الأحد - 20 جمادى الآخر 1446 هـ - 22 ديسمبر 2024 م

إرث الجهم والجهميّة .. قراءة في الإعلاء المعاصر للفكر الجهمي ومحاولات توظيفه

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

مقدمة:

إذا كان لكلِّ ساقطة لاقطة، ولكل سلعة كاسدة يومًا سوقٌ؛ فإن ريح (الجهم) ساقطة وجدت لها لاقطة، مستفيدة منها ومستمدّة، ورافعة لها ومُعليَة، وفي زماننا الحاضر نجد محاولاتِ بعثٍ لأفكارٍ منبوذة ضالّة تواترت جهود السلف على ذمّها وقدحها، والحط منها ومن معتنقها وناشرها([1]).

وقد يتعجَّب البعض أَنَّى لهذا الضلال أن ينطلي على ذي عقل! بل كأنه غطّى عقولهم فلا تفهم الدين إلا من مِنظاره، ولا تتصوّر تاريخ الإسلام إلا وهؤلاء الضُّلَّال متربعون على سدته!

والعجب يزول إذا عرفتَ طرائق الزائغين في تعاملهم مع كتب التراث؛ بالتقاط إشارات الزيغ المغمور في بحر الرشاد، واصطياد شواذّ الآراء ومنبوذها؛ فينصبون النادر على أنه الشائع، ويوهمون العوامَّ والمتابعين أن هذه الصورة المخالفة للإسلام هي روح الإسلام وحقيقته المحجوبة، ويروّجون هذا النقصَ البدعيَّ على أنه يقدّم صورة الإسلام الصحيحة التي أخفاها علماء الدين! ويجعلون الزائغين روادَ الفكر الإسلاميّ والحضارة الإسلامية!

وإذا كانت الاتجاهات العلمانية والعقلانية تنادي ليلًا ونهارًا بنبذ التراث والتراثية والسلفية والماضوية، فعلام يحيون ذكر المشبوهين والضالين الهالكين منذ أكثر من عشرة قرون؟! أليسوا -أي: أهل الزيغ والإلحاد- أيضًا من الماضين؟! أوليس صنيعكم هذا أيضًا تنقيرًا في تراث ماضوي ونبشًا في سنن أناس ماتوا منذ ألف سنة أو يزيد؟!

مراكز الأبحاث المشبوهة ومحاولات إحياء رميم أهل البدع:

وما صنيع أصحاب مراكز الأبحاث المشبوهة عنا ببعيد، إذ يفترضون في (الجهم بن صفوان) صورة المناضل الثائر المجاهد العقلاني الشهيد، ويأتون إلى مفردات فكره ومعتقده الشاذّ فيجعلون ذلك الصورةَ الصحيحةَ للفكر الإسلامي المحجوب عنا بفعل الدولة الأموية أو غيرها.

وهذا صنيع المستشرقين في محاولاتهم إعلاءَ ذكر أئمة البدع، ومنهم (الحلاج)، فقد حاولوا إحياء فكره وكتبه، كمؤلفات (لويس ماسينيون) الذي خصَّص حياته للكتابة في الحلاج، فجعله صورة من المسيح في الإسلام، ويُعتقد أن ماسينيون ما كان يُعنى بالحلاج قدرَ عنايته بتنفيذ مخطّط استعماريّ أحكم صنعَه؛ فقد ملأ كتابه الضخم عن الحلاج بحشد هائل من الخرافات والترّهات والأباطيل، حتى يعمّق الهوة بين طائفتين توجدان بالجزائر: طائفة تتمسّك بالقديم، فتنساق حسب ظنه إلى اعتقاد أنّ هذه الخرافات والهذيانات هي صميم الإسلام، وطائفة مثقّفة بالثقافة الحديثة تتّجه من جانبها إلى السخرية والزراية بهذا الإسلام الخرافي، بل من الإسلام كله([2]).

ونحوه أيضًا: إعلاؤهم ذكر الصوفية والطرقية وتراثهم، والولوع بدراستها ونشر المؤلفات حولها، وهذا «لا تفسير له إلا في ضوء أهدافهم، فهم يتعرّفون على هذا اللون من الفكر، ويتبعون شطحاته وانحرافاته، وكيف تقعد بالناس عن الجهاد، بل عن العمل أي عمل، ويرون كيف يقوم لهم هذا إذا روجوه بمهمة أكبر من مهمة الجيوش، إذ يشل حركة الأمة ويقعدها عن المقاومة، بل يزين لها الاستسلام»([3]).

