الجمعة - 17 شوّال 1445 هـ - 26 ابريل 2024 م

مقوِّمات السلفية المعاصرة.. وقفة مع متَّهمي السلفيّة بامتهان الوعظ والبُعد عن المنهج العلميّ الرصين

A A

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة

 

 تمهيد:

لم تزل الأصواتُ تعلو بنقدِ السلفية واتهامها حتى صارت مزعجةً لمن صدرت عنهم، وصارت أقرب إلى الصُّراخ والعويل منها إلى صوتِ العلم والعقل، وآل الناسُ في السلفية إلى أمر مريج، وقولٍ مختلف لا يتميَّز فيه حقٌّ من باطل، وحَسْبُ الناكثين عن الحقِّ المصرِّين على الحنث العظيم أن يوصِلوا دُعاة الحقِّ إلى مرحلةِ الشكِّ أو الارتباك، وهي غاية ما يصلون إليه؛ لأن سنةَ الله لا تسمَح لهم بغير ذلك، فسرعان ما ينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكِم آياته.

وقد تنوَّعت تُهَم السلفية بعدَد أفواه المتكلِّمين من خصومِها، ولم تزل الخصومةُ بأعداء السلفية حتى ضربوا أخماسًا بأسداس، فذمّوها بما ينبغي أن تمدَح به، وأوقَعهم التخلِّي عن شرف الخصومة الثقافيّة في بوائق فكرية ودينية، ليس لِمُتَكلم بها يَدان في الدفاع عما تَفَوَّهَ به، وصَرَّفوا التهمة ونوَّعوها حتى اتهموا بالشيء ونقيضِه.

وكان مِن بين هذه التُّهم التي يدفعها الواقع، ويشهد العقل بخلافها: تهمة السلفية بالبعد عن المنهج العلمي واعتماد الوعظ الديني من أجل التأثير على الناس، هذا مع أن الوعظ بحدِّ ذاته ليس له أي دلالة سلبية في نصوص الشرع، وامتهان المرء له ما لم يوقعه في الكذب على الله وعلى رسوله ليس بمذموم.

وهذه التهمةُ تهمل مقوِّمات السلفية العلمية والموضوعية، وهي تهمة لا تنهض أمام البحث العلمي أو التقرير الموضوعي، لكن الحماس للفكرة وسَكرة الغضب يُعميان المتكلِّم عن الحقائق التي لا يستطيع لها دفعًا إذا سكت غضبه ورجع إلى نفسه، والقارئ المنصِف حين يقرأ لبعض خصوم السلفية يجد بعضَهم يوقع نفسَه في مهالك ليس لها من تفسير إلا شهوة الكتابة والنقد، ومحاولة التلذُّذ بتَتفيه الخصوم واتهامهم بالباطل.

ولنا وقفة مع متَّهمي السلفية بامتهان الوعظ والبعد عن المنهج العلمي، ولا بأس قبل ذلك أن نبيِّن مقوِّمات السلفية التي تنطلق منها:

مقوِّمات السلفية:

عادةً ما تأتي مثل هذه الاتهامات آنفةِ الذكر للسلفية كتفسير للانتشار السلفي أو لتأثيره، في غفلة تامَّة عن المقومات المنهجيَّة والموضوعية للسلفية، وإهمال للسياقات التاريخية والسياسية والاجتماعية، في حين إن النشاطَ السلفيَّ لمن أراد تقويمه لكي يكون موضوعيا لا بدَّ أن ينطلق من منهجية موضوعية تراعي جانبين مهمين:

 الجانب الأول: الجانب العلمي:

ويدرس المنهجية العلمية المتّبعَة للسلفيين في الاستدلال لقضاياهم العقدية، ومنهجية آلاتها المعرفية وفحصها.

الجانب الثاني: عوامل تأثير الفكرة في بيئتها وغيرها، وملاحظة نشاط أصحابها كما هو في الواقع.

