الثلاثاء - 09 رمضان 1445 هـ - 19 مارس 2024 م

مناقشة دعوى (أن داعِش والجماعات التكفيرية هي التي تمثّل فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب)؟

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

بدايةً لتناول أيّ قضية فكرية ينبغي تجنيب أيّ دوافع أيدلوجية، بل ينبغي أن يكون الدافع هو الوصول إلى الحقيقة والبحث والتمحيص وتحرِّي الدقة في الجزيئات والكليات، وتجنُّب الحكم المجمل المبني على الانطباع المُسبق، أو التخمين والظنّ من غير دراسة.

واعلم أن الربطَ بين الفكر الداعشي وفكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب لا يصدُر إلا ممن ليس له دُربة وخبرة كافية في الأيدلوجيات المعاصرة، ولا عرف منطلقات المذاهب الفكرية جيدًا. ويبدو أنَّ وجه الخلط عند البعض: أنهم لما وجدوا أن في كلام الشيخ تكفيرًا، ووجدوا في كلام داعش تكفيرًا = ظنّوا أنهم يخرجون من مشكاة واحدةٍ!

ولا شكّ أنّ هذه مخاتلة غير مقبولة؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لوجب نسبةُ الشيخين السنوسي والبيجوري -الأشعريَّين- إلى التكفير حيث قرَّرا وقوع بعض قبائل الأعراب في الكفر الأكبر([1])، ولوجب نسبة الشيخ حسين المهدي النُّعمي والشيخ الخليلي الشافعي الأشعريّ إلى التكفير حيث قرَّرا ردة كثير من أعراب الجزيرة العربية والحجاز، بل وقال الخليلي في فتاويه بوجوب قتالهم وسبي نسائهم إن عاندوا([2]). والمتأمل لمجريات الأمور بإنصاف يجد أنه من المحال أن يُمكِّن الله عز وجل للخوارج ويجعلَ نفعهم عامّا في المسلمين، وسنن الله الكونية تأبى ذلك؛ إذ الخوارج كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلما ظهر لهم قرن قُطع»([3])، ويقول وهب بن مُنبه: “إني قد أدركت صدرَ الإسلام، فوالله ما كانت الخوارج جماعة قطّ إلا فرقها الله على شرّ حالاتهم، وما أظهر أحد منهم قوله إلا ضرب الله عنقَه، ولو مكّن الله لهم من رأيهم لفسدت الأرض وقطعت السبل والحج…”([4]).

فمِن حكمة الله أنه لا يُمكّن للخوارج، ولا يُقيم للتكفيريّين دولةً مُستقرّة، ولا يُنشر مذهبهم بين العامة فضلًا عن الخاصّة، بل إن المعارضين للدعوة قد زالوا وزالت آثارهم وبقيت الدعوة وآثارُها، فلا يكاد يعرفهم أحدُ خصومهم؛ فكيف يُظنّ بالله أن ينتصر مذهبهم ويُمكِّن الله لهم، ويجعل على أيديهم نهضةً علميةً تربويةً وتراثيةً يمدحها العامّ والخاصّ، بل ويعتنقها خُلَّص المؤمنين من الفقهاء والمُفكرين والأدباء والشعراء! ويجعلها الله مُستلهمًا لكل دعاة الإصلاح شرقًا وغربًا كما يقول الزركلي وغيره!([5]). من ظنّ هذا فقد أساء الظنَّ غاية الإساءةِ بالله وبسُننه الكونية، وكان ظنّه هذا يُضادّ العقل الصريح والنقل الصحيح!

إذن يجِب النّظرُ إلى الأمور بشكلٍ علميّ متوازن، وينبغي معرفة مناط التكفير ومنطلَقات كلّ فكر، وتجنّب التخمين والاستحسان والوَجد جانبًا؛ لأجل عدم الوقوع في خطأ الربط الأيدلوجيّ. فاصبر -أخي القارئ الكريم- لقراءة هذا المقال كاملًا ليتكشّف لك وجه الخلط.

ولفكّ الالتباس الحاصِل يجب أن تعلَم المنطلقات والفروق بين داعش والدعوة الإصلاحية، وذلك من خلال المحاور التالية:

أولا: معرفة المُنطلقات:

منطلقاتُ الشيخ كانت لتطهير (توحيد العبادة) مما دخله من أدران، وهدم المشاهد والأضرحة الشركية، بينما منطلقات داعش والجهاد منطلقات (حكومية) قائمة على التطهير السياسي.

فقد كانت موضوعات رسائل الشيخ دينيّة بحتة؛ لتصحيح المعتقد وتقويم السلوك الديني؛ فمعركتُهم كانت ضدَّ قبّة الضريح وقبر الولي ومرقد الصالح، وتكفير من دافع عن هذا الشرك الأكبر بعد أن يعرف وجه الحقّ، ولم يتناولوا مسألة شرعية الحاكم الفاسد وولاته المستبدين.

