الخميس - 01 ذو القعدة 1445 هـ - 09 مايو 2024 م

ترجمة الشيخ محمد السعيدي بن محمد الجردي (1)

A A

 

اسمه ونسبه وكنيته ونسبته:

هو الشيخ الفقيه الأصولي محمد السعيدي بن محمد بن عبد السلام أبو عبد الرحمن الجردي، مفتي طنجة.

مولده:

ولد في إقليم تطوان، وتحديدًا في قرية الجردة إحدى قرى منطقة أنجرة، وكانت ولادته عام ألف وثلاثمائة وثمانية وخمسين للهجرة النبوية (1358هـ-1940م).

نشأته العلمية:

حفظ الشيخ القرآن في صباه، وأتم حفظه وهو في الثانية عشرة من عمره، وكان ذلك على يد الفقيه محمد بن حمامو في قريته (الجردة)، وكما امتن الله عليه بهدايته إلى القرآن امتن عليه بهدايته إلى أهل العلم ومجالس العلم منذ الصغر؛ حيث بدأ بالمشتهر من دروس متون العلوم من لغة وتفسير وفقه وحديث وغيرها من العلوم على جملة من المشايخ؛ فمن الكتب الأصول التي عني بها ودرسها للتأصيل في العلوم: متن الآجرومية، وألفية ابن مالك، ومتن ابن عاشر، ولامية الأفعال، والعاصمية، والعقيدة السنوسية، ولامية الأفعال، والجوهر المكنون، وتحفة ابن عاصم، والبيقونية في المصطلح، وجمع الجوامع في أصول الفقه، والجزرية في التجويد، ومختصر خليل، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني، وحاشية الصاوي في التفسير، والسيرة وغيرها.

وحين نبغ ووقعت عينه على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم رحمه الله أعجب بها أشدَّ الإعجاب، وعُني بقراءتها ودراستها، وانتفع أشدَّ الانتفاع من كتبهما خاصة في العقيدة، وأثر ذلك واضحٌ في دروس الشيخ وأقواله.

أبرز شيوخه:

  • الشيخ محمد بن شامة، ودرس عليه الآجرومية، وألفية ابن مالك إلى الجوازم، ومتن ابن عاشر، والفرائض.
  • الشيخ محمد بن الصديق الزمزمي، ودرس عليه الفقه وأصوله والمنطق، وكذلك درس على أخويه عبد الحي وحسن، وقد جاوره الشيخ مدة طويلة.
  • الشيخ عبد المجيد بن الحسن ازميزم، ودرس عليه الألفية، ولامية الأفعال، ومتن ابن عاشر، والعاصمية، والمنطق، والفرائض، والعقيدة السنوسية، والتفسير.
  • الشيخ محمد بن عجيبة القاضي، ودرس عليه البلاغة، وعلم العروض، ولامية الأفعال، والجوهر المكنون، وتحفة ابن عاصم، والبيقونية في المصطلح، وجمع الجوامع في أصول الفقه، والجزرية في التجويد.
  • الشيخ الحاج عبد الله بن عبد الصادق، ودرس عليه الألفية، ومختصر خليل، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني، وحاشية الصاوي في التفسير، والسيرة.
  • الشيخ عبد الله كنون، ودرس عليه البلاغة والأدب.
  • الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، وقد حضر له بعض الدروس التي ألقاها بالمغرب، وكان الشيخ يثني عليه ويقول: “استفدت من دروسه كثيرا”.

أخلاقه وصفاته:

عرف الشيخ رحمه الله بنبل أخلاقه وحسن سمته وكرم شيمه، فقد كان متواضعًا رغم علوّ كعبه في العلم رحمه الله، هينًا لينًا مع طلاب العلم، يجلس لهم ويعطيهم جلّ وقته، بل جعل المجلس العلمي جنته في الدنيا ونصيبه منها وزينته فيها، وقد كان رحمه الله واعيا بالتلازم بين العلم والعمل في الإسلام؛ فكان رحمه الله حريصا على العمل بما تعلَّم ويعلِّم، مدركًا لما في واقع النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت: «فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن»([2]).