وتقويم النشاط سلبًا أو إيجابًا لا بد أن يراعَى فيه أن النشاطَ نشاطٌ بشريّ يحاكَم في جوانبه العملية والنظرية إلى مدى انسجامه مع الفكرة، وهل هو تحقُّق لها في الواقع، أم شهد تعثرات في تطبيقه. فحين يكون الخطأ سببه الخروج عن الفكرة وعدم الالتزام بها نظريًّا أو عمليًّا فإن الفكرة لا تتحمَّل مسؤولية المنتمي إليها مطلقًا، خصوصًا مع وجود إجراءات علمية في المنظومة الفكرية يؤدِّي الالتزام بها إلى تفادي أي خطأ يحدُث أثناء التطبيق، وإلا لزم ترك جميع العلوم والأفكار؛ لأنه ما من فكرة دينية أو تجريبية إلا ويُرتكب أثناء ممارستها أخطاء هي نتاج تطبيق البشر لها، وليست وليدة الفكرة نفسِها، وهذا أمرٌ من الوضوحِ بدرجةٍ لا تحتاج إلى التمثيل، ومن ثم فإنّ تفسير النشاط السلفي وتأثيره في الناس وشغله للرأيِ العام الدولي وغيره لا يمكن مع إغفال مقوّمات السلفية المنهجية والموضوعية، والتي تنتظم في الآتي:

المقوِّمات المنهجية:

فالسلفية من خلال تعريفها المتواضَع عليه عند جميع المنتسبين إليها تعني: التزام ما كان عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه في العصر الأول عقيدةً وسلوكًا، واتباع طريقتهم في الفهم والاستدلال للمسائل وعليها، ومن ثم فإن السلفية بهذا الاعتبار غير محصورة في موضوعاتٍ معينة سواء كانت عقدية أو فقهية، ولا ينبغي حصرها في ذلك، فهي تصوُّر شامل للكون والحياة وفق المنهجية المذكورة. وهذه المنهجية واختزالها في موضوعات معينة من بعض منتسبيها يعدُّ خطأ منهجيًّا وخللًا معرفيًّا يتحمَّل صاحبه كاملَ المسؤولية عنه؛ لأنه تقصير في البحث وقعود بالاجتهاد والتفكير في مرحلة معينة أو موضوع محدد، وقد تنبَّه علماء السلفية المعاصرة إلى هذا الخلَل وإمكانية وقوعه من بعض المنتسبين للسلفية واستغلال خصومهم لذلك، فنقدوا هذا المسلك، فهذا وكم من عالم تحسّر على تذويب دلالة مصطلح أهل السنة ومحاولة تطويعه للسياقات التاريخية والاجتماعية؛ ليعبر عن جانب واحد من جوانب العلم ويغفل ما سواه، وقد تساءل صاحب كتاب “أهل السنة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى” عن منهج السلف وأصولهم في العقائد والمعرفة وضوابطها، وعن أصولهم في النظر والاستدلال، وعن علاقة بعضهم ببعض، فالسلف أنشؤوا حضارةً شاملة، ولا يمكن أن تكون هذه الحضارة مبنية على أسُس عقدية فقط([1]).

وهذه التساؤلات بطبيعة الحال من هذا الشيخ السلفي ليست دلالة على الحيرة ولا التخبُّط، وإنما المراد منها تبيين أن الإجابة على السؤال أسهل من طرحه.

يمكن إيجاز المقومات المنهجية للسلفية في الآتي:

أولا: اعتماد الاستدلال القرآني في قضايا المعتقد وأمهات التوحيد، والاكتفاء به عما سواه، وتنحصر مهمَّة المجتهد الشرعي في تفسير هذه النصوص وتقريبها، وتبيين كمالها وغناها في نفسها عما سواها من الأدلة، وكيف أن الأدلة تابعةٌ للقرآن، ويستحيل أن تزيد عليه أو تقرر شيئا في نفس المتلقِّي بدرجة أقوى من القرآن أو تقاربه، فالسلف كانوا يستخدمون الأدلة العقلية في إثبات العقائد وفقا لما ورد في القرآن، فكانوا يستخدمون قياس الأولى والأحرى والتنبيه في باب النفي والإثبات، فمسلك الإمام أحمد وغيره مع الاستدلال بالنصوص وبالإجماع مسلك الاستدلال بالفطرة والأقيسة العقلية الصحيحة المتضمنة للأولى([2]).