وهي نفسها الفكرة التي تريد أن تجعل صورة التاريخ الإسلامي الناصع -بكل ما فيه من خير وطهر- هي الصورة التي رسمها أبو الفرج الأصفهاني في كتاب “الأغاني”، ونحوه من يجعل أئمة المسلمين وخلفاءهم كالصورة المغلوطة التي يروّجونها للخليفة هارون الرشيد رحمه الله.

من يجهل حقيقة مذهبهم وتنطلي عليه بهارجهم؟

لا شكّ أن الجهم بن صفوان كان بوابة للضلالات الكبرى في تاريخ الأمة، في قضايا الإيمان، والأسماء والصفات، والجبر، وخلق القرآن، والعقل والنقل، وغيرها.

والإرث الجهمي بشعبه الثلاث الأبرز -التعطيل، والجبر، والمعارضة العقلية لنصوص الوحي- قد وُجد مُستفيدون منه من العلمانيين والعقلانيين والمستشرقين وأهل البدع وغيرهم من الغافلين عن خطر هذا الفكر.

والمرء إذا لم يحِط بالمعتقد الخبيث دراية، فإنه تنطلي عليه تشكّلاته وألوانه واستمداداته، وذلك أنّ سنة البدع مهما عظُم خطرها لا يلزم من فسادها وضلالها أن تكون فاسدةً كالحة من كلّ وجوهها الظاهرة والباطنة وما يلزم منها.

فقد تحمِل البدع والضلالات الكبرى وجهًا حسنًا ولو ظاهريا فقط، في مقابل سيئات وفساد طافح؛ لذا فإن المذهب الجهمي قد يَروج بزخرف من القول والبيان، كما تنطلي شبهات المؤولة بزخرف من التنزيه، وتلتبس شبهات التعطيل تحت ستار التنزيه والتوحيد، ويروج الشرك الأكبر عبر ستار التعظيم لأولياء الله الصالحين ومحبة أهل البيت رضي الله عنهم.

قال ابن تيمية وهو يعدِّد وجوه غلظ المقالة الجهمية: «لكن مع هذا قد يخفى كثير من مقالاتهم على كثير من أهل الإيمان، حتى يظن أن الحق معهم؛ لما يوردونه من الشبهات. ويكون أولئك المؤمنون مؤمنين بالله ورسوله باطنا وظاهرا؛ وإنما التبس عليهم واشتبه هذا كما التبس على غيرهم من أصناف المبتدعة، فهؤلاء ليسوا كفارا قطعا، بل قد يكون منهم الفاسق والعاصي؛ وقد يكون منهم المخطئ المغفور له»([4]).

وفي إطار كشف زيف المناهج البدعية الذي هو من أهمّ مقاصد مركز سلف للبحوث والدراسات كانت هذه الورقة العلمية؟

 

مركز سلف للبحوث والدراسات

 

 

وهذه الورقة تتناول قراءةً نقدية للإعلاء المعاصر للفكر الجهمي، وتكشف محاولات توظيفه، وذلك من خلال المباحث التالية:

المبحث الأول: التوظيف العقلاني للإرث الجهمي:

الفكر العقلاني بما يحمله من تمجيد للعقل المعارض للتسليم للوحي أصالة ويجعله تابعا للعقل يستمدّ من الجهمية تلك النزعة، ويرى أنهم روادٌ، ويشيد بهم، ويعتبرهم أساطين العقل والفكر، وأنهم ظُلموا عبر التاريخ.

لذا فإنهم سوف يروِّجون ذلك باسم الجانب المغفول عنه في الإسلام، أو باسم المهمَّشين في التاريخ الإسلامي، أو شهداء الفكر الإسلامي الحرّ، أو المناهضين للفكر الأمويّ والدولة الأموية، أو (الرأي والرأي الآخر) أو (المختلف فيه في الإسلام)، إلى غير ذلك من العناوين البرّاقة.

ومن أمثلة التمجيد للفكر الجهمي: ما نشر منذ مدة في أحد المواقع العنكبوتية، وتحت عنوان «5 متكلّمين واجهوا الحساب الديني بسبب أفكارهم: أبرزهم جهم بن صفوان وابن المقفع».. وقالوا: «مثلما كانت منطقة الشام قديما منبع لظهور ما يسمى بـ “الهرطقات” في التاريخ المسيحي، شهدت خروج علم الكلام في الإسلام، وهو ما وضع أصحابه في مواجهة الحساب والعنف الديني، بل وصل بأن قتل أصحابه بطرق شنيعة؛ عقابا لهم لما تبنوا من أفكار وصفوها بالإصلاحية، وعلى مدار تاريخ الدعوة الإسلامية ودول الخلافة ظهر العديد من علماء الكلام ورموز الإصلاح في الدين الإسلامي، ورغم أنهم واجهوا الموت وقُتلوا، إلا أنهم ظلوا متواجدين بأفكارهم وآرائهم المختلفة مع الأفكار السائدة، وأصبحوا رموزا ثائرة، ومن هؤلاء المصلحين الذين قتلوا بسبب أفكارهم.. معبد الجهني، والجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، وغيلان الدمشقي، وعبد الله بن المقفع».

