الثلاثاء - 10 ذو القعدة 1444 هـ - 30 مايو 2023 م

هل كلُّ من يؤمن بوجود الله مسلم؟! وهل يصح وصف اليهود والنصارى بالمسلمين؟!

A A

يكفي لكي ترى العجب أن تعيشَ، وهذا عجبٌ أيضا؛ لأن الناس يتوقَّعون العجبَ عند المكابدَة، ولا يتوقَّعونه بهذه السهولة، وإن تعجب من هذا فعجبٌ أن يتكلَّم مسلم منتَمٍ لأهل القبلة بتصحيح إيمانِ مَن كفَر بالنبي صلى الله علي وسلم، وقال: ما أنزل الله من شيء؛ لأن في قوله: ما أنزل الله من شيء إثباتًا لوجود الله، وهذا القدر من الإيمان كافٍ في الحكم له بالإسلام وعدم الخلود في النار عند بَعضهم!

وعجبٌ أن يستدلَّ على مثل هذه الأقاويل بالآيات القرآنية من نحو قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون} [البقرة: 62]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون} [المائدة: 69].

ومع أن هذا الفهمَ لم يخطر على بالِ يهودِ العرب ولا مشركي العربِ ولا نصارى نجران الذين شهِدوا الوحيَ وقت نزوله، وكانوا ممن يرومون المتشابهَ ويتمسَّكون به؛ حتى أتى في آخر الزمان من تبرَّع لهم باسم الإسلام، وأدخلهم الجنةَ ونجَّاهم من النار بتأويل لم يُسمع به في الأولين، ولا هو مستساغ عند أهل الاختصاص من الآخِرين، وأهل الأديان من غير الإسلام يعلمون بطلانَه لو قال به قائل في دينهم، فكيف به في دين الإسلام الذي ينص القرآن على أنه لم يرتض للبشرية غيره ولا يقبل منهم سواه؟! قال سبحانه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين} [آل عمران: 85].

ولنا مع هذه الشبهة وقفات:

الوقفة الأولى: أساس الشبهة ومبناها:

هذه الشبهة مبنيَّة على غَلطٍ في فهم الإيمانِ، فلا بد من بيان معنى الإيمان؛ فالإيمان له استخدامان: استخدامٌ لغوي، واستخدام شرعيّ، وبكلا المعنين يأتي في القرآن، فالإيمان في اللغة مطلق التصديق أو الإقرار مع التصديق، فكلّ ما أقرّ به الإنسان وصدّق به فهو مؤمن به، بغضِّ النظر هل هذا الإيمان صحيح أو فاسد، فاللغة تنظر إلى مجرد وجود التصديق والإقرار وحده.

والإيمان بمعنى التصديق أو الإقرار فإنّ فعله قاصر يتعدَّى بالباء أو باللام، بخلاف المتعدّي بنفسه فهو ضدّ الخوف، قال صاحب اللسان: “يقال: آمن به قوم وكذّب به قوم، فأما آمنته المتعدّي فهو ضدّ أخفته”([1]). وقد قال أبناء يعقوب ليعقوب: {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِين} [يوسف: 17]. وتعدية الفعل بالباء تدلّ على أنه بمعنى التصديق، كما أن تعديته باللام تدل على أنه بمعنى الاتباع([2]).

أما الإيمان في الاصطلاح الشرعي فإنه لا يطلق على مجرد الإقرار والتصديق، بل يطلق على الإقرار والتصديق للخبر الصحيح وعدم التلبس بالناقض له وهو تكذيبه في بعض الأخبار أو رد بعض الشرائع، ومن ثم فإن الإنسان وإن صدَّق بوجود الله وآمن ببعض رسله فإن هذا لا يعدُّ إيمانًا في عرف الشرع ما لم يؤمن بالله على نحوِ ما جاء في الوحي وأخبرت به الرسل، وكان في كلّ هذا مؤمنا بجميع من ثبتَت رسالته؛ ولهذا سمّى الله النصارى كفارًا مع إيمانهم بالله؛ لأن إيمانهم ليس إيمانًا شرعيًّا، فلا يؤمنون بالله على نحو شرعيّ، قال سبحانه: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير} [المائدة: 17]، وقال سبحانه: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} [المائدة: 73].

وقد سمى الله عز وجل كل من كفر ببعض الرسل كافرا، فقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا} [النساء: 151]. ويقول أهل اللغة: إن المصدر المؤكَّد يرفع المجاز، فقوله: {هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} رافع لما يتوهَّم من المجاز في معنى الكفر.

