الأربعاء - 29 شوّال 1445 هـ - 08 مايو 2024 م

المخالفات العقدِيَّة من خلال كتاب (الحوادث المكّيّة) لأحمد بن أمين بيت المال (ت 1323هـ) (1)

A A

 

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 مقدمة:

يُعدُّ كتاب (الحوادث المكية) للمؤرخ المكي أحمد بن أمين بيت المال (1255-1323هـ) المسمّى بـ: (النّخبة السّنيَّة في الحوادث المكية) أو (التحفة السنية في الحوادث المكية)([1]) مِن أهمِّ الكتب في تاريخ مكة المكرمة في الحقبة ما بين (1279هـ) و(1322هـ)؛ لما يتميَّز به من تدوين الحوادث الحوليَّة والانفراد بذكر الكثير منها، خاصَّة فيما يتعلَّق بالحياة الاجتماعيَّة في مكة، وخلال هذه الحقبة ألَّف محمد بن أحمد الصباغ (1242-1321هـ) كتابه: (تحصيل المرام في أخبار البيت الحرام والمشاعر العظام ومكَّة والحرم وولاتها الفخام)، والذي سار فيه على منوال الكتب المتقدِّمة المؤلَّفة في تواريخ مكة من حيث شموليَة موضوعاتها وامتدادها؛ بداية بالعصر الجاهلي، ومنه لصدر الإسلام، وصولًا إلى عصره.

وأما كتب الرحلات فقد ترافق في بعض حِقَبِ البحث بعض الرحلات المهمة، ولعلَّ من أهم ما يتعلق بموضوعنا رحلتين: رحلة المستشرق سنوك هورخرونيه مع مطلع القرن الرابع عشر الهجريّ، ورحلة الحجّ الأولى لإبراهيم رفعت باشا سنة 1318هـ المسطورة في كتاب (مرآة الحرمين)، إلا أن سنوك تفرَّد في الموضوع الذي نحنُ بصدَد الحديث عنه بأمور، أبرزُها: عنايته بذكر البدع والخرافات المنتشرة لدى الجاويِّين في مكة.

والمؤلِّف كان من معاصري أحمد دحلان (ت: 1304هـ) مفتي الشافعية بمكة، الذي تولى نشر قالة السوء عن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب؛ لذا كان من يتبنَّى الدعوة محارَبًا في مكَّة، خاصة في زمن وجود دحلان.

وقد ذكر المؤلف في حوادث سنة 1280هـ أنَّ الأميرة بيقم وابنتها لما قدموا للحج ولم يذهبوا إلى المدينة لزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم قيل: إن عقيدتها وهابية! والمقصود بهذا الوصف ما نشره بعض المناوئين للدعوة من أنَّ الوهابية يجافون الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لعدم تجويزهم شدّ الرحال إلى قبره، إضافة إلى عدم الاحتفال بمولده، وعدم جواز الاستغاثة به بعد وفاته إلى غير ذلك من المسائل.

ومما نشروه كذلك عن الوهابية -وهي في الحقيقة مدح لهم وليس ذمًّا- ما ذكره المؤلف في حوادث سنة 1290هـ في شهر ربيع الأول، قال: “وفي هذه الأيام كثرت الوهابية في مكة، وزاد ضررهم، حتى إن بعضهم ضرب واحدًا من الناس؛ لأجل قال له: قل: يا رسول الله([2])، ثم إن بعض الناس رفع أمرهم إلى المجالس، فمسكوا جملة منهم، فبعضهم قال: إني حنفي وأطلقوه، وبعضهم تعصَّب وأبى أن يرجعَ إلى المذاهب فحبَسوهم، وكتبوا مضبطة للشريف والباشا على أنهم يسفّرونهم، ثم جاء الخبر من الطائف بتسفيرهم بعد أن باعوا حوائجهم تركة”. أي: أنهم جعلوا ممتلكاتهم في حكم المتروكات فتباع أغراضهم مِن قبل المطوِّف لتسليم قيمتها إلى أهلها.

ثم ذكر المؤلف تتمةً لهذا الموضوع في حوادث شهر جمادى الآخرة في نفس العام، وذكر أنه جاء طلبٌ من الشريف والباشا للهنود الوهابيَّة، وترحيلهم إلى الطائف، خوفًا من الفتنة؛ لأنهم قد كثروا في مكة، ثم عقدوا عليهم مجالس متعدِّدة، ثم توَّبوهم من هذه العقيدة، وأن لا يقرؤوا غير الفقه الحنفيّ.