من أدبيات الجهمية:

في أدبيات الجهمية تجد المعارضة الصريحة للوحي، والجرأة على رد النصوص الشرعية، وإعلاء العقل ومخرجاته، و«يقولون: إن النصوص لم يقصد بها الرسول أن يعتقد الناس الباطل، ولكن قصد بها معاني ولم يبيّن لهم تلك المعاني، ولا دلهم عليها؛ ولكن أراد أن ينظروا فيعرفوا الحق بعقولهم، ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها، ومقصوده امتحانهم، وتكليفهم، وإتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه، ويعرف الحق من غير جهته، وهذا قول المتكلمة والجهمية والمعتزلة ومن دخل معهم في شيء من ذلك»([5]).

فالعقل عند هؤلاء هو الذي يكشف عن معاني النصوص، ولا يمكن أن يكون بيان معاني النصوص من ذاتها ولغتها، بل العقل هو المعيار الكاشف عن بيان تلك المعاني. فالمعنى مستتر خلف العقل، وما أَلفَاه حسنًا يليق به كان هو المتقرِّر، وما كان على عكس ذلك فيُنفى، ويسلك في تقرير معناه ما يناسب مجرى العقل.

فتبقى معاني النصوص بهذا المعارض تحت رهان العقل، وما يحركه من أصول وقواعد، مع أن لكل طائفة من هذه الطوائف عقلًا يخالف مقتضاه عقولَ من فارقتهم من الطوائف، وبهذا «يكفيك دليلًا على فساد قول هؤلاء: إنه ليس لواحد منهم قاعدة مستمرة فيما يحيله العقل، بل منهم من يزعم أن العقل جوّز وأوجب ما يدّعي الآخر أن العقل أحاله»([6]).

نقل الإمام قوام السُّنة الأصبهاني عن أبي المظفر السمعاني قوله: «فصلُ ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل، فإنهم أسَّسوا دينهم على المعقول، وجعلوا الاتباع والمأثور تبعًا للمعقول، وأما أهل السنة قالوا: الأصل في الدين الاتباع، والمعقول تَبَعٌ، ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي، وعن الأنبياء، ولبطل الأمر والنهي، ولقال من شاء ما شاء، ولو كان الدين بُني على المعقول لجاز للمؤمنين أن لا يقبلوا شيئًا حتى يعقلوا»([7]).

منشأ المغالطة:

وقد يخيل للإنسان أنه إنما يتكلم عن الأدلة العقلية وصريح العقل ومسلَّماته، كمنع اجتماع النقيضين أو ارتفاعهما وغيرها، وإنما هو حاكٍ عما يستحسنه هواه ومذهبه، أو يقصد العقل الذي هو أداة التفكير.

فمنشأ المغالطة الخلط بين الأدلة العقلية والعقل الذي هو أداة التفكير؛ فإن العقل في الحقيقة «ما عنده شيء من حيث نفسه، وأن الذي يكتسبه من العلوم إنما هو من كونه عنده صفة القبول»([8]).

وينبَّه إلى أنه لا يُنكر النظر العقلي؛ فإن القرآن قد هدى الناس إلى الدلائل العقلية، واستدل بالمعقول.

أما الذي أنكره أهل السنة فهو جعل العقائد الدينية والصفات الإلهية وأخبار عالم الغيب محلًّا لنظريات فلسفية، وموقوفًا إثباتها على اصطلاحات جدلية ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يستفد أصحابها منها غير تفريق الدِّين واختلاف المسلمين والبعد عن حق اليقين، ويرى هؤلاء أن كون القرآن من عند الله قد ثبت ثبوتًا عقليًّا من وجوه كثيرة، فوجب اتباعه حتى يتلقّى العقائد والأحكام منه، مع اجتناب التأويل للصفات الإلهية والأمور الغيبية بالنظريات الكلامية كما كان عليه السلف الصالح([9]).

المبحث الثاني: التوظيف الحداثي والعلماني للإرث الجهمي:

عندما صوب الحداثيون وجهتهم نحو (التراث) و(الموروث) لعلهم يجدون فيها ما يدعمهم فإذا بهم يحظَون بضالتهم في ضلالات الجهم بن صفوان وأترابه من أئمة الضلال.