يقول عنه تلميذه القباج: “يتميز عن غيره من أهل العلم في ثلاثة مجالات:

  • الأخلاق العالية، فقد كان متفوّقًا على غيره في التخلق بمكارم الأخلاق؛ ومنها: التواضع المحفوف بالصدق والخشوع.
  • الحرص الشديد على العمل بالعلم؛ بحيث كان سلوكه تجسيدًا عمليًّا لما يقوله في مواعظه وتوجيهاته التربوية.
  • المرابطة في مجالس العلم ومنابر الدعوة؛ بحيث تشعر أن مجالس الوعظ والتعليم هي جنته التي تقرّ فيها عينه، وتسعد فيها مهجته”.

وقد عرف الشيخ رحمه الله ببشاشته ولطافته مع طلاب العلم في مجالسه، وكان يعتني ويقبل عليهم فرِحا مسرورًا.

ويقول عنه تلميذه سفيان القاسمي: “قد ينكر البعض على طلبة الشيخ رحمه الله ومحبيه مبالغتهم -فيما يظهر له- في وصف الشيخ وهو معذور في وهمه هذا؛ لأنه لم يعرف الشيخ عن قرب، وربما لم يلقه، فحبنا لشيخنا ليس لماله ولا جاهه ولا جماله، وإنما هو بسبب ما حازه من خلق وأدب وتواضع وحسن معاملة ودقة فهم وعلم ومعرفة وسعة اطلاع، جعلت العلوم بالنسبة له ملكة، وهذا أمر عز وجوده”([3]).

ويقول محمد الرواس: “قبل أعوام ومنذ صغري كنت أرى الشيخ مرارا في الصلوات وفي الحي -حيث كنت أسكن قريبا من بيته-، فكان يثير انتباهي بتلك الابتسامة الجميلة التي لا تفارق وجهه البشوش، والتي تزيده إشراقا وبهاء، وما كان يشدني إليه أكثر هو حينما أقترب لأسلم عليه، فألاحظ شفتيه اللتين تهمهمان بكلام لا أميزه غير أنهما لا تتوقفان، مع رائحة زكية طيبة تنبعث منه تنعش النفس والروح”([4]).

وكان الشيخ غاية في التواضع، يقول تلميذه أحمد الدامون: “لم يطمع في الدنيا، ولم يتطلع لزينتها وزخارفها، ولم تشغله عن ذِكْر الله وعبادته، ولم يُعْجَب بنفسه، بل كان من أهل التواضع والرفق وحبّ المساكين، وخدمة طلاب العلم، جاءته الدنيا تطلب قُرْبَه فأبعدها، ورضي بالقليل منها، فكان أن تبوَّأ في القلوب منزلة عظيمة وقدرًا كبيرًا، وما إن علم الناس بموته إلا ذُهِلُوا من هول المصيبة وخطب الفجيعة”([5]).

خلقه مع أهله وتلامذته:

يقول تلميذه يونس أبو عبد الرحمن: “كان الشيخ يضرب به المثل في معاشرة أهله، ممتثلا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله» كما حدثنا بهذا شيخنا محمد عشوبة الزيناتي، ومما حدثنا به قال: كثير من الناس لا يعرفون الشيخ، وأنا قد عرفته إذ سافرت معه سفرات عديدة إلى الحج والعمرة، فكان دائما كريما مع رفقائه معطاء، وسائلا عن حاجاتهم، يتردد عليهم في شققهم قائلا لهم بعاميتنا: لي بغا شي حاجة الخير موجود الحمد لله”([6]).

ويقول عنه الشيخ د. هشام غبالو: “إن سيرة شيخنا رحمه الله استمدَّ خطواتها ومعالمها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وسيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين؛ لقد كان شيخنا الفاضل رحمه الله متخلقا بأخلاق العلماء الصادقين العاملين، متصفا بصفة السلف الصالح، متأدبا بآداب النبوة”([7]).