ولا أدلَّ على ذلك من أن الأمير الذي كان يهدم القباب والأضرحة كان أئمة الدعوة يمدحونه، ولم يفتّشوا وراءه: هل هو حاكم ظالم أم لا؟ وهل يحكم بالشريعة بشكل تامّ كامل أم لا؟

وقد أرسل الأمير سعود رسائل إلى اليمن بكتب التوحيد -كما ذكر الشوكانيّ في البدر الطالع-، فلمّا رأى قبولا، وهدم حكّامهم القباب الشركية؛ استبشروا بذلك، وحصل تعاونٌ بينهما في هدم القباب، ولم يفتّشوا وراءهم: هل حكام اليمن ظلمة وفاسدون أم لا؟([6]).

وهذا يدلّك على أنّ مادّة الصراع كانت مادة فكرية، ولم تكن سياسية.

ثانيًا: نظرتهم للخلافة:

داعش تتعمَّد تنصيب خليفة هاشميّ قرشيّ([7]) (تبعا لمنظور المهدوية)، وهي فكرة معروفة عبر التاريخ في مذاهب القرامطة والفاطميين وغيرهم، فخصومتهم سياسيّة بامتياز، ولم تكن يومًا خصومتهم مع رجال الدين، ولا لتصحيح أوضاع عامة المسلمين الشركية.

في المقابل لم يُنصِّب النجديّون خليفة هاشميًّا أو قرشيًّا، بل كانت دعوتهم دعوةً واقعية تعرف ما تريد، فلم ترسم لنفسها طموحات سياسية وآمالا في إحياء دولة الخلافة من الأندلس إلى الصين بشكل أهوج لا يفهم طبيعة الواقع، وطبيعة أولويات المرحلة التي تتمثّل في تعليم الناس مبادئ الإسلام.

ثالثًا: تحقيق مُسمَّى الخوارج:

الخوارج يُكفِّرون بغير مُكفّر، أي: بغيّر مناطٍ صحيح، فكفَّروا فاعل المعاصي والكبائر، أما العالم الذي يُكفِّر بمناطٍ مُكفِّر، ثم قُدّر أنه أخطأ في التنزيل على المُعين؛ فهذا ليس بخارجيّ ولا تكفيري، إنما غايته أنه أخطأ في التنزيل، وهو ما يختلف عن الخوارج فإنهم يُكفرون بغير مُكفّر أصالةً.

وقد اجتهد كثير من العلماء على مرّ العصور في تكفير جماعات مُعينة، كالاتحادية وأتباع ابن عربي والروافض وغير ذلك، ومن العلماء من لم يكفّرهم لعدم إقامة الحجة، بل ومنهم من يجعلهم من أصحاب الإشارات الزهّاد العُبّاد، ومع ذلك لم يكن الذين كفّروهم -سواء أخطؤوا أو أصابوا- من الخوارج عند من لم يكفّروهم؛ وذلك لصحّة المناط الذي بنوا عليه.

وبهذا يتبيَّن لك الخلط في هذه المسألة الجليلة؛ فإن المناوئين -بقصد أو بغير قصد- يغالطون في هذه المسألة، ويجعلون أيّ تكفير لأيّ مسلم يشهد الشهادتين حتى ولو فعل ما فعل هو مذهب الخوارج!

وما أحسن ما قاله القاضي العلامة عبد الرحمن المُعلمي اليماني لما ناقشه أحدٌ في الوهابية في أنهم يُكفّرون من قال: “يا ستّنا خديجة.. ويا فلان… ويا فلان”، وبنى على ذلك أنهم يكفّرون المسلمين، فيصدق عليهم الحديث: «من كفر مُسلما فقد كفر»، فناقشه المُعلمي نقاشًا طويلًا جاء فيه: “قلت له: إن هذا عندهم كافر لا مسلم، فلم يصدُق عليهم الحديث، لأن الحديث يقول: «من كفر مسلمًا» وهم يقولون: إنما كفّرنا كافرًا.

فقال: لكن العبرة بالقول الصحيح لا بما في زعمهم.

فقلت: فإنهم يعتقدون أن القولَ الصحيح هو الذي قالوه. وما ترى لو أن رجلًا مرَّ بك فظننته يهوديًّا فناديته: يا يهوديّ، أليس قد كفّرته؟ قال: بلى.

قلت: فإذا بان مسلمًا، هل يحق لنا أن نقول: إنك كافر؟ قال: لا؛ لأني إنما قلت له ذلك بناءً على ما وقع في ظني.

فقلت له: فإن الوهّابية على فرض خطئهم في التكفير يقولون مثلك، وعذرهم أبلغُ من عذرك، وأدلّتهم أقوى من مجرد ظنّك”.

إلى أن قال: ” ثم الحكم على بعض الأعمال أنه كفر لا يسوغ إلا بعد اجتهادٍ ونَظَر في الأدلة حتى يغلب على الظنّ كونه كفرًا. فمن قال في شيءٍ من الأعمال: إنه كفر بدون تثبّت ولا نظر في الأدلة، فهو غير معذور لتقصيره، وحينئذٍ فهو حريّ بالدخول في الوعيد المذكور…

فإن هذه الأشياء التي يقول الوهّابيّون: إنها كفر ليس منها شيءٌ إلا وقد قام الدليل على المنع منه، فلو سُلّم أن الأدلة لا تدلّ أن ذلك كفر فلا أقلَّ من أن تفيد أن ذلك فسوق وضلالة؛ لأن جميع ذلك من المحدثات، وقد ورد: «كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» إلى غير ذلك من الأحاديث التي قد مرّ بعضها، بل قد دلّ على ذلك القرآن كما مرّ بيان بعض ذلك”([8]).

