السبت - 11 ذو الحجة 1446 هـ - 07 يونيو 2025 م

تفسير قول الله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} ودفع شبهة تقدُّم خلق حواء

A A

الحمد لله الذي أنار بصائر المؤمنين بنور الوحي، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أنار الله به الحق وأظهر به الإسلام ومحق به الشرك؛ فقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15].

أما بعد: فما أصدقَ قولَ الشاعر:

وكَمْ مِن عَائبٍ قولًا صَحِيحًا        وآفَتُه مِنَ الفَهمِ السَّقيمِ([1])

هذا هو حال كثيرٍ ممن يدَّعي العلمَ ويتباهَى بالإتيان بما يعجز عنه غيرُه، فترى بعضَهم يصولُ ويجول، متفنِّنًا في ردِّ ما دلَّ عليه ظاهر القرآن، وإبطال ما صحَّ من سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليخرجَ على الناس بعد ذلك بآراء شاذَّة لا خِطام لها ولا زِمَام، ضاربًا بأقوال أهل العلم قاطبة عُرْض الحائط.

حيث انبرى أحدُهم([2]) خطيبًا في الناسِ، مثيرًا للشبهاتِ حول خلق أُمِّنا حواء -عليها السلام-، محاولًا بذلك التشكيكَ فيما دلَّت عليه آيات الكتاب العزيز، ومنها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: 1]، وطاعنًا فيما صحَّ من قوله صلى الله عليه وسلم: «فإنَّ المرأة خُلِقَت من ضِلَع»([3])، ومتجنِّيًا على هذا الحديث بوصفه أنه كلام فارغِ وخرافَة([4])؛ غير مكترثٍ بما قاله الصحابة رضي الله عنهم وجماهيرُ العلماء، ومن جملةِ ما أثاره: أنَّ حواء خُلقَت قبل آدم -عليهما السلام-.

وقبل الخوضِ في ردِّ هذه الشبهة، وإظهار عوارها وبطلانها، لا بدَّ من بيان وجه الحقِّ في تفسير الآية الكريمةِ، مع ذكر بعضِ ما أطبَق عليه جماهير المفسرين في تفسيرها؛ فإن من سنن الله تعالى التي لا تتبدل ولا تتحوَّل: “أن الباطلَ لا ثباتَ له مع الحقِّ ولا بقاء”([5])؛ فبمجرد ظهور الحقّ وبيانه يخنس الباطل ويضمحلُّ ويهلَك؛ قال تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81].

تفسير قول الله تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُم الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} وأراد بالنفس الواحدة آدمَ عليه السلام، وفي ذلك نعمة عليكم؛ لأنه أقرب إلى التعاطف بينكم.

وقال سبحانه: {وَخَلَقَ مِنْهَا} أي: من تلك النفس {زَوْجَهَا} يعني: حواء -عليها السلام-، وهذا هو قول جمهورِ المفسِّرين وعامتهم سلفًا وخلفًا([6])، وحكاه بعضهم إجماعًا([7]).

وقد تكرَّر ذكر خلقِ الناس جميعًا من نفس واحدة -وهي آدم عليه السلام- في القرآن الكريم في أربعةِ مواضع:

الأول: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: 1]

الثاني: قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} [الأنعام: 98].

الثالث: قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189].

الرابع: قوله سبحانه: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الزمر: 6].

وأطبق المفسِّرون على أنَّ ظاهر الآياتِ دالٌّ على أن ابتداء خلق حواء من نفس آدم -عليهما السلام- وأنَّ آدمَ هو أصلُها الذي اختُرِعت وأُنشِئت منه، ويعضِّد هذا ويقوِّيه ما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خلقت من ضِلَع، وإنَّ أعوج شيءٍ في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمُه كسرتَه، وإن تركته لم يزل أعوجَ، فاستوصوا بالنساء»([8])، وقد جاء هذا المعنى صريحًا في كلام ابن عباس، ومجاهد، والسدي، وقتادة([9]).

