ترجمة الشيخ العلامة أحمد أبا عبيدة المحرزي([1])
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
اسمه ونسبه:
هو العلامة مولاي أحمد بن محمد بن مولاي محرز المحرزي، الفيلالي الأصل، المراكشي المولد والوفاة.
أمّا المحرزي فنسبة إلى جده محرز، وأما الفيلالي فنسبة إلى (تافيلالت) وهي قرية عائلة الشيخ في الأصل، وتقَع جهة درعة من إقليم الرشيديّة.
وأما كنية والده (أبا عبيدة) فلها قصة طريفة؛ إذ ليست كنية يكنى بها نسبة إلى ابن له، وإنما كان ذاهبًا لوضع اللقب (الاسم العائلي) في سجله الرسمي، وكان رجلًا أميًّا صالحًا، فكان وهو في طريقه يتذاكر أسماء العشرة المبشرين بالجنة من الصحابة، وغاب عن باله اسم الصحابي الجليل أبي عبيدة، فلما وصل عند الموظف تذكر اسمه فرفع صوته وقال: “أبا عبيدة”، ومن هنا جعل لقب آل بيته أبا عبيدة.
وعلى هذا الحدث علق الشيخ بقوله: “اختيار الوالد رحمه الله كان موفقًا، وصادف وجهًا من وجوه الأسماء الستة وهي لغة القصر:
إِنَّ أَبَاهَا وَأَبَا أَبَاهَا |
|
قَدْ بَلَغا في المجدِ غايتاهَا”([2]) |
مولده:
ولد الشيخ في مراكش، وتحديدًا في درب “أَمْسَكِّي” بحيّ الرَّحْبَة القديمة عام 1934م.
وكان والده قد تواعد مع شيخ من شيوخ مراكش إن رزقه الله ابنًا أن يلحقه بحلقته القرآنية فينشأ على حفظ القرآن وتلاوته، يقول الشيخ: “دخل والدي مسجد ابن يوسف بمراكش، فرأى حلقة عظيمة بين يدي شيخ وقور، وطلابًا ملؤوا جنبات المسجد بترانيم أصواتهم الشجية… فهزت والدي مشاعر جياشة، فقصد الشيخ وقال له: إن زوجي حبلى، وأودّ إن وضعت ذكرًا أن تحفِّظَه القرآن. فوافق الشيخ ودعا لأمي رحمها الله. وتمضي الأيام بأسابيعها وشهورها، فإذا بوالدي شيخنا ممسكٌ بي وقدَّمني بين يدي الشيخ، وقال له: هذا الولد قد بلغ مبلغ القراءة والتحصيل، فأرني وعدك الذي وعدتني”.
يقول د. وديع عمر غوجان معلقًا: “فاعتنى به الشيخ عناية فائقة، وعلمه مبادئ القراءة والكتابة، وسرعان ما فاق أقرانه حفظًا وفهمًا، فختم القرآن دون العاشرة من سنه، وظهرت عليه علامات الحذق والفطنة والنبوغ المبكر”.
نشأته العلمية:
لا شكّ أن من أهم السمات البارزة للنابغين النابهين من أهل العلم في عصرنا وفي كل عصر هو السبق في حفظ القرآن الكريم، فقد حفظ الشيخ القرآن في صباه وأتم حفظه؛ وقد كانت لعناية والده به وحرصه على تعليمه دور كبير في نباهته ونبوغه الباكر، يقول الشيخ خالد طاهر الصيدقي: “حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة على الشيخ علال، وجوّده على الشيخ الفيلالي المفضال، صاحب الخصال الكريمة العجيبة، ممن شرفت بإقامتهم مراكش الحبيبة، ثم تنقّل في رياض العلوم، فأخذ عن جلة من علماء عصره أرباب الفهوم، في جامعة ابن يوسف وخارجها”.
ويقول تلميذه مولاي المهدي الفاسي: “نشأ الطفل مولاي أحمد في رحاب القرآن أوّلا على يد الطالب علّال في كُتّابه القديم، فأحبّه الشيخ محبة عجيبة، وعلِق قلبُه بهذا الطفل الموهوب الذي بدت عليه مخايل النجابة ورجاحة العقل. ثم يقدّر الله تعالى بألطافه الخفيّة لشيخنا الإمام لقاءً طيّبا مع أحد أقطاب القراءة بمراكش، سيغيّر مسار حياته، إنه الطالب محمد الفيلالي الذي يعرف أيضا بالطالب لَكْحَل.
كان لقاؤه به عندما دُعِي إلى مأدبة حضرها الناس، وكان الطالب لَكْحَل قد أرسل صوته العذب بتلاوة آي الذكر الحكيم التي حَملت إلى شيخنا على أثير الموجات الربانية العاملة في القلوب الأعاجيبَ من النفحات الربانية، لتتسلّل إلى فؤاده فتملكه بنداوتها، وتهزّه بطلاوتها…
حفظ شيخنا القرآن كاملًا على شيخه الجديد محمد الفيلالي الذي أعجب بأدائه وصوته وهو دون العاشرة على اللوح، وهي الطريقة المغربية المتداولة إلى الآن بعد أن ختم من قبلُ نصفه على شيخه الأول علال”.
وما إن أتم حفظ القرآن حتى أقبل على أهل العلم في صغره؛ يثني الركب في دروسهم وينهل من علومهم ويحرص على فوائدهم ودُرَرِهم، فقد كان يتردّد على حلق العلم سواء في الصباح عند من يدرس في الصباح كالفقيه الصويري والفقيه الفيلالي، أو في المساء ومن ذلك مسجد ابن يوسف بمراكش حيث كان يحضر فيها مجالس العلم على شيخه الفقيه (مَسُّو)([3]) من بعد صلاة المغرب وحتى منتصف الليل.