والمُراد من كلام العلامة المعلّمي هو أن من كفَّر بمناطٍ مُكفّر فإن قوله يختلف عن قول من كفر المسلمين بغير مناط مُكفّر، فإن المعتقدين في الأموات مذمومون في كلّ حال، سواء عذرناهم بالجهل أم لم نعذرهم؛ لأن المناط صحيح، فلا يكون البحث: هل الوهابية خوارج أم لا؟ إنما قد نقبل البحث في صحّة تنزيل الحكم الاجتهاديّ على الأعيان بالصواب والمدح تارة أو بالتقصير والذم تارة أخرى.

رابعًا: تغيير المنكر عند الشيخ كان منوطًا بولي الأمر الفعلي:

لم يستخدم النجديّون القوة في تغيير المنكر إلا لما وجدوا الظهير السياسي الحاكم الأمير محمد بن سعود الذي اقتنع بآرائهم، ولم يستخدم الشيخ وتلاميذه القوة قبل ذلك.

فبلاد نجد كانت مضطربة وبعيدةً عن الحضارة، وتتعدَّد فيها الأمراء، ومع هذا لم يُشكّل الوهابية عصابات مسلّحة، بل اعتمدوا على الدعوة باللين والرفيق في بادئ الأمر، وكان الشيخ يدعو وهو يعمل قاضيًا عند الأمير عثمان بن معمر -على خلل في منظومته- ومع ذلك لم يخرج عليه، مع أن مسوغات التكفير كانت موجودة، بل ظلّ الشيخ يعمل عنده إلى أن طرده الأمير، فاتَّجه مضطرا إلى الدرعية.

ولما اقتنع الأمير ابن سعود بدعوته فيما بعد كان تغيير المنكر منوطًا بولي الأمر الفعليّ للبلاد.

ووفق هذا المنظور يتَّضح الفرق جليًّا بين داعش والحركة الإصلاحية.

خامسًا: الصراع فكري لا سلطوي:

من المعلوم أنّ خصوم النجديّين كانوا هم الشيوخ كزيني دحلان وابن برجيس والإحسائي وغيرهم، ويتمثّل الصراع في كتب وردود وسجالات علمية شكّلت المادة الرئيسية في الحالة العلمية العامة، وحصرتها في (الصراع الفكري)، لا الصراع مع الحكام والأمراء القائم على التطهير السياسي وخروج الأمة أفواجا أفواجا في مواجهة الحكام.

إذن فخلاف الوهابية كان مع رجال الدين أساسا، ومادة الصراع كانت مادة (فكرية) شكَّلت نصيبَ الأسد من الرسائل والمساجلات والمناظرات.

ومثال ذلك: (مناقشة علماء مكة) تلك المناقشة الجليلة الراقية التي نقلها الزركلي وغيره([9])، وكانت مثالا على الرقيّ الحضاري بين المسلمين، بينما خلاف داعش هو مع السلطات، وليس مع رجال الدين، ولا يُعرف لهم نقد لشيوخ الدين إلا من وجهة سياسية.

ولما كان الحلّ الإصلاحي للشيخ يتمثّل في الطرح العلمي، والثورة على الجمود الحاصل في عصر الركود = مدحه المستشرقون والمفكرون والأدباء والشعراء وعلماء الاجتماع، واستنار بهم الآلوسي في العراق، والشيخ محمد عبده وزكي باشا مبارك في مصر لإصلاح الخلل الديني الواقع.

لكن من يمدح داعش؟! ومن يدّعي أن لديهم أطروحة إصلاحية؟!

سادسًا: سواغ مناط التكفير من عدمه:

لمعرفة مناط التكفير والقتال عند محمد بن عبد الوهاب يجب دراسة الأوضاع الدينية والاجتماعية في تلك الفترة القديمة، فالبعض يظنّ أن الخلاف كان ينحصر في بعض البدع والمعاصي الخفيفة أو في التوسل والتبرك فقط، وهذا وَهم غير صحيح، بل كان مِن القبائل مَن يُسيّرها شيوخ الاتحادية الغلاة، وفي كل قبيلة يوجد منهم من يدّعي علم الغيب ويخاطب الملائكة والجنّ ويدعوهم من دون الله، مثل الشيخين: تاج وشمسان([10]).

فأَما تاج فهو من أَهل الخرج، كان رجلا أعمى، تُصرف إليه النذور ويُعتقد فيه النفع والضر، وكان يأْتي إلى أَهل الدرعية من بلده الخرج لتحصيل ماله من النذور، وقد كان يخافه كثير من الناس الذين يعتقدون فيه. وله أَعوان وحاشية لا يُتعرض لهم بمكروه، بل يدَّعَى فيهم الدعاوي الكاذبة، وتنسب إليهم الحكايات القبيحة. ومما ينسب إلى تاج أَنه أَعمى ويأتي من بلده الخرج من غير قائد يقودُه (كرامة من الكرامات!).

وأما شمسان فهو من أهل العارض، وله أَولاد يعتقَد فيهم النفعُ والضر، وهؤلاء (المجاذيب) يدَّعون أنهم غير ملزمين بالشريعة، كما كان الخضر غيرَ ملزمٍ بشريعة موسى.