إذَا تبيَّن هذا ظهَر بطلانُ تلك الشبهة، وفيما يلي تفصيل الجواب عنها:

شبهةُ أنَّ حوَّاء خُلقت قبل آدم -عليهما السلام-:

استند صاحبُ هذه الشبهةِ إلى أنه بالنظر إلى آية النساء -وهي قوله سبحانه: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: 1]- لا يتبَيَّن المرادُ بالنفس هل هو آدم أم حواء، ولكن بالنظر إلى آية الأعراف -وهي قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189]- يتبيَّن أن المراد بالنفس هي حواء، وذلك لأنَّ الضمير في قوله تعالى: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} مذكَّر، وهو يعود إلى مذكورٍ وهو قوله تعالى: {زَوْجَهَا}، فيكون المعنى على هذا: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} هي حواء، {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} يعني: آدم {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}([10]).

الجواب عن هذه الشبهة:

لقائل أن يقول: ما مستندُ صاحب الشبهة فيما قاله بعد ما تقدم من البيان؟!

والجواب عن هذا: أن هذه الشبهةَ قد تلقَّفها صاحبُها من رأيٍ نقلَه الشيخ محمد رشيد رضا مبهِمًا ولم يبيِّن صاحبه، والظاهر أنه من المعاصرين للشيخ محمد رشيد رضا؛ حيث قال فيه: “هذا وإنَّ في النفس الواحدة -يعني: في قوله تعالى: {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1]- وجهًا آخر وهو أنها الأنثى -يعني: حواء-؛ ولذلك أنَّثَها حيث ورَدت، وذكَّر زوجَها الذي خُلق منها في آية الأعراف، فقال: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189]”([11]).

وتفصيل الجوابِ عن تلك الشبهة من عدَّة أوجهٍ، كلها صحيحة كافيَة في دفع الشبهة:

الوجه الأول: المراد بالنفس الواحدةِ في الآية: آدم عليه السلام:

جمهور المفسِّرين على أنَّ المرادَ بالنفس الواحدة في الآية الكريمة: هو آدم عليه السلام، وإنما قال: {وَاحِدَةٍ} على التأنيث لأجل اللفظ؛ لأن لفظ النفس مؤنَّث، وهذا مثل قول الشاعر:

أَبُوكَ خَلِيفَةٌ وَلدَتْه أُخْرَى    وَأَنتَ خَليفَةٌ ذَاكَ الْكَمَال

وإنما قال: ولدته للَفظ الخليفة، وإن كان معناه الذكر([12]).

يقول ابن جرير الطبري: “وقال تعالى ذكره: {مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}؛ لتأنيث النفس، والمعنى: من رجلٍ واحد، ولو قيل: من نفس واحد، وأخرج اللفظ على التذكير للمعنى، كان صوابًا”([13]).

وهذا التفسير محلُّ إجماع من المسلمين؛ يقول الرازي([14]) في تفسيره: “أجمع المسلمون على أن المرادَ بالنفس الواحدةِ ها هنا هو آدم عليه السلام، إلا أنه أنَّث الوصف على لفظِ النفس، ونظيرُه قوله تعالى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: 74]”([15])، فإن الآية صريحةٌ في أنَّ نفس الولد الذَّكر -الذي قتله الخضر عليه السلام- قد وُصِفت بأنها زكية، وذلك اعتبارًا للَّفظ، وهذا مصداقًا للقاعدة: خير ما يفسَّر به القرآن الكريم هو القرآن الكريم، وقد كررها صاحب الشبهة، وليتَه التزم بها ولم يخالفها.

الوجه الثاني: المراد بقوله تعالى: {مِنْهَا زَوْجَهَا}: حواء -عليها السلام-:

لفظُ الزوجِ يُطلَق على الذكرِ والأنثى، وهو اللغةُ الفصيحة التي جاء بها القرآنُ الكريم، ولا يوجَد فيه ذكر لفظ الزوجَة البتة؛ يقول الراغب الأصفهاني: “زوج: يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى… وزوجة لغة رديئة”([16]).

وقد جمع الله تعالى بين آدم وزوجِه في آيتين من كتابه العزيز؛ فقال سبحانه: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35]، وقال تعالى: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [الأعراف: 19]، وقد أطبق المفسِّرون على أن المراد بقوله تعالى: {وَزَوْجُكَ} هي زوجته حواء، وهو الموافق لما جاء في سائر الكتابِ العزيز، وهذا محلُّ إجماع حكاه الرازي في تفسيره، فقال: “أجمعوا على أنَّ المراد بالزوجة حواء، وإن لم يتقدَّم ذكرها في هذه السورة [يعني: في سورة البقرة: 35] وفي سائر القرآن ما يدلُّ على ذلك، وأنها مخلوقة منه كما قال الله تعالى في سورة النساء: {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا}، وفي الأعراف: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}”([17]).