وكما قال محمد عابد الجابري: «تكسير بِنْية الفكر القديم يجب أن يتمّ من خلال ممارسة هذا الفكر القديم نفسه، من خلال العيش معه، من خلال نقده من الداخل»([10]).

ويقول أيضًا: «يمكن أن نمارس النقد اللاهوتي من خلال القدماء، يعني نستعيد -بشكل أو بآخر- الحوار الذي دار في تاريخنا الثقافي ما بين المتكلمين بعضهم مع بعض، وما بينهم وبين الفلاسفة، ونوظِّف هذا الحوار في قضايا عصرنا»([11]).

ويرى أيضًا أن سبيل تطبيق الحداثة بشكلها الأوروبي لا بد أن يقوم على عمليتين متكاملتين: «فهم الحداثة في إطار تاريخها الخاص -أعني تاريخها الأوروبي-، والبحث في تاريخ وتراث الجهة التي يراد نقلها إليها بهدف تهيئة التربة لها، وطبعها بخصوصية هذه الجهة»([12]).

ويحنق العلمانيون على طريقة إنهاء حياة الجهم بن صفوان، ويرونها دليلا على انتهاج الدولة الإسلامية حينها، أسلوب فرض الرقابة بالسيف وترويع كل مخالف أو معارض، والوقوف أمام الحريات من منظور علماني، بمعنى الحريات المطلقة دون سقف أو حد([13]).

وتعجب من إشادة العلمانيين بأن الجهم كان رائدًا ومصلحًا، فأي أنواع الصلاح أو الإصلاح يقصدونه وهو مبتور الصلة بالوحي، ومجاف للسلف، وهاجر للمعتقد الواضح في الكتاب والسنة؟!

فيروجون حينها أن الإيمان بالله معرفة ولا يتفاضل الناس فيه، فلا داعي للأعمال والاجتهادات والنفقات، فبكلمة تكون مؤمنا، وهنيئا لك بهذا الوصف مهما فعلت.

وقد أخذ العلمانيون بعض الإرث الجهمي الخاصّ بتقديم العقل على النقل، والجرأة على معارضة النصوص الشرعية بما يزعم أنه عقليات، بل جعل العقل أصلا والنقل فرعًا.

وبهذا المبدأ وغيره فُتح الباب لإطلال العلمانية على المسلمين عبر توظيف الإرث الجهمي.

فمن أبرز السمات العامة لفكر المدرسة العقلانية المعاصرة الدعوة إلى تقديس العقل وتقديمه على النصوص، وهي نفسها الأفكار الجهمية، ولكن عبر قنطرة الاعتزال، وأيضا ردّ الأحاديث الصحيحة في الصحيحين وغيرهما، وعدم قبول أخبار الآحاد في باب العقائد، ومحاولة تجديد الدين وتنحية الشريعة (علمانية مغلَّفة).

ومن ذلك قول أحدهم: «إن كون الشريعة الإسلامية هي خاتمة الشرائع السماوية البشرية إنما يعني بلوغ البشرية سن الرشد، بما يعنيه سن الرشد من رفع وصاية السماء عن البشر، فلم تعد صورة البشر هي صورة الخراف الضالة التي لا غنى لها عن النبي يتلوه النبي؛ كي يصحح لها المسار»([14]).

وهذا الخلط الفكري الكفري العلماني يروجون له باسم الفكر والتفكير والعقل والعقليات، وهي أهواء وأخلاط وأضغاث أوهام.

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية بعض معارضات المتكلِّمين المنكرين لصفات الله الواردة في النصوص الشرعية ثم قال: «هذه المعارضات ليست من العقليات الصحيحة التي هي مستقرة في صريح العقل، بل هي من الخيالات الفاسدة المشابهة للعقليات التي تَنْفَقُ على طائفة من الناس دون طائفة كما نَفَقَت على الجهمية ومَن وافقهم دون جمهور عقلاء بني آدم»([15]).

وقال ابن القيم رحمه الله واصفًا أهل الأهواء: «إذا كان معهم باطل ألبسوه لباس الحقِّ، وأخرجوه في قالَبِه ليُقبل منهم. وجملةُ أمرهم أنهم في المسلمين كالزغَل في النقود، يروج على أكثر الناس لعدم بصيرتهم بالنقد، ويعرف حالَه الناقدُ البصير من الناس، وقليلٌ ما هم! وليس على الأديان أضرَّ من هذا الضرب من الناس، وإنما تفسُدُ الأديان من قِبَلهم»([16]).

المبحث الثالث: التوظيف الاستشراقي للإرث الجهمي:

أطلق الدكتور محمود قاسم رحمه الله جملةً تلخِّص طريقة المستشرقين في التعاطي مع الإرث البدعي في التاريخ الإسلامي، إذ يقول: «لقد نقلَنا المستشرقون إلى أرسطو، على حين نقلوا أنفسهم وقومَهم إلى مناهج المسلمين وعلومهم»([17]).