وقد وثَّق كثير من الرحالة العرب والمستشرقين هذه الأحوال في كتبهم ورحلاتهم([11]).

وبعض الكُتّاب المعاصرين يستبعد وجود هذه الأحوال الخرافية، ويراها مبالغات من مؤرّخي الوهابية لتبرير القتال! وحجته في ذلك: أن وجود فقهاء شريعة من الحنابلة وغيرهم دليل على وجود جنس العلم؛ فكيف يوجد شركيات وخرافات؟!

وهذه مغالطة واضحة؛ وذلك لأن فقهاء الشريعة الكلاسيكيين لهم وجود في كل مكان… فكان ماذا؟! ففي مصر -مثلًا- يوجد علماء الأزهر الشريف، ومع ذلك كان ينتشر في حواري القاهرة وأزقتها شيوخ المجاذيب الذين يدورون في الأسواق، ويكشفون عن عوراتهم، ويعتقِد الناس فيهم، كما حكى الجبرتي وعبد المتعال الصعيدي وغيرهما([12]).

والعلماء التقليديون إنما ألِفوا الأمر الواقعَ، لا أكثر ولا أقلّ، وطلبهم للعلم إنما هو في سبيل لقمة العيش. فإذا كان هذا في المدن الراقية فكيف بالبدو؟!

والمقصود ممّا سبق أن أسباب التكفير كانت متعدّدة، ولم يكن لسببٍ واحد أو لسببين، وتكفير أمثال هؤلاء ومقاتلتهم -حال عنادهم- من ولي الأمر (الحاكم) ليس دعشنة ولا غلوًّا.

سابعًا: الأولوية بين شرك القبور وشرك القصور:

من مظاهر الافتراق بينهما قول أرباب التكفير والقطبيّين بكافّة طوائفهم: (شركُ القصور أخطر من شرك القبور). وهذا أمر معروف في أدبياتهم.

وهذا القول لم يتفوَّه به أئمة الدعوة النجديّة قطّ، بل لو سمعوه منهم لبدَّعوهم، وقد يكفّرونهم أيضا -بعد إقامة الحجة-؛ لأن توحيد العبادة هو الغاية من الديانة، ولا يقارن بما يحدث داخل القصور.

فالنجديّون قامت دعوتهم لمحاربة مظاهر الشرك الأكبر، وجاءت نهضتهم لتصحيح أوضاع دينية فاسدة، وكان الاهتمام ينصبّ على تصحيح المعتقد وإقامة شعائر الدين في بلاد طمست فيها معالم الحنيفية التي جاء بها الرسول، وغابت عنها مظاهر الاستقرار السياسيّ والأمنيّ، فقد كانت القبائل تغزو بعضها بعضها، وكل أمير يتوسّع على حساب الآخر، فتوسع ابن سعود لم يكن أمرا مستهجنًا.

ثامنًا: توحيد الحاكمية وتوحيد العبادة:

توحيد الحاكمية عند الدواعش هو أخصّ خصائص التوحيد، والغاية من إرسال الرسل، وهذا ما يستنكره الوهابية جدًّا، ويُبدّعون قائله؛ لأن توحيد العبادة عندَهم هو أخصّ خصائص التوحيد. نعم، الحاكمية تدخل في ضمن الأقسام، لكنها ليست أخصَّ الخصائص، ولا هي الغاية من إرسال الرسل.

إنّ جوهر الافتراق بين النجديّين وغلاة الجهاديّين يكمن في فهم (أصل الدين)، وأولها: توحيد الله تعالى، والحلّ الإصلاحي المتمثل في تصحيح العقيدة، ورأسها «توحيد العبادة»، فالإصلاح عند السلفيين يكون من تصحيح مسار الشعوب ذاتها؛ ليتحقَّق الوعد بالنصرة والتمكين، لا من الحكومات.

فالدولة العثمانية منذ السلطان سليمان القانوني رحمه الله كانت قد أسقطت حدّ الرجم والسرقة، واستبدلت بهما نوعًا من الغرامة (الأفجا)، وكان الوضع كذلك أيام الشيخ، كما كان الأعراب أيامه يحكمون بالسوالف. ومع ذلك لم يكن هذا هو المناط الأساسي لتكفير الشيخ لهم، ولم يطالب الوهابية أمراء اليمن الذين راسلوهم بتوحيد الحاكمية أو قاتلوهم عليه -كما تفعل داعش-؛ وذلك لأن أولويات المرحلة تطهير توحيد العبادة أولًا وإفراده لله.

وليس معنى ذلك أن “الحكم بما أنزل الله” لم يشغل جزءا في رسائل النجديين، بل كان موجودًا، ولكن بنسبٍ معيارية معيّنة، حينما يسألون عنها في فتوى ونحوها، وبتفصيل أهل العلم، لكن لم تكن هي محور دعوتهم ولا هي مناط قتالهم.

