الثلاثاء - 09 رمضان 1445 هـ - 19 مارس 2024 م

موقفُ المولى سليمان العلوي من الحركة الوهابية

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 بسم الله الرحمن الرحيم

كلمة المعلق

الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فهذا مقال وقعنا عليه في مجلة (دعوة الحق) المغربية في عددها (162) لعام 1975م، وهو كذلك متاح على الشبكة الحاسوبية، للكاتب والباحث المغربي الأستاذ محمد بن عبد العزيز الدباغ، وقد وُلد في مدينة فاس في المملكة المغربية سنة ١٩٢٨م، ودَرَس في جامعة القرويين، ثم التحق بسلك التعليم معلّمًا للمرحلة الثانوية، واشتهر ببرامجه الإذاعية الثقافية وبكتاباته البحثية، والتي كانت تُنْشر في المجلات العلمية الكبرى، ثمَّ اختير ليكون محافظًا لخزانة الكتب في جامعة القرويين؛ لما يملكه من خبرة بالكتب وطبعاتها وعلم وافر بالمخطوطات، وله بحوث ودراسات في التراث اطلعتُ منها على كتابه “من أعلام الفكر والأدب في عصر المرينيين”، وتوفي  رحمه الله سنة 2008م.

ومقاله الذي بين أيدينا فيه إنصاف للشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته الإصلاحية، وفيه تنبيه إلى توافق السلطان المغربي سليمان بن محمد الثالث مع هذه الدعوة، على أن المقال يحتوي أيضا على نقاط نختلف فيها مع الكاتب $، فرأينا في مركز سلف للبحوث والدراسات إعادة إبراز هذا المقال لما فيه من الفوائد التي تعود بإذن الله إلى القارئ، ومنافع تعود إلى الكاتب من بعث علمه وتجديد ذكره والدعاء له وهو في دار الحق، أعاننا الله عليها وختم لنا بخير.

وخدمنا هذا النص بالتعليق عليه وبيان النقاط التي نختلف مع الكاتب فيها؛ إتمامًا للفائدة وإسهامًا في تجلية الصواب.

ونشكر أصدقاءنا في المملكة المغربية الذين أمدونا بمعلومات وافرة عن الكاتب، نأمل أن يُخرجها ذووه ومحِبّوه في كتاب يوفي حقَّه ويحفَظ ذكره.

والحمد لله رب العالمين.

د. محمد بن إبراهيم السعيدي

المشرف على مركز سلف للبحوث والدراسات

 

موقفُ المولى سليمان العلوي من الحركة الوهابية

في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري انبثقت فكرة إصلاحية في نجد دعا صاحبها محمد بن عبد الوهاب إلى نبذ كثير من المظاهر الاجتماعية التي تنسب إلى الإسلام جهلًا في حين إنها بدع ضالة.

وأدت دعوته إلى خلق مؤيدين ومعارضين شأن كل الدعوات، وانتقلت من إطارها النظري إلى الإطار الحربي حينما بلغ الحكم إلى السعود بن عبد العزيز الأول بن محمد بن السعود([1])، وهو شيخ من نجد ذو شهامة واعتزاز، لم يكتف بترداد مضمونها ونشر بنودها نظريًّا، ولكنه شهر السيف في وجوه المناوئين حتى استطاع أن يدخل مكة منتصرًا سنة 1218هـ، وبدخوله لها أصبح حكمه ذا طابع شرعي([2]).

ولم تشأ الظروف([3]) أن يحضر محمد بن عبد الوهاب لحظة الانتصار لأنه كان قد توفي سنة 1206هـ، ولكنه خلَّف ولدًا ممتلئًا عقيدةً ومتحمِّسًا بفكرة والده، فدافع عنها علمًا وعملًا تحت حماية السعوديين الذين تبنَّوا الفكرة. وأقام ندوات متعددة في مكة لشرح آراء الدعوة الإصلاحية وتفسير أصولها، وبين أمام محضر كبير من العلماء على اختلاف مذاهبهم أن الدعوة الجديدة تهدف إلى تحقيق ما يأتي:

(أولًا) إحياء الأصول التي يعتمد عليها أهل السنة والجماعة.

(ثانيًا) إقرار مذهب السلف فيما يتعلق بالصفات الإلهية، وهم يقرونها على ظاهرها، ويوكلون أمرها إلى الله.

(ثالثًا) الاعتماد في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل دون التنكير على من يقتدي بمذهب آخر([4]).

وأهم ما يتعلق بدعوتهم إقرار التوحيد الإسلامي الطاهر البعيد عن الإشراك بالله، ومحاربة كل المظاهر التي أحياها الجاهلون حينما شوَّهوا زيارة القبور والأضرحة وجعلوها ملتجأ لدعواتهم واستغاثتهم، واعتقدوا فيها ما كان يعتقده المشركون في أوثانهم وأصنامهم.

ولما كان هذا الأمر جدّ خطير بالنسبة للأوضاع الاجتماعية في مختلف البقاع الإسلامية ارتأى السعود بن عبد العزيز أن يوجه رسائل إلى ملوك الدول الإسلامية وإلى رؤسائهم يبين لهم أهداف دعوته، ويشرح لهم الأسباب التي أدت إلى محاربة الضلالات ومقاومة الفساد.

وبلغت الرسالة إلى السلطان المولى سليمان رحمه الله سنة 1226هـ، فوجدها لا تتنافى مع الأصول الإسلامية، ومع ذلك فقد جمع العلماء يستشيرهم ويستفتيهم، ويرجو منهم إبراز ما يكنّون إزاء هذا الموقف الإسلامي في بلاد الحجاز([5]).

ولم يكن المولى سليمان بالجاهل ولا بالمتخلف، فهو الذي تلقى الدراسات الدينية واللغوية عن جماعة من الأساتذة الموفَّقين تحت رعاية والده محمد بن عبد الله، فتربى ذوقه ورقت مشاعره وأصبحت الخشية تغلب على سلوكه([6])؛ لذلك فكر جديًّا في الأمر، وأرسل بعثة مغربية تضم عددًا من الفقهاء وعلماء الدين مصحوبين بابنه إبراهيم([7])؛ ليؤدوا فريضة الحج، وليترأسوا الحجاج المغاربة، وليطلعوا عن كثب على مضمون الدعوة وأهدافها.

وضم الوفد المرسل أعلامًا مغربية لم تكن مجهولة آنذاك، منهم: القاضي أبو إسحاق إبراهيم الزداغي([8])، والفقيه أبو الفضل العباس بن كيران([9])، والفقيه المولى الأمين بن جعفر الحسيني الرتبي([10])، والفقيه محمد العربي الساحلي([11]).