ويقول تلميذه يوسف شعبة الضبعي: “قضيت أكثر من عشر سنوات برفقة الشيخ الجردي، ولم أر منه إلا الخير ولين المعشر وحسن الأخلاق، كنت إذا تغيبت عنه يتصل بي قائلا: صاحبي في انتظارك بالبيت، احمل معك الكتب، عشر سنوات تشرفت بمصاحبته والسفر معه، تعلمنا منه الكثير، ولم أر طول هذه المدة رجلا يحرص على احترام المواعيد مثله، فتجده يضرب مواعيده بباب بيته للفقير والغني والمتعلم والجاهل والشاب والشيخ، ولا يمل من رد على أسئلة المتصلين”([8]).

خطبه ودروسه العلمية:

عرفت طنجة الشيخ الجردي بفصاحته ووعظه ورطانته في التوجيه والإرشاد في أمور الدين، وهو من أشهر خطباء مدينة طنجة، وعن خطبه يقول محمد الرواس: “عرفت الشيخ بخطبه، وأعجبت بها، وكنت أكثر من سماعها في الإنترنت وفي الهاتف وفي غيرها، وأطرب كثيرا لأسلوبه السلس والرائع الذي يحرك الوجدان، وكم كنت أعجب من براعته في الإلقاء حيث أحس أن الشيخ يتكلم بقلبه لا بلسانه فقط، وكان في صوته رنة جميلة لا زالت لحد الآن تتردَّد في أذني، وربما لكثرة استماعي لخطب الشيخ كان بعض الأصدقاء حينما بدأت أمارس الخطابة يُشَبِّهُنِي بالشيخ ويقول لي: أنت تقلد الشيخ في طريقة الإلقاء والصوت!”([9]).

وقد بدأ التدريس والخطابة منذ عام 1985م، واستمر أربعين سنة في الخطابة بمساجد طنجة، آخرها مسجد الأربعين بالجبراري. هذا، واشتغل الشيخ الراحل العلامة محمد الجردي بالتدريس بمجموعة من مدارس التعليم العتيق بطنجة، كما تخرج على يديه الآلاف من الطلبة منهم دكاترة وأساتذة بالمغرب([10]).

وقد درّس في معهد الإمام نافع في طنجة، وترك المعهد ظهر يوم السبت 26/ 4/ 1442هـ، ومن أهم الكتب التي درسها رحمه الله:

  • شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز.
  • فتح الباري لابن حجر.
  • فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن.
  • تحفة ابن عاصم في التوثيق.
  • الزقاقية في القضاء.
  • شرح مختصر خليل في الفقه المالكي.
  • الآجرومية، وقد ختمه عدة مرات.
  • الجزرية في التجويد.

وقد لخص أحد تلاميذه أعماله في سؤال واحد حيث يقول: “ماذا فقدت طنجة بفقد شيخها الجردي؟ ثم أجاب: فقدت طنجة بموت الشيخ ما يلي:

– فقدت ركنا عظيمًا للفتوى، فقد كان هاتفه لا يتوقف رنينه من كثرة السؤالات والاستفتاءات من مختلف المدن المغربية، بل والبلدان الغربية… وهذا الجانب لا أرى من يخلفه فيه أبدا على كثرة من أعرف من شيوخ العلم بهذه المدينة.

– فقدت مدرسًا بارعًا نفَّاعة في كثير من المدارس العتيقة بهذه المدينة، وكان رحمه الله يحثّ طلابه على التمسك بالسنة واقتفاء أثر القرون الخيِّرة مع الحث على الأخلاق والإيمان… فقد كان معلمًا مربِّيا.

– فقدت واعظا مفوَّها رزق القبول والتأثير، فقد كانت دروسه بمسجد الشاطبي ومسجد القنطرة تمتلئ عن آخرها بطلبة العلم والمحبين والفضلاء… وخاصة من الشباب، ولا أعرف في طنجة واعظا بارعا ومؤثرا مثله.

