الأربعاء - 27 ذو الحجة 1445 هـ - 03 يوليو 2024 م

موقف العلمانية من الأدلة الشرعية

A A

 يعدُّ الموقف من النصوص الشرعية ومدى إلزاميتها أهمّ فيصل بين المختلفين في الشرع؛ إذ الذي لا يقتنع بمرجعية الوحي أو يقيدها يُخرج نفسه من حلبة الصراع ليقف على التلّ وينافح عن فكرته بسلاح جديد لا علاقة له بما ينافح به قومه، ونظرا لقوة الثقافة الإسلامية وهيمنتها على الفرد والمجتمع واكتمالها معرفيًّا، فإنه يصعب خوض أي معركة تتعلق بأسلحة أجنبية عنها؛ لما سوف يظهر على صاحبها من الجهل وضعف الأدوات وعدم التكامل المعرفي أمام النظرة الشمولية للكون والحياة، والتي يتبناها كل مؤمن بالنصوص جميعها من غير تفريق بينها أو رد لبعضها.

لقد شكلت الأدلة الشرعية الإجمالية والتفصيلية هاجسًا مقلقًا للعلمانيّة بجميع توجهاتها، فتعاملوا معها بمنطق “إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا”، وقد اتجهت العلمانية -كما يقول أحد روادها- إلى حل إشكاليات الحاضر بآليات عصرية، لكن رأت ضرورة طرح هذه الآليات بطريقة يقبلها الجماهير، فاتجهت إلى التراث فجعلت منه غطاء وسندًا، بينما جعله الآخرون إطارا ومرجعية([1]).

ومن ثمَّ عمدوا إلى الوحي وجعلوه أداة تبريرية لمواقفهم من الأحكام وتغيير الدين من الداخل، وخاضوا معركة التفسير والتأويل مع خصومهم، وعمدوا إلى التعامل مع الوحي بوصفه تراثا تاريخيًّا يقرأ في إطاره الزمني والجغرافي، وليس له أيّ بعد ديني أو قيميّ يمكن الاستناد إليه، فعمدوا إلى اعتبار تحكّم الوحي في حياة الناس أنه نتاج أحد أمرين:

الأمر الأول: حالة نفسية تصاب بها الشعوب عند الهزيمة وحالة الركود الحضاري، وعند أي صحوة ثقافية أو اجتماعية تصبح هذه الظاهرة متجاوزة.

الأمر الثاني: أنه حالة أفرزتها الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وعليه فإن الواقع المتحرك لا يمكن أن يقبل التعامل مع القوالب الجامدة والمقدسة([2]).

فهكذا أطلقوا صافرة الخرافة أو اللاوعي على ظاهرة الوحي لإماتة أي تفسير ديني للكون والحياة؛ ليعتبروا النبوة ظاهرة حسية مهمتها هي إصلاح الناس وتدبير شؤونهم وبيان مصالحهم ومفاسدهم وإدخالها في المغيبات إغرابًا بها عن حقيقتها، هكذا صرح حسن حنفي([3]).

كما صرحوا بأن اعتبار النبوة كمالا بشريًّا هو توهين للبشر وإضعاف لقدراتهم المعرفية، وأن الإصرار على هذا المعنى يقوم على أساس إيديولوجي نفعي([4]).

 وإعطاء الوحي بعدا حسيًّا يجعل النبوة مستمرة في البشرية إلى اليوم؛ لأن استمدادها من الطبيعة وهي وحي، بلا معجزات ولا ملائكة، بمعنى أنه معزول عن الغيب([5]).

 وهذا التوصيف العبثي للوحي يعطي جملة من التصورات عنه، من أهمها: عدم اعتباره سلطة عليا فضلا عن إعطائه أحقية التوجيه أو الحاكمية، وهو تصور يحكم على الوحي بشقيه الكتاب والسنة بالثانوية في الحياة، ويجعلهما على مقاعد الاحتياط على مستوى التوجيه، ولا يسمح لهما بتأطير المعتقدات ولا بصناعة القيم؛ لأن نظرته إليهما نظرة مادية بحتة، ومقصدهم من هذا التصور عن الوحي هو جعله أداة خاضعة لتقنيات متعددة من التأويل تستوعب جميع الأفكار الإنسانية الغربية تجاه الوحي من عهد الإغريق إلى يومنا هذا، وهي فكرة طالما راودت القوم وقض مضاجعهم خوف فشلها([6]).