والمؤلف لم يتفرَّد بذكر الإساءة إلى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تلك الفترة، بل الصبَّاغ وهو معاصر له، قد ذكر الوهابية في غير ما موطن في تاريخه([3])، وفيه من التحامل والكذب ما يعرفه القارئ في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.

في هذه الظروف التي عاشتها مكة نسلط الضوء على بعض المخالفات العقدية التي انتشرت، ومنها:

1- وقف على من يقرأ القرآن و(الدلائل):

ذكر المؤلف في حوادث سنة 1318هـ أنه وصل من بخارى جماعة من أعيانها، ومعهم ترتيب وقف مبلغ من المال لقراءة القرآن و(دلائل الخيرات)، من حضرة سلطان بخارى عبد الأحد خان (1275-1328هـ)، وهو ما يُعرف بـ (خصفة)، وهو من الوظائف الخيرية؛ كأن يقرأ القرآن ثم يهدي ثوابه لصاحب الوقف أو الشخص الموصى به.

ويقوم والي مكة بالنظارة عليها، وشرط فيها أن يقرأ فيها عشرون من الحفاظ حملة كتاب الله تعالى، وخمسة يقرؤون (دلائل الخيرات)، فعيَّن والي مكة جماعة وأحضرهم عنده، وأحضر البخارية، وهم من العلماء الحفاظ، فامتحنوا الجميع، وقرأ كل واحد آيات من القرآن، وكذلك من (الدلائل)، وابتدأ الجميع في المسجد الحرام خلف مقام الحنبلي، وعين شيخ الفقهاء الشيخ أحمد فقيه، وشيخ (الدلائل) الشيخ شعيب المغربي، وعين لكل واحد منهم من العملة نصف جنيه عثماني في الشهر، وقد رتب أمير بخارى مثل هذه الوصية في المدينة المنورة منذ سنوات.

وهذا الذي ذكره المؤلف يشبه كذلك وقف سلطان المغرب في وقته المولى محمد بن عبد الله، فإننا نجد له وثيقتي وقف على أهل الحرمين الشريفين:

الوثيقة الأولى: تنص على إعطاء أهل المدينة (1000) دينار ذهبًا، يصرف على كلّ من له وظيفة بالمسجد النبوي، من أعوان وأئمة ومدرّسين ومؤذنين وفراشين ووقادين، وغيرهم من ذوي الوظائف، على كل قدر مرتبته، وأول من يعطى له الطلبة الذين يقرؤون المصحف.

كما يعطى لأهل المدينة مبلغ (1800) ريـال لأهل البقيع، حيث تدفع للشيخ السمان، أو من يقوم مقامه من بعده، فيعين هذا (25) طالبًا، (20) منهم يقرؤون سورة الإخلاص (100) مرّة في اليوم لكل واحد، كما يقرؤون الصلوات (100) مرّة في اليوم في ناحية من نواحي البقيع الأربع، و(5) منهم يقرؤون (دلائل الخيرات) فيه أيضًا، فيعطى كل واحد من الطلبة (5) ريالات يوميًّا، ويهدون ثواب ذلك لأهل البقيع.

كما نصت الوثيقة على أن يدفع للشيخ السمان أو لمن يقوم مقامه من بعده (500) ريـال تودع عنده إلى موسم الرجابية لضريح سيدنا حمزة، حيث يدفع منها للذين يقرؤون المصاحف و(دلائل الخيرات) عنده (200) ريـال و(300) ريـال الباقية عنده أمانة يصنع بها طعامًا يأكله كل من حضر موسم الرجابية، وعند الختم يصرفون ثواب ذلك لحمزة رضي الله عنه ولجميع شهداء أحد.

كما أوضحت الوثيقة أنه يدفع لقاضي المدينة وأمنائها (500) ريـال ليلة المولد النبوي للقارئ في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم في الروضة الشريفة من بردة وغيرها (200) ريـال، وما بقي يشترى به حلوى وغيرها، ويطعم ذلك للعلماء وأهل باب السلام وغيرهم، وكل من حضر الموسم.

ولا شك أن بعض الأمور التي ذكرت في الوثيقة ليس عليها دليل، وينبغي تجنبها، وعدم التشجيع على فعلها([4]).

ومن ذلك أيضًا: وقف الشيخ محمد بن إبراهيم أبو خضير (ت: 1304هـ) المدرس بالحرم النبوي الشريف على قراءة القرآن الكريم و(دلائل الخيرات) في الحرم النبوي الشريف، وجعل النظارة للسيد أبي السعود بن أحمد أسعد([5]).