وللشيخ في ذلك طرائف وقصص، ومنها ما ذكره الشيخ عن حرصه على حضور الدرس في صغره، وقصته في ذلك مع الفقيه (مَسُّو) حيث يقول: “كنت معجبًا بالفقيه ابن عبد القادر الذي كان مشهورًا بالفقيه (مَسُّو)، وكان له درس في النحو خصّ به بعض الطلبة الكبار المتقدمين في المرحلة والعمر، ويمنع المبتدئين الصغار الالتحاق به؛ عملًا بقاعدة: (طعام الكبار سمّ الصغار).
فكنت أحضر مجالسه خِلسة، وأجلس وراء سارية من سواري المسجد، فسأل الفقيه (مسُّو) سؤالا لم يوفق الطلبة للإجابة عنه، فأخرجت رأسي وقلت: هل أجيب؟ فاستغرب الفقيه (مسُّو) وجودي لكنه لم يتسرع في تعنيفي، بل قال لي: أجب. فأجبت جوابًا أدهش الطلاب وأثار إعجاب الفقيه (مسُّو). فقال لي: من الآن فصاعدا تلتحق بهذه المجموعة”.
وبالإضافة إلى تعلمه على يد الشيخ (مسّو) عني الشيخ بعلم القراءات وتعلمها على يد الشيخ بَلْكُونْتْرِي بمدينة الصويرة؛ حيث أخذ عنه القراءات السبع من طريق الشاطبية، فأتقنها، كما حفظ العديد من منظومات الرسم وفن القراءة، كالمنبّهة لأبي عمرو الداني، والشاطبية للشاطبي، والدرر اللوامع لابن بَرِّي التَّازِي، وغيرها الكثير من منظومات هذا الفن.
يقول ابنه محرز حفظه الله: “وكان الوالد طوال يومه مشغولًا بالمطالعة والقراءة والكتابة، هذا حاله من الصباح وحتى الليل، بل إن من المعتاد أن ترى جميع من في الدار في سبات عميق وهو في مطالعة عميقة، وربما غفا شيئًا من الساعات في الليل وعاد إلى المطالعة، وأخبرني من أثق فيه من أقران الوالد أن هذا كان حاله منذ صباه وطلبه العلم، فلربما تركوه يحفظ محفوظاته ويذهبون للنوم والراحة ثم يستيقظون والوالد على حاله في المراجعة وترداد المحفوظات”.
أبرز شيوخه:
- الشيخ محمد بن عبد القادر العلوي المَسْفِيوِي الشهير بالفقيه (مَسُّو)، وهو من أهم شيوخه الذين تأثر بهم؛ فقد لازمه وحرص على دروسه، وتأثر بطريقته وزهده.
- الشيخ عَلَّال بن عبد الواحد الفاسي.
- الشيخ محمد الفيلالي المعروف بالطالب لَكْحَل.
- الشيخ المقرئ بَلْكُونْتَرِي.
- الشيخ أحمد أَكُرّام البعقيلي.
- محمد بن الحسن الدَّبَّاغ.
- اَحْمَاد أَمَلَّاح.
- عبد الجليل بَلَّقْزِيز.
- ابن عَبَّاد.
- السِّي إبراهيم.
- إبراهيم السُّوسِي.
- عمر بن إسماعيل.
- الرَّحَّالِي بن رحال بن العربي الفاروق السرغيني.
- العلامة عبد السلام بن علي جبران المَسْفِيوِي.
- المَدَنِي بن الحَسَنِي الرباطي.
- الهَاشِمِي بن مِيرَة.
- ابن الدَّرَاوِي.
أخلاقه وصفاته:
كان الشيخ كأنما يلتقط من حدائق الأخلاق أزكى الأزهار، وينتقي من بساتين الفضائل أعطر الورود، فقد عرف الشيخ رحمه الله بنبل أخلاقه وحسن سمته وكرم شيمه، فكان الكريم السخي، البشوش الورع، الزاهد المتواضع، شريف النسب والنفس.
فأما عن زهده فقد كان رحمه الله مدْبرًا عن الدنيا مقبلًا على الآخرة، معرضًا عما في أيدي البشر طامعًا في عطاء رب البشر، وكان يتمثل الحكمة الشهيرة التي كان يرددها شيخه الفقيه (مسُّو): فاز من كفّ فكّه وفكّ كفّه، وخسر من فك فكّه وكفَّ كفّه.
وكان يرد من كان يعرض عليه شيئًا من الدنيا قائلا: “تَكفِينِي يَكفيني”، ويقصد بذلك أن كَفَنَه يكفيه من هذه الدنيا ولا يريد أكثرَ من ذلك؛ إذ لا يذهب بغيره.
بل إنه من زهده رحمه الله أن غير موقع سكنه ترفُّعًا عن عطية بعض المحسنين الذين عرفوا مكان بيته وعرضوا عليه أعطياتهم.
وأما عن تواضعه فهو ما عرفه به البعيد فضلًا عن القريب، فرغم علوّ كعبه في العلم رحمه الله كان هيِّنا ليِّنا مع طلاب العلم وغيرهم، يجلس لهم ويعطيهم جل وقته، كثير الهضم لنفسه، لا يعلو على الناس ولا يتعالى، ولا يتفاخر بنسبه، يجالس الفقير والطالب والمبتذل والسوقة والتاجر، يعلِّم ذا تارة وينصح، وكان ذا دعابة ولا ينطح، قريبًا من العامة، ومذكِّرا لهم.
ومن تواضعه أنه اقترِح عليه تحقيق كتاب ما من الكتب، فكان يقول: “أنا لا أحسن إلا تحقيق ساعتي”.