– فقدت حكَما مطاعا في النزاعات والخصومات، سواء العلمية أو الدينية أو الدنيوية، بل إن العوام كلما اختلفوا في ميراث أو بيع أو مسألة فقهية قالوا: (انْسَولُو الفقيه الجردي)، وإذا أرادوا بيانَ أنهم على حقّ يقولون: (والله، وَاخَا تمشي عند الفقيه الجردي…) أي: سيفتيك بما أقول؛ ما يدل على مكانته وفضله بين العامة والخاصة”([11]).

ويقول عنه الشيخ د. هشام غبالو: “وبعد أن تحمل أمانة البلاغ ومسؤولية الدعوة إلى الله شمر عن ساعد الجد والكفاح؛ مواصلا الليل والنهار، لا يعرف كللا ولا مللا، ولا يفت في عزيمته رغبة أو ضجر أو حالة خاصة أو مشكلة نازلة، فكنتَ لا تراه هذه السنوات الطوال كل أيام الأسبوع إلا في درس مع الطلاب، يفسر كتاب الله، أو يشرح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يلقن علوم العربية، أو يفهم فنون الآلة، وإما أن تراه في مجلس دعوة أو كلمة دينية أو محاورة علمية، وهو في هذا كله مجلَّل بأخلاق المحبة والرحمة والرأفة والحلم، مع احترام الغير وتوقير الناس، وهكذا مضى على هذه السيرة ما يقرب من ستين سنة بعد دخوله لهذه المدينة، ولم يعبأ بطعن مخالف أو خصومة قريب… لقد واجه الشيخ رحمه الله في بداية دعوته مظاهر اجتماعية فاسدة وأحوالا وضلالات، وأعلن حربًا لا هوادة فيها ضد العلمانيين والمفسدين والمتغربين”([12]).

وعن دروسه يقول محمد الرواس: “عرفت الشيخ في دروسه العامة في المساجد حيث كان الجو الإيماني المحيط بالدرس والهالة التي تنبعث من وجهه المشرق تشد الناس في انتباه شديد إلى النظر إليه والاستماع إلى كلامه… وعرفته أيضا في الدروس النظامية الخاصة بعد أن أصبحتُ من طلابه في أقسام التعليم العتيق بداية من القسم الإعدادي ثم الثانوي بمدرسة النور -حيث كانت للشيخ علاقة خاصة جدا بمديرها السيد والشيخ محمد الهبطي بارك أنفاسه- إلى أن انتقلنا للقسم الجامعي في مدرسة الإمام نافع حيث انتهت سنوات التدريس الجميلة… وفي هذه السنوات الدراسية درسنا على الشيخ كتبا كثيرة والحمد لله مثل المنطق، لامية الزقاق، ابن عاصم، مفتاح الوصول، تفسير سور من أحكام القرآن لابن العربي، سور من التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور، سور من المحرر الوجيز لابن عطية، فصول من الموافقات للشاطبي، وجمع الجوامع لابن السبكي… وغيرها مما لم أذكره في هذه العجالة”([13]).

تبجيله للعلم وأهله:

يقول تلميذه إلياس شقور: “من أحب الآيات القرآنية إلى قلب فضيلة الشيخ محمد الجردي رحمه الله: قول الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] إلى آخر السورة، وكثيرا ما كان يعظ الناس بتفسيرها، ويذكرهم بمضامينها في مجالسهم ومناسباتهم، ومما سمعته منه: “وجود عباد الله الصالحين في الأرض وكثرتهم بين الناس من تجليات رحمة الله بالخلق، فهم رحمة الله في أرضه، فإن ذهبوا وقلّوا أصيب أهل الأرض بالهلاك”([14]).