2- قراءة المولد بالحرم بأمر من أمير بخارى السلطان عبد الأحد سنة 1320هـ:

فقد أرسل الهدايا لوالي مكة ومعه بعض المبالغ لقراءة مولد في الحرم الشريف، فأُمر العلماء والخطباء وخَدَمة المسجد الحرام بقراءة مولد عند باب الصفا، بقراءة الشيخ أحمد فقيه.

وأما قراءة المولد في المسجد النبوي فقد كان مشهورًا، ويحضره الأعيان من العلماء ورؤساء البلدة.

والمولد المقروء في المسجد النبوي هو المشهور للبَرْزَنجيّ([6]).

3- قراءة البردة والهمزيّة:

قصيدةُ البُردَة والهمزية -كلتاهما للبُوصِيري- من القَصائد الشَّهيرة في المديح النبويِّ، ويعتني بهما أهلُ التَّصوُّفِ، وقد اشتَهَر البُوصيريُّ بشِعرِه في المدائحِ النبويَّة، وهو مِن أرْقَى الشِّعر وأجودِه لولا غُلوٌّ فيه. وقد كانت قراءة البردة والهمزية منتشرة في عدة مناسبات في مكة، منها:

أ- مناسبة حفل الزفاف:

فأحيانًا يكتفى بالبردة، وأحيانًا يكتفى بالهمزيّة، وقد أبطلت هذه العادة سنة 1316هـ بأمر من الشريف عون.

وذكر المؤلف قراءة المنشدين لذلك في مناسبات الزواج في حوادث السنوات الآتية: 1279هـ، 1280هـ، 1282هـ، 1284هـ، 1289هـ.

وقد نص المؤلف أن عادة قراءة البردة والهمزية في الزواجات إنما هي خاصة بأبناء الأكابر كما في حوادث سنتي 1282هـ و1289هـ، من ذلك هذه الواقعة، حيث قال:

في ليلة الثاني من شهر ربيع الأول سنة 1289هـ كان زواج نور سرتي على ابنة شيخنا الشيخ عبد الرحمن جمال، فحصل له زواج كبير، قسم فيه حلاوة ليلة الملكة، وليلة الدخلة، وفعل سماطًا يوم الصبحة، إلا أن نائب الحرم ما رضي لهم بالهمزية، وقال: إنما وضعت لأبناء العلماء والخطباء وكبار أهالي البلد.

ب- قراءة البردة يوم المولد:

وقد ذكر المؤلف في حوادث سنة 1280هـ يوم الثامن من شهر ربيع الأول بعد الشروق توجّه العلماء والخطباء ونائب القاضي إلى مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ لهم المولد الشيخ بكري بسيوني، ثم في ليلة الثاني عشر كان المولد الشريف، فبعد صلاة المغرب خرج نائب القاضي والعلماء والخطباء، وقدامهم الشموع والمؤذنون يقرؤون من البردة، ومن العادة أن جميع الدالين الذين في مكة يأخذون شموعًا في أيديهم، ويمشون قدام الناس، من باب الباشا إلى المولد الشريف، ولم أقف لذلك على أصل، ثم لما وصلوا قرأ المولد الشريف الشيخ عبد الحفيظ ابن الشيخ مصطفى مرداد، وفي هذه (الليلة) يتأخر أذان العشاء إلى رجوع العلماء في كل عام، ثم بعد العشاء قرأ المولد الشريف عند بيت القاضي الشيخ عبد الله الريس، ثم توجهوا إلى البيت الشريف وقد فتحه الشيخ عمر الشيبي، وقرأ الدعاء للسلطان؛ لأن الشيخ عبد الله الشيبي توجه مع السيد فضل إلى القدس، ومرادهم يرجعون إلى إسلانبول.

ج- قراءة الهمزية ليلة السابع عشر من رمضان:

ففي حوادث سنة 1279هـ، في ليلة السابع عشر كان ختم السلطان مصطفى (أحد السلاطين العثمانيين)، فصلى التراويح عند المحكمة الأفندي سليمان مفتي، ثم اجتمع بعض العلماء وبعض الخطباء ونائب القاضي، وتوجهوا إلى مولد السيدة فاطمة رضي الله عنها، ومعهم المؤذنون يقرؤون الهمزية.

وقراءة الهمزية في مثل هذه الليلة من الطقوس التي تتكرر في كل عام. انظر ما ذكره المصنف في حوادث السنوات الآتية: 1284هـ، 1285هـ، 1288هـ، 1289هـ.