ومن تواضعه رحمه الله أنه كان ينصت ويستمع ويصغي إلى كل من يفيده بشيء من العلم ولو كانت نصيحة معروفة أو مسألة مشهورة أو قصة معلومة، ولو كان ملقيها صغيرًا أو طالبًا أو عاميًّا، فتجده عند إلقاء فلان ما فائدة علمية كله أذنا صاغية، ولو أدلى بها أصغر صغار طلابه، مجلًّا صاحبها، ومشجعًا له، ومستفسرًا عن مصدرها، يحب مذاكرة العلم مع طلابه.
وقد عرف الشيخ رحمه الله ببشاشته ولطافته مع طلاب العلم في مجالسه، وكان يعتني ويقبل عليهم فرحا مسرورًا، كما عرف عنه نثره للفوائد ونشره لدرر العلم وبذلها، يقول الشيخ خالد طاهر الصيدقي: “لا يضنّ بالفائدة لعلمه بأنها أكبر عائدة”.
يقول ابنه محرز حفظه الله: “وكان الوالد رحمه الله تعالى سخيًّا كريمًا، يرحب بالضيف أيًّا كان، بل إن بعض المختلين عقليًّا كانوا يحبون الدخول عليه والأكل عنده، ولم يكن يمانع من ذلك بل يرحّب بهم، ولا يكاد يخلو بيته من الضيفان من الفجر حتى الليل، ويحضر للضيف كل ما يستطيع من القرى، ويبذل في ذلك كل ما يمكن، وربما اقترض لأجل ذلك واضطر أن يبيع سلهامه([4]) أو شيئًا من ثيابه لسداد القرض”.
وقد عرف الشيخ رحمه الله بتعظيمه للبلد الحرام وتبجيله لمكة المكرمة، وكان يقيم مدة فيها، بل كان يرغّب كل من يلقاه في زيارة البيت الحرام والاستمتاع به خشية فواته.
خلقه مع أهله وتلامذته:
مما عرف به في تعامله مع تلاميذه أنه كان يحبّ من كان منهم ذا لسان سَؤُول وقلب عقول، وكان يفرح جدًّا إذا وجد من يسأله عن مسألة أو يستشكل أمرًا من الأمور العلمية.
وكان رحمه الله يخفض جناحه لطلاب العلم، ويغمرهم بعلومه ونبيل أخلاقه وجليل خصاله، في تواضع ومحبة وبذل لكل ما يمكنه من تعليم وتربية وتيسير لأمور العلم، وله في ذلك قصة مع تلميذه د. وديع عمر غوجان حيث يقول: “على الرغم من فرط حب شيخنا أبا عبيدة للكتب لكنك لا تجده ضنينًا به، بل سرعان ما يعرضه على طلابه ويعرفهم به، وإذا رأى تعلق أحدهم به وعده بتصويره له، فيناوله إياه على رحابة صدر وانشراح فؤاد.
دخلت مرة على شيخنا فوجدت بين يديه شرحًا على لامية الأفعال لابن مالك، يقع في أربعة أجزاء… فأخذت أتصفح جزءًا منه، فلما لمح الشيخ إعجابي بالكتاب بادرني قائلًا: هذا أوسع شرح على لامية ابن مالك، غدًا أصوره وأعطيه لك! فلما كان من الغد… قال لي: خذ نسختك، فشكرت صنيعه، فرد علي فرحًا جذلا:
كيف أهدي لك روحي ولقد صح بالبرهان أن الكل لك
وردد: الكل لك.. الكل لك.. الكل لك…رحمه الله رحمة واسعة”.
ومن عنايته بتلاميذه أنه كان يحتفي بهم ويبرز حالهم، ومن ذلك أن رجلًا طلب منه أن يعرب (إني كافرا)، فقال له الشيخ: “لي طالب سأتصل به، وسأجده نائما سيعربها دون تتعتع”، وهو ما حصل فعلًا حيث اتصل بتلميذه وأجاب إجابة شافية.
وكان يكرم أهل العلم ويتواضع لهم ويجلهم ويغمرهم بكرمه مهما كانت مرتبتهم أو أعمارهم، حتى إنه كان يكرم من نبغ من طلابه ويخصهم بالاحترام والتقدير، فإذا ما زاره أحد منهم أكرمه وبالغ في توقيره، فقد زاره أحد تلامذته النابغين في بيته وعنده تلميذه د. وديع، فهش وبش وأسرع في إكرامه، يقول د. وديع: “فتوجهت لإعداد قِرى ضيفه، وفجأة يقف الشيخ جنبي بالمطبخ قائلا: تعال، تعال، اجلس معي، قلت له: أجهّز الشاي، فقال لي بصوت خافت: إنني أستحيي من هذا الرجل، علما أنه من كبار طلابه المتتلمذين على يديه زمن قوة عطاء الشيخ”.
مؤلفاته:
ليس للشيخ مولاي أبا عبيدة أي شيء من المؤلفات، فلم يكتب شيئًا تواضعًا منه رحمه الله، رغم أنه كان بارعًا وله آراء واستنباطات تفرد بها وهي من بنات أفكاره، ومن هنا يقول تلميذه مولاي المهدي الفاسي: “من أجل ذلك يقوم طالبه الوفيّ الأستاذ الباحث في الدراسات البلاغية القرآنية والعلوم التقويمية مولاي المهدي الفاسي الإدريسي جواني بجمع تراث الشيخ الإمام وبسطه للناس في شكل محاضرات ودروس أُلقيت في شتى مراكز العلم هنا بمراكش، وأبرزها مؤسسة ابن تاشفين للدراسات والأبحاث تحت إشراف فضيلة مديرها العام الدكتور عادل رفوش حفظه الله، أو في شكل مقالات علمية منشورة على صفحته في الفيس، على أمل إخراج كتاب خاص بعلومه بعنوان: (سهرة مولاي المهدي مع الإمام).
