ترجمة الشيخ علي بن حسن الحلبي رحمه الله تعالى([1])
للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة
اسمه ونسبه وكنيته ولقبه ونسبتُه:
هو: علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد، أبو الحارث وأبو الحسن، السلفيُّ الأثريُّ، الفلسطيني اليافي أصلًا ومنبتًا، الأردُنِّيُّ مولدًا، الحلبيُّ نسبة.
مولده:
كانت أسرة الشيخ في بلدة يافا في فلسطين، وبعد احتلال فلسطين عام (1368هـ-1948م) واستيلاء اليهود على بلدة أهله يافا هاجرت الأسرة، فمنهم من هاجر إلى المملكة العربية السعودية، ومنهم من هاجر إلى لبنان، ومنهم من ذهب إلى مصر، وهاجر أبوه وجده -رحمهما الله- إلى الأردنّ، واستقرَّا فيها.
ولد الشيخ هناك في مدينة الزرقاء يوم الأحد 29 جمادى الآخرة سنة 1380هـ، الموافق 18/ 12/ 1960م.
نشأته وطلبه للعلم:
نشأ الشيخ في الأردن، وبعد أن أتم دراسته الثانوية التحق بالجامعة العربية لتعلم المحاسبة، ولكنه لم يكمل دراسته فيها، ثم قدَّم لدراسة الطب في جامعة بوسطن بأمريكا، وقُبِل طلبه، ولكن همته كانت قد انصرفت لتعلم العلوم الشرعية، وكل ميسَّر لما خلِق له.
وفي مكتبة الكلية العربية اطلع على كتاب (سلسلة الأحاديث الضعيفة) للشيخ الألباني رحمه الله، ولم يكن حينها قد عرف الشيخ، ولكن أعجبه موضوعُ الكتاب، وتنبيهه على بعض الأحاديث الضعيفة المشتهرة على الألسنة، فكانت هذه أول محطات تعلُّقه بالعلم الشرعي.
وفي الزرقاء انتفع ببعض المشايخ في تعلم التجويد والفقه -كما سيأتي-.
والتقى بالشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في عام (1978م) عندما قدم الشيخ الألباني إلى عمَّان، حيث كان يأتي إلى الأردنّ لزيارة ابنته المتزوجة، وقد كان يغتنم زيارته لعقد المجالس العلمية والدعوية، وذلك قبل أن يستقرَّ به المقام في الأردنّ مهاجرًا من سوريا عام (1981م).
ومنذ ذلك الحين لازمه مدةً طويلة، وقد تأثر كثيرًا بالشيخ، ومنهجه، وطريقته العلمية، حتى صار من أخص طلبته وأقربهم إليه.
درس عليه حال السفر (نخبة الفكر) ومنتخبات من شرحها (نزهة النظر)، وكان يعرض عليه إشكالات (الباعث الحثيث) وغيرها من كتب المصطلح.
وفي منتصف الثمانينات منذ عام (1987م) توثَّقت علاقته بالشيخ الألباني جدًّا، وكان يشارك الشيخَ في مشاريعه العلمية ويساعده فيها، حتى إنه قال بنفسه: “بعد الرابع من السلسلة الصحيحة والثالث من السلسلة الضعيفة لا يوجد كتاب طبع للشيخ إلا وقد مرّ من تحت يدي”.
ورافقه في رحلات علمية ودعوية داخل الأردن وخارجها، وسافر معه في بعض رحلات الحج والعمرة، وقلَّ أن يفوته درس من دروس الشيخ أو لقاء من لقاءاته.
وكل من يستمع لأشرطة الشيخ القديمة المعروفة بـ(سلسلة الهدى والنور) يجد صوت الشيخ أبي الحارث ومداخلاته وتعليقاته كثيرة جدًّا، رحمه الله تعالى.
جهوده العلمية والدعوية:
1- تفرغ الشيخ للبحث والتأليف والتحقيق منذ بواكير الطلب؛ فكان نتاجه العلمي ضخما جدًّا، حتى زادت مصنفاته عن مائتي مصنف -كما سيأتي-.
2- شارك الشيخ في عدد من المشاريع العلمية ومراجعة أغلب كتب العلامة الألباني رحمه الله قبل صدورها.
3- عمل في مؤسسة الرسالة (فرع عمان) للتحقيق العلمي، بصحبة الشيخ شعيب الأرناؤوط رحمه الله، ومكث معه عدة سنوات.