4- ختم السلطان مصطفى خان في ليلة 17 رمضان:

ذكر المؤلف في حوادث سنة 1279هـ أن هناك ختمًا يقال له: ختم السلطان مصطفى، وهو أحد السلاطين العثمانيين، وقد جرت العادة في مكة في تلك الحقبة التي عاصرها المؤلف أنهم يُعِدّون برنامجًا لهذا الختم في ليلة السابع عشر من رمضان ويحيونها بعدة ممارسات، وتكاد تكون هذه الطقوس متقاربة من عام إلى عام؛ كما في حوادث السنوات الآتية: 1280هـ، 1282هـ، 1284هـ، 1285هـ، 1287هـ، 1288هـ، 1289هـ، 1290هـ، 1291هـ، 1293هـ، 1294هـ، 1295هـ، 1296هـ، 1297هـ.

وخلاصة ختم السلطان مصطفى خان في ليلة 17 رمضان هو:

1- اجتماع العلماء والأعيان عند المحكمة.

2- التوجه إلى بيت السيدة فاطمة رضي الله عنها، ومعهم المؤذنون يقرؤون الهمزية.

3- التوجه إلى مولد سيدنا علي رضي الله عنه، وقراءة مناقبه.

4- الرجوع إلى المسجد الحرام، وفتح البيت الشريف، والدعاء.

5- لبس الملابس على حسب العادة.

وقد فصل ذلك المؤلف كما في حوادث سنة 1279هـ:

ففي ليلة ختم السلطان مصطفى المذكورة يصلي التراويح عند المحكمة الأفندي سليمان مفتي، ثم يلبس كركًا -أي: معطفًا يقلَّد لمن يعين في منصب هام-، ثم يجتمع بعض العلماء وبعض الخطباء ونائب القاضي، ويتوجهون إلى مولد السيدة فاطمة رضي الله عنها، ومعهم المؤذنون يقرؤون الهمزية، ويقرأ الأفندي درويش مفتي فضائل رمضان وليلة لقدر. ثم يذهبون إلى مولد الإمام علي كرم الله وجهه، فيقرأ الشيخ بكري بسيوني مناقبه، ويلبس كركًا. ثم يرجعون إلى المسجد الحرام، وقد نصب كرسيًّا تحت مدرسة القاضي، وفرش المحل، وعلق فيه أربعة طبقان قناديل، وكذلك طبقا عند مدرسة الباشا، وطبقا عند مدرسة السيد محمد بن السيد إسحاق شيخ السادة العلوية، ونقيب الأشراف، وقائم مقام الشريف، وطبقا عند مدرسة المدير.

ثم يجلس العلماء والخطباء، فيطلع الشيخ عبد الله ابن الشيخ مصطفى مرداد على الكرسي، ويقرأ حديث الإسراء وفضائل رمضان وفضائل ليلة القدر، ويدعو للسلطان مصطفى والسلطان عبد العزيز، ثم يلبس كركًا، ويُقَسَّم على الحاضرين شربات، ثم يرجعون إلى البيت الشريف، ويقفون عند الأعتاب، وقد فتحه الشيخ عبد الله الشيبي، فيدعو للسلطان، ثم يلبس كركًا، ثم يلبس نائب الحرم كركًا، وشيخ الأغوات والنقيب، وبعض مشديه (الخدَّام)، وهذه الأكراك والأبناش لهم يأخذها نائب الحرم منهم، ثم يلبسهم إياها، ولكن لهم فيها من الخزنة دراهم معلومة، كل بمرتبته.

ويعبر المؤلف عن عادة لبس الكرك في السنوات التالية كثيرًا بقوله: (لبسوا الملابس على حسب العادة).

وهذه الليالي تعمل كل سنة مثل ما ذكر، كما يقول المؤلف.

وقد توقف المؤلف عن ذكر هذه العادة في سنة 1297هـ، ولم يذكر بعدها.

5- الذكرى السنوية لمعركة بدر الكبرى:

جرت العادة في مكة أنهم يحتفلون كذلك بحول أهالي بدر كل عام، فقد ذكر المؤلف في أحداث سنة 1279هـ في ليلة السابع عشر من رمضان حول أهالي بدر الكرام رضي الله عنهم، وذكر من قام بصنعه وهو السيد أمين مرغني مثل عادته، في زاوية سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقرأ مناقب أهل بدر الشيخ محمد سعيد بشارة.

ولم يذكر المؤلف أنواع الطعام الذي يُصنع في تلك الليلة، وقد انتشر لدى العامة اليوم نقلًا عن أهل القرن الماضي (القرن الرابع عشر) أنهم كانوا يصنعون “فتة” وتسمى “فتة أهل بدر”!