ثانيا: حصر مصادر التلقي والاستنباط وترتيبها ترتيبًا علميًّا موضوعيًّا يتناسب مع الفكرة العامة، ويدرأ الخلل عن الأدلة عند التعارض، وهو متفرع عن المقوم المنهجي الأول، ومصادر التلقي محصورة في الكتاب والسنة بجميع تفاصيلها من قول وفعل وتقرير، ثم ما أجمعت عليه الأمة من الأدلة أو معانيها، والقياس الجلي، وما اعتبره أئمة الإسلام من فروع الأدلة مثل المصلحة المرسلة والاستحسان وقول الصحابي وعمل أهل المدينة، وما صدقته الظنون المعتبرة وغيرها مما هو مقرر في أصول الفقه مفصَّل في الكتب([3]).

ثالثًا: اعتماد فهم الصحابة رضوان الله عليهم وتفسيرهم للقرآن؛ لأنه عليهم نزل، وبه خوطبوا أولا، فقولهم فيه مقدَّم على قول غيرهم، فهم الذين تمثَّلوا أوامر الوحي في الواقع، وأقرَّهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، “وبهذا يعرف قدر فهم الصحابة رضي الله عنهم، وأن من بعدهم إنما يكون غاية اجتهاده أن يفهم ما فهموه ويعرف ما قالوه”([4]).

وهذا يعني بطبيعة الحال رفضَ أيِّ تفسير يخالف تفسيرهم؛ لأنه يعد مناوئا له وبديلا عنه، فأمة محمَّد المخاطبة بالوحي ابتداء لا يمكن تصويبها في مسائل الدين والإيمان والإسلام والأحكام؛ لأن هذا يعني وبكل بساطة أن أمة محمد المخاطبة بالوحي ابتداء لم تفهمه على وجهه الصحيح، ومن أجل هذا كان السلفيون بالمرصاد لكل فكرة أو تفسير يخالف فهم الصحابة في هذه الأبواب؛ لأنه لا يمكن أن يخالفهم ويبقى حقًّا في نفسه؛ لأن ذلك يلزم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين الوحي كما أمره الله، {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون} [النحل: 44]، أو أنه بيَّن ولم يعقل عنه المخاطَبون من خاصَّة أهل الإيمان مرادَه، وكل هذا محال شرعًا ومستحيل عادة.

رابعًا: التطلُّع إلى التجديد، فالسلفية وإن أحالت من خلال مضمونها اللغوي إلى الماضي والرجوع إلى السلف، لكنها في قالبها المنهجي لا تعني الانحسار في زمن معين، بل تعتبر التراكمات وتبني على ما سبق، وتعتبر أن الصورة الناصعة للدين هي صورته الأولى في الكون، والتي أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على تصحيح فهوم أصحابها وتطبيقهم للدين، فما جاء بعد ذلك من الشوائب البدعية والخرافات فهو محاولة طمس للدين، ومهمة السلفي العالم أن يجدِّد الدين ويعيد إليه نصاعته الأولى كما قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدِّد لها دينها»([5]).

قال ابن القيم رحمه الله: “ولهذا لما سلَّط المحرفون التأويلاتِ الباطلةَ على نصوص الشرع فسَد الدين فسادًا لولا أن الله سبحانه تكفَّل بحفظه وأقام له حرسًا وكلهم بحمايته من تأويل الجاهلين وانتحال المبطلين لجرى عليه ما جرى على الأديان السالفة، ولكن الله برحمته وعنايته بهذه الأمة يبعث لها عند دروس السنة وظهور البِدعة من يجدِّد لها دينها، ولا يزال يغرس في دينه غرسًا يستعمِلهم فيه علمًا وعملًا”([6]).

والاجتهاد هو العمليَّة التي يمارس السلفيون من خلالها تغطيةَ المستجداتِ وإعطاء الأحكام الشرعية المناسبة لها، من خلال المنهج المتَّبع عند أهل العلم في الاستدلال والاستنباط.