تاسعًا: الخروج على الفاسق:

مِن مظاهر هذه الفروقات الجوهرية أن عموم التكفيريين ينازعون في مسألة الخروج على الحاكم الفاسق، وكونها من عقيدة أهل السنة والجماعة، ويضعّفون حديث صحيح مسلم: «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»، كما ينقضون الولاية بأمور لم ينصّ عليها العلماء، مثل كون الحاكم ليس قرشيًّا أو جاء بالغلبة والقهر، ولهم رسائل منشورة في ذلك([13])، وما أكثر استدلالهم بخروج الحسين وابن الزبير وابن الأشعث في نقض الإجماع! مع أن هذا لم يتفوه به أئمة الدعوة النجديّة قط، ورسائلهم طافحة بنقل الإجماع على خلافه، وتبديع من قال بجواز الخروج على الفاسق.

عاشرًا: الجماعات وثورة الخميني:

إذا أردتَ أن تلمس الخلاف الفكريّ بين الوهابية والتكفيريين بشكلٍ عملي فانظر كيف تعاملت الجماعات الإسلامية مع ثورة الخميني في مرحلة السبعينات، فجميع الجماعات السياسية -بما فيها جماعة الجهاد في مصر- أيّدوا ثورة الخميني في وقتها؛ لأن عقائد الشيعة لم تكن معروفة في تلك الأوقات لعموم المسلمين، وأما الفكر السلفي فقد كان هو الوحيد الذي ذمّها ورفضها لخبرتهم في العقائد.

وهذا التأييد من جماعات الجهاد لا يجب أن يمرّ على الباحث مرور الكرام؛ لأنه يمثّل منعطفًا للتوثيق التاريخي لتطبيق الأبعاد الأيدلوجية بطريقة عمَلية.

فعندما تقرأ ما قاله أبو الأعلى المودودي رحمه الله تلمس هذا الجانب، فقال مُعظّمًا للثورة الإيرانية في «مجلة الدعوة» ردًّا على سؤال وجّهَتْه إليه حول الثورة الخمينية في إيران: «ثورة الخميني ثورةٌ إسلامية، والقائمون عليها هم جماعةٌ إسلامية، وشباب تلقوا التربية في الحركات الإسلامية، وعلى جميع المسلمين عامةً والحركات الإسلامية خاصةً أن تؤيد هذه الثورة وتتعاون معها في جميع المجالات»([14]).

ومن دلائل هذا التلاقي الفكريّ عكوف آية الله السيد علي خامنئي بترجمة كتاب سيد قطب “في ظلال القرآن” إلى اللغة الفارسية لما كان في سجنه، وطرحت تلك الترجمة في الأسواق الإيرانية، ونشرته مؤسسة الثورة الإسلامية للثقافة والأبحاث([15]).

كما استوعب النظام الديني الإيراني جوانبَ من أيديولوجية الجماعات المقاتلة، ويحتفل ببعض شخصياته التاريخية، أمثال خالد الإسلامبولي، الإسلامي المتأثر بسيد قطب، والذي قتَل الرئيس المصري أنور السادات في عام 1981م. لقد أشادت طهران بالإسلامبولي كبطل إسلاميّ، وكرمته بشارع سميّ باسمه لأكثر من عقدين، إلى أن أعيدت تسميته عام 2004م.

حادي عشر: النظرة إلى وجوب إقامة الحكومة:

جماعات الإسلام السياسي -التي انبثق منها التكفير والجهاد- يرون أن الحكم الإسلامي هو الغاية من التوحيد، بغضّ النظر عن طبيعة هذا الحكم، المهمّ أنها حكومة بـ”لحية”! بغض النظر عن طبيعة هذه اللحية! وبكل تأكيد فهذا المنظور الراديكالي يرفضه السلفيون بشدة.

قال المودودي رحمه الله: «لأجل ذلك ما زالت الغايةُ المنشودةُ من رسالة أنبياء الله عليهم السلام في هذه الدنيا أَنْ يُقيِمُوا فيها الحكومةَ الإسلاميةَ، وينفِّذُوا بها ذلك النِّظامَ الكاملَ للحياة الإنسانيَّة الذي جاؤوا به من عند الله. وهؤلاء كانوا قد يسمحون لأهل الجاهليَّة بأَنْ يبقوا على عقائدهم السابقة، ويتَّبِعوا طرائقَهم الجاهليَّة ما دامتْ آثارُ أعمالهم منحصِرةً في أنفسهم. ولذلك قد سعَى كلُّ نبيٍّ وكلُّ رسولٍ لإحداث الانقلاب السياسيِّ حيثما بُعِثَ؛ فمنهم من اقتصرتْ مساعيه على تمهيدِ السَّبيل وإعداد العُدَّة كإبراهيم عليه السلام، ومنهم مَنْ أخَذَ فعلًا في الحركة الانقلابيَّة، ولكن انتهتْ رسالتُه قبل أَنْ تقومَ على يديه الحكومةُ الإلهيَّة كعيسى عليه السلام، ومنهم مَنْ بَلَغَ بهذه الحركة منازلَ الفَوْزِ والنَّجاح كموسى عليه السلام وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم»([16]).

ومن هنا فإنّ لازم الدَّعوى بأنّ الغاية من إرسالهم «الانقلاب السياسي» وإقامة «الحكومة الإسلامية» -كما زعم المودوديُّ- هو أنَّهم أخفقوا في تحقيق غاية بعثتهم، وفشلوا في بلوغ هدف رسالتهم؛ إما لضعفهم وعجزهم.