6- قراءة (صحيح الإمام البخاري) عند الأزمات والشدائد:

مما تفرد به المؤلف عن كثير ممن كتبوا في حوادث مكة ذكرُه أحوالَ قراءةِ (صحيح البخاري) في مكة لمناسبات عدة، وبعضها حُددت في أماكن معينة كباب الكعبة.

ويلاحظ أن قراءة (صحيح البخاري) في الحرمين عمومًا عند الشدائد كان معروفًا زمن الدولة العثمانية قبل عصر المؤلف، فقد ذكر المراد أبادي في رحلته عام (1202هـ) أنه في أثناء زيارته للمدينة وصل خطاب السلطان عبد الحميد خان (1187-1203هـ) موجهًا لسكان الحرمين، يفيد بأن الدولة العثمانية تعرضت لهجوم من بني الأصفر، وأن من واجب المسلمين الدعاءَ لنصرة الإسلام وهزيمةِ أعدائه، وقد تُلِي الخطاب بوجود العلماء والأعيان في الحرم النبويِّ، وذلك في أعقاب إحدى الصلوات، حيث قرئت سورة الفتح، ودعا الحاضرون وهم متَّجهون إلى الحجرة الشريفة اللهَ عز وجل بالنصر والعزة للدولة العثمانية على أعدائها.

وفي مثل تلك الظروف كان من عادة أهل المدينة أن يؤتى بالمصحف العثماني، وتُقرأ منه سورة الفتح، ويتمّ في أعقاب ذلك ختم قراءة (صحيح البخاري)، إذ يدعو الحضور اللهَ عز وجل لنصرة المسلمين وهزيمة أعدائهم، ثم يقوم خطيب المسجد النبوي بالدعاء([7]).

والتوسّلُ بقراءة (صحيح البخاري) ممَّا روَّج له الصوفية في العصور المتأخِّرة، وامتدَّ ذلكَ أزمنةً طويلةً، وقد ذكره كثير من العلماء دون نكير، من هؤلاء:

1- ابن أبي جمرة -أحد شرَّاح (صحيح البخاري)- حيث قال: “قال لي مَن لقيتُ مِن العارفين عمَّن لقيه من السادة الْمُقَرِّ لهم بالفضل: إنَّ (صحيح البخاري) ما قُرئ في شدَّةٍ إلا فُرجت، ولا رُكب به في مركبٍ إلا نجت”([8]).

2- تقي الدين السبكي حيث قال في ترجمة الإمام البخاري: “وأمَّا (الجامع الصحيح) وكونه ملجأً للمعضلات ومجرَّبًا لقضاء الحوائج فأمرٌ مشهورٌ، ولو اندفعنا في ذكر تفصيل ذلك وما اتّفق فيه لطال الشرح”([9]).

وقد تولى بعض العلماء بيان بطلان ذلك؛ فقال أبو الفضل المباركفوري: “ونحن نرى خلاف ذلك، نرى أنَّ شفاء المرضى ودفع الشدائد ونجاة المراكب بمن فيها… ليست مِن وظائف (صحيح البخاري)، ولا دواعي وجوده أو قراءته، فإنَّ وجوده بالمراكب لا يمنعها مِن الغرق، ووجوده في البيوت لا يمنعها مِن الحريق… والوقائع الدالة على ذلك لا تحصى نقلًا ولا عقلًا، وإنَّه لو صحَّ ما قاله الشيخ ابن أبي جمرة لكان المصحف -كتاب الله- أولى بِهذه الخصائص منه، بل بأكثر منها، ولا جدال في ذلك وإن استعظمه المستعظمون، إنَّما الحرص على (صحيح البخاري) وموالاة قراءته فللعمل بما فيه مِن فرائض الدين ونوافله؛ اتِّباعًا لنبيِّنا الكريم، وتأسِّيًا به صلوات الله عليه وسلامه. والذي نحن به موقنون: أنَّ مَن ينجّي المراكب في البرِّ والبحر ويشفي المرضى في الليل والنهار ويكشف الكربات ويغيث المضطرين… ليس إلا الله سبحانه… القريب المجيب، بمحض فضله، ومشيئته وحده، واستجابة لمن دعاه من الصالحين، بقلبٍ سليمٍ ولسانٍ مبينٍ”([10]).

ومما ذكره المؤلف من أحوال قراءة (صحيح البخاري) عند الشدائد والأزمات في مكة ما يلي:

أ- قراءة (صحيح البخاري) أمام باب الكعبة:

ففي حوادث سنة 1284هـ: في يوم الثاني والعشرين من شهر صفر شرع العلماء في قراءة (البخاري) أما باب الكعبة؛ لأجل رفع الوباء الحاصل في الطائف؛ لأنه واقع فيه حمم، خصوصا في البدو وفي الأتراك، وقد جاء خبر بموت قاضي مكة في الطائف، وابن الوكيل وغيرهم.