ويحسن في هذا المقام أن نفرِّق بين التقدُّم في العلوم التجريبية وتسخير نتائجها في خدمة حياة أفضل للبشرية، وبين الهبوط بالبشر وبنفوسهم إلى مستنقع الرذيلة، وحصرهم في المادة وما هو مشهود فقط، فالسلفية لا تعارض التقدُّم، وإنما ترفض حصرَه في المادة وفصل الأخلاق عنه، فهي تسعى إلى تقدُّم دنيويٍّ يحكمه الدين والأخلاق، ولا تسعى إلى تقدُّم منفصل عنهما، وترى أن انفصاله عنهما تضييع للبشرية وإفساد لها، فالردّ إلى السلف يقصد به ردّ الدين ومفاهيمه وحاكميته كما هو عند السلف، لا ردّ الدنيا إلى الزمن الغابر.

خامسًا: عموم الرسالة، فالمنهج السلفيُّ حين يؤكِّد على ما سبق فإنه ينطلق من مسلَّمة منهجيَّة، وهي أنَّ الرسالة المحمديةَ التي تحمَّلها الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم هي رسالة عامَّة، لا تخضع لظروف الزمان والمكان، بل هي مُصلحة لهما معًا، وليست متكيفة ولا تقبل علوَّ غيرها عليها، وهذا يعني أن السلفيةَ ليست تخصُّصًا عقديًّا ولا طريقة في التفقُّه أو السلوك، بل هي الدين بشموله، وهذه خاصية تخصُّها، فكثير من المدارس الإسلامية تخصَّصت في جوانب على حساب جوانب أخرى؛ مما أدى إلى وجود خلَل عندهم في أكثر من جانب، فجعل العقائد خاصَّةً بالمتكلمين أفسدَ العقائد، وأدخل فيها الأقوال المنحرفة، وكذا السلوك حين ترك للزهاد وفصل عن الفقه، وهكذا وقع للفقه حين فصل عن أدلَّته، فالسلفيةُ ترى أن الرجوع بالدين إلى فهم السلف هو تنقية له من الشوائب في جميع أبوابه وموضوعاته، فهي ليست محصورة في مذاهب الفقهاء، ولا هي تمثُّلٌ لعقائد المتكلمين وانتقاء منها، ولا تصفية للتصوف، بل هي منهج يحاكم إليه كل هؤلاء، فيعرف حقّهم من باطلهم في العقائد، وصوابهم من خطئهم في الأحكام والعمل والتزكية([7]).

فالسلفية ليست مناقضةً للمذاهب السنيَّة، بل هي امتدادٌ لها، فلا يضرُّ السلفيَّ أكان حنفيًّا أو مالكيًّا أو شافعيًّا أو حنبليًّا؛ لأنَّ طرق هؤلاء وأصولهم في الاستنباط هي أصول السلف، لا تخرج عنها، وتبقى الأقوال المذهبيَّة والتخريجات متردِّدة بين الراجح والمرجوح النسبيّ، والناس في تبنِّي المذاهب يتفاوتون بحسب علمهم وقدرتهم على الفهم والاستنباط، فمنهم من حظُّه التقليدُ مطلقًا، ومنهم من حظُّه الاجتهادُ والترجيح في مذهب دون مذهبٍ، ومنهم من لا يلزمه مذهَبٌ بعينه لاستواء الأدلة عندهم، شريطة ألا يخرج عن أصول مذاهب أهل السنة وطرقهم في الاستنباط([8]).

فهذه هي المقومات المنهجية وهي بطبيعة الحال تهدي إلى المقومات الموضوعية، ولا بأس أن نجملها.