وقياسا عليه نقول: إن حركة الاستشراق كان لها دور في بعث مفردات الفكر الجهمي العقلاني، فالعقلانية التي يدعيها الجهمية كانت أخصر الطرق لتحقيق الفصل بين النص والعقل، والشريعة والحياة، وهذا الدور يأتي من تقاطع المصالح؛ فإن المستشرقين دائما يدعون إلى ‌العقل وتحكيم ‌العقل في الخبر مهما كانت صحة سنده([18]).

يقول الدكتور زكي نحيب محمود: «إن أهم جماعة يمكن لعصرنا أن يرثها في وجهة نظرها… هي جماعة المعتزلة التي جعلت العقل مبدأها الأساسي كلما أشكل أمر»([19]).

وعبر امتداد الأثر الجهمي في المدرسة العقلانية المعاصرة تتّضح المبادئ المشتركة، والمراد بهم هنا الطائفة التي ظهرت في مصر في العصر الحديث، وتدعو إلى وضع الشريعة في ميزان العقل، فما وافق منها العقل يؤخذ به، وما خالفه يرفض ويترك. والمنهج الذي يدعون إليه منهج قديم وحديث، يتفق مع المعتزلة قديما ومع المستشرقين حديثا في تفضيل العقل على النقل، ولا يخفى خطورة ما يدعون إليه من هدم لأركان الدين ودعائمه الأساسية، ما دام الميزان هو العقل، والعقل ليس له تصور واضح ومقياس ثابت، فالعقول تختلف من شخص إلى آخر، ما يراه أحدهم صحيحا ربما يكون غير صحيح عند الآخر، فهذا الميزان مختل ومرفوض، ولكن هذه المدرسة تأثرت كثيرا بالمدارس الاستشراقية في أخذ أحكام الدين عن طريق العقل لا النقل، ولا سيما أن رجالاتها اختلطوا كثيرا بالغربيين، وانبهروا بفكرهم وحضارتهم المادية، فحاولوا أن يفقوا بين الإسلام والغرب، فخرجوا بهذه القواعد المنحرفة والخطيرة([20]).

وإذا نظرنا إلى الموقف الجهمي من السنة والتشكيك فيها، والتي انتقلت إلى الفرق الأخرى كالمعتزلة وغيرها، نجد أنها «تشترك في قدر كبير مع المستشرقين في قضية أساسية وهي التشكيك في صحة الأحاديث، وإلقاء ظلال الظن والريب على معظم الأحاديث النبوية، فمنهم من لا يعتدّ بالأحاديث مطلقا، المتواتر والآحاد منها، وهم المتشدّدون منهم»([21]).

يقول زهدي حسن جار الله: «واجب على كُتّاب العرب ورجال الفكر فيهم أن يوجـهـوا إلى المعتزلة جزءا كبيرا من عنايتـهـم وجهودهم، ذلك بأن كُتّاب السنة الأقدمين بسبب كراهيتهم للاعتزال تحاملوا على المعتزلة، ولم يذكروهم إلا مع التقبيح والتشنيع، فأعطونا عنهم فكرة سيئة وصورة مشوهة.. كما أن الكتّاب المعاصرين لم يلتفتوا إليهم ولم يأبهوا لهم، فبقي المعتزلة محرومين من التقدير، مفتقرين إلى من يظهر حقيقتهم، ويعطيهم المكانة اللائقة بهم في التاريخ. يضاف إلى هذا أن النهضة العربية الحديثة شبيهة في ظروفها وأحوالها بالنهضة العربية القديمة التي تلت الفتوح الإسلامية، والتي لعب فيها المعتزلة دورا خطيرًا.. وإلا فلا بد في نهضتنا هذه من ظهور روح الاعتزال، أو لا بد من إحياء تلك الروح.. ولهذا كان درس المعتزلة ضروريا لنا وحيويا»([22]).

المبحث الرابع: سدُّ مسالك التوظيف الجهمي:

يَسدُّ هذه المسالكَ أمورٌ، منها:

1- تعزيز قيمة التسليم للوحي وأن العقيدة توقيفية:

يقول تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].

والعقيدة عند السلف رحمهم الله توقيفية، لا مجال لآراء البشر فيها، وكثير من نصوصها بكلمة “قل” التلقينية، مثل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [سورة الإخلاص]، وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينٌ} [سورة الكافرون]، وقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136].

2- تعزيز قيمة (اتباع السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان):

يقول الشاطبي: «يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به، فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم والعمل»([23]).