4- شارك الشيخ في كتابة المقالات لعدد من المجلات، فكان له مقال أسبوعي في جريدة (المسلمون) -الصادرة في لندن- ضمن زاوية (السنة)، استمر نحوًا من سنتين.
وكان له مقال دائم في مجلة (الأصالة) وكان من المؤسسين لها.
وكتب في مجلة (الجامعة السلفية) في الهند، ومجلة (أمتي) في الكويت، وغيرها.
5- للشيخ نشاط دعوي وعلمي واسع ومكثَّف، فللشيخ موقع شخصي يشارك فيه بكتابة المقالات، والفتاوى، ورد الشبهات، ومعالجة النوازل، والتواصل مع طلبة العلم.
كما يشرف الشيخ على منتدى (كل السلفيين)، والذي يشارك فيه أكثر من ستة آلاف طالب علم، من مختلف أنحاء العالم.
6- كما شارك رحمه الله في الرحلات العلمية والدعوية في مختلف دول العالم، مثل: السعودية، مصر، الكويت، الإمارات، أندونيسيا، أمريكا، هولندا، أوكرانيا… وغيرها من دول العالم.
7- أسس مع إخوانه (مركز الإمام الألباني) في عمان، والذي يعقد دوراته العلمية مرتين كل عام.
8- حاضر الشيخ وخطب ودرس في المساجد والجامعات والقنوات الفضائية المعروفة، وقد دعي لإلقاء محاضرات في عدد من الجامعات مثل: الجامعة الأردنية، وجامعة اليرموك، وجامعة الزيتونة، وغيرها.
وأقام دروسا علمية في عدد من المساجد، يشرح فيها كتب أئمة السلف، ويقعد منهجهم.
9- للشيخ جهود حسنة في بيان منهج السلف، والرد على الخارجين عن سبيلهم، وله ردود ومناظرات مع أهل البدع والمناهج المنحرفة بشتى أصنافهم.
10- لم يكن الشيخ من المنزوين على أنفسهم المنطوين في مكتباتهم، بل بذل نفسه ووقته لطلبة العلم، ولنفع العامة، ولنشر الدعوة، وهذا ما جعل تلاميذه بالمئات في داخل الأردن وخارجها، فبيته مفتوح دائما، ومكتبته مفتوحة أبوابها للزوار ليل نهار، وهاتفه الجوال متاح غالبا للتواصل والمراسلات.
وهو كثير الرد على أسئلة الطلبة واستفتاءاتهم، وهو يجيب بنفسه، ولا يكاد ينقطع عن ذلك، وهذا يتطلب همة عالية وصدرًا واسعا، ولعل هذا من أعظم أسباب البركة في الوقت، فزكاة العلم تعليمه وبذله لمستحقه.
صفاته رحمه الله:
للشيخ صفات حسنة كثيرة، ولكن أبرز ما يلمسه من يطالع سيرته ثلاث خصال: التواضع، وسعة الصدر، وعلو الهمة.
فالشيخ كان قريبا من طلبته، لا يتعالى عليهم، ولا يهتمُّ بنقل الثناء عليه، ولا يكثر من الحديث عن نفسه، وحتى في حلقاته المعنونة بـ: (صفحات من حياة الشيخ علي الحلبي) كان جل حديثه بعيدًا عن تزكية النفس والثناء عليها.
وبيته ومكتبته مفتوحة للزوار من طلبة العلم، يغشونها ليلا ونهارا، لا يتبرم من كثرة الاتصالات، ولا يكاد يترك الجوال إجابة وإرشادا وتواصلا ودعوة وتعليما، وهذا يحتاج همة وصدرًا واسعا لا يطيقه كثير من أهل العلم وطلبته والدعاة إلى الله.
ومن سعة صدره كذلك رحمته بالمخالف، وإعذاره له، وحرصه على وحدة صف أهل السنة، فلا يسارع بالتبديع ولا بالتخطئة، ولا يرمي المخالف بالبدعة لخطأ وقع فيه، مع إدراكه التام لخطورة أهل البدع والمناهج المنحرفة، واشتغاله بالرد عليهم، وهذا ما جعله غرضا للتشنيع عليه من غلاة الطرفين.
والشيخ معروف بحسن الخلق، مع طلاقة وجهه وبشاشته، وسماحته، مع كرم ضيافة، وطيب نفس. يعرف ذلك كل من خالطه من طلابه وزاره.