ونقل صاحب الاستقصا نصًّا من كتاب الجيش لأكنسوس بيّن فيه ما لقيه الوفد من التجلة والاحترام، وذكر جزءًا من الحوار الذي كان بين الأمير السعود بن عبد العزيز الأول وبين القاضي المغربي([12])، وأهم ما جاء في الأسئلة قول القاضي: “وبلغنا أنكم تمنعون من زيارته ﷺ وزيارة سائر الأموات مع ثبوتها في الصحاح التي لا يمكن إنكارها، وقال: معاذ الله أن ننكر ما ثبت في شرعنا! وهل منعناكم أنتم لما عرفنا أنكم تعرفون كيفتها وأدبها؟! وإنما نمنع منها العامّة الذين يشركون العبودية بالألوهية، ويطلبون من الأموات أن تقضِيَ لهم أغراضهم التي لا تقضيها إلى الربوبية، وإنما سبيل الزيارة الاعتبار بحال الموتى وتذكّر مصير الزائر إلى ما صار إليه المزور، ثم يدعو له بالمغفرة ويستشفع به إلى الله تعالى، ويسأل الله تعالى المنفرد بالإعطاء والمنع بجاه ذلك الميت إن كان ممن يليق أن يستشفع به، هذا قول إمامنا أحمد بن حنبل رضي الله عنه([13])، ولما كان العوام في غاية البعد عن إدراك هذا المعنى منعناهم سدًّا للذريعة، فأيُّ مخالفة في هذا القدر؟!”.

ولما رجع الوفد إلى المغرب بيّن بكل وضوح موقف الوهابيين، وتمسكهم بأصول العقيدة، واحترامهم لآل البيت، وتطهيرهم للحرم الشريف من كثير من البدع والمفاسد، وسمع المولى سليمان كل ذلك ووعاه، فرآه منسجمًا في جوهره مع التعاليم الدينية، وقارن بينه وبين ما عليه كثير من الجهلة بالمغرب حينما غلوا في الدين، ونسبوا إلى غير الله ما هو لله، فأشفق عليهم من ذلك، وكتب رسالته الشهيرة التي أنكر فيها سلوك أهل البدع الضالة، وفتح الأعين على حقيقة السنة التي تتنافى مع الغلو في احترام الأموات غلوًّا يدفع العوام إلى الاعتقاد في كونهم ينفعون أو يضرون([14]).

وهذه الرسالة تظهر لنا أن موقف المولى سليمان من مفهوم البدعة لم يكن بعيدًا عن موقف الوهابيين، ولكن موقفه من مخالفتها لم يكن شبيهًا بموقفهم، فهم اختاروا العنف([15]) وآثروا منع العوام من زيارة القبور سدًّا للذريعة، وهو اختار طريق التوعية والإرشاد والنصيحة([16]) وفتح الأعين على حقيقة الدين، وخطته هذه صالحة بالنسبة للوضع الذي كان عليه المغرب آنذاك، وبالنسبة لموقف المولى سليمان من هذا الوضع.

فالمغرب في الحقيقة غزته الاتجاهات الصوفية الصافية حقبة من الزمن، فلعبت دورًا عظيمًا في تهذيب النفوس وتقوية الإيمان والإعانة على الجهاد والمحافظة على مصالح العباد، ثم تضاءلت هذه الحقيقة، فدخل أدعياء التصوف في الميدان، وانتقلت الحركة الصوفية إلى أيدي بعض العوام، فتلاعبوا بجوهرها، وكدروا صفاءها، ودنسوا روحها، وهنا لا بد من اختيار طريق الصلاح؛ فإما محو للفكرة الصوفية من أساسها وقضاء على مراكزها، وإما تهذيب للطباع ونشر للدعوة السليمة وإرجاع الحق لذويه والفضيلة لممارسيها([17]).

أما الوهابيون فقد اختاروا الاتجاه الأول، فقرروا هدم كثير من المزارات وتحطيم كثير من الأضرحة؛ لأنهم رأوها تحول بين العبادة الطاهرة وبين الإنسان، أما المولى سليمان فاختار الطريقة الثانية، وأرى أن تطهير المبادئ الصوفية خير من القضاء على مراكزها؛ ولهذا فكر جديًّا في الجهر بالحقيقة، وحاول أن يظهرها أمام الملأ، وأن يزيل المسؤولية، فأعلن موقفَه بكل وضوح وبدون التواء.

إن إصلاح العقيدة شرط أساسيّ في نقاء النفس وسلامة الإيمان، وكلما انتشر الغلو بين قوم إلا وضعفت فيهم قوة التفكير وضاعت منهم سمة العقل الرشيد. وهذا هو السر في أن سليمان حاول القضاء على مظاهر البدع في دولته؛ لأنه رآها تخرب العقيدة وتفسد روح الإيمان وتكثر في التهريج والخرافات، وبين التهريج والخرافات تضيع الحقائق، وتنهار القيم، وتصبح الأيادي الجاهلة تتصرف في عقول أغلبية الشعب، فلا تبقى للإسلام ملامحه الظاهرة ولا مواقفه المشرفة، ويصبح الحق باطلًا، وتصير البدعة سنة، وويل لأمة تنقلب فيها الآية، فإذا بالحق يدخل في إطار الخرافات، وبالخرافة تدخل في إطار السنة المتبعة.

تلك خطة المولى سليمان، إنها مؤازرة لفكر الوهابيين من الناحية الدينية فيما يتعلق بتطهير العقيدة من الانحرافات التي أُصيبت بها، إلا أنها مخالفة لطريقة التطبيق التي سار عليها أولئك.

أما الموافقة فتظهر في المقارنة بين رسالة المولى سليمان وبين المصادر الأصلية التي وضعها الوهابيون شرحًا لعقيدتهم.

ومن هذه المصادر (كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد) لمحمد بن عبد الوهاب صاحب الدعوة، فلقد اختار فيه من الآيات والأحاديث ما يؤيد به وجهة رأيه، وتعرض لمفهوم التوحيد والشرك، وبيّن فيه المواقف الحاسمة التي أظهرها الإسلام ضد كل ما من شأنه أن يجعل لله شريكًا في أي صفة من الصفات أو شكل من الأشكال، وبيّن أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانًا تعبد من دون الله، واستدل في هذا الباب بالحديث الذي دوّنه الإمام مالك في الموطأ، فقد روي عنه أن رسول الله ﷺ قال: (اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد؛ اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)([18])، وأخرج المولى سليمان هذا الغلو من الناحية النظرية إلى الناحية العملية؛ ليدل المغاربة على مواقعه وعلى أخطاره، فقال في رسالته: “من الغلو البعيد ابتهالات أهل مراكش بهذه الكلمة سبعة رجال([19])، فهل كان لسبعة رجال شيعة يطوفون عليهم، فعلينا أن نقتدي بسبعة رجال ولا نتخذهم آلهة؛ لئلا يؤول الحال منهم إلى ما آل إليه في يغوت ويعوق ونسر”([20]).