الإمام مولاي أحمد يحمل اجتهادات وآراء علمية فذّة وفريدة في شتى المعارف التي كان يتقنها، وهي من بنات صدره وأفكاره، ولكنها ما زالت مبثوثة في صدور من سمعوها، أو مسجلة على أشرطة الكاسيط حينما كان يلقي دروسه وخطبه في المساجد المراكشية”.
خطبه ودروسه العلمية:
عرفت مراكش خطب الشيخ مولاي أحمد أبا عبيدة أيما معرفة، فقد كان لدروسه ومحاضراته أثرها على مجتمع مراكش عامة وعلى طلبته خاصة، يقول مولاي المهدي الفاسي: “حباه الله تعالى بجملة من دروس كثيرة راقية ألقاها مع خطب متنوعة بأسلوب يقطر سلاسة وحكمة وعذوبة، بدأها في ستينات القرن الماضي في “حي درب ضَبَاشِي” بمراكش، ثم انتقل بعدها إلى دروسه في علوم التوحيد والفقه والتفسير وعلوم اللغة في حي أَزْبَزْط بالأحياء القديمة، كما خلّد مسجدُ “ابن صَالِح” في نفس المدينة تسجيل دروس متنوعة.
دخل الشيخ الإمام إلى سلك التعليم ليلتحق بطائفة من علماء الأمة الذين شاطروه شرف هذه الرسالة، كان ذلك بمدرسة “دار البَارُود” للتعليق العتيق، حيث تخرّج على يديه تلاميذ كثيرون”.
أشهر تلاميذه:
للشيخ مولاي أبا عبيدة تلامذة كثيرون يصعب حصرهم، ولكن من أشهرهم:
- الشيخ العلامة مولاي المصطفى البحياوي.
- الشيخ العلامة أحمد بَحِيح.
- الشيخ الصالح عبد القادر البُوعَمْرِي.
- الشيخ د. أبو مالك بَاقْشِيش.
- د. مولاي المصطفى أبو حازم “لَحْبِيضِي”.
- الشيخ المقرئ عمر القزابري.
- الشيخ المقرئ المسند توفيق العبقري.
- الشيخ المسند عبد الرحيم نابلسي.
- الشيخ مولاي المهدي الفاسي.
- الشيخ د. وديع عمر غوجان.
انتهاجه منهج السلف:
عرف الشيخ رحمه الله تعالى بتعظيمه للعلم الشرعي ومصادره التي هي مصادر التلقي عند أهل السنة والجماعة، فقد عرف عنه تعظيمه للوحي كله، وتعظيمه وعنايته بمنهاج السلف واعتداده بأقوالهم، يقول الشيخ عبد الجميل ولد العظم: “سألت الشيخ مولاي أحمد أبا عبيدة رحمه الله يوما فقلت: كيف عرفت التوحيد والسنة وقد درست في جو علمي السائد فيه هو المذهبية والصوفية والخرافة؟ فأعجب بالسؤال، وقال: عرفت ذلك عن طريق الشيخ سيدي احماد أكُرَّام([5]).
فعقبت فقلت: وكيف عرف هو السنة والتوحيد؟ فقال: كان له أخ يدرس بالأزهر وقد تأثر بدعوة الشيخ ابن عبد الوهاب، وكان يرسل كتبه ورسائله إليه فتأثر بها، وكان الشيخ أكُرّام مقرَّبا من باشا مراكش التهامي الكلاوي؛ لأنه من قبيلته؛ مما جعله يعلن اعتناقه التوحيد وما يسمّى الوهابية في دروسه ويطوف في الطرق يغير المنكر ويحارب الشرك.
وقد أخبرني والدي رحمه الله أن الشيخ احماد أكُرَّام قام بنفسه بقطع سدرة كبيرة كانت بباب أغمات بمراكش، وكانت العامة يتبركون بها ويعلقون عليها الخيوط ويذبحون عندها. فلما ذكرت هذا للشيخ مولاي أحمد أكّده وزاد بأن الشيخ أكُرام قطع كذلك سدرة مماثلة لها كانت بباب دكالة بمراكش.
وقد ذكر لي الشيخ مولاي أحمد أن بعض علماء مراكش قال للشيخ أكرام مستنكرا: لقد بلغني أنك أصبحت وهابيّا، فرد عليه الشيخ: وددت لو أني جحش للشيخ ابن عبد الوهاب. هكذا سمعته أذناي ووعاه قلبي”([6]).
ويقول الشيخ خالد طاهر الصيدقي: “من صفاته المجيدة وسجاياه الحميدة حبه للقرآن الكريم وأهله، وحرصه الشديد على إحسان قراءته كما عرف من أصله، وتعظيمه للسنة العظيمة، واهتمامه بما جاء فيها من النقول الكريمة”.
وبمثل ذلك أثنى د. حميد العقر حيث قال: “كان يعظم القرآن الكريم تعظيمًا قل نظيره وكذا السنة المشرفة وفتاوى الصحابة رضي الله عنهم، ولا يفتي إلا بالدليل، ولا يستدلّ إلا بالثابت، ويرى أن التقليد والتعصب المذهبي شؤم على الأمة، وأن الواجب الرجوع إلى الكتاب والسنة الثابتة وما كان عليه الصحابة في الأصول والفروع”.