ومن ذلك نصحه للمسلمين بأهمية حفظهم لأسماعهم وأبصارهم وحواسهم من مشاهدة من يطعن في السلف وأهل العلم حيث يقول: “أذنك أمانة عندك، فلا تستمع إلى الأغاني والموسيقى، لا تستمع إلى الغيبة والنميمة، ومن يسب الناس ويسب أهل العلم والدين لا تستمع إليه، ومن يطعن في العلماء ويطعن في أهل الله ويطعن في أهل السنة والجماعة لا تستمع إليه، فإنك لا بد تسأل عن ذلك”([15]).

مكتبته العلمية الخاصة:

كان للشيخ اهتمام بالغ بأن يكون في بيته مكان للكتب وزاوية للقماطر والأسفار، فقد كانت له غرفة خاصة يجلس فيها بين كتبه ويبحث ويحضر ويدوّن، يقول محمد الرواس: “عرفت الشيخ في بيته الذي كنت أزوره فيه أحيانا، حيث تجده محاطا برفوف من الكتب دائرة به من كل جانب، ينظر فيها ويسجل ويكتب ملاحظاته، ويقيد ما يريده ويحتاجه من فوائد.. وقد كان لي الشرف حيث استعان بي الشيخ في ترتيب مكتبته العامرة والتي تشغل حجرة كاملة من بيته”([16]).

دعوته للتوحيد ودفاعه عن السلف:

كان الشيخ رحمه الله حريصًا على التذكير بأهمية اتباع السلف واحترامهم، ونبذ كل من يتنقص منهم ومن عقيدتهم، فكان داعية إلى التوحيد، ناهيًا ومحذِّرًا من الشرك، ومما قاله في أهمية التوحيد وحقيقته: “لقد جاء الإسلام بالدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك، جاء الإسلام ليقول للناس: إن الله هو الذي يملك الخير والشر والنفع والضر والمنع والعطاء، جاء الإسلام يدعو الناس إلى أن يعلّقوا حاجاتهم بالله، وأن يقدموا طلباتهم لله، وأن يدعوه وحده، وأن يسألوه وحده دون سواه من الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين والآلهة المزعومين والأرباب المزيفين؛ قال تعالى: {ادْعُونِي} أمر وجوب {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا} [الجن: 18]. إن روح الإسلام هو التوحيد؛ توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية الذي هو إفراد الله بالعبادة؛ إفراد الله بالطلب والدعاء: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} [البقرة: 186]؛ إذا أرادوا أن أستجيب دعاءهم وطلباتهم فليستجيبوا هم لي، فلا أحد يجيب دعوة الداعي إلا الله: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل: 62]، {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ  (63) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 63، 64]، فلا أحد يجيب المضطر إلا القادر الذي يسمعه ويعلم حاله، فمن الذي يسمعنا ويعلم أحوالنا؟ إنه الله، من الذي أوجدنا؟ إنه الله، من الذي جعلنا أحياء ناطقين؟ إنه الله، من الذي أعطانا أسماعنا وأبصارنا وعقولنا؟ إنه الله، من الذي أدر الأرزاق علينا على اختلاف أنواعها وأصنافها؟ إنه الله، ومن الذي هدانا إلى مصالحنا ومعايشنا؟ إنه الله، ومن الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة؟ إنه الله، {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53]، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا ندعو غيره ونطلب سواه؟! إذ كل من يدعى من دون الله في الأرض أو في السماء هو مخلوق عاجز لا قدرة له، محتاج لا قيام له بذاته، ضعيف لا يقوى على حماية نفسه، فكيف بحماية غيره؟! {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: 194]؛ لهذا كان الشرك في الحقيقة ذلا وهوانا، وقذارة وانحطاطا، لا يليق بكرامة الإنسان، بل كذبا على الحقيقة وتزويرا على الواقع، أراد الشيطان أن يضل به بني آدم ويحبط به أعمالهم، فالإنسان إذا أشرك مع الله عز وجل تركه الشيطان وقال لأبنائه وأتباعه: دعوه يتعبَّد، خلوه يصلي، بل يفتح له آفاقا ويفتح له مجالات من العمل الصالح؛ لأنه قد ضمن منه الشرك بالله؛ والله يقول: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]”.