إن القول بأنَّ مهمة الرسل هي إقامة الحكومة العادلة والمدينة الفاضلة هو قول غلاة الفلاسفة الذين يرومون إلى مدينة “يوتوبيا” الفاضلة في تصوّر أفلاطون.

واعترض المودودي على سياسات الخليفة عثمان بن عفان في التصرف في الأموال والمناصب، وفي كتاب “الخلافة والملك” أرجع سبب الثورة على الخليفة الراشد الشهيد عثمان بن عفان إلى هذه الأسباب([17]).

إن مفهوم الحاكمية عند السلفيّين ليس بهذه الراديكالية القاصرة، فقضية النزاع على الإمامة والحكم -أساسًا- هي قضية شيعية معتزليّة، فهم الذين نصّوا في أصولهم الخمسة على (الإنكار على ولاة الجور) بل المفهوم السلفيّ موافق للعقل والنقل، بشكل حكيمٍ عاقل غير أهوج.

فالسلفيون يرون أن الواجبَ في كل زمان هو المُستطاع في ذلك الزمان، ولا يُكلِّف الله نفسًا إلا وسعَها، فإذا سقطت الحاكمية في بعض القوانين فلن تسقط في جوانب أخرى كثيرة، والجانب الذي فيه قصور هذا معفوٌّ عنه -على الرعية- لعدم المقدرة على إتمامه.

كما أن المفهوم الحكمويّ عند السلفيين يشمل جميع مناحي الحياة؛ في العقائد، وإقامة الصلوات، والأخلاق والسلوك، والمعاملات، والاقتصاد.. إلخ، فالرجل في بيته مأمور أن يحكم بما أنزل الله، والمسلمون مأمورون أن يحكموا بما أنزل الله في عقائدهم.

وكذا يرون أن المؤسسات الدينية التي تُقدّم علم الكلام اليوناني ليردّوا به الكتاب والسنة = يحكمون بغير ما أنزل الله في عقائدهم، وإن كانوا متأوّلين، والذين يحكمون بسوالف البادية وفي قرى مصر والصعيد يحكمون أيضا بغير ما أنزل الله.

إذن الحاكمية في المدرسة السلفية مفهومها أوسعُ كثيرًا من المفهوم القطبي الذي يحصرها في مجرد إقامة الحدود.

ثاني عشر: استدلال داعش بنصوص أئمة الدعوة:

وأخيرًا، من يستدل باقتباس داعش ببعض نصوص أئمة الدعوة ليثبت وحدةَ المعين الفكري والتشابه بينهما، فماذا يقول عن استدلالهم بنصوص ابن تيمية؟! بل إنّ مادتهم الرئيسية هي نصوص ابن تيمية أساسا! ونصيبها عندهم نصيب الأسد.

وكذا يستدلّون بنصوص المذاهب الأربعة، مثل نصوص القرطبي والنووي في التترّس وجواز قتل المسلم، وهي نصوص لا يفهمون مظانها ولا وجه تخريجها وتطبيقاتها؛ فاستدلالهم بنصوص أئمة الدعوة من جنس ذاك.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) قال العلامة محمد السنوسيّ في ذكر ما عليه البادية (وبعض اعتقاداتهم أجمع العلماء على كفر معتقدها، وبعضها اختلفوا فيه، وكثير من أهل البادية يُنكر البعث). شرح عقيدة أهل التوحيد الكبرى (ص: ٣٧).

قال الشيخ البيجوري الأزهري رحمه الله عن البادية في سياق ذكره العقائد الفاسدة: (ومثل ذلك كثير في الناس، فمنهم من يعتقد أن الصحابة أنبياء، وهذا كفر، ومنهم من ينكر البعث). حاشية البيجوري على جوهرة التوحيد (ص: ٧٨).

([2]) جاء في فتاوى الخليلي أنه سُئل في نحو عرب السعادنة وبني عطية وغيرهم من عرب الشام ومصر والحجاز وغيرهم من عرب البوادي.. وذكر السائل شيئًا من ضلالاتهم ثم قال: ويصدّقون ببعثته صلى الله عليه وسلم، ولكنهم ينكرون البعث والنشور، وإذا قيل لأحدهم: إن ربنا سبحانه يحيي الخلقَ بعد موتهم، ويحاسبهم على أعمالهم، فيقولون: لا ندري ذلك، ولا يقيمون الصلاة، ولا يؤتون الزكاة.. وقال في جوابٍ آخر: قد سئل عن مثل هذه المسألة شيخ مشايخنا الزاهد الورع العالم الشيخ أمين الدين محمد بن عبد العال الحنفي رحمه الله (فأجاب) بما حاصله المرقوم في فتواه: من استحلَّ حكمًا علم أمره وحرمته في دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وحيث نهوا ووعظوا مرارا حلّ قتلهم وقتالهم وأخذ أموالهم، ثم ينظر في حال نسائهم إن كن مؤمنات مكرَهات معهنّ لا ذنب لهن فيعلَّمن الأحكام، وإن لم يكنّ كذلك حلّ سبيهنّ وبيعهنّ كالحربيات انتهى… هذا حكمهم مع كونهم كفّارا، وبه يعلم حلّ قتلهم مطلقًا والحالة هذه، ويثاب قاتلهم، وأجر المقاتل لهم كأجر المقاتل لأهل الحرب مع خلوص النية؛ لأنه مجاهد في سبيل الله والله أعلم). فتاوى الخليلي (٢/ ٢٨٢).