وكان يجلّ أهل العلم ويبجلهم ويرفع قدرهم ويربي تلاميذه على ذلك، يقول د. وديع عمر غوجان: “كان شيخنا إلى جانب ما تمتع به من صفات حميدة وخلال مجيدة مجلا للعلماء، متيّمًا بابن تيمية، مدمنًا النظر في كتب ابن القيم، غواصًا في دقائق ابن حجر، ذواقًا طرر ابن بونه، عاشقا توجيهات أبي حيان، معجبًا ببراعة الألباني ودقة استنباط ابن العثيمين، لا ينادي شيخنا محمد بن علي آدم الإثيوبي إلا بالفقيه، يربي طلابه على إحياء السنة وحب أهلها، وجنازته برهان ما ذكر”.
مكتبته العلمية الخاصة:
عرف الشيخ أبا عبيدة بالعلاقة الوطيدة بينه وبين القماطر والأسفار العلمية، يقول الشيخ خالد طاهر الصيدقي: “له معرفة فسيحة بالكتب حتى صار عندنا مرجعًا عليه فيها يعول، وعنه فيها لا يتحول”.
فكان بحق رجلًا قلبه معلق بالكتب؛ ومكتبته خير دليل، فلا يشبع من اقتنائها ولا ينكفّ عن جمعها مع الاطلاع الواسع والمدهش، سواء مضمون الكتاب أو طبعاته، مع بيان الأجود من غيره حتى أصبح مرجعا في هذا رحمه الله.
وقلما يعلم بكتاب يطبع إلا ويبادر بشرائه بكل ما يمكن، يقول ابنه محرز حفظه الله: “وكان الوالد يدّخر ما كان يُعطاه من مصروف للإفطار لشراء الكتب، فكان لا يفطر. وذكر لي بعض المقربين منه أنه في بعض الأيام أغمي عليه من الجوع في بعض الأيام، ومع ذلك كان يؤثر شراء قوت القلوب على قوت الأبدان”.
ويبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس، حتى أنه آثر أن يبيع سلهام شيخه الفقيه (مسُّو) ليظفر في مقابل ذلك بكتاب!
وكان يفرح كثيرًا بمن يهديه شيئًا من الكتب ويصورها له خاصة في العصر الذي عاش فيه؛ حيث كان من الصعب الحصول على كتاب مصور فضلًا عن مطبوع.
يقول د. وديع عمر غوجان وهو يتكلم عن ورثه سلهام شيخه الفقيه (مسُّو): “وموقف شيخنا أبا عبيدة دليل وفائه وحسن عهده بشيخه، لولا كتاب سيبويه الذي حال بين الشيخ أبا عبيدة وسلهام شيخه ابن عبد القادر رحم الله الجميع، فقد سافر الشيخ أبا عبيدة… وعرض كتاب سيبويه، ولم يجد الشيخ ما يسدده مقابل شراء الكتاب، فباع سلهام شيخه، وفاء لشيخه المحب هو أيضًا للعلم.
وهذه القصة تصوِّر لنا مدى تعلق شيخنا أبا عبيدة بالكتب، وبلوغ ذلك شغاف قلبه، فقد كان محبًّا ومجلًّا للكتب، لا يكاد يوجد كتاب نفيس مخطوطًا كان أو مطبوعًا إلا وللشيخ أبا عبيدة نسخة منه، ازدانت مكتبته به، واكتحلت عين شيخنا بقراءته”.
وكان رحمه الله منكبًّا على مكتبته صاحب نهم وحنين إلى الكتب، ولا أدل على ذلك من أنه كان يحفظ موضع كل كتاب في مكتبته، بل وموضع المسألة داخل الكتاب، ومن ذلك أن أحد تلامذته راجعه في مسألة من المسائل، فانطلق على الفور إلى خزانة كتبه في مكة، ووضع يده على كتاب من الكتب، ولم يكد يتصفح صفحتين أو ثلاثة حتى وقف على المسألة وبلغها لتلميذه، وقد حصل هذا أكثر من مرة حتى قال تلميذه: “شيخَنا، لا أتعجب من سرعة الرد، لكن اندهشتُ من سرعة إيجاد المسألة بين هذا الكم من الكتب، وضمن هذا الكتاب الكبير، وهذا لم يقع لكَ مرة أو مرتين!”.
ومما يذكر أنه “قرأ بعض المخطوطات ما اطلع عليها غيره فيما أعلم، والشيخ كما يعلم المراكشيون يمتلك مكتبة زاخرة زاهرة فيها كنوز نادرة جدا”([7]).
وعني رحمه الله بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية (728هـ) وتلميذه ابن القيم (751هـ) وابن حجر (852هـ) رحمه الله الجميع، واهتم بها اهتمامًا بالغًا، وكثيرًا ما ينقل الفوائد والنكات العلمية عنهم، وكذلك كان يعتني بكتب الشيخين ابن عثيمين والألباني رحمهما الله.
يقول الشيخ خالد طاهر الصيدقي: “حبب إليه الفتح للعسقلاني، والمغني لابن قدامة الحنبلي، والمحلى لابن حزم الظاهري، فلا يخلو حديثه عن الفقه من عبارة مسطرة هناك، فتصح فتواه لهذا وذاك. يعرج على الدليل الصحيح الصريح، ويرمي بالمتهافت الزائف ويطيح، مع تقدير للشيخين، وتبجيل للإمامين: ابن القيم الراسخ، وابن تيمية الشامخ، لاعتنائهما بالتحقيق والتزكية، والتعليم والتربية”.
ويقول د. حميد العقرة عن حاله مع الكتب: “يحفظ «المختصر الخليلي» و«المرشد المعين» لابن عاشر، ويستحضر كتب ابن عبد البر، وشروح المختصر كـ«مواهب الجليل» للحطاب، و«شروح الرسالة» لابن أبي زيد القيرواني، مع تعلق قلبه بـ«المغني» لابن قدامة، و«المحلى» لابن حزم.
