمليَّ للعلماء يدفعه ويردُّ قوله؛ لذلك فإنَّ الذي يرفع رأسَه بمثل هذه الشعارات إمَّا أنه لا يعرف العلمَ مطلقًا، أو لا يفهمُ ما يقرأ؛ لأننا -وبطريقة علميَّة موضوعيّة- نعلم يقينًا أن الدينَ جاء لرفع الخلاف بين الناس في مسائل الشرع والعقيدة والأحكام.

سبب الخلاف بين البشر:

والخلافُ الواقع بين البشر منه ما مردُّه إلى الأهواء، ومنه ما هو نابع من قراءةٍ للنصوص الشرعية، سواء كانت وحيًا منزَّلا أو محرًّفا، وإقرار كلِّ هذه الاختلافات وجعلُها سائغةً ينافي العقل والنقل، وحتى القائل به لن يلتزمه في كلّ حين؛ بدليل إنكاره على من ينكر في مسائل الخلاف، ولازم المذهب أن يحترمَ للمنكر رأيَه لا أن ينكِر عليه؛ لأن الإنكارَ محلُّ خلافٍ فلزم اعتبارُه.

وقد شرَّق الناس وغرَّبوا في مسائلِ الخلاف حتى عميت عليهم الأنباء، وتكلَّم في الشرع من لا يعرفُه، ودعا قوم إلى اعتبار خلافٍ لا يقرُّه شرع ولا دين، ونحن في هذا المقال نبين الخلاف الذي يسوغ فيه الإنكار والذي لا يسوغ فيه.

تصوير المسألة:

يعمِّم بعض المعاصرين قولَ الفقهاء: “لا إنكار في مسائل الخلاف”، فيجعل كلَّ مسألة اختلف الناس فيها لا ينبغي الإنكارُ فيها، ويخلط في ذلك بين العقائد والأحكام، وبين الأحكام المشتهرة المقرَّرة وبين فروع الأحكام الفقهية التي اختلفت فيها أنظار الأئمة، ويحمل عدم الإنكار كذلك على السكوت والإقرار مع أن المرادَ بمسائل الخلاف مسائل الخلاف المعتبر، والمراد بعدم الإنكار عدم التأثيم، لا مطلَق السكوت بحيث لا يتبيَّن حقّ من صواب، وبيان ذلك بالتنصيص على المسألة التالية.

مسألة مهمّة:

ينبغي أن يعلَم أنّ ما كان من قبيل المعصيةِ المحضَة أو المخالفة للأوامر أو التكذيب للأخبار فتسميته خلافًا هو تعميةٌ وتزوير للحقائق، بل هو منكَر يجِب النهي عنه وتغييره، وإقرارُه واعتباره هو علامةُ النفاق، قال سبحانه: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُون} [التوبة: 67]. قال البغوي: “{يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ}: بالشرك والمعصية، {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} أي: عن الإيمان والطاعة، {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} أي: يمسكونها عن الصدقة والإنفاق في سبيل الله، ولا يبسطونها بخير”([1]). وقال سبحانه: {أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور} [لقمان: 17]. وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان»([2]).

أما ما يقع في الدّين من الخلاف مما يستدلّ بالشرع عليه فهو نوعان:

النوع الأول: خلافٌ في كليّات الدين وأصوله وأمهات العقائد وما ثبت بدليل شرعيّ معتبر، فهذا لا يسوغ الخلاف فيه وينكر على صاحِبه؛ ويجب رفعُه بالرجوع إلى كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].

والقولُ بأنه لا إنكارَ في هذه المسائل يؤول إلى تصويب المبتدِعة، وإلى القول بالشيء ونقيضه، وإلى إسقاط التكليف؛ لأنه والحال هذه يجوز للمكلَّف أن يفعلَ الواجب والمحرَّم معًا، فقد يختلف العلماء في المسألتين إلى قولين: قول بالوجوب وقول بالتحريم، فحين نخيِّر المكلَّف بينهما مراعاة للخلاف فإننا نخيّره بين الشيء ونقيضه، وقد ألمح الشاطبي رحمه الله إلى خطر هذا المسلك فقال: “فإنَّ ذلك يفضِي إلى تتبُّع رخَص المذاهب من غير استنادٍ إلى دليل شرعي، وقد حكى ابنُ حزم الإجماعَ على أن ذلك فِسق لا يحلّ، وأيضًا فإنه مؤدٍّ إلى إسقاط التكليف في كل مسألة مختلف فيها؛ لأن حاصل الأمر مع القول بالتخيير أن للمكلف أن يفعل إن شاء، ويترك إن شاء، وهو عين إسقاط التَّكليف، بخلاف ما إذا تقيَّد بالترجيح فإنَّه متَّبع للدليل”([3]).