وهي صيحة لا تصدر إلا عن مؤمن صادق، يعرف مضار كل تعفن في العقيدة والسلوك، وحاول أن يستخدم الجانب الإقناعي في النهي؛ ليرفع به مستوى الذين يستمعون إليه، فتضمنت هذه الفقرة من رسالته الملاحظات التالية:

أولًا: أن الابتهالات بالأشخاص داخلة في إطار الغلو البعيد.

ثانيًا: هؤلاء السبعة رجال لم تكن لهم شيعة يطوفون عليهم، فلم هذه البدعة التي لا أصل لها في إسلافهم؟!

ثالثًا: الإشعار بأن الغرض من زيارة الأموات وزيارة الصالحين الاقتداء بأفعالهم وأخلاقهم، لا التعظيم المجرد الذي يخرج عن دائرة التربية إلى دائرة الإعجاب السلبي.

رابعًا: تذكيرهم بأن عبادة الأوثان إنما جاءت عن طريق الغلو في الصالحين، وهو يشير بذلك إلى ما ورد في الصحيح من أن هذه الأسماء هي لرجال صالحين من قوم نوح، أعجب بهم محبوهم، فجعلوا لهم صورًا وتماثيل سموها بأسمائهم، حتى إذا طال بهم الإعجاب وهلكوا بقيت ماثلة للناس، فورثوا حبها إلى حد التقديس ثم إلى حد العبادة([21]).

خامسًا: في هذه الفقرة دعوة صريحة إلى استخدام العقل من جهة، وإلى التقيد بنصوص السنة من جهة أخرى.

إن هذه الملاحظات لتدل دلالة واضحة على التوافق في أصل المبادئ السنية بين رأي المولى سليمان وبين الدعوة الوهابية، ولكننا في الوقت نفسه لا نشعر أنها ستطبق عن طريق القسر والقهر، وإنما يبدو أنها ستسير وفق الإفهام الشرعي والعقلي؛ ليبتعد المخالفون إقناعًا لا ليبتعدوا ردعًا وزجرًا([22]).

وهذه هي الخطة التي تتلاءم مع الاتجاه الإصلاحي الذي كان يهدف إليه المولى سليمان، ومع الاتجاه السني الذي دعا إليه والد المولى محمد بن عبد الله رحمه الله ، قال الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله في كتابه “معطيات الحضارة الغربية” حين حديثه عن ملوك الغرب والطرقية: “وقد ألف أبو الربيع مولانا سليمان خطبة ضدّ المواسم والطوائف متأثرًا فيها بروح والده السنية، وكان تحريره لهذه الرسالة سدًّا للذريعة وحماية للشريعة رغم تشبعه هو ووالده بالروح الصوفية السلفية.

ولعل هذا التشبع بروح الصوفية السلفية هو الذي جعل المولى سليمان يختار في تطبيق الفكرة طريق الوعظ والإقناع والتوعية؛ لئلا ينسف كثيرًا من المظاهر الحضارية داخل المغرب.

فالفكرة في أساسها فكرة سنية سلفية، ودعوة الوهابيين لها يؤكد إخلاصهم في الدين وتفانيهم في تطهير العقيدة، ولكن تحقيق هذه الدعوة عند المولى سليمان يأخذ سبيلًا غير سبيل الوهابيين.

إن الفكرة في أساسها واحد، فلماذا نضيِّق الخناق على الفكر فلا نختار إلا سبيلًا يؤدي إلى العنف والاضطراب؟!

إننا لو بحثنا بعمق لوجدنا أن الظروف لها دور فعال في اختيار الاجتهادات؛ ولهذا ينبغي أن نزيل عنصر الحقد والتعصب من أنفسنا لنبحث عن الحقيقة، وأن نمعن النظر في الأحاديث الواردة في هذا الباب وفي طرق تأويلها عند كل طائفة، وألا نأخذها مأخذًا نهائيًّا ما دامت قابلة للتأويل والتفسير([23]).

إن هذه الأحاديث التي يجعلها الوهابيون انطلاقًا إلى مواقفهم تجد من علماء المسلمين من يشرحها شرحًا آخر ينطبق مع اتجاه الذين أباحوا زيارة القبور وبناء الأضرحة وشد الرجال لها، لا على أساس أنها تزار لذاتها وإنما على أساس تقدير المزور تقديرًا لا يتنافى مع سلوك الإسلام، فلو أخذنا مثلًا قول الرسول ﷺ وهو في السياق: (لعنة الله على اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)([24]) لوجدنا هذا القول منه تحذيرًا لأصحابه من أن يفعلوا بقبره ما فعل اليهود بقبور أنبيائهم؛ لئلا ينساقوا مع أهوائهم، فتبلغ بهم محبته إلى حد الغلو الذي يخرجهم من إيمانهم ويبعدهم عن توحيدهم.

وهذا الحديث يأخذه الوهابيون ويجعلونه منعًا مطلقًا للجمع بين القبر والمسجد، ويضيفون إليه أحاديث أخرى تؤكد معناه، وتصرح بالمنع والحظر، ويضعه ابن عبد الوهاب في كتابه التوحيد في باب ما جاء به التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده؟! لكننا إذا أخذنا الحديث ذاته لوجدنا هناك تفصيلًا في شرحه عند طوائف من المسلمين.

فالبيضاوي مثلًا -وهو أحد المفسرين- يقول: “لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيمًا لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها، واتخذوها أوثانًا لعنهم الله، ومنعهم عن مثل ذلك، وأما من اتخذ مسجدًا في جوار صالح وقصد التبرّك بالقرب منه لا بالتعظيم له ولا التوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد”([25]).

وفي هذا النص تأويل شرعي يبيح إقامة الأضرحة بجوار المساجد، لكننا قد نجد أنَّ المنع الذي يفهم من سياق الحديث ناتج عن الخوف من عبادة الأضرحة وعبادة أربابها، أما إذا زال المانع فإن المنع يزول بناء على القاعدة الأصولية التي تقرر أن العلة تدور مع المعلول وجودًا وعدمًا([26]).

