ترجمة الشيخ د. عبد الشكور بن محمد أمان العروسي([1])
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
اسمه ونسبه:
هو الشيخ الدكتور عبد الشكور بن محمد أمان بن عبد الكريم بن علي الغدمري الأمالمي العروسي.
مولده:
ولد في أثيوبيا، وتحديدًا في منطقة بالي الإسلامية، عام ألف وثلاثمائة وثلاثة وستين للهجرة النبوية (1363هـ).
نشأته العلمية:
امتنَّ الله تعالى عليه بأن نشأ في بيت علم وفضل وتقى؛ حيث إن والده كان من أهل العلم والفضل، وقد بدأ بحفظ القرآن الكريم على يديه وهو في السادسة من العمر، كما حفظ جملة من المنظومات والقصائد الدينية، ولكن لم تكد تهنأ عينه بوالده حيث وافته المنية والشيخ في التاسعَة من عمره، ولحق به اليتم إلا أنه واصل حفظ القرآن الكريم على بعض مشايخ منطقته كالشيخ أحمد الشودي، وقد أتم الله له فرحته بحفظ القرآن الكريم، وبذلك بدأ يسير ومعه محابره وقماطره، يَثني الركب عند مشايخ منطقته، وينهل من علومهم، فدرس الفقه على مذهب الإمام الشافعي -كما هو السائد في المنطقة- على رفيق والده الشيخ علي الغرادي الشَّفلي، والشيخ جنيد بن تولا الأوبوري، والشيخ محمد بن خضر السبري، وهذا الأخير كتب الله له ملازمته أربع سنوات، وبالإضافة إلى الفقه أخذ عنه التوحيد ومبادئ الحديث.
ونهمُ الشيخ العلمي لم يتوقَّف عند هذا الحد، بل واصل رحمه الله طلب العلم حتى بلغ مهبطَ الوحي ومنبع الإسلام، فقد ارتحل طالبًا العلمَ إلى منطقة هرر، وتتلمذ فيها على الشيخ أبي بكر بن عثمان السبألي، وأخذ عنه الحديث والفقه والنحو وتاريخ شعب أورومو.
وقد عانى في رحلته في طلب العلم حيث كان طريقُه محفوفًا بالمخاطر، فبالإضافة إلى قلة ذات اليد كان الطريق فيه ما فيه من الفتن والقلاقل، ما بين مستعمرات ونزاعات وحروب أهلية؛ مما أجبره على العودة في طريقه مرتين، ولكن لم تكن تلك الصعوبات والعقبات لتقفَ دون عَزمه ورباطةِ جأشه في طلب العلم، فقد عاد إلى الطريق، وواصل السير حتى وصل إلى مكة المكرمة عام ألف وثلاثمائة واثنين وثمانين (1382هـ)، وهناك انكبَّ على علماء الحرم المكي الشريف، ولم يكن في حسبانه أن الله سيجعله أحدَ علمائها في مقتبل عمره.
وكانت الأخبار ترد إليه رحمه الله عن علماء طيبة الطيِّبة وحِلَقها ومعاهدها، فطمح في الانتقال إليها والالتحاق بحِلَقها ومعاهِدها؛ سيرًا إلى مغزاه وهدفه الحقيقي وهو طلب العلم وثني الركب عند المشايخ وأهل العلم، ومن هنا انتقل الشيخ رحمه الله إلى المدينة المنورة، واستمسك بحلقها، والتحق بالمعهد العلمي الثانوي التابع للجامعة الإسلامية.
وكان المعهد يسمح لمن لا يحمل الشهادة النظامية بالدراسة فيه بعد إجراء امتحان في العلوم الشرعية من توحيد وفقه وحديث ونحو، واختبر الشيخ مع المختبرين، واجتاز مع المجتازين، وقُبِل، ومنَّ الله عليه بأن أتمَّ الدراسة في المعهد، والتحَق بعد ذلك بالجامعة الإسلامية لمواصلة مرحلة البكالوريوس في تخصُّص الشريعة الإسلامية، وبحمد الله تخرج بها بامتياز مع مرتبة الشرف الثانية.