فأفهام الصحابة رضي الله عنهم أولى وأحظ من غيرهم؛ فقد شهدوا مواقع التنزيل، وسمعوا كلام النبي r، وفهموا مرادات تشريعاته، وأضحوا أخبر الناس بها، والقدوة في مراعاتها، كما أن جلساءَ الطبيب يعرفون مقاصد الأدوية التي يأمر بها بطول المخالطة والممارسة.

3- تعزيز قيمة (هجر البدع وأهلها):

فهجر المبتدع والضال عن سبيل الله -بمعنى تركه، وصمُّ الأذن عن سماع شره، والبعد عن مجالسته- واجب شرعي.

قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68]، وقال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140]، وقال تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [النجم: 29].

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة»([24]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرءُ على دِين خليله، فلينظرْ أحدُكُم مَن يُخَالِلْ»([25]).

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم»([26]).

خاتمة:

إن الجهمية بشُعَبِها التعطيلية والعقلانية وغيرها قد وجدت من يبعَث روحَها في سوق علمانية عصرية، تجتزي منها أسوأ ما فيها، بلباس معَلمَن حداثيّ عقلانيّ، عبر بعض المراكز البحثية المدعومة، وحاولوا تعميم هذه الصورة المتخيَّلة وجعلها صورة الفكر الإسلامي والعقيدة الإسلامية، كما حاول بعضهم جعل (ألف ليلة وليلة) صورة حقيقية للمجتمع، وحاول البعض الآخر جعل الصورة المشوَّهة التي زوّروها عن هارون الرشيد صورة لخلفاء المسلمين وقادتهم المجاهدين، وإنما هي بهارج وأكاذيب، تروج على من سلَّم لهم، وألقى عن نفسه عناء البحث والتعقّل فيما يُلقونَه.

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ومن ذلك ما ذكره ابن أبي العز عن الجهم بن صفون: «إمام المعطلة، وليس له سلف قط، لا من الصحابة، ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين، ولا من أهل السنة. وأنكره عليه عامة أهل السنة، وكفروه به، وصاحوا به وبأتباعه من أقطار الأرض». شرح العقيدة الطحاوية (2/ 621). وينظر: ورقة علمية منشورة في موقع سلف بعنوان: (جناية الجهم بن صفوان، ومناقشة مختصرة لدعوى قتل الجهم بدافع سياسي لا ديني)، على الرابط:

جناية الجهم بن صفوان “ومناقشة مختصرة لدعوى قتلِه بدافع سياسيّ لا ديني”

([2]) الإمام عبد الحميد بن باديس الزعيم الروحي لحرب التحرير الجزائرية (ص: 7)، والفصل الثاني من 35-70، عن المستشرقون والتراث، للديب (ص: 18).

([3]) الإمام عبد الحميد بن باديس الزعيم الروحي لحرب التحرير الجزائرية (ص: 7)، والفصل الثاني من 35-70، عن المستشرقون والتراث، للديب (ص: 18).

([4]) مجموع الفتاوى (3/ 355).

([5]) الفتوى الحموية الكبرى، لابن تيمية (ص: 280-281).

([6]) الفتوى الحموية الكبرى، لابن تيمية، ص272. وأيضًا: التوظيف الحداثي للفكر الباطني، للدكتور عبد العزيز الشهري، رسالة دكتوراه بجامعة أم القرى، 1444هـ/ 2023م، ص: 44- 45.

([7]) الحجة في بيان المحجة (1/ 320).

([8]) الفتوحات المكية (1/ 289).

([9]) تفسير المنار (8/ 309-310).

([10]) التراث والحداثة (ص: 261).

([11]) التراث والحداثة (ص: 260).

([12]) المسألة الثقافية في الوطن العربي (ص: 250). وللتوسع ينظر: التوظيف العلماني للمضامين التراثية، للدكتور السعيد صبحي العيسوي.

([13]) انظر: العلمانية وهموم المجتمع المدني: قراءات ثقافية، أشرف البولاقي، (ص: 111-112). وقد تم مناقشة ذلك في الورقة العلمية المشار إليها: (جناية الجهم بن صفوان).

([14]) ينظر: المشابهة بين المعتزلة الأوائل والمعتزلة الجدد، للشلهوب (ص: 9، 13). وللتوسع: موسوعة الفرق، المنشورة بموقع الدرر السنية: فرقة الجهمية.

([15]) درء تعارض العقل والنقل (7/ 76).

([16]) طريق الهجرتين (2/ 890).

([17]) ينظر: المستشرقون والتراث، لعبد العظيم الديب (ص: 19).

([18]) ينظر: المصدر السابق (ص: 35).