والمسألة مفصَّلة في زلَّة العالم وخطئه في الشرع، فهو لا يُتَّبع عليه ولا يتابع، قال معاذ رضي الله عنه: “وأحذِّركم زيغةَ الحكيم؛ فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمةَ الحق”، قيل لمعاذ: ما يدريني -رحمك الله- أن الحكيمَ قد يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟! قال: “بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهِرات التي يقال لها: ما هذه؟ ولا يثنينّك ذلك عنه؛ فإنه لعله أن يراجعَ، وتلقَّ الحق إذا سمعته؛ فإنَّ على الحقّ نورا”([4]).

“فزلة العالم لا يصحُّ اعتمادها من جهة، ولا الأخذ بها تقليدًا له؛ وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عدَّت زلةً، وإلا فلو كانت معتدًّا بها لم يجعل لها هذه الرتبة”([5])، فكل مخالفة للشرع ومصادمة للدليل لا اعتبارَ لها، لكن الإنكار فيها يكون على وجهين:

الوجه الأول: تبيين خطئها، والنهي عن اتباعها إن صدرت عن عالم متَّبَع، وكان صدورُها على جهة الاجتهاد والتأويل.

الوجه الثاني: إنكارها وإبطالها إن تبناها صاحب هوى، وأراد بها تسويغ باطله والتخيّر في شرع الله وتتبّع الرخص.

ولعلَّ من أكثر من تكلَّم في مراعاة الخلاف المالكية، حتى عُدَّ أصلا مِن أصولهم، ومع ذلك قيَّدوا مراعاة الخلاف بقوَّة الدليل، فالمنقول عن مالك رحمه الله أنه إنما يراعِي من الخلاف ما قوي دليله، فلا يراعي الشاذَّ ولا الضعيفَ، وإنما يراعي الصحيح أو المشهور([6]).

أما ما حرم بالكتاب أو السنة كنكاح معتدَّة أو خامسة أو المرأة على أختها أو على خالتها فهو لغو لا عبرةَ بالخلاف فيه([7]).

ومن توجيهات مراعاة الخلاف أنهم قد يراعونه مراعاة لا تنافي الإنكار، وإنما تدرأ الحدَّ، وهذا يقع في كثير من المسائل التي في النكاح والبيوع، فقد يعتبرون النكاحَ فاسدًا يجب فسخه، ثم يراعون الخلافَ في عدم إقامة الحدّ باعتبار أن الخلافَ شبهة، أو أن محلُّ الفساد قبل الدخول لا بعده([8]).

وهذه مراعاةٌ لا تنافي الإنكارَ، ولا تنافي التغيير والأخذ على يدِ الفاعل، ولابن تيمية رحمه الله كلام حسنٌ في توجيهِ هذه المسألةِ، والتفريق بين مسائل الخلاف ومسائل الاجتهاد حيث يقول: “وقولهم: مسائل الخلاف لا إنكارَ فيها ليس بصحيح؛ فإنَّ الإنكار إما أن يتوجَّه إلى القول بالحكم أو العمل، أما الأول فإذا كان القول يخالف سنة أو إجماعا قديمًا وجب إنكاره وفاقًا، وإن لم يكن كذلك فإنه ينكَر بمعنى بيان ضعفِه عند من يقول: المصيب واحد، وهم عامة السلف والفقهاء، وأما العمل فإذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب درجات الإنكار، كما ذكرناه من حديث شارب النبيذ المختلف فيه، وكما ينقض حكم الحاكم إذا خالف سنة، وإن كان قد اتَّبع بعض العلماء.

وأما إذا لم يكن في المسألة سنّة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ ينكر على من عمل بها مجتهدًا أو مقلدا، وإنما دخل هذا اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس، والصواب الذي عليه الأئمة أن مسائل الاجتهاد لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوبًا ظاهرًا، مثل حديث صحيح لا معارض من جنسه، فيسوغ له إذا عدم ذلك فيها الاجتهادُ لتعارض الأدلة المتقاربة، أو لخفاء الأدلة فيها، وليس في ذكر كون المسألة قطعية طعنٌ على من خالفها من المجتهدين كسائر المسائل التي اختلف فيها السلف”([9]). وبنحوه قال ابن القيم رحمه الله([10]).