وكذلك قراءة (صحيح البخاري) لأجل الفتنة التي وقعت في اليمن وحضرموت بين المسلمين في بعضهم، وقد قتل من الفريقين خلق كثير، والذي قرأ عند باب الكعبة السيد حسين جمل الليل، ومرادهم يختموه بعد سبعة أيام.

وفي حوادث سنة 1285هـ: في يوم الثاني من ذي القعدة ختم (البخاري) عند باب الكعبة، وحضره الباشا وسائر العلماء، وفتح الشيخ عبد الرحمن الشيبي البيت، ودعا الشيخ عبد الرحمن سراج مفتي السادة الأحناف أن يهلك الله الكفرة أعداء الدين، وينصر المسلمين.

ب- قراءة (صحيح البخاري) لأجل المطر:

ذكر المؤلف في حوادث سنة 1287هـ: في يوم السابع والعشرين من شهر جمادى الأولى أمر والي مكة بقراءة (البخاري) عند باب الكعبة؛ لأجل المطر، فاجتمع جميع العلماء وقسم عليهم (البخاري)، ثم دعا الشيخ السيد أحمد زيني دحلان عند باب الكعبة بعدما فتح البيت الشيخ عبد الله الشيبي.

وحصل مثل ذلك في حوادث سنة 1288هـ، وحوادث سنة 1299هـ.

ج- قراءة (صحيح البخاري) ثلاث مرات بنيّة نصر الدّولة العليّة:

ففي حوادث سنة 1284هـ طلب السلطان من أهل مكّة أن يقرؤوا (صحيح البخاري): ففي يوم الرابع من شهر ربيع الأول جاء أمر بقراءة (البخاري) ثلاث مرات في شهر.

ثم شكر السلطان أهل مكّة على قراءتهم (البخاري)، ففي يوم الحادي عشر من جمادى الآخرة جاء فرمان من السلطان تشكّر لأهالي مكة، حيث إن سيدهم أمرهم في غياب السلطان بقراءة (البخاري) ثلاثة أيام في شهر، فلما سمع أرسل هذا الفرمان.

ثم ذكر المؤلف في حوادث سنة 1285هـ: وفي يوم الثاني عشر من شهر شوال شرعوا في قراءة (البخاري) تجاه البيت الشريف على حسب العادة، وحضر جميع العلماء، ومرادهم يقرؤونه ثلاث مرات، وذلك لأن الدولة مرادها تحارب المورة؛ لأنهم خرجوا عن الطاعة، فطلب الباشا من أحد الشيوخ قراءة (البخاري)؛ لأجل النصر على الكفرة، ونصر الدولة العلية على أعدائهم.

وكذا في حوادث سنة 1288هـ: قال: “وفي هذه الأيام أمر سعادة سيدنا بقراءة (البخاري) تجاه بيت الله الحرام ثلاث مرات، ومولانا الشيخ أحمد دحلان يدعو عند باب الكعبة بعد قراءته في كل يوم، بنية رفع الكرب عن أمة سيدنا صلى الله عليه وسلم”.

وفي حوادث سنة 1293هـ: قال: “أمر سعادة سيدنا بقراءة (البخاري) تجاه البيت الشريف، بنية الدعاء للدولة العلية”.

وفي حوادث سنة 1294هـ نلحظ زيادةً على قراءة (صحيح البخاري) قراءةَ سورة ياسين و(الدلائل)، حيث ذكر المؤلف في يوم السابع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة 1294هـ أن الدولة العلية أرسلت بقراءة (البخاري) تجاه البيت الشريف، وقراءة سورة ياسين، وأن يواظبوا بالدعوات الصالحات في المقامات، فأمر سعادة سيدنا العلماء بذلك.

ثم قال: “وفي هذه الأيام (من شهر ربيع الثاني) وصلت الجوائب، وتخبر بإعلان الحرب بين دولتنا العثمانية وبين الروس الذين هم الموسكو، وجاء أمر بقراءة (بخاري) تجاه البيت الشريف، وقرؤوا ياسين و(الدلائل)، وأن يواظبوا بالدعاء لنصر الدولة العلية، ففُعِل جميع ذلك”.

ثم قال: “وفي يوم العاشر من شهر رمضان سنة 1294هـ أمر سعادة سيدنا بقراءة (بخاري) عام، بحيث حضره سائر العلماء، ونزل بنفسه في سائر الأيام إلى أن ختم، ودعوا للسلطان عبد الحميد بالنصر، ربنا يستجيب ذلك.