([19]) تجديد الفكر العربي (ص: 117-118).

([20]) ينظر: الاستشراق وموقفه من السنة النبوية، لفالح الصغير (ص: 91).

([21]) ينظر: الاستشراق وموقفه من السنة النبوية، لفالح الصغير (ص: 83).

([22]) المعتزلة (ص: ك- المقدمة).

([23]) الموافقات (6/ 289).

([24]) رواه البخاري (5530)، ومسلم (2628).

([25]) رواه أبو داود (4833)، والترمذي (2378).

([26]) رواه البخاري (4547)، ومسلم (2665).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

هل مُجرد الإقرار بالربوبية يُنجِي صاحبه من النار؟

مقدمة: كثيرٌ ممن يحبّون العاجلة ويذرون الآخرة يكتفون بالإقرار بالربوبية إقرارًا نظريًّا؛ تفاديًا منهم لسؤال البدهيات العقلية، وتجنُّبا للصّدام مع الضروريات الفطرية، لكنهم لا يستنتجون من ذلك استحقاق الخالق للعبودية، وإذا رجعوا إلى الشرع لم يقبَلوا منه التفصيلَ؛ حتى لا ينتقض غزلهم مِن بعدِ قوة، وقد كان هذا حالَ كثير من الأمم قبل الإسلام، وحين […]

هل كان شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني أشعريًّا؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: مِن مسالك أهل الباطل في الترويج لباطلهم نِسبةُ أهل الفضل والعلم ومن لهم لسان صدق في الآخرين إلى مذاهبهم وطرقهم. وقديمًا ادَّعى اليهود والنصارى والمشركون انتساب خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام إلى دينهم وملَّتهم، فقال تعالى ردًّا عليهم في ذلك: ﴿‌مَا ‌كَانَ ‌إِبۡرَٰهِيمُ يَهُودِيّا وَلَا نَصۡرَانِيّا وَلَٰكِن كَانَ […]

هل علاقة الوهابية بالصوفية المُتسنِّنة علاقة تصادم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: تعتبر الصوفيةُ أحدَ المظاهر الفكرية في تاريخ التراث والفكر الإسلامي، وقد بدأت بالزهد والعبادة وغير ذلك من المعاني الطيِّبة التي يشتمل عليها الإسلام، ثم أصبحت فيما بعد عِلمًا مُستقلًّا يصنّف فيه المصنفات وتكتب فيه الكتب، وارتبطت بجهود عدد من العلماء الذين أسهموا في نشر مبادئها السلوكية وتعدَّدت مذاهبهم […]

مناقشة دعوى بِدعية تقسيم التوحيد

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة    مقدّمة: إن معرفة التوحيد الذي جاء به الأنبياء من أهم المهمّات التي يجب على المسلم معرفتها، ولقد جاءت آيات الكتاب العزيز بتوحيد الله سبحانه في ربوبيته وأنه الخالق الرازق المدبر، قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، كما أمر الله تبارك وتعالى عباده […]

اتفاق علماء المسلمين على عدم شرط الربوبية في مفهوم العبادة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدّمة: كنّا قد ردَدنا في (مركز سلف) على أطروحة أحد المخالفين الذي راح يتحدّى فيها السلفيين في تحديد ضابط مستقيم للعبادة، وقد رد ردًّا مختصرًا وزعم أنا نوافقه على رأيه في اشتراط اعتقاد الربوبية؛ لما ذكرناه من تلازم الظاهر والباطن، وتلازم الألوهية والربوبية، وقد زعم أيضًا أن بعض العلماء […]

هل اختار السلفيون آراءً تخالف الإجماع؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة  مقدمة: كثير من المزاعم المعاصرة حول السلفية لا تنبني على علمٍ منهجيٍّ صحيح، وإنما تُبنى على اجتزاءٍ للحقيقة دونما عرضٍ للحقيقة بصورة كاملة، ومن تلك المزاعم: الزعمُ بأنَّ السلفية المعاصرة لهم اختيارات فقهية تخالف الإجماع وتوافق الظاهرية أو آراء ابن تيمية، ثم افترض المخالف أنهم خالفوا الإجماع لأجل ذلك. […]

الألوهية والمقاصد ..إفراد العبادة لله مقصد مقاصد العقيدة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: مما يكاد يغيب عن أذهان بعض المسلمين اليوم أن العبودية التي هي أهمّ مقاصد الدين ليست مجرد شعائر وقتيّة يؤدّيها الإنسان؛ فكثير من المسلمين لسان حالهم يقول: أنا أعبدُ الله سبحانه وتعالى وقتَ العبادة ووقتَ الشعائر التعبُّدية كالصلاة والصيام وغيرها، أعبد الله بها في حينها كما أمر الله […]