ومن دفاعه عن السلف دفاعه عن الإمام البخاري وصحيحه في خطبته في نصرة السنة؛ وذلك بعد أن تطاولت عليه إحدى الصحف بالمغرب، ومما جاء فيها: “غير خافٍ على الذي يتابع المؤامرات التي تحاك ضد الإسلام أن العلمانيين الذين تغلغلوا في العالم العربي والإسلامي قد كثَّفوا من هجومهم على الإسلام عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة؛ فمنهم من يتصدَّى للطعن في القرآن حتى قالت إحدى العلمانيات من الاتحاد النسوي: (لقد قرأت قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} قالت: ينبغي أن تقلع هذه الآية من المصحف)، ومنهم من يتصدى للطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعنه، وكلكم سمعتم ورأيتم في التلفزيون تلك التي لعنت رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة؛ تقول: ملعون من قال: (المرأة ناقصة عقل ودين) تعني سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يتصدى للطعن في الصحابة الذين هم نقلة الدين إلينا؛ ولعلكم سمعتم أو قرأتم الذين يطعنون في أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وخالد بن الوليد وأبي هريرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يلعن عائشة أم المؤمنين جهارا نهارا، ومنهم من يتصدى للطعن في بعض الأحكام الشرعية؛ كالطلاق وتعدد الزوجات وإرث المرأة نصف إرث الرجل والطعن في الزواج المبكر للبنات، وما إلى ذلك…

وفي هذه الأيام فاجأتنا جريدة الأحداث المغربية بمقال خبيث، فيه هجوم سخيف على الإمام البخاري والطعن العنيف في رجاله وعلى أحاديثه التي أثبتها في صحيحه.

والمقال منسوب لإحدى العلمانيات… التي ادعت أن الإمام البخاري عدوّ للمرأة، وأنه رمز لفقه التطرّف، وأن صحيح البخاري فيه كثير من الإسرائيليات؛ ومنها أي: من الإسرائيليات: حديث «المرأة خلقت من ضلَع أعوج، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه»، وفيه تقول هذه الكاتبة: (في البخاري الكثير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وأما رجال البخاري فكثير منهم ضعفاء ومتروكون)! انظروا إخواني من يتكلم عن رجال الحديث!…

فها نحن اليوم نرى محاولة جديدة للنيل من أصح كتاب بعد كتاب الله ألا وهو صحيح الإمام البخاري، والتشكيك فيه، والهجوم عليه، والطعن في رجاله بالأهواء الباطلة والعقول الضالة والأذواق الفاسدة من مجموعة من التائهين والحيارى المتهالكين.

لذلك أنصح إخواني الشباب أن لا يأخذوا العلم الديني من هؤلاء الجهلة المخذولين الحاقدين المهزومين، بل أوصيكم إخواني جميعا أن لا تأخذوا العلم الديني إلا من أهل العلم الديني كما تأخذون الطب من الطبيب لا من المهندس؛ فعلوم الحديث لها علماء متخصصون، ولها مقاييس لا يعرفها ولا يفهمها إلا الجهابذة النقاد الذين هيَّأهم الله لحفظ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الإمام البخاري والإمام مسلم والإمام أحمد وغيرهم رحمهم الله ورضي عنهم وأرضاهم؛ لأن السنة النبوية هي التي تفسر الأحكام التي جاءت في القرآن الكريم، والقرآن الكريم أوصى بالعمل بالسنة… فعندما نرفض قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن بالتالي نرفض القرآن الكريم وأوامره.

وعلماء المسلمين قاطبة اتفقوا على أن صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله تبارك وتعالى، أي: أصح كتاب حفظ لنا سنة رسول الله هو صحيح البخاري، وإن رغمت أنوف العلمانيين.

واتفق العلماء على أن من حلف بطلاق زوجته على أن كل ما في البخاري صحيح كان بارا في يمينه صادقا في حديثه.