لم يرض الله لعباده إلا الإسلام:

ولهذا أجمعت الأمة على هذا المعنى، فاتفقت على أن الله لم يرض لعباده غير دين الإسلام، فلم يرض لهم اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية، وقد نفى كل ذلك عن أنبيائه فقال سبحانه: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين} [آل عمران: 67]. وبيَّن أن جميع الأنبياء جاؤوا ليُعبَد الله وحده لا شريك له، ولم يرضوا أن يُعبَد غيره، قال سبحانه: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُون وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُون} [آل عمران: 80].

وقد سمى الله اعتقاد ربوبية الأنبياء أو الملائكة كفرا، قال البغوي رحمه الله: “{وَلاَ يَأْمُرَكُمْ} محمد {أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا} كفعل قريش والصابئين حيث قالوا: الملائكة بنات الله، واليهود والنصارى حيث قالوا في المسيح وعزير ما قالوا، {أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُون} قاله على طريق التعجب والإنكار، يعني: ولا يقول هذا”([3]).

فالإيمان في الاصطلاح الشرعي لا يطلق إلا على الإيمان بالله وتصديق الرسل والتزام الشرائع وكذا الإسلام؛ فإنه وإن أطلق في اللغة على مطلق الاذعان فإنه في الاصطلاح الشرعي محصور في الشهادة بوحدانية الله وبالإقرار برسالة النبي صلى الله عليه وسلم هكذا عرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان”([4]).

الوقفة الثانية: من اعتنق غير دين الإسلام هل هو من أهل النار؟

جواب هذه المسألة معلوم لعوام المسلمين قبل علمائهم، وهو أن من لم يعتنق الإسلام ويؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وبما أنزل عليه فهو من أهل النار، قال سبحانه: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُون} [هود: 17].

روى الطبري بسنده عن أيوب قال: نبِّئت أن سعيد بن جبير قال: ما بلغني حديثٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وَجهه إلا وجدتُ مصداقَه في كتاب الله تعالى، حتى قال: «لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمة، ولا يهودي ولا نصرانيّ، ثم لا يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار». قال سعيد: فقلت: أين هذا في كتاب الله؟ حتى أتيت على هذه الآية: {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود: 17]، قال: من أهل الملل كُلّها”([5]).

وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة} [البينة: 6]، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} [البقرة: 39]، وقال: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} [البقرة: 217]، وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} [آل عمران: 116].

الوقفة الثالثة:

قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحًا فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون} [المائدة: 69]:

فقد استدل بعضهم بهذه الآية وأضرابها على صحة ما يذهب إليه في تصويب أهل الملل، وهو فهم أعجمي في الشرع، فالآية وردت في سياق ذمّ اليهود وذمّ ما هم عليه من الكفر، وخصوصا بالأنبياء والرسل، ثم بينت أن المخرج من ذلك هو الإيمان بالله إيمان شرعيًّا، فقبل الآية قال الله سبحانه: {وَإِذْ قُلْتُمْ يا موسى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُون} [البقرة: 61]. ثم جاءت الآية بعد ذلك؛ ولهذا حمل أهل الإيمان الآية على المعنى الشرعي، “قال السدي: هم أهل الحنيفية ممن لم يلحق محمدا صلى الله عليه وسلم، كزيد بن عمرو بن نفيل، وقس بن ساعدة، وورقة بن نوفل، وَالَّذِينَ هادُوا كذلك ممن لم يلحق محمدا صلى الله عليه وسلم، إلا من كفر بعيسى عليه السلام، وَالنَّصارى كذلك ممن لم يلحق محمدا صلى الله عليه وسلم، وَالصَّابِئِينَ كذلك، قال: إنها نزلت في أصحاب سلمان الفارسي. وذكر له الطبري قصة طويلة، وحكاها أيضا ابن إسحاق، مقتضاها أنه صحب عبادا من النصارى فقال له آخرهم: إن زمان نبي قد أظل، فإن لحقته فآمن به، ورأى منهم عبادة عظيمة، فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم ذكر له خبرهم، وسأله عنهم، فنزلت هذه الآية”([6]).

ويشهد للذي ذكر السدي من أن المقصود من كان منهم على الإيمان الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا إن ربي أمرني أن أعلّمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب»([7]).