وحبب إليه الحديث وفقهه خاصة «فتح الباري» للعسقلاني، و«النيل» للشوكاني، و«السبل» للصنعاني، وكتب العلامة محمد ناصر الدين الألباني دون استثناء…
وأما كتب الشيخين: ابن تيمية وابن القيم فمنها يغترف وبها يلهج”.
ثناء العلماء عليه:
قال تلميذه مولاي المهدي جواني الفاسي الإدريسي: “زين مشايخ العلم، ومفخرة أئمة العربية، ومنارة علماء الدين، وفنار علوم التربية السالكة لحب الله ورسوله، الإمام الأجلّ والحافظ لعلوم الأولين والآخرين، العارف بالله تعالى، الزاهد الورع التقيّ النقيّ الخفيّ الشريف الحسني مولاي أحمد بن محمد بن مولاي المحرز الفيلالي… كان آيةً في الحفظ وغايةً في الفهم مع ذكاء خارق وموهبة فيّاضة وصبر عظيم على شدائد العلم والتحصيل، أستاذًا مبرِّزا في شتى العلوم والمعارف، محبًّا لجمع الكتب، واستنباط دررها واستكناه غررها، فهو في اللغة العربية خليلُ فنونها، وفي القراءات شاطبيُّ علومها، وفي الفقهيات مالكُ معارفها، وفي نوادر التفسير غرناطيُّ نكتها، وفي المعارف الإلهية إسكندريُّ حكمها”.
وقال أيضا: “أثنى عليه بالعلم الغزير فضيلة العلامة الشيخ اللغوي الفقيه الدكتور محمد تقي الدين الهلالي، والشيخ الإمام محدّث العصر محمد ناصر الدين الألبانيّ، وقد رجا من الله تعالى لقاءَه فضيلةُ الشيخ المربي مفتي الديار السعودية السابق ابن باز، رحمهم الله جميعا، وغيرهم كثير”.
يقول الشيخ خالد طاهر الصيدقي: “مفخرة أهل مراكش خاصة ومغرب عامة. هو العالم الحجة الرباني، خلف ابن عبد القادر والرحالي والألباني، العلامة النحوي الكبير، والفقيه الجهبذ النحرير، ابن مالك عصره، وألباني مصره. أحد من ألقت إليه العلوم الشرعية مقاليدها، وأخرجت له اللغة العربية أخبارها وأسرارها. عرفناه برسوخ القدم في علم النحو وعليه المدار فيه، يشهد بذلك من جالسه وباحثه فيه، متحقق بعلوم القرآن مما هو من أمارات المقرئ المجيد، كالقراءات والتوجيه والرسم والضبط والتجويد. له دراية فائقة بمذهب إمام المدينة، يحفظ فيه المختصر لخليل، والمرشد المعين لابن عاشر الجليل، كما أنه يستحضر المدونة وما فيها، والتنبيهات لعياض وما سطر فيها… له جهود مباركة في الدعوة إلى الله على أرض قطرنا، أينعت ثمارها فانتفع بقطافها خلق كثير، وكنت واحدا منهم ولله الحمد”.
ويقول د. وديع عمر غوجان: “لقد كانت دعابة الشيخ علمًا، وحكايته حِكَمًا، وسكوته حلمًا، ومجالسته عبادةً وقربةً. لقد كان شيخنا أبا عبيدة مولاي أحمد أعجوبة دهره، لا ينصرف عن مجلسه زائر إلا بفائدة نفيسة لا تدرك إلا بإنفاق الأعمار بين الكتب ومزاحمة العلماء”.
ويقول مشهور حسن آل سلمان: “كان أبو عبيدة من أعلام العصر، وهو متفنن في سائر العلوم، وكان أصحابه يلقبونه بـ (الفقيه) لتضلّعه فيه، وهو في الحقيقة موسوعة جامعة للعلوم، مع حفظه لكثير من المتون العلمية. وهو من العلماء المغمورين، وهو مفخرة للديار المغربية”([8]).
وقال د. حميد العقرة: “هو بحر في العلوم العقلية والنقلية، يحفظ في كل فن أشهر منظوماته، مع فهم ثاقب لكل شاردة وواردة حوله، وإن تكلم في فن ظننت أنه لا يتقن إلا هذا الفن، فإن ذكرت اللغة العربية فهو أبو أبجديتها والحائز قصب سبقها في النحو والصرف والبلاغة والشعر -الذي يحفظ فيه دواوينه على اختلاف عصورها بل وشعراء عصرنا- وكذا العروض، ويحفظ الألفيات التي نظمت في ذلك كله. وأما القراءات فهو دانيها مع الإلمام بعلم الرسم القرآني، ويحفظ أشهر ما نظم فيه مع إتقان التلاوة وعناية فائقة بعلم التجويد ويحفظ أجمع ما نظم فيه”.
وقال الشيخ حسن الشنقيطي المغربي: “لو أنصفوه لأعطوه في كل فن دكتوراه… ولقد شرفت بالجلوس بين يديه والأخذ من بحور معارفه بمدرسته القرآنية بحي أزبط مراكش، فكان نعم الشيخ المربي ونعم الوالد المشفق على أهل القرآن وطلاب العلم”([9]).