وكان الحنينُ يحدوه إلى العودة إلى مقصده الأوَّل مكة المكرمة، وبالفعل انتقَل إليها والتحق بكلية الشريعة فرع جامعة الملك عبد العزيز بمكة آنذاك، والتي هي نواة جامعة أم القرى لاحقًا، وقد تخرَّج بها بامتياز، وكان عنوان رسالته: (الذات الإلهية بين الإسلام والنصرانية)، وهي أوَّل رسالة في الأديان في المملكة، وثاني رسالة في قسم العقيدة. وقد واصل الدراسة بعد ذلك في مرحلة الدكتوراه، ونالها بامتياز مع توصية اللجنة بطباعة الرسالة على حساب الجامعة، وكان عنوان رسالته: (بنو إسرائيل وموقفُهم من الذات الإلهية والأنبياء).
أبرز شيوخه:
- الشيخ عبد العزيز بن باز.
- الشيخ محمد الأمين الشنقيطي.
- الشيخ محمد المختار الشنقيطي.
- الشيخ حماد الأنصاري.
- الشيخ أبو بكر جابر الجزائري.
- الشيخ عبد اللطيف العبد اللطيف.
- الشيخ عبد المحسن العباد.
- الشيخ عبد القادر شيبة الحمد.
- الشيخ تقي الدين الهلالي.
- الشيخ عبد الفتاح القاري.
- الشيخ محمود الطحان.
- الشيخ السيد علوي عباس المالكي.
- الشيخ محمد نور سيف.
- الشيخ طه عبد الحق اليماني.
أخلاقه وصفاته:
كان الشيخ رحمه الله وثيقَ الصلة بالقرآن الكريم، فكان يتلوه آناء الليل وأطرافَ النهار، وكان يوصي الطلبةَ بالحرص على حفظه وتلاوته، والمداومة على ذلك.
وكان رحمه الله يتابع بين الحجّ والعمرة، وقد حجّ ما يربو على خمسين حجَّة، وكان يحبّ البقاء على طهارة، فكان يتوضّأ عند خروجه ودخوله ولو لم يكن في وقتِ صلاة، وكان آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر بحِكمة ورفق، وكان في عامة شأنه معتنيًا بقراءة الأدعية والأذكار الواردة، وكان يوصي أبناءه وطلبته بها.
كان الشيخ رحمه الله أسيفًا، لا يملك دموعَه حين تمرّ به آيات الوعيد والعذاب، وحين يقف على معاني الرحمة ونسائم الإيمان، ومن ذلك أنه ذات مرةٍ مر بتفسير قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} [الصافات: 79]، فجعل يقول: هذا هو الذي ينبغي أن يكون: أمل الإنسان هو ثناء الله سبحانه وتعالى عليه لا غير ذلك، فلا ينظر إلى ثناء أمير ووزير، ولا يبحث عن مناصب ولا مراكب ولا غير ذلك من أمور الدنيا([2]).
أبرز مؤلفاته:
للشيخ العديد من المؤلفات، منها:
- الإسلام والإيمان والإحسان على ضوء حديث جبريل عليه السلام.
- الإنسان بين رحمة الله وثوابه وغضبه وعقابه.
- ترجمة العقيدة الصحيحة وما يضادها للشيخ عبد العزيز بن باز إلى اللغة الأورومية.
- المباحث الغيبية، وقد نشرته مجلة البحث العلمي بجامعة أم القرى.
- التصريح بإثبات الأناجيل الأربعة الاعتقادَ الصحيح في المسيح، وهو مطبوع في رابطة العالم الإسلامي ضمن سلسلة دعوة الحق.
- عقائد التثليث في العالم القديم والحديث، وهو مخطوط.
- الفرقان بين صفات الرحمن وصفات الإنسان (مخطوط).
- دراسات إسلامية للأديان الكتابية وبعض الأديان الوضعية، وهو مخطوط.
- عقيدة المسلم في الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو مخطوط.
- الرحلة السعيدة في هدي العقيدة الرشيدة، وهو مخطوط.
- التنصير في إفريقيا، بواعثه وسوانحه ووسائله وآثاره وطريق مقاومته.
- دراسات إسلامية في الأديان الكتابية وبعض الأديان الوضعية (اليهودية – النصرانية – الهندوسية – البوذية).
- دلائل الوحدانية من القرآن والسنة والآيات الكونية.
- الرد القاصف على الرفاعي المعتدي القاذف.
- سنن الله تعالى في الابتلاء بالسراء والضراء والنصر على الأعداء.
- شمس الإسلام تشرق على الحبشة والجيران.