والشيخ معروف بجرأته في الحقّ الذي يعتقده، لا يمنعه من البيان عاطفة هوجاء ولا حماسة غير منضبطة، وهذه سمة العالم، ولا يعني ذلك أنه لا يقع منه الخطأ، بل الخطأ واقع منه ومن غيره من أهل العلم، ولا معصوم إلا من عصم الله تعالى، وكلٌّ يؤخذ من قوله ويردُّ إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد كان له رأي في بيان حقيقة الإيمان واشتراط العمل فيه، فلم يحالفه الصواب في بعض مباحثه ومسائله الدقيقة، وقد ردَّ عليه أهل العلم في ذلك، ومنهم اللجنة الدائمة في هيئة كبار العلماء، ولا يُنقص ذلك مقامَه وقدرَه، ولا ينغِّص اجتهاده وجهاده ودعوته.
شيوخه:
أشهر شيوخه العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، فهو أبرز شيوخه على الإطلاق، وأجلهم قدرًا، وأكثرهم تأثيرًا فيه.
وتعلم في الزرقاء التجويد على يد الشيخ عبد الودود الزراري، والشيخ محمود إدريس، واستفاد في الفقه من بعض مشايخ الزرقاء، كالشيخ نعمان أبي عياد، والشيخ عبد الرؤوف العنبوشي.
ومن شيوخه أيضًا الشيخ العلامة حماد الأنصاري رحمه الله، وأجازه قبل ربع قرن مع شيخين آخرين هما: الشيخ المقرئ إمام المسجد النبوي وخطيبه علي بن عبد الرحمن الحذيفي، والشيخ الدكتور عاصم القريوتي المدرس في جامعة الإمام.
وكان يحضر بعض مجالس الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله في مواسم الحج والعمرة، وكلما سنحت له الفرصة بالسفر للمملكة العربية السعودية -حرسها الله-.
كما كان يحضر مجالس الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله عند السفر للحج والعمرة.
وله إجازات علمية عامة وحديثية خاصة مع عدد من أهل العلم، منهم: الشيخ بديع الدين السندي رحمه الله، والشيخ محمد السالك الشنقيطي رحمه الله، وغيرهم كثير، جمعها في ثبت علمي خاص اسمه: (مسالك بداية المستفيد في الرواية والإجازة والأسانيد).
ثناء العلماء له عليه:
1- الشيخ الألباني رحمه الله:
وثناؤه عليه كثير، وقد نقل بعض حفدة الشيخ الألباني رحمه الله عن جدهم أنه قال: “أفضل اثنين في علم الحديث اليوم هما: علي الحلبي، وأبو إسحق الحويني”.
ولما عزم الشيخ الألباني على السفر إلى الإمارات قالوا له: من نسأل من بعدك يا شيخنا؟ فقال: “سلوا علي الحلبي؛ فإنه أقربنا إلى السنة”.
2- الشيخ ابن باز رحمه الله:
قرظ الشيخ ابن باز لكتاب الشيخ علي الحلبي رحمه الله (إنها سلفية العقيدة والمنهج) بقوله: “من عبد العزيز بن باز إلى حضرة الأخ المكرم صاحب الفضيلة الشيخ علي بن حسن بن عبد الحميد الحلبي -وفقه الله لما فيه رضاه، وزاده من العلم والإيمان، آمين-، سلام عليكم ورحمه الله وبركاته، أما بعد: فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في 25/ 11/ 1418هـ -وصلكم الله بحبل الهدى والتوفيق-، واطلعت على ردكم المرفق به على كتاب الدكتور عبد العزيز العسكر في شأن صاحب الفضيلة الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني، فألفيته ردًّا قيمًا مباركًا شافيا، قد أحسنتم في أسلوبه، ووفقتم للرفق بالمردود عليه، وأسأل الله أن يضاعف مثوبتكم”.
3- الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
فقد ذكر بعض طلبة العلم أنهم كانوا في مجلس للشيخ ابن عثيمين في موسم الحج (عام 1420هـ)، وكان برفقته الشيخ ربيع بن هادي والشيخ علي الحلبي، فأجاب عن بعض الأسئلة، وقال في بعضها: “سلوا ذلك البحر”، وأشار للشيخ الحلبي.
ولما سئل الشيخ الحلبي عن ذلك قال بتواضعه المعروف: “تأولت ذلك على المداعبة، فأنا لست كذلك؛ فلست بالبحر، ولا بالنهر، ولا غير ذلك، فنستغفر الله، ونسأله حسن الخاتمة”.
4- الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله:
قال رحمه الله: “أتوسَّم في علي حسن عبد الحميد أن يكون خليفة الشيخ ناصر الدين الألباني”.
5- الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله:
وكان بينه وبين الشيخ صلات قوية وروابط علمية، وأهداه الشيخ بكر كتابه (براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة) حيث كتب على طرَّته: “هدية إلى أخي في الله الشيخ علي بن حسن بن عبد الحميد؛ رجاء دعوة صالحة”.
وعند ذكره لأهل العلم الذين اشتغلوا بالرد على أهل الأهواء ذكر الشيخ الحلبي معهم بقوله: “وهي أمثلة نبه على كثير منها علماء العصر… منهم الشيخ علي بن حسن بن عبد الحميد الحلبي في مجموعة من كتاباته ومؤلفاته، منها في: (الرد العلمي على حبيب الرحمن الأعظمي)، وفي كتابه (كشف المتواري من تلبيسات الغماري)”.
6- الشيخ المحدث عبد المحسن العباد:
قال -حفظه الله-: “وأوصي أيضًا أن يستفيد طلاب العلم في كل بلد من المشتغلين بالعلم من أهل السنة في ذلك البلد؛ مثل تلاميذ الشيخ الألباني رحمه الله في الأردن، الذين أسسوا بعدُ مركزًا باسمه”.
7- الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله-:
عندما ألف كتابه (هذه مفاهيمنا) أرسل إلى الشيخ علي نسخة خاصة، كتب عليها بخط يده: “إلى الصاحب الأنيق، والباحث الأفيق، ذي العقل والنظر: علي حسن عبد الحميد، وفقه الله لرفع راية السنة بوقار السلف، والبعد عن هيشات الخلف”.
8- الشيخ محمد بن علي بن آدم الأثيوبي رحمه الله:
أهدى الشيخَ الحلبي كتابه (الفوائد السمية في قواعد وضوابط علمية) وكتب عليها بخطه: “إهداء من مؤلف الكتاب لفضيلة الشيخ العلامة علي حسن الحلبي -حفظه الله تعالى- (10/ 5/ 1430)”.
9- الشيخ طارق بن عوض الله -حفظه الله-:
وصفه في كتابه (النقد البناء لحديث أسماء): “وهو من إخواننا الذين لهم يد مشكورة في الذب عن السنة، والرد على أهل البدع”.
مؤلفاته:
أكثَرَ الشيخُ رحمه الله من الكتابة والتصنيف، وقد بلغت مصنفاته أكثر من مائتي مصنف، ما بين تأليف وتحقيق وتعليق، وهذه ببعضها:
1- الدعوة إلى الله بين التجمع الحزبي والتعاون الشرعي.
2- الرد العلمي على حبيب الرحمن الأعظمي.
3- السلفية لماذا؟ معاذًا وملاذًا.
4- العقلانيون أفراخ المعتزلة العصريون.
5- الفئة الضالة.
6- الفوائد المختصرة في أحكام العمرة.
7- القول المأمون في تخريج ما ورد عن ابن عباس في تفسير: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ}.
8- المنح الصحيحة في أصول النقد والنصيحة.
9- المنظومة النونية في مآثر ورثاء مجدد علوم السنة النبوية.
10- الموت: عظاته وأحكامه.
11- النكت على نزهة النظر.
12- إنها سلفية العقيدة والمنهج.. ردًّا على عبد العزيز العسكر.
13-الكشف المعلم بأباطيل كتاب (تنبيه المسلم) لسعيد ممدوح.
14- دلائل التحقيق لإبطال قصة الغرانيق.
15- رؤية واقعية في المناهج الدعوية.
16- فقه الواقع بين النظرية والتطبيق.
17- كلمة تذكير بمفاسد الغلو في التكفير.
18- مجمل تاريخ الدعوة السلفية في الديار الأردنية.. نشأة وانتشارًا.
19- منهج السلف الصالح في ترجيح المصالح، وتطويح المفاسد والقبائح في أصول النقد والنصائح.
وغير هذا كثير جدًّا، فضلا عن التحقيقات الكثيرة والنافعة.
وللشيخ دروس ومحاضرات كثيرة، علمية ومنهجية ووعظية، فمن شروحه العلمية:
1- شرح تجريد التوحيد، للمقريزي.