الوجه الثالث: ذكّر الضمير في قوله تعالى: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} ذهابًا لمعنى النفس:

مما سبق بيانه في الأوجهِ المتقدِّمة يُعلم بأنه لا إشكالَ في تذكير الضمير في قوله تعالى: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}؛ لأنَّه يعود إلى معنى النفس الواحدَة؛ ليؤكِّد أن المراد بها هو آدم عليه السلام، ولا يخفى ما في هذا التعبير من البلاغة وحسنِ البيان؛ وإمعانًا في إظهار هذا المعنى أنقل للعقلانيين كلام الزمخشري في تفسيره حيث يقول: “وقال: {لِيَسْكُنَ} فذكَّر بعدما أنَّث في قوله: {وَاحِدَةٍ}، [وقوله:] {مِنْهَا زَوْجَهَا}؛ ذهابًا إلى معنى النفس؛ ليبين أن المراد بها آدم؛ ولأن الذَّكر هو الذي يَسكُن إلى الأنثى ويتغشَّاها، فكان التَّذكير أحسنَ طباقًا للمعنى”([18]).

الوجه الرابع: مخالفة الشبهة لما ثبت في السنة الصحيحة من أن آدم هو أوَّل البشر:

لا يخفَى على كلّ ذي لبٍّ سليم أن السنةَ النبويةَ مبيِّنة للقرآن وشارحَة له، وقد ثبت في كثير من الأحاديثِ الصحيحةِ بيان أن آدم عليه السلام هو أبو البشر؛ ومنها ما جاء في الصحيحين -في حديث الشفاعة- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فيقول بعض الناس: أبوكم آدمُ، فيأتونه فيقولون: يا آدم، أنت أبو البشر، خلقك الله بيده…»([19]).

وفيهما عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجتمع المؤمنون يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده…»([20]).

اللهم اشرح صدورنا لفهم ما جاء في كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم والعمل به، واعصِمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رب العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ينظر: الأمثال السائرة من شعر المتنبي للصاحب بن عباد (ص: 35).

([2]) قال بهذا د. عدنان إبراهيم، ودونك رابط بعض كلامه:

https://www.youtube.com/watch?v=HsWe_t6-Qrg

([3]) أخرجه البخاري (3331)، ومسلم (1468)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([4]) في مركز سلف تفنيد وردّ عليه في هذا، ضمن ورقة علمية بعنوان: “المرأة خلقت من ضلع، دلالة السياق والردّ على شبهات الانسياق”، ودونك رابطها:

https://salafcenter.org/3466/.

([5]) ينظر: تفسير ابن كثير (5/ 112).

([6]) ينظر: تفسير الطبري (7/ 514)، وتفسير الماوردي (1/ 446)، ودرج الدرر في تفسير الآي والسور للجرجاني (2/ 563)، وتفسير السمعاني (1/ 393)، وتفسير ابن كثير (2/ 206).

([7]) ومنهم الرازي في تفسيره (9/ 477).

([8]) تقدم تخريجه.

([9]) ينظر: تفسير الطبري (13/ 304)، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج (2/ 5)، وتفسير ابن المنذر (2/ 547)، وتفسير الماوردي (1/ 446)، ودرج الدرر في تفسير الآي والسور للجرجاني (2/ 563)، وتفسير السمعاني (1/ 393)، والبحر المحيط في التفسير لأبي حيان (3/ 494)، وتفسير ابن كثير (2/ 206)، والدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي (2/ 423، 7/ 212)، وغيرها.

([10]) هذا مفاد الشبهة التي ألقاها د. عدنان إبراهيم في إحدى خطبه، ودونك رابط كلامه:

https://www.youtube.com/watch?v=Dijc7fiEcTc

([11]) ينظر: تفسير المنار (4/ 271)، وما بين المطَّتين زيادة منا للإيضاح.

([12]) ينظر: معاني القرآن للفراء (1/ 252)، وتفسير السمعاني (1/ 393).

([13]) تفسير الطبري (7/ 514).

([14]) وهو ممَّن يحتفي بهم العقلانيون والحداثيون، ويعتمدون كلامهم.