- ترجمة معاني القرآن الكريم وتفسير باللغة الأورومية (قد سمع – تبارك – عم).
- مملكة شوا الإسلامية.
- منهج السنة والقرآن في الحكم على الإنسان.
- المساعي الإنسانية لاستكشاف الغيب.
- الوسائل الإنسانية لعلم الغيب بين الحق والباطل.
- ترجمة رسالة في الصيام للشيخ عبد العزيز بن باز إلى اللغة الأورومية.
- راحة القلب المحتار بالأدعية الواردة عن النبي المختار صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار.
- نظم رحلة الرجال إلى مشد الرحال، وهي قصيدة طويلة تبلغ نحو 274 بيت، يصف فيها رحلته إلى مكة المكرمة، وهو من بحر الرمل، وهو أيضا مخطوط.
- نظم النحلة في نتائج الرحلة، وهي قصيدة طويلة تبلغ نحو أربعمائة وبضع وثلاثين صفحة، وقد شجَّعه على رقمها الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وقد وصف فيها رحلته للدعوة إلى أثيوبيا عام 1415هـ، وهو من البحر الطويل.
- ديوان العروسي: شؤون وشجون، وهي قصائد متفرقة باللغة العربية، وقد كان الشيخ يرغب في إخراجها في ديوان.
- قصائد في موضوعات إسلامية باللغة الأورومية.
- مناسك الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي منظومًا باللغة الأورومية، وهو مسجل صوتيًّا، ويتم توزيعه على الحجاج والمعتمرين من قبل لجنة توعية الحج.
- رسالة في مناسك الحج باللغة الأورومية، وهي مكتوبة بالحروف العربية والإنجليزية.
- مثير العجب في بيان الأصول المشتركة بين لغة الأورومو ولغة العرب.
- مصطلح خاص بكيفية كتابة اللغة الأورومية بالحروف العربية.
- تفسير القرآن الكريم باللغة الأورومية، والمسمى بـ: تيسير الرب الرحيم في تفسير القرآن الكريم، ويقع في ست مجلدات.
- أرجوزة نصيحة العباد، منظومة في الدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك ومحاربة البدع والخرافة، والتحذير من عبادة القبور وما يسمى بمقامات الأولياء والصالحين، وتقع في 161 بيت.
- نظم تمام النعمة في نظم بعض الأصول والفوائد المهمة، ويقع في 197 بيت.
- نظم الاستغفار في ساعات الأسحار.
أعماله ومناصبه:
- تم تعيينه عضوًا لهيئة التدريس بقسم العقيدة بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى منذ تخرجه عام 1403هـ، وبقي فيها مدرسًا حتى عام 1422هـ.
- تم تعيينه عضوًا لهيئة التدريس بالقسم العالي بمعهد الحرم المكي الشريف (كلية الحرم المكي الشريف الآن) من عام 1424هـ، وبقي مدرسًا بها حتى أقعده المرض عام 1437هـ.
- شارك بالتدريس في معهد إعداد الأئمة والدعاة برابطة العالم الإسلامي.
- أشرف وناقش جملة من الرسائل العلمية في قسم العقيدة بجامعة أم القرى.
- عمل بالإفتاء والتوجيه والإرشاد في المسجد الحرام.
- أقام العديد من الدروس العلمية في أماكن شتى، خاصة في الأديان.
- كان مهتمًّا في جعل حياته بين المحاضرات والدروس، فكان بالإضافة إلى دروسه الرسمية في الجامعة والمعهد يقيم المحاضرات التوجيهية في مناسبات شتى في مكة والطائف وجدة بشكل دوري شهريًّا، ناهيك عما كان يلقيه في مواسم الحج في مخيمات الحجاج والمكاتب التعاونية باللغة العربية والأورومية والأثيوبية.
- عندما انتشر الإنترنت وذاع استغل الشيخ فرصة إلقاء الدروس على غرف البالتوك وغيرها من الوسائل، وله رصيد وافر من الدروس المسجلة في العقيدة والدعوة إلى السنة ونبذ البدعة والخرافة، وهي منتشرة في إثيوبيا.
- كان مهتمًّا بافتتاح المدارس وحلق القرآن وكفالة المعلمين والمدرسين، وكان معتنيًا بمساعدة المحتاجين من الأرامل واليتامى، وكان يبذل جاهه ويشفع للمحتاجين في مساعي الخير.