ونظم في مدحه تلميذه الشيخ عادل رفوش قصيدة يقول فيها:
شيخي الإمام بقية السلف الذي أعيا بهمته الشباب وأفحما
رغم المشيب فروحه في أوجها تختال في ثوب الشباب وتنعما
فهيامه في العلم يعشق حرفه ويذوب في الكتب العظام متيما
وغرامه البيت العتيق فما يُرى متحلّلا حتى تراه محرما([10])
وفاته:
أصيب الشيخ رحمه الله ضمن من أصيبوا بوباء كورونا (كوفيد 19) الذي اجتاح العالم، وكان من آخر ما دار بينه وبين تلميذه الشيخ عادل رفوش أنه سأله عن صحته وحالته، فقال الشيخ: نحن في ضيافة الله. فقال تلميذه: وما خاب من نزل ضيفًا عليه. قال تلميذه: فقال لي ووجهه مبتَهِجٌ مسرور: ونِعْمَ بالله.
يقول تلميذه عادل رفوش: “وكان كلُّه يقينا ورِضًا وتسليمًا واستبشارًا”([11]).
وقد انتقل الشيخ إلى رحمة الله في يوم الأحد السادس من شهر الله المحرم مطلع عام ألف وأربع مئة وثلاث وأربعين للهجرة النبوية الشريفة 06/ 1/ 1443هـ) عن عمر يناهز السبعة والثمانين عامًا([12]).
رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته.
مما قيل في رثائه:
نظم فيه تلميذه الشيخ عمر القزابري قصيدة بليغة، وقد نظمها على البسيط بأندى الأبيات التي تقطر في حب الإمام رقّة وعذوبة، وهذه هي القصيدة:
مُسافرٌ في ظلالِ الحُزن يَحملهُ // ليل غريبٌ طواهُ في الأسى الأبدُ
أبا عبيدةَ شيخي يا سَنا أملِي // تركتَ في البِيد قلبًا ما له جَلدُ
يا حزنُ هِجتَ وهاجَ الوَجْدُ مُسْتَعِرًا // كلاهمَا مُستمِرٌّ ما لَه أَمَدُ
يا عينُ بالدَّمعِ جودي فالفؤادُ بكى // وخَيْمَة الصَّبر رُجَّتْ ما لها وَتدُ
يا قومُ ماتَ الإمَامُ البَرُّ وَالِدُنَا // وناح مِن فقْده الإٍسْنادُ والسَّنَدُ
وبُحَّ صَوْتُ الكِرامِ حسرةً وأَسًى // وكيفَ لا والفَقِيهَ الحَبْرَ قَدْ فَقَدُوا
شيخٌ كريمُ السَّجايا زَانهُ خُلُقٌ // عَليْهِ ألْوِيَةُ الأفْضَالِ تَنْعَقِدُ
يا من هُوَ البحْرُ فيَّاضًا بِلُؤْلُئهِ // وَبالجوَاهِرِ عِلمًا زَانهُ رَشَدُ
فقدْ سَقَى مِن رُضَابِ العِلْمِ أزْمِنةً // وقد رَوَى مِن فُراتِ الحِلمِ مَنْ وَرَدُوا
فكلُّ طالِبِ عِلمٍ قَدْ بَكَى حَزَنًا // فَلِلْفَقِيهِ عَلَى هذي الجموع يَدُ
بَحْر العُلومِ الذِي قَد غَابِ سَاحِلهُ // ومعدِنُ الصَّبرِ في أحْوالِه جَلِدُ
يَحُلُّ بِالفهْمِ كُلَّ المُعْضِلاتِ فَمَا // تَرَى لهَا ينْبرِي مِنْ غَيرِهِ أَحَدُ
مَجالِسُ العِلمِ في مُرّاكُشَ ارتجَفَتْ // حِينَ ارتَحَلْتَ فطَاشَ المَتْنُ والسَّندُ
وقِصَّة الزُّهدِ عَمَّتْ كُنتَ مُنْعزِلًا // عَنّا خفيًّا بَطِيء الخَطوِ تَتَّئِدُ
زَهدْتَ فِي كلِّ جَاهٍ لَسْتَ مُكتَرِثًا // وهَكذا سَادَةُ الأَبرارِ إنْ زَهدُوا
فَرُّوا مِنَ النّاسِ لِلرَّحْمنِ وارتَحَلُوا // عنِ التُّرابِ إلى رِضْوانِه صَعَدُوا
أُثْنِي عليْكَ وَلي فِي كُلِّ نَابضَةٍ // قَلبٌ لأَضْعَافِ ما قَدْ قُلتُ يَعتقِدُ
يَا للْأَحِبَّةِ نهْواهُمْ ونألَفُهُمْ // حتَّى إذا اقترَبت رُكبانُهُم بَعُدُوا
أَنَا المَسَائِلُ تَبْكِي والكِتَابُ يَرَى // دمْعَ الفِراقِ أنا المُلتَاعُ يرْتعِدُ
جَوًى وذِكْرَى وقلبٌ خافِقٌ ألَمًا // كشمعةٍ في رِيَاحِ الحُزْنِ تَتَّقِدُ
أسْتودِعُ اللهَ نَجْمًا كَانَ يُرشِدُنَا // إلى الصِّراطِ سَرَى والنّاسُ قدْ رقَدُوا
فَارتَحْ ونَمْ فِي سَلامٍ دَائمٍ رَغَدًا // وأنْعُمٍ مَا لهَا حَدٌّ ولَا عَدَدُ
ثم الصَّلاة على المُختار سيِّدنا // من في يديهِ لِواءُ الحمْدِ مُنعقِدُ([13])
ورثاه آخرون من تلاميذه ومحبيه([14]).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) لخصت هذه الترجمة من المراجع التالية:
- اللقاء بابنه الشيخ محرز بن أبا عبيدة المحرزي في مكة المكرمة عاشوراء عام 1443هـ.