 فالعلمانية في شكلها الحقيقي ترفض أيَّ بعد ديني لأي تفسير يتعلق بالكون والحياة، وهذا المفهوم تم توفيده إلى العالم العربي عن طريق الفكرة الاستشراقية المستهدفة للدين من الداخل، إلا أنه أخذ أشكالا متعدِّدة في عالمنا العربي، يجمع بينها تتفيه الوحي وإبعاده عن الحياة العامة، والوقوف منه موقف المعاند أو المرتاب، وهو ما تبنَّاه كثير من المثقفين رغم تفاوتهم في مستوى الرفض له، إلا أنه يجمع بينهم عدم التسليم للوحي، إما مطلقا وإما جزئيا في القضايا المصيرية، وقد تحدَّد موقفهم من الوحيين من خلال ما تقدّم من إنكارهم للوحي رأسا، أو النبوة عموما، أو إعطاء النبوة والوحي بعدًا ماديًّا يجعلهما لا يختلفان كثيرًا عن طرح حكماء الأفارقة وفلاسفة الغرب، والتعامل معهما كمنجز إنساني وتراث بشري ليست له سلطة مقدسة، وإنما تتم قراءته وفق الآليات التي تقترحها المخيلة الغربية للنصوص الدينية، يقول محمد النويهي: “من الخطأ عدم تقدير مدى سيطرة الدين على عقول المؤمنين به، وهم كثرة الناس، وأن هذه الكثرة ليست مستعدة للتنازل عن معتقداتها مهما يقم لها الدليل والبرهان على أن هذا التنازل في مصلحتها الفكرية والمادية معًا، فلنوجِّه جهودنا المبعثرة ونقنع الناس بأن لا يتخذوا من الدين حجر عثرة أمام كل رأي جديد، ونفكر كيف نروّج بينهم النظرة العلمانية”([7]).

والنظرة العلمانية التي يروجونها هي وضعية الثقافة الدينية وانتزاع المقدس من المقدس وجعله ماديًّا ضمنيًّا([8]).

هذه نظرتهم إلى الوحي، فكيف بما بني عليه من أصول الاستدلال الأخرى، أو هو راجع إليه مثل أصول الفقه وما في معناها من علوم الآلة؟! كل ذلك بالنسبة للحداثيين هو مجرد أيديولوجيا أسستها الحركات العقائدية لأغراض غير نزيهة، ونتيجة لتدافع سياسي مع جهات أخرى تم إنشاء منطق استدلالي من أجل سحب الثقة عن الأفكار المخالفة لأهل السنة والجماعة، هذا ما صرح به نصر أبو زيد في كتابه “الإمام الشافعي وتأسيس إيديولوجيا الوسطية”.

والناظر في كتب القوم يجد أن تقنياتهم تتجه إلى جعل الوحي عموما إنتاجا بشريًّا، وحصره في إطار السلطة وصناعة الأفكار السياسية ذات البعد النفعي البحت، والنص بهذا المعنى ليس مقدسا، وإنما هو مجرد فكرة تم تداولها على مر التاريخ من أطراف لينتج عن هذا التداول كم هائل من الأفكار المتعددة والتفسيرات المتناقضة القابلة في النهاية للأخذ والردّ، والمعيار في مدى قبولها أو رفضها هو إمكانية توافقها مع ما تمليه الحضارة المادية والفكرة العلمانية المستبعِدَة للدين في شؤون الحياة.

ــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ينظر: نقد الخطاب الديني نصر أبو زيد (ص: 154).

([2]) ينظر: المأزق الديني بين النص والواقع، نضال الصالح (209).

([3]) من العقيدة إلى الثورة (4/ 334).

([4]) ينظر: نقد الفكر الديني (ص: 206).

([5]) ينظر: من العقيدة إلى الثورة (4/ 152).

([6]) الموقف من الحداثة ومسائل أخرى (ص: 73).

([7]) نحو ثورة في الفكر الديني (ص: 98).

([8]) ينظر: ملاك الحقيقة المطلقة (ص: 30)، والتراث والحداثة، محمد عابد الجابري (ص: 260).

رد واحد على “موقف العلمانية من الأدلة الشرعية”

  1. يقول محمد محمد عبده موافى:

    ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻴﻴﻦ
    – ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﺸﺮﻳﻊ ﻭﺿﻌﻰ ﻳﻐﻨﻰ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻉ ‏( ﺍﻟﻮﺣﻰ ‏)
    ﺍﻟﺮﺩ : ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻷﻧﻔﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﺣﻰ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﺨﻄﻰﺀ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺣﻰ ﻓﺎﻟﺘﺤﺴﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﺘﻘﺒﻴﺢ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻧﺴﺒﻰ ﻭ ﺍﻳﻀﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻷﺣﺎﻃﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﺑﻤﻮﺿﻮﻉ ﻣﻌﻴﻦ ﻭ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻮﺍﻣﻞ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺃﻋﺪ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ .
    – ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻷﺳﻼﻣﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻼﺀﻣﺔ ﻟﻠﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ‏( ﺑﺎﻻﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺮﺃﻥ ﺛﺎﺑﺖ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻣﺘﻄﻮﺭﺓ ‏)
    ﺍﻟﺮﺩ : ﺃﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻷﺳﻼﻣﻴﺔ ﺃﺻﻮﻝ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻭ ﻓﺮﻭﻉ ﻣﺘﻐﻴﺮﺓ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﺃﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﻭ ﺗﻌﺪﺩ ﻓﻬﻤﻬﻢ ﻟﻠﻨﺺ
    ﻭ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﺃﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺪﺓ .
    – ﺃﻥ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻷﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺑﺎﻷﺣﺘﺠﺎﺝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻘﺮﺃﻥ ﺣﻤﺎﻝ ﺃﻭﺟﻪ
    ﺍﻟﺮﺩ : ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﺑﺎﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺣﻜﻢ ﺷﺮﻋﻰ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻋﺪﺓ ﺛﻮﺍﺑﺖ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺃﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﻥ ﻭﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻷﺟﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﻳﻀﻴﻒ ﺍﻟﺮﺃﻯ ﺑﻌﺪ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﺎ ﺳﺎﺑﻖ ﻭﺃﻧﺰﺍﻝ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﻓﻰ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻻﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺸﺮﻋﻰ ﺑﺤﻜﻢ ﻭ ﻧﻘﻴﻀﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻭﻟﻠﺘﻐﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻻﺣﻜﺎﻡ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺘﻮﺣﻴﺪ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﻔﺘﻮﻯ ‏( ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻻﺯﻫﺮ ‏) ﺃﻭ ﺗﺒﻨﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺍﻻﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﻳﻦ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺗﻌﺪﺩ ﻓﻬﻢ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻴﻦ
    – ﻗﻮﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻧﺮﺿﻰ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭ ﻻ ﻧﺮﺿﻰ ﺍﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺒﻄﺔ ﻓﻘﻬﻴﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﺃﺟﺘﻬﺎﺩ ﺑﺸﺮ ﻭ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻳﺼﻴﺐ ﻭ ﻳﺨﻄﺊ
    ﺍﻟﺮﺩ : ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﻳﻨﻈﺮ ﺃﻭﻻ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ﻭ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻓﺄﻥ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻓﺎﻷﺟﻤﺎﻉ ﻓﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻭ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﻌﺘﺒﺮ ﺷﺮﻋﺎ ﻓﺎﻷﺟﻤﺎﻉ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺃﺗﻔﺎﻕ ﻣﺠﺘﻬﺪﻯ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻟﻨﺒﻰ ﻓﻰ ﻋﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﻢ ﺷﺮﻋﻰ ﺃﺟﺘﻬﺎﺩﻯ ﻓﻰ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﺎﺋﻊ . ﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﻰ ﺍﻷﺻﻞ ﺑﻌﻠﺔ ﺗﺠﻤﻌﻬﻤﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﺒﻴﻦ ﺣﺠﻴﺘﻬﻢ ﻓﻰ ﻛﺘﺐ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻓﺄﺫﺍ ﺃﺳﺘﻨﺒﻂ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻷﺟﻤﺎﻉ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﻓﻬﻮ ﻟﻢ ﻳﺄﺗﻰ ﺑﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ
    -1 ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﻔﻖ ﻣﻊ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﻭ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺃﺻﻼ ﻣﻦ ﺃﺻﻮﻟﻬﺎ -2 ﺃﻻ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺩﻟﻴﻼ ﺗﻔﺼﻴﻠﻴﺎ
    -3 ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺍﻓﻖ ﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ
    – ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺃﺩﻟﺔ ﻗﻄﻌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺒﻮﺕ ﻇﻨﻴﺔ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻛﻴﻒ ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻜﻢ ؟
    ﺍﻟﺮﺩ : ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻘﺎﺿﻰ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻘﻬﻴﺎ ‏( ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﻈﻨﻴﺔ ‏) ﻭ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﻛﺤﻜﻢ ﺍﻟﻘﻄﻌﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭ ﺃﻧﺰﺍﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭ ﻻ ﻳﺒﺖ ﻓﻰ ﺗﺮﺟﻴﺢ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻭ ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺖ ﻓﻰ ﺃﺩﻟﺔ ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ
    – ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺿﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ
    ﺍﻟﺮﺩ : ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻻﺳﻼﻣﻰ ﻗﺪ ﺣﺪﺩ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﻓﻠﻮ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﺃﻧﻨﺎ ﺑﺼﺪﺩ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻛﻮﻧﻴﺔ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻌﻠﻢ
    ﻫﻮ ﺗﻔﺴﻴﺮﻫﺎ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﻭﺻﻔﻰ ﻳﺸﺮﺡ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻭ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺃﻟﻰ ﻣﺴﺒﺒﻬﺎ
    ﺍﻻ ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻳﻀﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻔﺴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻓﺄﻧﻤﺎ ﻳﻨﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻻﻳﺎﺕ ﻋﻘﺎﺑﺎ ﻟﻠﻜﺎﻓﺮﻳﻦ
    ﻭ ﺗﺬﻛﻴﺮﺍ ﻟﻠﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﻭ ﻋﻈﺔ ﻭ ﻋﺒﺮﺓ ﻟﻠﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻰ ﺍﻷﺳﻼﻡ ﻳﺤﺾ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﻔﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭ ﻻ ﻳﻀﺮﻫﻢ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