- كان يسعى في إصلاح ذات البين وحل المشكلات التي تجري بين الاثنين وبين الأسرتين.
من قصائده:
فيا راحة القلب إذا لقي | عفُوًّا غفورا لا يخيب راجيا | |
يقابل بالغفران كل خطيئة | ويغمر بالإحسان كل مساويا | |
كأني غدا بالناس ما بين شامت | وباك إذا أمسيت بالقبر ثاويا | |
فإن كنت قد قدمت خيرًا فمفلح | وإلا ففي الرحمن حسن رجائيا | |
فما خاب من بالله أحسن ظنه | وعاش عن الإشراك بالله نائيا | |
ولو بقراب الأرض يأتيه عبده | خطايا أتاه الله بالعفو راضيا | |
فيا رب أرجو منك عفوا ورحمة | فجد لي بغفران ومحو معاصيا | |
وكم طالب أو سائل يسألونني | وقد فقدوا بعد الممات جوابيا | |
إن علموا بموتي بكوا وترحموا | وقد حزنوا للفقد واستغفروا ليا | |
وذاك رجائي من صحابي وإخوتي | إذا علموا أني أجبت مناديا |
من مقالاته:
سطَّر ببنانه مقالةً عن معهد الحرم المكي الشريف، قال فيها: (فقد أدرك خيار هذه الأمة من السلف والخلف أنَّ دين الإسلام دينُ العلم، فقاموا بإقامة صروح العلم في مختلف مدن الإسلام، علاوة على حلقات العلم في المساجد والجوامع.
فأخرجت المساجد والجوامع والمدارس علماءَ أجلاء، انتشروا في البلدان الإسلامية وأقاليمها، فنفع الله بهم العباد، وأنار بعلومهم البلاد.
ولما تقهقرت الأمة الإسلامية وتراجعت عن مركز الصدارة في نشر العلوم وضعُفت الهمم قيَّض الله في عصرنا هذا رجلًا ذا علم غزير وهمَّة عالية، فرأى أن يسعى في إعادة الأمة إلى سابق عهدها وغابر مجدها؛ بإقامة صرح عظيم من صروح العلم في أقدس بقعة على وجه الأرض في الحرم المكي الذي نزل فيه وحي الله على نبيه أول ما نزل، ذلك العالم الرباني هو الفقيه العلامة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله تعالى، وذلك الصرح الشامخ الذي أسسه هو معهد الحرم المكي الشريف، وكان ذلك سنة 1384هـ.
ومنذ ذلك التاريخ والمعهد يساهم في نشر العلم بنصيب وافر، فكم من طالب علم تخرَّج منه بعد أن نهل من مختلف العلوم الإسلامية؛ ما مكَّنه من الدعوة إلى الله تعالى على علم وبصيرة وحكمة، فنفع الله تعالى بمن درسوا في هذا المعهد كثيرًا من الشعوب الإسلامية، ولا يزال عطاء هذا المعهد متدفقًا بفضل الله تعالى، ثم بما يقدمه القائمون على إدارة شؤونه وشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي من خدمات جليلة وجهود متواصلة، ونرجو أن يجعلها الله لهم ولمن أسسه وساهم في استمراره وتطويره في موازين حسناتهم يوم الدين.
ولقد تشرفت بالتدريس في هذا المعهد المبارك منذ سنة 1424هـ، وإنني لأرجو أن يجعل الله هذا المعهد (جامعة مكة المكرمة) أو (جامعة الحرمين الشريفين) وهو على ذلك قدير، وما ذلك على الله بعزيز).
وفاته:
توفي الشيخ رحمه الله ليلة السبت الثامن والعشرين من شهر شوال سنة ألف وأربعمائة وواحد وأربعين للهجرة النبوية 28/ 10/ 1441هـ، رحمه الله وغفر له، وأسكنه فسيح جناته.
([1]) أفدت هذه الترجمة من المراجع التالية:
1- ترجمة أعدها الشيخ في حياته بطلب من بعد طلابه، وقد زوَّدني بها ابنه حامد جزاه الله خيرًا.
2- درّة الجمع اللطيف في تاريخ وجهود وثمرات معهد الحرم المكي الشريف، لإسحاق هارون الطاهر (ص: 201 وما بعدها).
3- التواصل مع ذوي الشيخ وأبنائه، وفي مقدمتهم ابنه حامد.