تحقيق القول في زواج النبي ﷺ بأُمِّ المؤمنين زينب ومعنى (وتخفي في نفسك ما الله مبديه)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لهج المستشرقون والمنصّرون بالطعن في مقام النبي صلى الله عليه وسلم بسبب قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها، حتى قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله: (دُعاة النصرانية يذكرون هذه الفرية في كل كتابٍ يلفِّقونه في الطعن على الإسلام، والنيل من […]

جُهود الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي في نشر الدعوة السلفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الشيخ صالح بن أحمد الْمُصَوَّعي من العلماء البارزين في القرن الرابع عشر الهجري، وقد برزت جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين. وقد تأثر رحمه الله بالمنهج السلفي، وبذل جهودًا كبيرة في نشر هذا المنهج وتوعية الناس بأهميته، كما عمل على نبذ البدع وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي قد تنشأ في […]

صيانة الشريعة لحق الحياة وحقوق القتلى، ودفع إشكال حول حديث قاتل المئة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: إنّ أهلَ الأهواء حين لا يجدون إشكالًا حقيقيًّا أو تناقضًا -كما قد يُتوهَّم- أقاموا سوق الأَشْكَلة، وافترضوا هم إشكالا هشًّا أو مُتخيَّلًا، ونحن نهتبل فرصة ورود هذا الإشكال لنقرر فيه ولنثبت ونبرز تلك الصفحة البيضاء لصون الدماء ورعاية حقّ الحياة وحقوق القتلى، سدًّا لأبواب الغواية والإضلال المشرَعَة، وإن […]

برهان الأخلاق ودلالته على وجود الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ قضيةَ الاستدلال على وجود الله تعالى، وأنه الربّ الذي لا ربّ سواه، وأنه المعبود الذي استحقَّ جميع أنواع العبادة قضية ضرورية في حياة البشر؛ ولذا فطر الله سبحانه وتعالى الخلق كلَّهم على معرفتها، وجعل معرفته سبحانه وتعالى أمرًا ضروريًّا فطريًّا شديدَ العمق في وجدان الإنسان وفي عقله. […]

التوظيف العلماني للقرائن.. المنهجية العلمية في مواجهة العبث الفكري الهدّام

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة     مقدمة: حاول أصحاب الفكر الحداثي ومراكزُهم توظيفَ بعض القضايا الأصولية في الترويج لقضاياهم العلمانية الهادفة لتقويض الشريعة، وترويج الفكر التاريخي في تفسير النصّ، ونسبية الحقيقة، وفتح النص على كلّ المعاني، وتحميل النص الشرعي شططَهم الفكري وزيفَهم المروَّج له، ومن ذلك محاولتُهم اجترار القواعد الأصولية التي يظنون فيها […]

بين عُذوبة الأعمال القلبية وعَذاب القسوة والمادية.. إطلالة على أهمية أعمال القلوب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: تعاظمت وطغت المادية اليوم على حياة المسلمين حتى إن قلب الإنسان لا يكاد يحس بطعم الحياة وطعم العبادة إلا وتأتيه القسوة من كل مكان، فكثيرا ما تصطفُّ الجوارح بين يدي الله للصلاة ولا يحضر القلب في ذلك الصف إلا قليلا. والقلب وإن كان بحاجة ماسة إلى تعاهُدٍ […]

الإسهامات العلمية لعلماء نجد في علم الحديث.. واقع يتجاوز الشائعات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: لا يخلو زمن من الأزمان من الاهتمام بالعلوم وطلبها وتعليمها، فتنشط الحركة التعليمية وتزدهر، وربما نشط علم معين على بقية العلوم نتيجة لاحتياج الناس إليه، أو خوفًا من اندثاره. وقد اهتم علماء منطقة نجد في حقبهم التاريخية المختلفة بعلوم الشريعة، يتعلمونها ويعلِّمونها ويرحلون لطلبها وينسخون كتبها، فكان أول […]

عرض وتعريف بكتاب: المسائل العقدية التي خالف فيها بعضُ الحنابلة اعتقاد السّلف.. أسبابُها، ومظاهرُها، والموقف منها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة أن جعلها أمةً معصومة؛ لا تجتمع على ضلالة، فهي معصومة بكلِّيّتها من الانحراف والوقوع في الزّلل والخطأ، أمّا أفراد العلماء فلم يضمن لهم العِصمة، وهذا من حكمته سبحانه ومن رحمته بالأُمّة وبالعالـِم كذلك، وزلّة العالـِم لا تنقص من قدره، فإنه ما […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017