- التواصل مع تلميذه الدكتور وديع عمر غوجان، وقد أفادني بما كتبه عنه تحت عنوان: صفحات من حياة شيخنا العلامة أبا عبيدة مولاي أحمد محرزي رحمه الله، وهو منشور على صفحته الرسمية في الفيس بوك: https://cutt.us/bNGpD
- التواصل مع تلميذه الدكتور مولاي مهدي، وقد كتب ترجمة مطولة كتب فيها أغلب ما يعرفه عن شيخه في صفحات بعنوان: نُبَذٌ عَجْلَى من سيرة الإمام مولاي أحمد أبا عبيدة المحرزي رضي الله عنه ورحمه، وذلك يوم الجمعة 20/ 8/ 2021م بمراكش الحمراء.
- مقال بعنوان: تمتيع أهل البلدة بأخبار مولاي أحمد أبا عبيدة، للشيخ خالد طاهر صيدقي، وقد نشرت على صفحته الرسمية في الفيس بوك: https://cutt.us/qrTCr
- مقال بعنوان: وفاة والدة العلامة أبي عبيدة مولاي أحمد المحرزي المراكشي حفظه الله، د. حميد العقرة، نشر على موقع هوية بريس بتاريخ 20/ 7/ 2015م.
([2]) صفحات من حياة شيخنا العلامة أبا عبيدة مولاي احمد محرزي رحمه الله، وديع عمر غوجان (ص:1).
([3]) هو محمد بن عبد القادر العلوي المعروف عند المراكشيين بـ: “الفقيه مسو”. ولد بمراكش نحو عام 1900م، ودرس بالجامعة اليوسفية بمراكش. كان من علماء جامعة ابن يوسف بمراكش، تنوعت دروسه بين العقيدة والسيرة والحديث والتفسير، واختلفت منابر إلقائها بين جامع ابن يوسف ومسجد الشرفاء “حي المواسين”، ومساجد أخرى قريبة من السوق. توفي في مراكش فـي 24/ 7/ 1376هـ. ينظر: مقال بعنوان: الفقيه مسو، نشر في صفحة (مراكش مدينة الألف سنة) على الفيس بوك بتاريخ 21/ 12/ 2017م https://cutt.us/JretT، ومقال بعنوان: الفقيه (مسّو) العالم الشعبي الذي غرد خارج سرب علماء مراكش، نشر في موقع الأنطولوجيا بتاريخ 12/ 4/ 2018م: https://alantologia.com/blogs/8162/
([4]) السلهام: زي مغربي تقليدي لسكان المغرب العربي الاصليين «الأمازيغ»، وهو عبارة عن: رداء ابيض اللون يشبه إلى حد كبير العباية «البشت» في المشرق العربي، ويتم ارتداؤه فوق الجلباب للرجال والنساء، ويختلف السلهام عن العباية أو البشت بأنه لا يتوفر على أكمام أو فتحات للذراعين من الامام، فهو يرتدى بطريقة اللف حول الكتف وربطه من الامام عند الصدر، وهناك أنواع لها «قب» وهو عبارة عن غطاء رأس مثلث توارثته الاجيال عبر العصور، ويحرص الأعيان ووجهاء القوم في المملكة المغربية على ارتدائه في المناسبات والأعياد، ينظر: مقال بعنوان: السلهام المغربي يفقد ذكورته، للكاتب عبد الكبير الميناوي من مراكش، ونشر في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 21/1/1430هـ، https://cutt.us/nkyK4.
([5]) بضم الكاف المعقوفة وتشديد الراء على لغة البربر.
([6]) إفادة من الشيخ عبد الجميل هذه السنة 1443هـ.
([7]) بين العلامة أبي عبيدة المراكشي وشيخنا الإمام الألباني رحمهما الله -ذكريات وإنجازات-، مشهور حسن آل سلمان (ص: 5) منشور على الشبكة في ملف pdf.
([8]) بين العلامة أبي عبيدة المراكشي وشيخنا الإمام الألباني رحمهما الله -ذكريات وإنجازات-، مشهور حسن آل سلمان (ص: 3).
([9]) بين العلامة أبي عبيدة المراكشي وشيخنا الإمام الألباني رحمهما الله -ذكريات وإنجازات-، مشهور حسن آل سلمان (ص: 3، 5).
([10]) منشور بعنوان: قصيدة لشيخنا عادل رفوش في الثناء على عَلّامة المغرب أبا عُبيدة مولاي أحمد المحرزي الشريف المراكشي على موقع اليوتيوب:
https://www.youtube.com/watch?v=KOz53qjTjSk.
([11]) مقال بعنوان: وفاة العلامة أبو عبيدة المحرزي بسبب “كورونا”.. ورفوش يرثيه، نشر في موقع العمق المغربي بتاريخ 15/ 8/ 2021م: https://cutt.us/A7T9X
([12]) مقال بعنوان: الفقيه العلّامة المحرزي يوارى الثرى في مراكش، للكاتب إبراهيم مغراوي، نشر في موقع هسبريس بتاريخ 16/ 8/ 2021م: https://cutt.us/f53zJ
([13]) مقال بعنوان: الشيخ القزابري يرثي شيخه العلامة أبو عبيدة المحرزي بقصيدة: “مُسَافِرٌ فِي ظِلَالِ الْحُزْنِ”، نشر على موقع هوية بريس بتاريخ 17/ 8/ 2021م: https://cutt.us/xisNw
([14]) منها مرثية مولاي عبد الرحمن الزواكي، نشرت على صفحته الرسمية في الفيس بوك يوم الجمعة بتاريخ 11 المحرم 1443هـ: https://cutt.us/5YPlr. ومرثية تلميذه مولاي المهدي الفاسي بعنوان “الرسالة اليتيمة في رثاء سيّدي الإمام”.