وفي يوم الخامس والعشرين من شهر رمضان أمر سعادة سيدنا بقراءة (البخاري)، وصار ينزل يحضر الدعاء لمولانا السلطان، وجاءت أخبار مسرة من جهة الدولة، والنصر لها، وقد خرجوا الموسكو من غالب البلدان التي ملكها”.

وفي حج سنة 1294هـ: قراءة (البخاري) للدولة العلية و400 ختمة من القرآن وأذكار أخرى؛ وذلك لما بلغهم أن الروس أخذوا من الدولة العلية بلدة قارص وفلونة، قال: “وفي اليوم الخامس من شهر ذي الحجة وصل الحج المصري، وجلس عند الشيخ محمود على حسب العادة. وفي هذا اليوم كان ختم (البخاري) الذي أمر سعادة سيدنا بقراءته للدولة العلية، وحضر ختمه سعادة سيدنا والباشا، ثم إن رجلا من أهالي إسلانبول -واسمه أحمد أفندي قمش خانة من أهل العلم- اقترح على سعادة سيدنا بقراءة القرآن مقدار 400 ختمة، و(حسبي الله ونعم الوكيل) 100000 مرة، وقراءة الفاتحة 41000، والصلاة المنجية 41000، ودعاء الكرب 10000، وغير ذلك، فأمر سعادة سيدنا بجمع العلماء والخطباء والتلامذة، وأهل الطرق والفقهاء في كل مكان من المسجد الحرام، ثم قسط عليهم القراءة، فما جاء بعد الإشراق إلا وقد تمت القراءة”.

ونجد في حوادث 1299هـ: أن السيد أحمد دحلان -شيخ العلماء ومفتي الشافعية- أُمر بقراءة (البخاري) تجاه البيت الشريف بنية نصرة المسلمين من أهل مصر، وحضر جميع العلماء للقراءة، والدعاء عند باب البيت الشريف.

د- قراءة (صحيح البخاري) بنية الشفاء لسعادة الشريف:

ففي حوادث سنة 1290هـ: وفي يوم السابع من شهر شوال قرأ العلماء (البخاري) تجاه البيت الشريف ثلاث أيام، وقرأ الدعاء السيد أحمد دحلان بنية الشفاء لسعادة الشريف.

هـ- قراءة (صحيح البخاري) بنية رفع الجراد الذي تفشَّى في مكة والطائف:

ففي حوادث سنة 1289هـ: قال المؤلف: “وفي هذه الأيام جاءنا جراد كثير، ومكث سبعة أيام، كل يوم يحوم في مكة، وعمَّ جميع الوادي، وأكل بعض النخل وجميع الخضر والبرسيم، ثم طلع إلى الطائف، وأكل جميع الهدى وقرن وبعض بساتين في الطائف، ثم أمر سعادة سيدنا بقراءة (البخاري) تجاه البيت الشريف ثلاثة أيام بنية رفع الجراد، فبحمد الله قد مات أكثره، وبعضه رمى نفسه في البحر”.

و- قراءة (صحيح البخاري) لما يحدث في الدّولة العليّة من القحط والشدة:

ففي حوادث سنة 1291هـ: وفي يوم الخامس والعشرين من شهر جمادى الأولى شرع العلماء في قراءة (البخاري) تجاه البيت الشريف، بأمر سعادة سيدنا، وسببه: أن أهل الأناضول -مثل أهل أنقرويا وما حولها من البلاد- حصل لهم قحط شديد، ونزل عليهم الكار زيادة على العادة، حتى قتل مواشيهم، فأمر السلطان بإعانتهم من سائر البلاد، وخرج من عنده جنيهات كثيرة، وكذلك مِن والدتِه ووزرائه… فاستحسن سعادة سيدنا بأن يجمع من مكة بعض شيء بحسب التبرك لهم، وأمر العلماء بقراءة (البخاري) في مكة والطائف بنية كشف الكرب عنهم.

وفي ليلة السابع والعشرين رئي في السماء نجم بذيل، وكان ابتداؤه هذه الليلة، ربنا يقدر لنا كل خير، ويصرف عنا وعن المسلمين كل ضر.