ويدل على أن هذا خاصّ ببعضهم تسميةُ الله لهم كفارا في غير موضع، قال سبحانه: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُون} [آل عمران: 70]، وقال: {قُلْ يأهل الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُون} [آل عمران: 98]، وقال: {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُون} [التوبة: 29].

هذا وقد أجمع العماء على كفر من صحَّح أديان الخلائق من غير دين الإسلام، ولم يختلف في ذلك قولهم، ونصُّوا عليه في أبواب الردَّة معتمدين في ذلك على محكَماتِ الدين وتواتر النصوص الشرعية على هذا المعنى.

والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) لسان العرب (13/ 21).

([2]) ينظر: المنهاج في شعب الإيمان (1/ 21).

([3]) تفسير البغوي (1/ 464).

([4]) البخاري (8)، مسلم (16).

([5]) تفسير الطبري (15/ 279).

([6]) تفسير ابن عطية (1/ 156).

([7]) رواه مسلم (2865).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

مقولة الخصوم بنفي العصمة عن أئمة السلفية… كيف نفهمها ونتعامل معها؟

لعلَّه من أشهر الأساليب الهجوميّة لخصوم المنهج السلفي: المبادرةُ للقول بأن أئمتَه ليسوا قدِّيسين أو معصومين من الخطأ، فابن تيمية عالم كبير لكنه يصيب ويخطئ، ومحمد بن عبد الوهاب (داعية وليس نبيًّا)([1]). وغنيٌّ عن القول بأن المراد من هذا الكلام ليس تثبيتَ الحقائق وتأكيدَها، بل هو أسلوب هجوميّ مألوفٌ يستخدمه خصومُ السلفية لتحقيق مجموعةٍ من […]

مثاراتُ الغلط في مسألة التبرُّك

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مسألة التبرك من أكثر المسائل التي حصل فيها خلط وغلط كثير؛ بسبب الإطلاقات غير المنضبطة، إفراطًا أو تفريطًا، مما ترتب عليه اشتباه المشروع بغير المشروع لدى البعض، ومواطن الإجماع بمواطن الخلاف، وما يسوغ فيه الخلاف وما لا يسوغ. وقد حصل توسع كبير في هذا المسألة، أخرجها -في بعض صورها- […]

لماذا لم تفرض الشريعةُ الحجابَ على الرجالِ منعًا من افتتان النِّسَاء؟

  إن الشريعة الإسلامية نادت بالعِفَّة، وحرّمت الزنا ومقدِّماته، وشرعت من الأحكام بين الجنسين ما روعي فيه طبيعة كل منهما، ومن جملة تلك الأحكام: فرض الحجاب على المرأة. وقد أثار دعاة السفور والتهتّك والانحلال شبهاتٍ حول حجاب المرأة، ومن تلك الشبهات قولهم: ما دام الأمرُ بالحجاب من أجْل الفِتنة، وأخَذنا مسألةَ الفِتنة مأخَذًا جادًّا، فلماذا […]

الحضرة الصوفية.. حقيقتها ومفاسدها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: تعتبر جلسات الذكر التي يعقدها الصوفية والتي يسمونها (الحضرة) من أهم الممارسات العملية للطرق الصوفية، فمهما اختلفت الطرق في أسمائها وطرائقها، وفي طريقة إقامة الحضرة وترتيبها، إلا أنها تتفق في ضرورة (الحضرة) ولزومها للسالك والمريد، وأنه لا يجوز للمريد التخلف عن هذه الحضرات التي تعقد في مواعيد منتظمة […]

سُنّة لَعْقِ الأصابع بعد الأكل.. والجواب على شبهات العقلانيين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  كانتِ البشريةُ في انحطاط عقديّ وأخلاقي، إذ كانت التقاليد والأعراف مبنيةً على الهوى والجشَع والأطماع، والقويُّ في مجتمعاتها يتسلَّط على الضعفاء، حتى جاء الإسلام وانتشل العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وأطلقهم من أغلال عادات الجاهلية وقيودها المخالفة للفطرة السليمة التي فطر […]

جواب شبهة حول الاستسقاء بقبور الصالحين والأولياء – وفيه جواب عن الاستدلال بقول مجاهد عن قبر أبي أيوب: “كانوا إذا ‌أمحلوا ‌كشفوا ‌عَنْ ‌قبره فمطروا” –