وهكذا نجد أن الحديث صالح للمنع، وصالح للتفصيل بين المجاورة والمباشرة، وصالح لتأويل الجواز إذا زال المانع، ويكون الحال حينئذ في هذه المشكلة كالحال في أمر التصوير، فقد وردت أحاديث تزجر المصورين وتخوّفهم من عذاب الله، قال رسول الله ﷺ: (أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله)([27])، وقال: (كل مصوّر في النار، يُجعل به بكل صورة صوَّرها نفس يعذب بها في جهنم)([28]). وظاهر هذين الحديثين المنع مطلقًا، وبذلك قال الوهابيون، ولكننا لو أمعنّا النظر لرأينا أن السبب في المنع هو التخوّف من أن يعود الناس إلى عبادة الأوثان، أما إذا زالت هذه الأسباب وارتفعت هذه الموانع فإنه لا مبرِّر لاستمرار هذا التحريم، وبذلك أفتى الشيخ محمد عبده $، وهي فتوى تنسجم مع الواقع وتنطبق مع العقل ولا يجافيها الرأي السليم.

إنَّ نفس الاعتبار يمكننا أن نجعله منطبقًا على بناء الأضرحة، وعلى زيارتها، وعلى وضع المساجد بإزائها، فإذا خيف من عبادة الأضرحة عبادة من يسكنها فإن المنع ظاهر، أما إذا زالت هذه التخوفات ولم يعد هناك ما يبررها فلا معنى للمنع والتحريم([29]).

ولعل هذا الاعتبار هو الذي دفع المولى سليمان إلى النهي عن الغلو، وإلى محاولة توعية رعاياه لئلا يقعوا في هذه الموبقات المؤدية إلى تأليه الأضرحة وذويها.

إن الوضع المغربي كان يقتضي ثورة على المفاهيم لا نسفًا للمآثر والمعالم، فحفاظًا على تاريخ أولئك الذين بُنِيت أضرحتهم بناء مشيدًا وجعلهم من الفاتحين والمرابطين والمجاهدين والعلماء والمربين والصالحين وإبقاء لمظاهر بطولاتهم لتكون رمزًا يقتدِي به المقتدون، فإن المولى سليمان آثر التوعية على الهدم، والإرشاد على التحجير، والتنبيه على حقيقة آداب الزيارة لا على إبطال الزيارة من أصلها، وبذلك تكون الفائدة مزدوجة، تجمع بين الإبقاء على معالم الصلاح وبين إصلاح نفوس المنحرفين.

وهذا التأويل لا يتنافى مع روح السنة النبوية التي أراد الوهابيون إحياءها، كما لا يتنافى مع الروح الصوفية الطاهرة التي رُبِّي عليها المولى سليمان.

وإحياء السنة في الدعوة الوهابية لم يقتصر على هذه الجزئيات بالذات، فلقد دعا محمد بن عبد الوهاب إلى الوحدة والإخاء والابتعاد عن التناحر وعدم الرضا بالتقليد الأعمى وغير ذلك من الصفات الحميدة، وهي صفات لو تأملنا حياة المولى سليمان لرأيناه يدعو إليها أيضًا.

فالروح الإصلاحية كانت تجمع بين الدعوتين، ولن يقوم الكيان الإسلامي إلا على أساس الوعي الصادق والإخلاص المتواصل والاعتزاز بالله وبدينه.

ويمكن لمن يدرس التاريخ الفكري لهذه الدعوة أن يجد أصولها في كتاب وضع تصميمه الداعية محمد بن عبد الوهاب، وشرحه شرحًا كافيًا وفق المنهج الوهابي عالم العراق الكبير السيد محمود الآلوسي، وسماه: “مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله ﷺ أهل الجاهلية”، وكأنه في هذا الكتاب يريد إيضاح مظاهر الانحراف في عهده التي أصبحت شبيهة بمظاهر الانحراف التي كانت في العصر الجاهلي، ولم يتغلّب على تلك إلا برسالة الإسلام؛ ولهذا لا يمكن التغلّب على هذه إلا بإحياء السنة وبالرجوع إلى ينبوعها الأصيل.

ولعل الزمن لو أمهل المولى سليمان لأحيا معالم الفضيلة، وقضى على التخلّف الفكريّ، ولاستطاع أن يهذّب النفوس، ويرشد الغافلين، ويبعث السنة من جديد، ولتراجع عن التسهيلات التي منحها لبعض الكتب التي ضيّق والده طريق نشرها، فقد كان المولى محمد بن عبد الله يحارب كثيرًا من كتب الفروع وكتب غلاة الصوفيين، ولكن المولى سليمان لم ير رأيه، فكان ذلك من الأسباب التي أدَّت إلى عدم التوفيق في رسالته الهادفة إلى إحياء السلفية ومحاربة البدعة، والقائمة على التوعية ومخالفة التعفّن الفكري والعقائدي.

([1]) بدأت الأعمال العسكرية لدولة الدعوة من عهد الإمام محمد بن سعود المتوفى سنة 1179هـ، وهو جد الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد الذي ذكره الكاتب، والذي ضم مكة إلى الدولة السعودية الأولى. والإمام سعود هو الذي بلغت الدولة السعودية الأولى في وقته الأوج في اتساعها، وقد توفي سنة 1229هـ. نعم، غلب على عهد الإمام محمد بن سعود الجانب الدفاعي، وكان التوسع يُشكل إستراتيجية دفاعية بالقدر الأول؛ إذ واجهت عداوات استئصالية من اليمن ونجران والأحساء والعراق والحجاز، ولم تتجاوز حدودها عاصمتها الدرعية، فاعتمدت على التوسع من أجل الدفاع عن النفس، وكانت السمة الغالبة على هذا التوسع أنه يأتي عن طريق انقياد طوعي للدعوة أولًا، ثم تقوم تمردات في هذه المناطق التي انقادت بادئ الأمر طوعًا للدعوة نتيجة تحريض وإغراء من القوى المحيطة، فتضطر إمارة الدرعية إلى إعادة هذه القرى المتمردة بالقوة. يراجع في ذلك: عنوان المجد (1/ 48 وما بعدها)، تحقيق: عبد الرحمن آل الشيخ، ط: الرابعة، 1402هـ.

([2]) ليس حكم مكة هو الذي أعطى الدولة السعودية الطابع الشرعي، فهي دولة شرعية قامت على الكتاب والسنة من أول يوم لظهورها عام 1157هـ، لكن حكم مكة بلا شك شرَف لهذه الدولة، ورَفع المنكرات منها وتطهيرها من الشركيات والمخالفات وهدم القباب والأضرحة التي كانت تُسأَل وتُستغاث من دون الله تعالى وإقامة شرع الله فيها شرفٌ أعظم.

([3]) هذه من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الكتاب، فالظروف خلق من خلق الله، والذي يشاء ويدبر هو الله سبحانه وتعالى، وقد توفي شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبد الوهاب عام 1206هـ، وكان دخول مكة سنة 1218هـ.