ويتبيّن مما سبَق أن محلَّ عدم الإنكار أو التسويغ هو أن تكونَ المسألة اجتهادية، ومما تتنازعه أدلَّة قوية متَّحدة المورد، أما ما خرج عن ذلك فإنه لا وجهَ لاستساغته والقولِ بعدم إنكاره؛ لأن في عدم إنكاره رفعًا للتكليف وتعطيلا للأحكام الشرعية، وهذا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله -الذي يتذرَّع بعضُهم بكلامه- يفصِّل في المسألة على النحو الذي ذكرنا فيقول: “لو أننا قلنا: المسائل الخلافية لا ينكر فيها على الإطلاق ذهب الدين كلّه حين تُتَّبع الرخص؛ لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف بين الناس… المسائل الخلافية تنقسم إلى قسمين: قسم: مسائل اجتهادية يسوغ فيها الخلاف؛ بمعنى أن الخلافَ ثابت حقًّا وله حظّ من النظر، فهذا لا إنكار فيه على المجتهد، أما عامَّة الناس فإنهم يلزمون بما عليه علماء بلدهم، لئلا ينفلتَ العامّة؛ لأننا لو قلنا للعامي: أيّ قول يمرُّ عليك لك أن تأخذ به لم تكن الأمة أمة واحدةً، ولهذا قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: العوام على مذهب علمائهم… القسم الثاني من قسمي الخلاف: لا مساغ له ولا محلَّ للاجتهاد فيه، فينكر على المخالف فيه؛ لأنه لا عذر له”([11]).

فيتبين مما سبق أنّ شرع الله تعالى لا يمكن حفظُه إلا ببيان الحقّ من الباطل والصواب من الخطأ، وأما إقرارُ الجميع فمنافٍ لحكمة إنزال الوحي، وهي تبيين الحقّ فيما اختلف فيه الناس بيانًا شافيًا كافيًا، يرفع الخلاف، وتنزل به الرحمة، وتطمئن به القلوب، وفي القول بمراعاة كلّ خلاف -بغضِّ النظر عن طبيعته ونوعيته- تحيينٌ للوحي، وتعطيل للأحكام الشرعية، وتَوثين لأقوال البشر، وسلوك لسنن أهل الكتاب في طاعة المخلوقين في تحليل الحرام بدون بيّنة شرعية، والله الموفق.

ــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) تفسير البغوي (2/ 267).

([2]) أخرجه مسلم (49).

([3]) الموفقات (5/ 83).

([4]) أخرجه أبو داود (4611).

([5]) الموافقات (5/ 137).

([6]) ينظر: المعيار المعرب للونشريسي (4/ 366).

([7]) ينظر: شرح ابن ناجي على الرسالة (2/ 17).

([8]) ينظر: الشرح الكبير للدردير (3/ 140).

([9]) الفتاوى الكبرى (6/ 96).

([10]) إعلام الموقعين (3/ 303).

([11]) لقاء لباب المفتوح (192/ 49) بتصرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

البهائية.. عرض ونقد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات بعد أن أتم الله تعالى عليه النعمة وأكمل له الملة، وأنزل عليه وهو قائم بعرفة يوم عرفة: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وهي الآية التي حسدتنا عليها اليهود كما في الصحيحين أنَّ […]

الصمت في التصوف: عبادة مبتدعة أم سلوك مشروع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: الصوفية: جماعةٌ دينية لهم طريقةٌ مُعيَّنة تُعرف بالتصوّف، وقد مَرَّ التصوّف بمراحل، فأوَّل ما نشأ كان زُهدًا في الدنيا وانقطاعًا للعبادة، ثم تطوَّر شيئًا فشيئًا حتى صار إلحادًا وضلالًا، وقال أصحابه بالحلول ووحدة الوجود وإباحة المحرمات([1])، وبين هذا وذاك بدعٌ كثيرة في الاعتقاد والعمل والسلوك. وفي إطار تصدِّي […]

دفع مزاعم القبورية حول حديث: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»

مقدمة: من الفِرى ردُّ الأحاديث الصحيحة المتلقّاة بالقبول انتصارًا للأهواء والضلالات البدعية، وما من نصّ صحيح يسُدُّ ضلالًا إلا رُمِي بسهام النكارة أو الشذوذ ودعوى البطلان والوضع، فإن سلم منها سلّطت عليه سهام التأويل أو التحريف، لتسلم المزاعم وتنتفي معارضة الآراء المزعومة والمعتقدات. وليس هذا ببعيد عن حديث «‌اتخذوا ‌قبور ‌أنبيائهم»، فقد أثار أحدهم إشكالًا […]