([3]) أخرجه الإمام أحمد (11/ 88 -ط. أحمد شاكر-) وإسناده صحيح.

([4]) ينظر: سير أعلام النبلاء (4/ 554).

([5]) يقول الزركلي عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: «وكانت دعوته الشعلة الأولى للنهضة الحديثة في العالم الإسلامي كله، تأثر بها رجالُ الإصلاح في الهند ومصر والعراق والشام وغيرها». الأعلام (7/ 257).

([6]) قال الشوكاني في بيان التعاون بين أمراء نجد وأمراء اليمن ما نصّه: “وما زالَ الوافدون من سعود يَفِدون إلينا إلى صنعاء إلى حضرة الإمام المنصور، وإلى حضرة ولدِه الإمام المتوكِّل بمكاتيب إليهما بالدَّعوة إلى التوحيد، وهدمِ القبور المشيّدة والقِباب المرتفعة، ويكتب إليَّ أيضًا مع ما يصل من الكتب إلى الإمامَين، ثم وقع الهدمُ للقِباب والقبور المشيّدة في صنعاء، وفي كثير من الأمكنة المجاورة لها، وفي جهة ذمار وما يتصل بها”. البدر الطالع (ص: 273، 274).

وقال أيضا: “وفي سنة 1215هـ وَصَل مِن صاحب نجد المذكور مُجلَّدان لطيفانِ، أرسل بهما إلى حضرة مولانا الإمام حفظه الله، أحدُهما يشتمل على رسائل لمحمد بن عبدالوهاب، كلُّها في الإرشاد إلى إخلاص التوحيد، والتنفير من الشِّرك الذي يغلبه المعتقدون في القبور، وهي رسائل جيِّدة، مشحونةٌ بأدلة الكتاب والسُّنة، والمجلد الآخَرُ يتضمن الردَّ على جماعة مِن المقصِّرين من فقهاء صنعاء وصعدة، ذاكروه في مسائلَ متعلِّقةٍ بأصول الدين وبجماعة من الصَّحابة، فأجاب عليهم جواباتٍ محرَّرةً مقرَّرة محقَّقة، تدلُّ على أنَّ المجيب من العلماء المحقِّقين، العارفين بالكتاب والسُّنة”. البدر الطالع (ص: ٥٢٦).

([7]) مثل أبي بكر البغدادي الهاشمي أمير داعش.

([8]) تحقيق الكلام في المسائل الثلاث: الاجتهاد والتقليد، السنة والبدعة، العقيدة (ص: 153) المسألة الثالثة النداء للغائبين والموتى وغيرهم – المقام الثالث النداء والطلب.

([9]) الأعلام (٤/ ١٣١)، تاريخ ابن غنام (٢/ ٧٨٩).

([10]) تاريخ ابن غنام (1/ 8، 217، 225)، وانظر أيضًا: رسالة الشيخ محمد بن عبدالوهاب لعبدالله بن سحيم في تاريخ ابن غنام (1/ 210، 333).

([11]) ينظر: رحلات ومغامرات عبر الربع الخالي، برترام توماس (ص: 93)، وسط الجيرة العربية وشرقها، وليم بالجريف (1/ 439)، ملاحظات حول البدو والوهابيين (2/ 63)، الوهابيون تاريخ ما أهمله التاريخ، لويس دوكورانسيه (ص: 55-65).

([12]) انظر: المجددون، عبد المتعال الصعيدي (ص: 360)، وتاريخ الجبرتي (2/ 405) أحداث شعبان 1215هـ.

([13]) من ذلك مثلًا مقال هاني السباعي في تضعيف حديث صحيح مسلم:

http://ilmway.com/site/hansib/ar/news.php?readmore=1635

و(رسالة الإمارة والبيعة والطاعة) لجهيمان بن سيف العتيبي حيث جعل من موجبات خلع البيعة كون الحاكم ليس من قريش، وكونه جاء بالغلبة:

http://www.ilmway.com/site/maqdis/MS_20563.html

([14]) مجلة الدعوة، العدد 19، أغسطس 1979م.

 ([15]) بدأ علي خامنئي بترجمة كتاب سيد قطب (في ظلال القرآن) في عام 1969م على عهد النظام الملكي، وكان عمره آنذاك 30 عاما.

([16]) موجز تاريخ تجديد الدين وإحيائه (ص: 41-42).

([17]) الخلافة والملك (ص: 60).