([4]) للإمام محمد  رحمه الله ستة أبناء هم: علي وحسين وعبد الله وحسن وإبراهيم وعبد العزيز، وكلهم من أهل العلم، غير أن الذي يعنيه الكاتب هو الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، إذ دخل مكة في معية الإمام سعود الذي كان أميرًا لأبيه الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود؛ وقد كتب الشيخ  رحمه الله حين دخل مكة رسالة يجيب فيها عمَّا يعتقده النجديون ويدينون به، وهي رسالة بليغة تضمنت الأمور التي ذكرها الكاتب وأكثر، وقد أخذه إبراهيم باشا في من أخذ من آل سعود وآل الشيخ بعد غدره بأهل الدرعية، وعاش بقية حياته في مصر محدود الإقامة، وتوفي سنة 1142هـ بمصر. وانظر ترجمته في كتاب: مشاهير علماء نجد، لعبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ (ص: 48)، ط: الثانية، 1394هـ، دار اليمامة.

([5]) واضح أن الرسالة لم تكن موجَّهة بالتخصيص لسلطان المغرب؛ لأنها وصلته من والي تونس للدولة العثمانية، قال صاحب كتاب الجيش العرمرم الخماسي في دولة أبناء علي السجلماسي (1/ 289) نقلًا عن أبي القاسم الزياني (ت 1240هـ): (وفي عام سبعة وعشرين ومائتين وألف ورد كتاب من تونس لفاس، وجهه المبتدع الوهابي القائم بجزيرة العرب…)، وذكرها محمد الناصري (ت 1315هـ) في أحداث سنة 1226هـ إذ قال: (وفي تلك المدة وصل كتاب عبد الله بن سعود الوهابي النابغ بجزيرة العرب)، الاستقصا لأخبار ودول المغرب الأقصى (3/ 223)، عناية: محمد عثمان، طبعة دار الكتب العلمية. والناصري أخطأ الاسم، والصواب: سعود بن عبد العزيز؛ وكونها ليست موجهة بالتخصيص لسلطان المغرب وإنما هي لكافة من تبعه من أهل المغرب يُفسِّر تأخر وصولها إلى السلطان سليمان، إذ كان تاريخ إرسالها سنة 1218هـ كما ذكر الجبرتي (ت 1240هـ) في أحداث سنة 1218هـ: (وأرسل إلى شيخ الركب المغربي كتابًا، ومعه أوراق تتضمن مذهبه وعقيدته) عجائب الآثار (2/ 588)، دار الفارس بيروت.

وذكر المستشرق شمويل موريه أن نسخة من هذه الأوراق توجد في جامعة كامبرج، وذكر أنه قارنها مع النص الذي نقله الجبرتي. تاريخ الجبرتي بتحقيق موريه، طبعة القدس، 2013م (3/ 314 – هامش 116).

ونص الرسالة أيضًا موجود في كتاب الترجمانة الكبرى لأبي القاسم الزياني (ص: 394).

([6]) توفي المولى سليمان بن محمد العلوي سنة 1238هـ، وانظر سجاياه وخصائله في الجيش العرمرم الخماسي (1/ 272)، والاستقصا (3/ 262).

([7]) إبراهيم بن السلطان سليمان كان عالمًا فارسًا قائدًا للجيوش، قُتِل في حياة أبيه سنة 1234هـ. انظر: موسوعة أعلام المغرب (7/ 2505).

([8]) محمد بن إبراهيم الزداغي، عالم من كبار أعلام مراكش في زمنه، توفي سنة 1240هـ، وقيل غير ذلك. انظر: موسوعة أعلام المغرب (7/ 2545).

([9]) العباس بن محمد بن كيران، عالم من أهل فاس، وسكن مكناس، وتوفي بها سنة 1271هـ. انظر: معجم المؤلفين (5/ 64).

([10]) محمد الأمين بن جعفر الحسني أبو عبد الله، عالم من سجلماسة، لا تعرف سنة وفاته. انظر: معجم المؤلفين ( 9/ 71).

([11]) محمد العربي الساحلي، ليس من المشهورين الذين أوردت تراجمهم كتب التراجم.

([12]) كتاب الجيش (1/ 289)، والاستقصا (3/ 223).

([13]) التوسل بجاه النبي ﷺ يرويه بعض علماء الحنابلة عن منسك الإمام أحمد الذي كتبه للمروزي من أصحابه، ورجحه بعض المتأخرين من الحنابلة كابن مفلح في الفروغ (3/ 229).

وهذا هو مراد الإمام سعود، فيما نسبه للإمام أحمد، أي: أنهم يتسامحون في التوسل بجاه النبي ﷺ لكونه مرويًّا عن الإمام أحمد، لا أنهم يقولون به، بل الصحيح أن التوسّل بجاه النبي ﷺ لا يجوز لأنه دعاء، والدعاء عبادة، ولا يُعبد الله تعالى إلا بما شرع؛ لكنه ليس شركًا لكون العبد يكون متوجهًا إلى الله تعالى؛ وأما إذا توجه العبد إلى صاحب القبر بطلب الشفاعة أو السؤال، فهذا شرك باتفاق الأئمة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18]، ومن قال بجواز التوسل بالجاه فالصحيح أنه خاص بمن ثبت جاههم عند الله تعالى من الأنبياء وإمامهم محمد ﷺ، وأما غيرهم من الصالحين فليس لهم هذا الحكم، بل لم يُرْو عن الإمام أحمد ولا غيره ممن قبله من الأئمة جواز ذلك. وانظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، لابن تيمية، ضمن مجموع الفتاوى (1/ 153)، الطبعة الأولى، 1398هـ.

([14]) هي خطبته الشهيرة التي كتبها وأرسلها إلى أنحاء مملكته يأمر فيها باتباع السنة وترك البدعة، وهي رسالة شهيرة، وقد نشرها موقع مركز سلف للبحوث والدراسات.

([15]) لم يختاروا العنف لنشر دعوتهم، بل اختاروا الرفق والمراسلة، لكن العداء للتوحيد وتجديد الدين بلغ من المخالفين مبلغه، فتم تحريض أهل القرى والبوادي والدول المجاورة عليهم، فسلوا السيف دفاعًا عن دعوتهم، ثم كتب الله أن يكون ذلك خيرًا لهم وللمسلمين، فقد توسعت دولتهم وقويت، حتى تسامع بها أهل الأصقاع، وانتشرت دعوتهم جراء ذلك في الهند وبنجلادش وأندونيسيا والمغرب وغرب أفريقيا، وكل هذه الأصقاع بلغتها الدعوة، وكان لها فيها مكانة عالية، ولم يكن ذلك جراء عنف أو قتال؛ وكان قتالهم مقتصرًا على القرى والبوادي التي جاورتهم دفاعًا عن الدعوة أولًا، ثم سعيًا لإقامة دولة في أرض لم يكن لأهلها دولة؛ إلى أن قاتلتهم الدولة العثمانية ومنعتهم من الحج خمسين سنة، إلى أن يسر الله لهم دخول مكة بحد السنان بعد ثمان غزوات واجهوها من العراق والشام، والحمد لله أولًا وآخرا.