([15]) تفسير الرازي (9/ 477).

([16]) المفردات في غريب القرآن (ص: 384).

([17]) تفسير الرازي (3/ 451).

([18]) تفسير الزمخشري (2/ 186).

([19]) أخرجه البخاري (3340)، ومسلم (194)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([20]) أخرجه البخاري (4476)، ومسلم (193).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جديد سلف

ذلك ومن يعظم شعائر الله .. إطلالة على تعظيم السلف لشعائر الحج

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا جرم أن الحج مدرسة من أعظم المدارس أثرا على المرء المسلم وعلى حياته كلها، سواء في الفكر أو السلوك أو العبادات، وسواء في أعمال القلوب أو أعمال الجوارح؛ فإن الحاج في هذه الأيام المعدودات لو حجَّ كما أراد الله وعرف مقاصد الحج من تعظيم الله وتعظيم شعائره […]

‏‏ترجمة الشيخ الداعية سعد بن عبد الله بن ناصر البريك رحمه الله

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشيخ سعد بن عبد الله بن ناصر البريك. مولده: ولد الشيخ رحمه الله في مدينة الرياض يوم الاثنين الرابع عشر من شهر رمضان عام واحد وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة النبوية 14/ 9/ 1381هـ الموافق 19 فبراير 1962م. نشأته العلمية: نشأ رحمه الله نشأته الأولى في مدينة […]

تسييس الحج

  منذ أن رفعَ إبراهيمُ عليه السلام القواعدَ من البيت وإسماعيلُ وأفئدة الناس تهوي إليه، وقد جعله الله مثابةً للناس وأمنا، أي: مصيرًا يرجعون إليه، ويأمنون فيه، فعظَّمه الناسُ، وعظَّموا من عظَّمه وأقام بجواره، وظل المشركون يعتبرون القائمين على الحرم من خيارهم، فيضعون عندهم سيوفهم، ولا يطلب أحد منهم ثأره فيهم ولا عندهم ولو كان […]

البدع العقدية والعملية حول الكعبة المشرفة ..تحليل عقائدي وتاريخي

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة تُعدُّ الكعبةُ المشرّفة أقدسَ بقاع الأرض، ومهوى أفئدة المسلمين، حيث ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بعقيدة التوحيد منذ أن رفع قواعدها نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، تحقيقًا لأمر الله، وإقامةً للعبادة الخالصة. وقد حظيت بمكانةٍ عظيمة في الإسلام، حيث جعلها الله قبلةً للمسلمين، فتتوجه إليها وجوههم في الصلاة، […]

الصد عن أبواب الرؤوف الرحيم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من أهمّ خصائص الدين الإسلامي أنه يؤسّس أقوم علاقة بين الإنسان وبين إلهه وخالقه سبحانه وتعالى، وإبعاد كلّ ما يشوب هذه العلاقة من المنغّصات والمكدرات والخوادش؛ حيث تقوم هذه العلاقة على التوحيد والإيمان والتكامل بين المحبة والخوف والرجاء؛ ولا علاقة أرقى ولا أشرف ولا أسعد للإنسان منها ولا […]

إطلاقات أئمة الدعوة.. قراءة تأصيلية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدمة: يقتضي البحث العلمي الرصين -لا سيما في مسائل الدين والعقيدة- إعمالَ أدوات منهجية دقيقة، تمنع التسرع في إطلاق الأحكام، وتُجنّب الباحثَ الوقوعَ في الخلط بين المواقف والعبارات، خاصة حين تكون صادرة عن أئمة مجدِّدين لهم أثر في الواقع العلمي والدعوي. ومن أبرز تلك الأدوات المنهجية: فهم الإطلاق […]

التوحيد في موطأ الإمام مالك

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يختزن موطأ الإمام مالك رضي الله عنه كنوزًا من المعارف والحكمة في العلم والعمل، ففيه تفسيرٌ لآيات من كتاب الله تعالى، وسرد للحديث وتأويله، وجمع بين مختلفه وظاهر متعارضه، وعرض لأسباب وروده، ورواية للآثار، وتحقيق للمفاهيم، وشرح للغريب، وتنبيه على الإجماع، واستعمال للقياس، وفنون من الجدل وآدابه، وتنبيهات […]