2- شرح العقيدة الواسطية.
3- شرح العقيدة الطحاوية.
4- شرح شرح السنة، للبربهاري.
5- شرح النبذ في أصول الفقه، لابن حزم.
6- شرح كتاب الإيمان، بدء الوحي، والاعتصام بالكتاب والسنة من صحيح البخاري.
7- شرح متن الموقظة، للذهبي.
8- شرح الباعث الحثيث، لابن كثير.
9- شرح نخبة الفكر، لابن حجر.
10- شرح (نزهة النظر) لابن حجر.
11- شرح الإقناع لابن المنذر.
12- شرح الإبانة الصغرى، لابن بطة.
13- شرح منهج السالكين، للسعدي.
14- ومن آخر ما ختم به حياته رحمه الله شرحه لشمائل الترمذي بعنوان: (اللطائف العلمية على صحيح الشمائل النبوية)، حيث شرع في أول مجلس فيه في الثاني من نوفمبر 2020م، ونشر على اليوتيوب، مصحوبًا بترجمة للإنجليزية، وذلك في إطار التعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ضد الإساءة لعرضه الشريف صلى الله عليه وسلم.
ولم يكمل منه سوى خمسة مجالس، فعاجلته المنية رحمه الله.
محنته وابتلاؤه:
ابتلي الشيخ بالسجن في فترة شبابه بسبب إطلاقه اللحية في الجيش، حيث حكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر، ولكنه خفف لثمانية وثلاثين يومًا فقط.
وأما المحنة الأكبر فهي الطعن في عقيدة الشيخ، وسعي البعض لإسقاطه، ومعاملته كأهل البدع. ولا شك أن هذا من أعظم الابتلاء لأي عالم أو داعية، أن يطعن في دينه وعقيدته، وهو أشد من الابتلاءات الدنيوية التي تصيبهم، ولمثل هولاء كتب الشيخ عبد المحسن العباد كتابه (رفقا أهل السنة بأهل السنة).
فليس كل خطأ يُسقِطُ صاحبَه، فمن ذا الذي ما ساء قط؟! ومن له الحسنى فقط؟! وكفى بالمرء نبلًا أن تعَدَّ معايبه.
وفاته رحمه الله:
توفي رحمه الله يوم الأحد 29 ربيع الأول 1442هـ الموافق 15 نوفمبر 2020م بعد إصابته بفيروس كوفيد19 (كورونا)، وقبل الوفاة بيومين نقل للمستشفى لتلقي العلاج، ومن آخر ما كتبه على حسابه في تويتر عن ذلك: “سبحان الله العظيم! لا يغني حذر من قدر.. مع كل الأخذ بالأسباب والحرص الشديد -فيما أظن- والتقليل من مخالطة الناس جدًّا، إلا أن الوباء مسَّني.. ومما أستعينه عليه: دعاء الله، وحسن الرجاء به”.
وقد صُلِّيت عليه صلاة الجنازة، بعد صلاة العصر في مسجد مستشفى الأمير حمزة، ودفن بجوار شيخه ناصر الدين الألباني رحمه الله في مقبرة الهملان، في عمّان الأردن.
وقد نعاه جمع غفير من العلماء وطلبة العلم، فقال الشيخ أبو إسحق الحويني -حفظه الله- في حسابه على تويتر: “فجعني الآن موت صاحبنا أبي الحارث الشيخ علي الحلبي.. فاللهم اغفر له وأعلِ مقامه في الصالحين، اللهم اغسله من خطاياه بالثلج والماء والبرد، اللهم نقه من خطاياه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغفر له كل سيئة أزلفها. وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
ونعاه إخوانه الشيخ مشهور سلمان، والشيخ سليم الهلالي، والشيخ عاصم القريوتي، وغيرهم من طلبة العلم ومحبي الشيخ وتلامذته.
نسأل الله تعالى أن يرحم الشيخ علي الحلبي رحمة واسعة، وأن يجعل ما أصابه كفارة له وطهورًا، وأن يجعل في تلاميذه خلفًا له، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)
([1]) هذه الترجمة مقتبسة في أغلبها من كتاب (تحفة الطالب الأبي بترجمة الشيخ المحدث علي بن حسن الحلبي) لتلميذه علي أبو هنية الفلسطيني، 2011م، وكذلك من موقع الشيخ علي الحلبي، وحلقات على اليوتيوب بعنوان: صفحات من حياة الشيخ علي الحلبي.