([16]) لم يكن بوسع المولى سليمان رحمه الله أكثر مما صنع، فقد تولى حكم البلاد وهي في فتن كبرى، ولم تزل من فتنة إلى فتنة ولم يزل رحمه الله يجالد أهل الفتن بالسيف والسنان في العرائش وفاس وبلاد البربر والبوادي من الأعراب، هذا غير الإفرنج، إلى أن توفاه الله تعالى، بل قد بلغ الأمر أنه وقع في الأسر من الثائرين، وهم الذين أعادوه إلى جيشه، في قصص طويلة لحروب غزيرة، قُتِل فيها المئات وربما الآلاف من الأرواح، ودمرت فيها مدن وأسواق، انظرها في الجيش الخماسي (1/ 272 وما بعدها)، وفي الاستقصا (3/ 20 وما بعدها).

([17]) كثيرًا ما يتحدث الباحثون في تاريخ التصوف عن كون بداياته كانت مع ظهور مشاهير الزهاد من الصحابة والتابعين وتابعيهم، أو ظهور مشاهير الزهاد في الأقطار، وهو أمر غير صحيح؛ إذ الزهد في الدنيا بمعنى القناعة فيها باليسير وعدم التكالب عليها وجعل الآخرة غاية المسعى، هذا من أدب الإسلام الذي لا ينفصل عنه، وقد كان الزهد بهذا المعنى هو سمة العلماء والعباد والمجاهدين في القرون المفضلة، وأما نسبة هؤلاء إلى التصوف فإنها إما مصانعة للصوفية، أو دعاية من المتصوفة لمذهبهم كي ينسبوا أصله إلى فعل السلف، والأمر ليس كذلك، فإن البداية الحقيقية للتصوف في كل مكان تبدأ مع بداية التباس الزهد في الدنيا والانعزال عن الناس والتسيح في الأرض وتعذيب النفس وإيذائها بالتجويع وغير ذلك من البدع التي فتح الشيطان بها بابًا عظيمًا لتعظيم الموتى إلى حد الإشراك بالله تعالى واتخاذ الطرق التي جعلت مشايخها بمنزلة المشرعين من دون الله تعالى، ثم أدخلت التصورات الخرافية الهندية واليونانية إلى سلوك العباد حتى ابتعدت بهم عن حقيقة الإسلام، وأصبحوا أحرص عليها من تعاليم الدين نفسه. وانظر في ذلك: كتاب تعريف التصوف للدكتور لطف الله خوجة من منشورات دار سلف.

فالذي كان له أثر في المغرب وغيره في تهذيب النفوس وتقوية الإيمان والإعانة على الجهاد والمحافظة على مصالح العباد -كما يقول الكاتب- ليس التصوف بأي صورة من الصور، وإنما هو الإسلام النقي قبل أن تخالطه البدع، أو ما بقي من الإسلام بعد مخالطة البدع إياه؛ وأما التصوف وسائر البدع صغيرها وكبيرها فلم يكن أثرها على المسلمين إلا بعدًا عن صحيح دينهم وذلًّا وهوانًا وجهلًا ونزاعًا، أدى إلى تخلفهم عن ركب الحضارة وترك أسبابها لغيرهم، وتسلط الأمم عليهم، حتى جاء ما يُعرف بالاستعمار العالمي، فلم يجد عناء في السيطرة على أمة تركت صحيح دينها واستبدلت به الذي هو شر؛ وكان أعظم البدع بلاء على الأمة وتسببًا في ضعفها وجهلها وركودها تحت ركام الخرافة والجهل هو التصوف الذي يتدرج فيه السالك من الفقر إلى الرهبانية حتى يصل إلى الحلول والاتحاد والعياذ بالله.

([18]) كتاب التوحيد (ص: 64)، باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يُصيرها أوثانًا تعبد من دون الله.

([19]) هم سبعة من أهل العلم والفضل، قبورهم تقع في مراكش، فيهم اعتقادات غير مقبولة شرعًا، وهم: يوسف بن علي الصنهاجي، والقاضي عياض، وأبو القاسم السهيلي، وأبو العباس السبتي، ومحمد بن سليمان الجزولي، وسيدي عبد العزيز التباع، وسيدي عبد الله الغزواني رحمهم الله تعالى، وقد ألف أحد الرحالة الغربيين عنهم كتابًا بعنوان: (سبعة رجال مراكش)، وهو هنري روكاستري، ونقله للعربية محمد الزكراوي، من منشورات مؤسسة آفاق في مراكش.

([20]) هذه الفقرة ليست في النسخة المتداولة من خطبة السلطان سليمان، وهي موجودة في الاستقصا (3/ 227)، ولم يذكرها أبو القاسم الزياني حين نقل الخطبة في كتابه الترجمانة الكبرى (ص: 466)، والناصر مؤلف الاستقصا عالم وقته وقريب عهد منهم (ت 1315هـ)، ولعله اطَّلع على نسخة أكمل للخطبة، والزياني -غفر الله له- شديد التحامل والتجني على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مدافع عن بدع القبور، على تناقض ملحوظ في أقواله، ولعله أسقط هذه الفقرة عمدًا، فهو شديد الجور على الدعوة السلفية، شديد المناوأة لها، ويتأول كلام المولى سليمان حتى لا يبدو كلامه موافقًا لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

([21]) الحديث رواه البخاري عن ابن عباس في تفسير سورة نوح من صحيحه برقم (4920).

وهو حديث عظيم قاطع الدلالة في وجوب سد ذرائع الشرك؛ فإذا كانت الصور والتماثيل أدت إلى الإشراك بالله تعالى، فكيف بالقبور التي تكون مداخل الشيطان فيها أكثر وأوسع؟!

([22]) لا شك أن الإمام إذا قدر على الأمرين معًا فلا يصح له التفريط بهما كما حصل في الدولة السعودية التي استطاعت -بفضل الله عليها- أن تقطع دابر هذا الأمر بالكلية، وأما إذا لم يستطع الإمام إلا محاولة الإقناع فلا لوم عليه، وقد اتقى الله ما استطاع كما هو حال المولى سليمان رحمه الله .