فالتشكيك في صحيح البخاري تشكيك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشكيك في الإسلام أيضا؛ نعم أؤكد هذه الحقيقة: إذا شككنا في صحيح البخاري صار التشكيك إلى جميع كتب السنة، فلا نستطيع أن نؤدي الصلاة؛ لأن تفاصيلها من السنة، ولا نستطيع أن نؤدي الصيام؛ لأن تفاصيله إنما هي من السنة، وهكذا الزكاة، وهكذا الحج، إلى غير ذلك مما وكل بيانه إلى النبي صلى الله عليه وسلم… لهذا نرى علماء الحديث وعلى رأسهم الإمام البخاري وضعوا مقاييس لحفظ السنة هي أدق المقاييس”.

وفاته:

أصيب الشيخ رحمه الله بوباء كورونا (كوفيد 19) الذي اجتاح العالم، وقد عرفت إصابته وأدخل المشفَى لتلقي العلاج صباح يوم السبت 4/ 5/ 1442هـ، لكن انتقل الشيخ إلى رحمة الله في يوم السبت 11/ 5/ 1442هـ، عن عمر يناهز الثمانين.

وقد قيل فيه مراثي كثيرة، من طلابه ومن غيرهم، رحمه الله رحمة واسعة، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته، وتقبله في الشهداء والصالحين.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) أفدت هذه الترجمة من المراجع التالية:

1- ما كتبه عنه تلميذه حمّاد القباج من كلام الشيخ مباشرة في مقال بعنوان: (من ذكرياتي مع العلامة الجردي) https://cutt.us/ZJfKS، وهو في الأصل منشور في كتابه “تاريخ السلفية في المغرب” المطبوع عام 2008م من منشورات السبيل.

2- تدوينات تلاميذه ومحبيه في صفحة محبي الشيخ محمد الجردي الرسمية على الفيس بوك، وكذلك صفحة الشيخ إلياس شقور وغيرها من الصفحات:

https://www.facebook.com/profile.php?id=100002952260562

([2]) رواه مسلم (512).

([3]) ينظر الرابط:

https://www.facebook.com/soufiane.kasmi.1992/posts/3860439154008640

([4]) ينظر الرابط:

https://www.facebook.com/chiekh.mohamed.jardi/

([5]) ينظر الرابط:

https://www.facebook.com/chiekh.mohamed.jardi/posts/3650416345038966?__cft__[0]=AZXyK3hY6PTCxlpShhkCQ_PPYvSvViStjFFGTtEhfFnZwhbOHKMuKEeDkrpn-bhVgKcOOj8QrE6cnetuhEYPqdfCCch4W7I1xR58vTl3qy2EwksCppOdX79JXEIsKHmjuDiZkFxhvuYo1ELE6ky54gL4&__tn__=%2CO%2CP-R.

([6]) ينظر الرابط:

https://www.facebook.com/khaled.younesss/posts/3581423241941949.

([7]) خطبة جمعة ألقاها د. هشام غبالو في مسجد التوبة بمدينة طنجة بتاريخ 16/ 5/ 1442هـ، وهي على الرابط:

https://www.facebook.com/chiekh.mohamed.jardi/videos/3874525869235359.

([8]) ينظر الرابط:

https://www.facebook.com/chiekh.mohamed.jardi/posts/3645871078826826?__cft__[0]=AZWQv6odlRH_-kBuC9sRvy6r9vzIzUjGNzXfHqzyzSM2D0dN7mncJVbmvhG_t5lp54uC68eV51bRVk8IVcowyORjIsBfMt1-hakq3MouEYJB7KAOp5fawhesZ0mfMuDBlYslcvgxpXrVAQEd6HSDDxNR&__tn__=%2CO%2CP-R.

 ([9])https://www.facebook.com/chiekh.mohamed.jardi/

([10]) مقال بعنوان: (فيروس كورونا يخطف العلامة الجردي) على جريدة لاكرونيك، للكاتب يوسف شبعة الحضري بتاريخ 18/ 5/ 1442هـ.