هل يُمكِن الاستغناءُ عن النُّبوات ببدائلَ أُخرى كالعقل والضمير؟

هذه شبهة من الشبهات المثارة على النبوّات، وهي مَبنيَّة على سوء فَهمٍ لطبيعة النُّبوة، ولوظيفتها الأساسية، وكشف هذه الشُّبهة يحتاج إلى تَجْلية أوجه الاحتياج إلى النُّبوة والوحي. وحاصل هذه الشبهة: أنَّ البَشَر ليسوا في حاجة إلى النُّبوة في إصلاح حالهم وعَلاقتهم مع الله، ويُمكِن تحقيقُ أعلى مراتب الصلاح والاستقامة من غير أنْ يَنزِل إليهم وحيٌ […]

هل يرى ابن تيمية أن مصر وموطن بني إسرائيل جنوب غرب الجزيرة العربية؟!

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة (تَنتقِل مصر من أفريقيا إلى غرب جزيرة العرب وسط أوديتها وجبالها، فهي إما قرية “المصرمة” في مرتفعات عسير بين أبها وخميس مشيط، أو قرية “مصر” في وادي بيشة في عسير، أو “آل مصري” في منطقة الطائف). هذا ما تقوله كثيرٌ من الكتابات المعاصرة التي ترى أنها تسلُك منهجًا حديثًا […]

هل يُمكن أن يغفرَ الله تعالى لأبي لهب؟

من المعلوم أن أهل السنة لا يشهَدون لمعيَّن بجنة ولا نار إلا مَن شهد له الوحي بذلك؛ لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكننا نقطع بأن من مات على التوحيد والإيمان فهو من أهل الجنة، ومن مات على الكفر والشرك فهو مخلَّد في النار لا يخرج منها أبدًا، وأدلة ذلك مشهورة […]

مآخذ الفقهاء في استحباب صيام يوم عرفة إذا وافق يوم السبت

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد ثبت فضل صيام يوم عرفة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌صِيَامُ ‌يَوْمِ ‌عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ)([1]). وهذا لغير الحاج. أما إذا وافق يومُ عرفة يومَ السبت: فاستحبابُ صيامه ثابتٌ أيضًا، وتقرير […]

لماذا يُمنَع من دُعاء الأولياء في قُبورهم ولو بغير اعتقاد الربوبية فيهم؟

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة هناك شبهة مشهورة تثار في الدفاع عن اعتقاد القبورية المستغيثين بغير الله تعالى وتبرير ما هم عليه، مضمونها: أنه ليس ثمة مانعٌ من دعاء الأولياء في قبورهم بغير قصد العبادة، وحقيقة ما يريدونه هو: أن الممنوع في مسألة الاستغاثة بالأنبياء والأولياء في قبورهم إنما يكون محصورًا بالإتيان بأقصى غاية […]

الحج بدون تصريح ..رؤية شرعية

لا يشكّ مسلم في مكانة الحج في نفوس المسلمين، وفي قداسة الأرض التي اختارها الله مكانا لمهبط الوحي، وأداء هذا الركن، وإعلان هذه الشعيرة، وما من قوم بقيت عندهم بقية من شريعة إلا وكان فيها تعظيم هذه الشعيرة، وتقديس ذياك المكان، فلم تزل دعوة أبينا إبراهيم تلحق بكل مولود، وتفتح كل باب: {رَّبَّنَآ إِنِّيٓ أَسۡكَنتُ […]