([23]) التأويل والتفسير إذا جاء وفق ما تحتمله ألفاظ اللغة العربية وقواعدها ووفق معهود العرب في أفهامهم -والذي لا يتجاوزه الصحابة والتابعون الذين هم سلف الأمة- فهو مقبول؛ أما إذا كان تفسيرًا أو تأويلًا حدث بعد حدوث البدعة، ولم يكن السلف يعرفونه، وإنما جاء به الخلف ليسوّغوا بدعتهم بدل الرجوع إلى صحيح النص، فما ذلك سوى اتباع للهوى وعدول بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ عن معناهما؛ من أجل إرضاء الأهواء وما عليه الآباء والمشايخ.

([24]) صحيح البخاري برقم (435).

([25]) نقله الكاتب عن إرشاد الساري للقسطلاني (6/ 467)، المطبعة الأميرية، ط: السابعة، 1323هـ.

والسؤال هنا: ما الدليل من اللغة العربية أو من فعل الصحابة والتابعين على هذا التأويل؟ أين الدليل على أن من اتخذ مسجدًا عند قبر رجل صالح بقصد التبرك وليس التعظيم ولا الاستقبال أنه لا يدخل في هذا الوعيد؟!

الجواب: لا يوجد؛ بل دلالة الحديث قاطعة لا تحتمل التأويل، فقد قال ﷺ: (لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجدًا)، فقد علل اللعن بمطلق الاتخاذ، ولم يُقَيِّد اللعن بكون الاتخاذ للتعظيم فيحرم دون التبرك فيجوز؛ وهذا ما فَهِمَتْهُ عائشة رضي الله عنها حين قالت في روايتها للحديث: (يُحَذِّر ما صنعوا)، بل هذا ما فهمه القسطلاني نفسه حيث قال (2/ 437): (ومقتضاه التحريم، لا سيما وقد ثبت اللعن عليه). لكنه -غفر الله له- عَدَل عن هذا المقتضى إلى ترجيح تأويل البيضاوي دون أن يأتي بدليل هذا الترجيح.

ثم إذا تأولنا هذا الحديث فهناك عشرة أحاديث أخر كلها صحاح تدل على الحكم نفسه، وليس فيها تقييد أو استثناء لمن يتخذونها مساجد احترامًا أو تعظيمًا.

ثم أين الدليل على أن مجاورة قبور الصالحين فيها بركة؟! الأمر ليس سوى بدع يُسَوِّغها أهلها ببدع أخرى حتى تتراكم، والمسألة واضحة لمن فتح الله عليه، ويمكن الاطلاع على كتاب: تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد للشيخ ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف 1422هـ.

([26]) هذه القاعدة الأصولية هي إحدى مسالك العلة في القياس، وتسمى الدوران أو الطرد والعكس؛ وهي قاعدة مختلف فيها وليست متفقًا عليها بين الأصوليين، فمنهم من قال: إنها تثبت العلَّةَ قطعًا، ومنهم من قال: تثبتها ظنًّا، ومنهم من قال: لا تثبتها ظنًّا ولا قطعًا، وعلى كل هذه الأقوال فهذه القاعدة إنما هي لإثبات العلة وليست لإثبات الحكم؛ لأن الحكم الأصل يثبت بالنص، والعلة تثبت بأحد المسالك، ومنها النص والمناسبة والدوران؛ فإذا كانت العلة توجد مع حكم الأصل وتنتفي معه كحرمة الخمر للإسكار، فقد ثبتت عليتها عن طريق الدوران، ولا علاقة لها بإثبات الحكم أو نفيه. ويراجع: نهاية السول لجمال الدين الإسنوي (4/ 320) عالم الكتب.

ولو أننا مضينا في تطبيق هذه القاعدة بالطريقة التي استخدمها الكاتب  رحمه الله لوقعنا في ورطات عظيمة جدًّا، فما من حكم شرعي إلا وتتخلّف عنه الحِكم المستنبطة أو بعضها، فإذا قلنا: إن من حِكَم تحريم الزنا منع اختلاط الأنساب، فإن هذا المحذور يتخلَّف في أوقات كثيرة، وليس معنى تخلّفه تخلّف الحكم؛ بل معناه أنه ليس الحكمة الوحيدة، وأنه ليس علة للحكم.

([27]) رواه البخاري برقم (5954).

([28]) رواه مسلم برقم (2110).

([29]) أولًا: دعوى أن هذه التخوفات زالت لا دليل عليها؛ بل الدليل ضدها، فهذه الأضرحة لا زال يُستغاث بها من دون الله، وتساق لها النذور، وتقام عليها الموالد والخرافات والاجتماعات التي يقع فيها الكثير من المحرمات في سائر العالم الإسلامي ما عدا المملكة العربية السعودية؛ وعلى فرض زوالها -فكما قدّمنا قبل قليل- فالحكم معلّق بوجود سببه، وليس بوجود الحكمة من شرعه.

ثانيًا: هناك فرق أصولي بين ما ورد في النهي عن بناء المساجد على القبور وبين ما ورد في النهي عن التصوير؛ فالنهي عن اتخاذ القبور مساجد ورد بلفظ لا يحتمل معنى آخر في اللغة، وهو ما يسميه الأصوليون: (النص)، وما كان من الألفاظ نصًّا فإنه لا يحتمل التأويل؛ وأما التصوير فإنه مما يسميه الأصوليون (المشترك) أي: اللفظ الذي يدلّ على معنيين فأكثر في وقت واحد، وهذا يُصرف إلى أحد معانيه إن لم يمكن الجمع بينها، أو إن ورد من الشرع ما يدل على انصرافه إلى أحدها كالقرء الذي يدلّ على الحيض وعلى الطهر في آن واحد؛ لذلك صرف بعض العلماء القرء في قوله تعالى: ﴿ثلاثة قروء﴾ [البقرة: 228] إلى الحيض، وصرفه آخرون إلى الطهر؛ لعدم إمكان الجمع بينهما، والتصوير من هذا المشترك، حيث يدل على نحت التصاوير أو رسمها، هذا ما كان معروفًا عند العرب؛ ولذلك أجمع العلماء دون اختلاف على حرمة نحت ذوات الأرواح أو صناعة صورها من صلصال وغيره، وأما الرسم فاختلفوا فيه اختلافًا دقيقًا، ومنشأ اختلافهم دلالة حديث القِرام الذي فيه تصاوير فهتكه رسول الله ﷺ وجُعل وسائد، فهي وسائد عليها صور وكانت في بيته، فاستدلوا بذلك على أن هتك الرسول ﷺ لها إنما هو لكونها كانت سُتُرًا مرفوعة غير ممتهنة، فلما قُطِّعت وجُعلت وسائد ممتهنة لم يكن في ذلك بأس.