([11]) ينظر الرابط:

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=740413063579558&id=100028326137882&__cft__[0]=AZVorFy4dQzcMsb1ewRHLsuN7R3ETeFWp80ys7yJ6TrtAPATj8J-R5pLpb8IcNRQ2z-8XBHo66gga_4o3ZoUeVTXUB9ce8NJlViwpr7u4vMwWTVAGxienDGg79iyI39hldHmKbKTllQURfbC_fbhrT0G7SjnA3wB4JGVYcliE8QuMg&__tn__=%2CO%2CP-y-R

([12]) خطبة جمعة ألقاها د. هشام غبالو في مسجد التوبة بمدينة طنجة بتاريخ 16/ 5/ 1442هـ على الرابط:

https://www.facebook.com/chiekh.mohamed.jardi/videos/3874525869235359.

([13]) https://www.facebook.com/chiekh.mohamed.jardi/

([14]) صفحة تلميذه إلياس شقور على الفيس بوك.

([15]) مقطع لأحد دروسه المسجلة على اليوتيوب على الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=fwR04LJrEBc

([16]) https://www.facebook.com/chiekh.mohamed.jardi/

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

ألـَمْ يذكر القرآنُ عقوبةً لتارك الصلاة؟

  خرج بعضُ أهل الجدَل في مقطع مصوَّر يزعم فيه أن القرآنَ لم يذكر عقوبة -لا أخروية ولا دنيوية- لتارك الصلاة، وأن العقوبة الأخروية المذكورة في القرآن لتارك الصلاة هي في حقِّ الكفار لا المسلمين، وأنه لا توجد عقوبة دنيوية لتارك الصلاة، مدَّعيًا أنّ الله تعالى يريد من العباد أن يصلّوا بحبٍّ، والعقوبة ستجعلهم منافقين! […]

حديث: «جئتكم بالذبح» بين تشنيع الملاحدة واستغلال المتطرفين

الطعنُ في السنة النبوية بتحريفها عن معانيها الصحيحة وباتِّباع ما تشابه منها طعنٌ في النبي صلى الله عليه وسلم وفي سماحة الإسلام وعدله، وخروجٌ عن التسليم الكامل لنصوص الشريعة، وانحرافٌ عن الصراط المستقيم. والطعن في السنة لا يكون فقط بالتشكيك في بعض الأحاديث، أو نفي حجيتها، وإنما أيضا بتحريف معناها إما للطعن أو للاستغلال. ومن […]

تذكير المسلمين بخطورة القتال في جيوش الكافرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: من المعلومِ أنّ موالاة المؤمنين والبراءة من الكافرين من أعظم أصول الإيمان ولوازمه، كما قال تعالى: ﴿إِنَّمَا ‌وَلِيُّكُمُ ‌ٱللَّهُ ‌وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [المائدة: 55]، وقال تعالى: (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ […]

ابن سعود والوهابيّون.. بقلم الأب هنري لامنس اليسوعي

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   بسم الله الرحمن الرحيم هنري لامنس اليَسوعيّ مستشرقٌ بلجيكيٌّ فرنسيُّ الجنسيّة، قدِم لبنان وعاش في الشرق إلى وقت هلاكه سنة ١٩٣٧م، وله كتبٌ عديدة يعمَل من خلالها على الطعن في الإسلام بنحوٍ مما يطعن به بعضُ المنتسبين إليه؛ كطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وله ترجمةٌ […]

الإباضــــية.. نشأتهم – صفاتهم – أبرز عقائدهم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأصول المقرَّرة في مذهب السلف التحذيرُ من أهل البدع، وذلك ببيان بدعتهم والرد عليهم بالحجة والبرهان. ومن هذه الفرق الخوارج؛ الذين خرجوا على الأمة بالسيف وكفَّروا عموم المسلمين؛ فالفتنة بهم أشدّ، لما عندهم من الزهد والعبادة، وزعمهم رفع راية الجهاد، وفوق ذلك هم ليسوا مجرد فرقة كلامية، […]

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017