مناقشة دعوى مخالفة حديث: «لن يُفلِح قومٌ ولَّوا أمرهم امرأة» للواقع

مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وآله وصحبه أجمعين، أمّا بعد: تُثار بين حين وآخر بعض الإشكالات على بعض الأحاديث النبوية، وقد كتبنا في مركز سلف ضمن سلسلة –دفع الشبهة الغويّة عن أحاديث خير البريّة– جملةً من البحوث والمقالات متعلقة بدفع الشبهات، ونبحث اليوم بعض الإشكالات المتعلقة بحديث: «لن يُفلِحَ قومٌ وَلَّوْا […]

ترجمة الشيخ أ. د. أحمد بن علي سير مباركي (1368-1446هـ/ 1949-2025م)(1)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة اسمه ونسبه: هو الشَّيخ الأستاذ الدكتور أحمد بن علي بن أحمد سير مباركي. مولده: كان مسقط رأسه في جنوب المملكة العربية السعودية، وتحديدًا بقرية المنصورة التابعة لمحافظة صامطة، وهي إحدى محافظات منطقة جازان، وذلك عام 1365هـ([2]). نشأته العلمية: نشأ الشيخ نشأتَه الأولى في مدينة جيزان في مسقط رأسه قرية […]

(الاستواء معلوم والكيف مجهول) نصٌ في المسألة، وعبث العابثين لا يلغي النصوص

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فقد طُبِع مؤخرًا كتاب كُتِبَ على غلافه: (الاستواء معلوم والكيف مجهول: تقرير لتفويض المعنى لا لإثباته عند أكثر من تسعين إمامًا مخالفين لابن تيمية: فكيف تم تحريف دلالتها؟). وعند مطالعة هذا الكتاب تعجب من مؤلفه […]

التصوف بين منهجين الولاية نموذجًا

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منذ أن نفخ الله في جسد آدم الروح، ومسح على ظهره، وأخذ العهد على ذريته أن يعبدوه، ظلّ حادي الروح يحدوها إلى ربها، وصوت العقل ينادي عليها بالانحياز للحق والتعرف على الباري، والضمير الإنساني يؤنّب الإنسان، ويوبّخه حين يشذّ عن الفطرة؛ فالخِلْقَة البشرية والهيئة الإنسانية قائلة بلسان الحال: […]

ابن تيميَّـة والأزهر.. بين التنافر و الوِفاق

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يُعد شيخ الإسلام ابن تيمية أحد كبار علماء الإسلام الذين تركوا أثرًا عظيمًا في الفقه والعقيدة والتفسير، وكان لعلمه واجتهاده تأثير واسع امتدّ عبر الأجيال. وقد استفاد من تراثه كثير من العلماء في مختلف العصور، ومن بينهم علماء الأزهر الشريف الذين نقلوا عنه، واستشهدوا بأقواله، واعتمدوا على كتبه […]

القول بالصرفة في إعجاز القرآن بين المؤيدين والمعارضين

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: إنَّ الآياتِ الدالةَ على نبوّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم كثيرة كثرةَ حاجة الناس لمعرفة ذلك المطلَب الجليل، ثم إن القرآن الكريم هو أجلّ تلك الآيات، فهو معجزة النبي صلى الله عليه وسلم المستمرّة على تعاقُب الأزمان، وقد تعدَّدت أوجه إعجازه في ألفاظه ومعانيه، ومع ما بذله المسلمون […]

الطاقة الكونية مفهومها – أصولها الفلسفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة تمهيد: إن الله عز وجل خلق الإنسان، وفطره على التوحيد، وجعل في قلبه حبًّا وميلًا لعبادته سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]، قال السعدي رحمه الله: […]

موقف الليبرالية من أصول الأخلاق

مقدمة: تتميَّز الرؤية الإسلامية للأخلاق بارتكازها على قاعدة مهمة تتمثل في ثبات المبادئ الأخلاقية وتغير المظاهر السلوكية، فالأخلاق محكومة بمعيار رباني ثابت يحدد مسارها، ويمنع تغيرها وتبدلها تبعًا لتغير المزاج البشري، فحسنها ثابت الحسن أبدًا، وقبيحها ثابت القبح أبدًا، إذ هي تحمل صفات ثابتة في ذاتها تتميز من خلالها مدحًا أو ذمًّا خيرًا أو شرًّا([1]). […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017