استباحة المحرَّمات.. معناها وروافدها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من أعظم البدع التي تهدم الإسلام بدعة استباحةُ الشريعة، واعتقاد جواز الخروج عنها، وقد ظهرت هذه البدعة قديمًا وحديثًا في أثواب شتى وعبر روافد ومصادر متعدِّدة، وكلها تؤدّي في نهايتها للتحلّل من الشريعة وعدم الخضوع لها. وانطلاقًا من واجب الدفاع عن أصول الإسلام وتقرير قواعده العظام الذي أخذه […]

الحالة السلفية في فكر الإمام أبي المعالي الجويني إمام الحرمين -أصول ومعالم-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: من الأمور المحقَّقة عند الباحثين صحةُ حصول مراجعات فكرية حقيقية عند كبار المتكلمين المنسوبين إلى الأشعرية وغيرها، وقد وثِّقت تلك المراجعات في كتب التراجم والتاريخ، ونُقِلت عنهم في ذلك عبارات صريحة، بل قامت شواهد الواقع على ذلك عند ملاحظة ما ألَّفوه من مصنفات ومقارنتها، وتحقيق المتأخر منها والمتقدم، […]

أحوال السلف في شهر رجب

 مقدمة: إن الله تعالى خَلَقَ الخلق، واصطفى من خلقه ما يشاء، ففضّله على غيره، قال تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ ‌وَيَخۡتَارُ﴾ [القصص: 68]. والمقصود بالاختيار: الاصطفاء بعد الخلق، فالخلق عامّ، والاصطفاء خاصّ[1]. ومن هذا تفضيله تعالى بعض الأزمان على بعض، كالأشهر الحرم، ورمضان، ويوم الجمعة، والعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، وغير ذلك مما […]

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

مقدمة: هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم […]

الصوفية وعجز الإفصاح ..الغموض والكتمان نموذجا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  توطئة: تتجلى ظاهرة الغموض والكتمان في الفكر الصوفي من خلال مفهوم الظاهر والباطن، ويرى الصوفية أن علم الباطن هو أرقى مراتب المعرفة، إذ يستند إلى تأويلات عميقة -فيما يزعمون- للنصوص الدينية، مما يتيح لهم تفسير القرآن والحديث بطرق تتناغم مع معتقداتهم الفاسدة، حيث يدّعون أن الأئمة والأولياء هم الوحيدون […]

القيادة والتنمية عند أتباع السلف الصالح الأمير عبد الله بن طاهر أمير خراسان وما وراء النهر أنموذجا (182-230ه/ 798-845م)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  المقدمة: كنتُ أقرأ قصةَ الإمام إسحاق بن راهويه -رحمه الله- عندما عرض كتاب (التاريخ الكبير) للإمام البخاري -رحمه الله- على الأمير عبد الله بن طاهر، وقال له: (ألا أريك سحرًا؟!)، وكنت أتساءل: لماذا يعرض كتابًا متخصِّصًا في علم الرجال على الأمير؟ وهل عند الأمير من الوقت للاطّلاع على الكتب، […]

دعوى غلو النجديين وخروجهم عن سنن العلماء

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تكثر الدعاوى حول الدعوة النجدية، وتكثر الأوهام حول طريقتهم سواء من المخالفين أو حتى من بعض الموافقين الذين دخلت عليهم بعض شُبه الخصوم، وزاد الطين بلة انتسابُ كثير من الجهال والغلاة إلى طريقة الدعوة النجدية، ووظفوا بعض عباراتهم -والتي لا يحفظون غيرها- فشطوا في التكفير بغير حق، وأساؤوا […]

التحقيق في موقف ابن الزَّمْلَكَاني من ابن تيّمِيَّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: يُعتَبَر ابن الزَّمْلَكَاني الذي ولد سنة 667هـ مُتقاربًا في السنِّ مع شيخ الإسلام الذي ولد سنة 661هـ، ويكبره شيخ الإسلام بنحو ست سنوات فقط، وكلاهما نشأ في مدينة دمشق في العصر المملوكي، فمعرفة كلٍّ منهما بالآخر قديمة جِدًّا من فترة شبابهما، وكلاهما من كبار علماء مذهبِه وعلماء المسلمين. […]

الشَّبَهُ بين شرك أهل الأوثان وشرك أهل القبور

مقدمة: نزل القرآنُ بلسان عربيٍّ مبين، وكان لبيان الشرك من هذا البيان حظٌّ عظيم، فقد بيَّن القرآن الشرك، وقطع حجّةَ أهله، وأنذر فاعلَه، وبين عقوبته وخطرَه عليه. وقد جرت سنة العلماء على اعتبار عموم الألفاظ، واتباع الاشتقاق للأوصاف في الأفعال، فمن فعل الشرك فقد استوجب هذا الاسمَ، لا يرفعه عنه شرعًا إلا فقدانُ شرط أو […]

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017