من الشبهاتِ التي يوردُها من يجوِّز الاستغاثة بالأموات أو طلب الدعاء منهم أو التوسل بذواتهم وجاههم: بعض الآثار والحكايات المروية في الاستسقاء بقبور الأنبياء والصالحين، ومن ذلك: ما نقله ابن عبد البر وغيره في ترجمة أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ودفنه عند سور القسطنطينية، فأورد قول مجاهد عن قبر أبي أيوب هناك: “كانوا إذا […]

مفهوم الاشتراك المعنوي في الصفات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة منذ أن وفد المنطقُ اليونانيّ على الأمة الإسلامية والناس في باب العقائد في أمر مريج، وقد وصل الغلوُّ ببعض المتفنِّنين في هذا الفنّ إلى محاكمة قواعد اللغة وأخبار الشرع إلى هذا القانون، وجعلوا منه حكَمًا على اللسان والبيان، وكان أولُ العلوم ابتلاء بهذه التحريفات علم العقائد، وخاصة ما يتعلق […]

التخاطب مع الكينونات.. وثنية في ثوب جديد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة يقول ابن خلدون: “المغلوب مولَع أبدًا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيِّه ونحلته وسائر أحواله وعوائده، والسّبب في ذلك أنّ النّفس أبدًا تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت إليه؛ إمّا لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو لما تغالط به من أنّ انقيادها ليس لغلب طبيعيّ إنّما هو لكمال الغالب. […]

المحدث المسند نذير حسين الدهلوي “1220-1320هـ”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اشتهر الإمام المحدث نذير حسين بلقب “شيخ الكل في الكل” بسبب تفرّغه للتدريس مدة طويلة جدًا تجاوزت سبعين سنة! واقتصر على تدريس القرآن الكريم والسنة والفقه مدة خمسين سنة تقريبًا، وقبل ذلك كان يدرس في غالب العلوم والفنون! وبسبب هذه المدة الطويلة أصبح له طلاب بعشرات الآلاف، ومن دول […]

هل شروط (لا إله إلا الله) من اختراع الوهابية؟

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: من الشبهات التي يثيرها المخالفون لاعتقاد السلف ممن هم على اعتقاد الجهمية والمرجئة في الإيمان: أن شروط لا إله إلا الله من اختراع الوهابية، لم يسبقهم بذكرها أحد. والجواب عن هذه الشبهة يحصل ببيان معنى هذه الشروط، ومأخذ العلماء فيها، وأصل […]

الأعياد بين التشريعات الإلهية والذكريات التاريخية ..دراسة مقارنة بين الأعياد في الملل

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: ينعَم المسلمون بدينهم الإسلاميِّ الذي يختصّ عن غيره من الملل والنحل والمذاهب والفلسفات بأعياد توقيفية شرعَها لهم إلههم وخالقهم ومولاهم، وليست من وضع أحد من البشر، ولا مرتبطة بموت أحد ولا بحياته، ولا مرتبطة بانتصار أو فتح من الفتوحات على الرغم من كثرتها في الدين الإسلامي، ولا مرتبطة […]

من تاريخ الدولة السعوديّة الأولى كما رواه الجبرتي في تاريخه -الجزء الأول-

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه ومن نهج نهجه إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا بين أيديكم جزءٌ من تاريخ الدولة السعودية الأولى، وكيف كانت نهايتها، كما صَوَّرَها المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي في كتابه “عجائب الآثار في التراجم والأخبار”، […]

تحريم الاستغاثة بالحي فيما لا يقدر عليه إلا الله ليس بدعة تيمية

مِن نافلة القول أن يُقال: إنّ دعاء الله هو الأصل في الدعاء، فلا يكاد مسلمٌ يقرأ آية من القرآن إلا دفعت بهذه الحقيقة في وجهه مقرِّرة لها بالأدلة الشرعية بقسميها العقليّ والنقلي.  ومع ذلك ظلّ بعضُ المتأخِّرين يجادل في هذه الحقيقة بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، حتى جعلوا دعاءَ غيرِ الله وسؤالَه هو […]

عرض وتعريف بكتاب فتح الملك الوهاب في الرد على من طعن في دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة بيانات الكتاب: عنوان الكتاب: فتح الملك الوهاب في الرد على من طعن في دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب. اسم المؤلف: ناصر عبد الرزاق العبيدان. قدم له: أ. د. خالد بن علي المشيقح. دار الطباعة: مكتبة الإمام الذهبي بالكويت، والتراث الذهبي بالرياض. رقم الطبعة وتاريخها: الطبعة الأولى 1441هـ-2020م. حجم […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017