المعاهدة بين المسلمين وخصومهم وبعض آثارها

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة باب السياسة الشرعية باب واسع، كثير المغاليق، قليل المفاتيح، لا يدخل منه إلا من فقُهت نفسه وشرفت وتسامت عن الانفعال وضيق الأفق، قوامه لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف، والإنسان قد لا يخير فيه بين الخير والشر المحض، بل بين خير فيه دخن وشر فيه خير، والخير […]

إمعانُ النظر في مَزاعم مَن أنكَر انشقاقَ القَمر

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، وأصلى وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد: فإن آية انشقاق القمر من الآيات التي أيد الله بها نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكانت من أعلام نبوّته، ودلائل صدقه، وقد دلّ عليها القرآن الكريم، والسنة النبوية دلالة قاطعة، وأجمعت عليها […]

هل يَعبُد المسلمون الكعبةَ والحجَرَ الأسودَ؟

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وهدنا صراطه المستقيم. وبعد، تثار شبهة في المدارس التنصيريّة المعادية للإسلام، ويحاول المعلِّمون فيها إقناعَ أبناء المسلمين من طلابهم بها، وقد تلتبس بسبب إثارتها حقيقةُ الإسلام لدى من دخل فيه حديثًا([1]). يقول أصحاب هذه الشبهة: إن المسلمين باتجاههم للكعبة في الصلاة وطوافهم بها يعبُدُون الحجارة، وكذلك فإنهم يقبِّلون الحجرَ […]

التحقيق في نسبةِ ورقةٍ ملحقةٍ بمسألة الكنائس لابن تيمية متضمِّنة للتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبآله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ تحقيقَ المخطوطات من أهمّ مقاصد البحث العلميّ في العصر الحاضر، كما أنه من أدقِّ أبوابه وأخطرها؛ لما فيه من مسؤولية تجاه الحقيقة العلمية التي تحملها المخطوطة ذاتها، ومن حيث صحّة نسبتها إلى العالم الذي عُزيت إليه من جهة أخرى، ولذلك كانت مَهمة المحقّق متجهةً في الأساس إلى […]

دعوى مخالفة علم الأركيولوجيا للدين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: عِلم الأركيولوجيا أو علم الآثار هو: العلم الذي يبحث عن بقايا النشاط الإنساني القديم، ويُعنى بدراستها، أو هو: دراسة تاريخ البشرية من خلال دراسة البقايا المادية والثقافية والفنية للإنسان القديم، والتي تكوِّن بمجموعها صورةً كاملةً من الحياة اليومية التي عاشها ذلك الإنسان في زمانٍ ومكانٍ معيَّنين([1]). ولقد أمرنا […]

جوابٌ على سؤال تَحَدٍّ في إثبات معاني الصفات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة أثار المشرف العام على المدرسة الحنبلية العراقية -كما وصف بذلك نفسه- بعضَ التساؤلات في بيانٍ له تضمَّن مطالبته لشيوخ العلم وطلبته السلفيين ببيان معنى صفات الله تبارك وتعالى وفقَ شروطٍ معيَّنة قد وضعها، وهي كما يلي: 1- أن يكون معنى الصفة في اللغة العربية وفقَ اعتقاد السلفيين. 2- أن […]

معنى الاشتقاق في أسماء الله تعالى وصفاته

مما يشتبِه على بعض المشتغلين بالعلم الخلطُ بين قول بعض العلماء: إن أسماء الله تعالى مشتقّة، وقولهم: إن الأسماء لا تشتقّ من الصفات والأفعال. وهذا من باب الخلط بين الاشتقاق اللغوي الذي بحثه بتوسُّع علماء اللغة، وأفردوه في مصنفات كثيرة قديمًا وحديثًا([1]) والاشتقاق العقدي في باب الأسماء والصفات الذي تناوله العلماء ضمن مباحث الاعتقاد. ومن […]

محنة الإمام شهاب الدين ابن مري البعلبكي في مسألة الاستغاثة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن فصول نزاع شيخ الإسلام ابن تيمية مع خصومه طويلة، امتدت إلى سنوات كثيرة، وتنوَّعَت مجالاتها ما بين مسائل اعتقادية وفقهية وسلوكية، وتعددت أساليب خصومه في مواجهته، وسعى خصومه في حياته – سيما في آخرها […]

العناية ودلالتها على وحدانيّة الخالق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ وجودَ الله تبارك وتعالى أعظمُ وجود، وربوبيّته أظهر مدلول، ودلائل ربوبيته متنوِّعة كثيرة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن دلائل الربوبية وآياتها أعظم وأكثر من كلّ دليل على كل مدلول) ([1]). فلقد دلَّت الآيات على تفرد الله تعالى بالربوبية على خلقه أجمعين، وقد جعل الله لخلقه أمورًا […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017