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

درء الإشكال عن حديث «لولا حواء لم تخن أنثى»

  تمهيد: معارضة القرآن، معارضة العقل، التنقّص من النبي صلى الله عليه وسلم، التنقص من النساء، عبارات تجدها كثيرا في الكتب التي تهاجم السنة النبوية وتنكر على المسلمين تمسُّكَهم بأقوال نبيهم وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، فتجدهم عند ردِّ السنة وبيان عدم حجّيَّتها أو حتى إنكار صحّة المرويات التي دوَّنها الصحابة ومن بعدهم يتكئون […]

(وقالوا نحن ابناء الله ) الأصول والعوامل المكوّنة للأخلاق اليهودية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا يكاد يخفى أثر العقيدة على الأخلاق وأثر الفكر على السلوك إلا على من أغمض عينيه دون وهج الشمس منكرًا ضوءه، فهل ثمّة أصول انطلقت منها الأخلاق اليهودية التي يستشنعها البشر أجمع ويستغرب منها ذوو الفطر السليمة؟! كان هذا هو السؤال المتبادر إلى الذهن عند عرض الأخلاق اليهودية […]

مخالفات من واقع الرقى المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الرقية مشروعة بالكتاب والسنة الصحيحة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وإقراره، وفعلها السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان. وهي من الأمور المستحبّة التي شرعها الشارع الكريم؛ لدفع شرور جميع المخلوقات كالجن والإنس والسباع والهوام وغيرها. والرقية الشرعية تكون بالقرآن والأدعية والتعويذات الثابتة في السنة […]

هل الإيمان بالمُعجِزات يُؤَدي إلى تحطيم العَقْل والمنطق؟

  هذه الشُّبْهةُ مما استنَد إليه مُنكِرو المُعجِزات منذ القديم، وقد أَرَّخ مَقالَتهم تلك ابنُ خطيب الريّ في كتابه (المطالب العالية من العلم الإلهي)، فعقد فصلًا في (حكاية شبهات من يقول: القول بخرق العادات محال)، وذكر أن الفلاسفة أطبقوا على إنكار خوارق العادات، وأما المعتزلة فكلامهم في هذا الباب مضطرب، فتارة يجوّزون خوارق العادات، وأخرى […]

دعاوى المابعدية ومُتكلِّمة التيميَّة ..حول التراث التيمي وشروح المعاصرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: في السنوات الأخيرة الماضية وإزاء الانفتاح الحاصل على منصات التواصل الاجتماعي والتلاقح الفكري بين المدارس أُفرِز ما يُمكن أن نسمِّيه حراكًا معرفيًّا يقوم على التنقيح وعدم الجمود والتقليد، أبان هذا الحراك عن جانبه الإيجابي من نهضة علمية ونموّ معرفي أدى إلى انشغال الشباب بالعلوم الشرعية والتأصيل المدرسي وعلوم […]

وثيقة تراثية في خبر محنة ابن تيمية (تتضمَّن إبطالَ ابنِ تيمية لحكمِ ابن مخلوف بحبسه)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلي وأسلم على من بُعث رحمةً للعالمين، وبعد: هذا تحقيقٌ لنصٍّ وردت فيه الأجوبة التي أجاب بها شيخ الإسلام ابن تيمية على الحكم القضائيّ بالحبس الذي أصدره قاضي القضاة بالديار المصرية في العهد المملوكي زين الدين ابن مخلوف المالكي. والشيخ كان قد أشار إلى هذه […]

ترجمة الشيخ المسند إعزاز الحق ابن الشيخ مظهر الحق(1)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشيخ إعزاز الحق ابن الشيخ مظهر الحق بن سفر علي بن أكبر علي المكي. ويعُرف بمولوي إعزاز الحق. مولده ونشأته: ولد رحمه الله في عام 1365هـ في قرية (ميرانغلوا)، من إقليم أراكان غرب بورما. وقد نشأ يتيمًا، فقد توفي والده وهو في الخامسة من عمره، فنشأ […]

عرض وتعريف بكتاب: “قاعدة إلزام المخالف بنظير ما فرّ منه أو أشد.. دراسة عقدية”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المعلومات الفنية للكتاب: عنوان الكتاب: (قاعدة إلزام المخالف بنظير ما فرّ منه أو أشد.. دراسة عقدية). اسـم المؤلف: الدكتور سلطان بن علي الفيفي. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: 1445هـ- 2024م. عدد الصفحات: (503) صفحة، في مجلد واحد. الناشر: مسك للنشر والتوزيع – الأردن. أصل الكتاب: رسالة علمية تقدَّم بها المؤلف […]

دفع الإشكال عن حديث: «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة من أصول أهل السنّة التي يذكرونها في عقائدهم: السمعُ والطاعة لولاة أمور المسلمين، وعدم الخروج عليهم بفسقهم أو ظلمهم، وذلك لما يترتب على هذا الخروج من مفاسد أعظم في الدماء والأموال والأعراض كما هو معلوم. وقد دأب كثير من الخارجين عن السنة في هذا الباب -من الخوارج ومن سار […]

مؤرخ العراق عبّاس العزّاوي ودفاعه عن السلفيّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المحامي الأديب عباس بن محمد بن ثامر العزاوي([1]) أحد مؤرِّخي العراق في العصر الحديث، في القرن الرابع عشر الهجري، ولد تقريبًا عام (1309هـ/ 1891م)([2])، ونشأ وترعرع في بغداد مع أمّه وأخيه الصغير عليّ غالب في كنف عمّه الحاج أشكح بعد أن قتل والده وهو ما يزال طفلا([3]). وتلقّى تعليمه […]

دفع الشبهات الغوية عن حديث الجونية

نص الحديث ورواياته: قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: بَابُ مَنْ طَلَّقَ، وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلَاقِ؟ حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ: أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017