وأما التصوير الحادث في عصرنا -وهو عكس الشخص بالآلة- فلم تكن تعرفه العرب، ولا وضعوا له اسمًا؛ لذلك كان مبنى الحكم عليه هو القياس وليس النص، فمن قاسه على النحت أفتى بتحريمه، ومن قاسه على الرسم منهم من حرمه ومنهم من أباحه، ومن قاسه على المرآة أباحه، فالحكم فيه ليس قطعيًّا كالحكم في اتخاذ القبور مساجد.

وإلى هنا ينتهي ما أردتُ من التعليق على هذا المقال القيّم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

 

التعليقات مغلقة.

جديد سلف

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

درء الإشكال عن حديث «لولا حواء لم تخن أنثى»

  تمهيد: معارضة القرآن، معارضة العقل، التنقّص من النبي صلى الله عليه وسلم، التنقص من النساء، عبارات تجدها كثيرا في الكتب التي تهاجم السنة النبوية وتنكر على المسلمين تمسُّكَهم بأقوال نبيهم وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، فتجدهم عند ردِّ السنة وبيان عدم حجّيَّتها أو حتى إنكار صحّة المرويات التي دوَّنها الصحابة ومن بعدهم يتكئون […]

(وقالوا نحن ابناء الله ) الأصول والعوامل المكوّنة للأخلاق اليهودية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا يكاد يخفى أثر العقيدة على الأخلاق وأثر الفكر على السلوك إلا على من أغمض عينيه دون وهج الشمس منكرًا ضوءه، فهل ثمّة أصول انطلقت منها الأخلاق اليهودية التي يستشنعها البشر أجمع ويستغرب منها ذوو الفطر السليمة؟! كان هذا هو السؤال المتبادر إلى الذهن عند عرض الأخلاق اليهودية […]

مخالفات من واقع الرقى المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الرقية مشروعة بالكتاب والسنة الصحيحة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وإقراره، وفعلها السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان. وهي من الأمور المستحبّة التي شرعها الشارع الكريم؛ لدفع شرور جميع المخلوقات كالجن والإنس والسباع والهوام وغيرها. والرقية الشرعية تكون بالقرآن والأدعية والتعويذات الثابتة في السنة […]

هل الإيمان بالمُعجِزات يُؤَدي إلى تحطيم العَقْل والمنطق؟

  هذه الشُّبْهةُ مما استنَد إليه مُنكِرو المُعجِزات منذ القديم، وقد أَرَّخ مَقالَتهم تلك ابنُ خطيب الريّ في كتابه (المطالب العالية من العلم الإلهي)، فعقد فصلًا في (حكاية شبهات من يقول: القول بخرق العادات محال)، وذكر أن الفلاسفة أطبقوا على إنكار خوارق العادات، وأما المعتزلة فكلامهم في هذا الباب مضطرب، فتارة يجوّزون خوارق العادات، وأخرى […]

دعاوى المابعدية ومُتكلِّمة التيميَّة ..حول التراث التيمي وشروح المعاصرين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: في السنوات الأخيرة الماضية وإزاء الانفتاح الحاصل على منصات التواصل الاجتماعي والتلاقح الفكري بين المدارس أُفرِز ما يُمكن أن نسمِّيه حراكًا معرفيًّا يقوم على التنقيح وعدم الجمود والتقليد، أبان هذا الحراك عن جانبه الإيجابي من نهضة علمية ونموّ معرفي أدى إلى انشغال الشباب بالعلوم الشرعية والتأصيل المدرسي وعلوم […]

وثيقة تراثية في خبر محنة ابن تيمية (تتضمَّن إبطالَ ابنِ تيمية لحكمِ ابن مخلوف بحبسه)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلي وأسلم على من بُعث رحمةً للعالمين، وبعد: هذا تحقيقٌ لنصٍّ وردت فيه الأجوبة التي أجاب بها شيخ الإسلام ابن تيمية على الحكم القضائيّ بالحبس الذي أصدره قاضي القضاة بالديار المصرية في العهد المملوكي زين الدين ابن مخلوف المالكي. والشيخ كان قد أشار إلى هذه […]

ترجمة الشيخ المسند إعزاز الحق ابن الشيخ مظهر الحق(1)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشيخ إعزاز الحق ابن الشيخ مظهر الحق بن سفر علي بن أكبر علي المكي. ويعُرف بمولوي إعزاز الحق. مولده ونشأته: ولد رحمه الله في عام 1365هـ في قرية (ميرانغلوا)، من إقليم أراكان غرب بورما. وقد نشأ يتيمًا، فقد توفي والده وهو في الخامسة من عمره، فنشأ […]

عرض وتعريف بكتاب: “قاعدة إلزام المخالف بنظير ما فرّ منه أو أشد.. دراسة عقدية”

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المعلومات الفنية للكتاب: عنوان الكتاب: (قاعدة إلزام المخالف بنظير ما فرّ منه أو أشد.. دراسة عقدية). اسـم المؤلف: الدكتور سلطان بن علي الفيفي. الطبعة: الأولى. سنة الطبع: 1445هـ- 2024م. عدد الصفحات: (503) صفحة، في مجلد واحد. الناشر: مسك للنشر والتوزيع – الأردن. أصل الكتاب: رسالة علمية تقدَّم بها المؤلف […]

دفع الإشكال عن حديث: «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك»

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة من أصول أهل السنّة التي يذكرونها في عقائدهم: السمعُ والطاعة لولاة أمور المسلمين، وعدم الخروج عليهم بفسقهم أو ظلمهم، وذلك لما يترتب على هذا الخروج من مفاسد أعظم في الدماء والأموال والأعراض كما هو معلوم. وقد دأب كثير من الخارجين عن السنة في هذا الباب -من الخوارج ومن سار […]

مؤرخ العراق عبّاس العزّاوي ودفاعه عن السلفيّة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المحامي الأديب عباس بن محمد بن ثامر العزاوي([1]) أحد مؤرِّخي العراق في العصر الحديث، في القرن الرابع عشر الهجري، ولد تقريبًا عام (1309هـ/ 1891م)([2])، ونشأ وترعرع في بغداد مع أمّه وأخيه الصغير عليّ غالب في كنف عمّه الحاج أشكح بعد أن قتل والده وهو ما يزال طفلا([3]). وتلقّى تعليمه […]

دفع الشبهات الغوية عن حديث الجونية

نص الحديث ورواياته: قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: بَابُ مَنْ طَلَّقَ، وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلَاقِ؟ حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ: أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017