ز- قراءة (صحيح البخاري) لمصاب الدّولة العليّة من الزلازل:

ففي حوادث سنة 1312هـ: وفي يوم الثالث عشر من شهر صفر جاء تلغراف من الطائف من طرف سعادة سيدنا، لمولانا الشيخ محمد سعيد بابصيل شيخ العلماء، يطلب منه قراءة (البخاري) تجاه البيت الشريف؛ بنية رفع الزلازل عن الآستانة العلية ومن الممالك الشاهانية، فشرع فيه يوم الرابع عشر، وحضر جميع المدرسين الكائنين في مكة، وختموه يوم السادس عشر، وحضر القاضي، وقرأ الدعاء مولانا الشيخ محمد سعيد عند باب البيت الشريف، بحضور العلماء والخلائق، وقد نزل الشيخ محمد بن الشيخ محمد صالح شيبي من الطائف، وفتح البيت الشريف عند الدعاء، وقد أرسله سعادة سيدنا مع خمس من البواردية، ثم طلع إلى الطائف من يومه.

يليه الجزء الثاني…

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) وهو كتاب مخطوط، قام الباحث حسام بن عبد العزيز مكاوي بتحقيقه، ولم يطبع حتى الآن، وتم العزو إليه في هذه الورقة العلمية بتحديد سنة الحدَث.

([2]) أي: دعاه للاستغاثة به.

([3]) انظر: تحصيل المرام (2/ 795-797، 2/ 853).

([4]) انظر: الحياة العلمية في المدينة المنورة (1143-1337هـ) تهاني جميل، (1/ 636-638).

([5]) انظر: دفتر المفردات للصرة الهمايونية لعام 1327هـ (ص: 128).

([6]) انظر: الشاهد المقبول (ص: 90-91).

([7]) انظر: الرحلة الهندية إلى الجزيرة العربية، المراد أبادي (ص: 115).

([8]) انظر: مقدمة فتح الباري (ص: 14).

([9]) طبقات الشافعية الكبرى (2/ 234).

([10]) مقدمة تحفة الأحوذي (ص: 90-92).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

ألـَمْ يذكر القرآنُ عقوبةً لتارك الصلاة؟

  خرج بعضُ أهل الجدَل في مقطع مصوَّر يزعم فيه أن القرآنَ لم يذكر عقوبة -لا أخروية ولا دنيوية- لتارك الصلاة، وأن العقوبة الأخروية المذكورة في القرآن لتارك الصلاة هي في حقِّ الكفار لا المسلمين، وأنه لا توجد عقوبة دنيوية لتارك الصلاة، مدَّعيًا أنّ الله تعالى يريد من العباد أن يصلّوا بحبٍّ، والعقوبة ستجعلهم منافقين! […]

حديث: «جئتكم بالذبح» بين تشنيع الملاحدة واستغلال المتطرفين

الطعنُ في السنة النبوية بتحريفها عن معانيها الصحيحة وباتِّباع ما تشابه منها طعنٌ في النبي صلى الله عليه وسلم وفي سماحة الإسلام وعدله، وخروجٌ عن التسليم الكامل لنصوص الشريعة، وانحرافٌ عن الصراط المستقيم. والطعن في السنة لا يكون فقط بالتشكيك في بعض الأحاديث، أو نفي حجيتها، وإنما أيضا بتحريف معناها إما للطعن أو للاستغلال. ومن […]

تذكير المسلمين بخطورة القتال في جيوش الكافرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: من المعلومِ أنّ موالاة المؤمنين والبراءة من الكافرين من أعظم أصول الإيمان ولوازمه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ‌وَلِيُّكُمُ ‌ٱللَّهُ ‌وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [المائدة: 55]، وقال تعالى: (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ […]

ابن سعود والوهابيّون.. بقلم الأب هنري لامنس اليسوعي

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   بسم الله الرحمن الرحيم هنري لامنس اليَسوعيّ مستشرقٌ بلجيكيٌّ فرنسيُّ الجنسيّة، قدِم لبنان وعاش في الشرق إلى وقت هلاكه سنة ١٩٣٧م، وله كتبٌ عديدة يعمَل من خلالها على الطعن في الإسلام بنحوٍ مما يطعن به بعضُ المنتسبين إليه؛ كطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وله ترجمةٌ […]

الإباضــــية.. نشأتهم – صفاتهم – أبرز عقائدهم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأصول المقرَّرة في مذهب السلف التحذيرُ من أهل البدع، وذلك ببيان بدعتهم والرد عليهم بالحجة والبرهان. ومن هذه الفرق الخوارج؛ الذين خرجوا على الأمة بالسيف وكفَّروا عموم المسلمين؛ فالفتنة بهم أشدّ، لما عندهم من الزهد والعبادة، وزعمهم رفع راية الجهاد، وفوق ذلك هم ليسوا مجرد فرقة كلامية، […]

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017