المقومات الموضوعية:

السلفيةُ في جانبها الموضوعيِّ تنطلِق من أن وجودَ الله أمر فطريٌّ لا يستطيع الإنسان دفعَه ولا ردَّه، وأدلةُ الشرع والعقل والطبع كلُّها شواهدُ تؤكِّد هذا الشعور، فالقضيَّة الأولى في حياة الناس ليست هي تحصيل الحاصل بإثبات الصانع، بل القضية الأولى هي عبادته، وهذا يشمل أمورا، منها الإقرار بربوبيته سبحانه وإفراده بالعبادة وإثبات ما أثبته لنفسه ونفي ما نفاه عن نفسه سبحانه، ثم ما يتبع ذلك من إيمان بالدين كله، والسعي لإقامته على هذا النحو. وبالنسبة لموضوع التحسين والتقبيح فهم يرون أن العقلَ بطبعه يدرك حُسن الأشياء وقُبحها جملةً، لكنه لا يستطيع ذلك على وجه التفصيل، وليس له الحقّ في ترتيب الثواب والعقاب على الأشياء، فمردُّ ذلك إلى الشرع([9]).

والنُّظُم الاجتماعية مبنية عندهم على أسُس عقديَّة وأخلاقية محكمَة، لا يمكن العدول عنها إلى غيرها، ومثلها في ذلك الموقف من الحاكم سلبًا أو إيجابًا، فإن هذه الأمور لا يحكمها الهوى، ولا يحقُّ للإنسان التخيّر فيها، بل هي محكومة بالشرع وقواعده، فلا كُرْهُ الحاكم ولا فجوره يوجبان الخروجَ عليه ما لم يأتِ إذنٌ من الشرع في ذلك صريح، وكذا الموقف النفسي من الأشخاص أو الطوائف لا يمكن أن يخرج في صورةٍ عملية لها قيمَة شرعًا ما لم يستند استنادًا صحيحًا إلى أدلة شرعيَّة، والمقصود بالاستناد الصحيح أن يكون الباعثُ إلى الموقف هو ما تمليه النصوصُ بمقتضاها الشرعيِّ، لا بتأويل من الشَّخص ولا خضوع لظرف معين([10]).

فإذا تبينت مقومات السلفية فإن بها يتحدَّد طريقة تقويمها، فمن الملاحظة من خلال التعريف الجامع والموضوعي للسلفية أن ثمة نقاطًا جوهرية هي محلُّ اتفاق بين السلفية، وأخرى يسع فيها الخلاف، وذلك راجع إلى أن الفكرة من الناحية الموضوعية لا بد أن تكون لها أصول بها تتميز عن غيرها، وقضايا تعدّ جزئية وتفصيلية دقيقة يسع الخلاف فيها؛ نظرًا لتفاوت أفهام الناس وقدراتهم العلمية وما يتوفَّر لديهم من معلومات شرعية وأخرى خادِمة، فمن نقاط الاتفاق التلقائية بين السلفيين:

  1. اعتماد الوحي ومحاولة تأصيل المسائل تأصيلا شرعيًّا.
  2. تعظيم الصحابة ومن تبعهم ومحاولة معرفة آثارهم.
  3. الحرص على نقاء الدين والبعد عن البدع القولية والعملية.
  4. الاعتزاز بالهويَّة الإسلاميَّة.
  5. الاقتناع واليقين بشمولية الدين وصلاحيته للحياة مطلقًا.

فهذه هي أهمُّ المسائل التي يتَّفق عليها السلفيون إجمالًا، ثم يتوزَّعون في خدمتها بحسب أحوالهم وتخصُّصاتهم، فمدرسةٌ عظيمة شاملة بحجم السلفية لا يمكن أن يطغى عليها لون واحدٌ، ففيها أهل العلم وطلابه، وفيها الدعاة والوعَّاظ والعباد.

صحيحٌ أن دراسةَ كلِّ فرد من هؤلاء قد توصل إلى ضمور جانبٍ ديني عنده، إما من جهة تصوُّره، وإما من جهة الاهتمام به؛ نظرا لانشغاله بغيره أو إدراكه له أكثر؛ لكن هذا لا يعني أن هذا العاملَ الوحيدَ المؤثر في وجود الدعوة، واتهام السلفية بامتهان الوعظ لا يخلو من مجازفة شرعية ومغالطة واقعية:

أما المجازفة الشرعية: فإن الوعظ بمعناه الشرعي -الذي هو التذكير بالله عز وجل والتخويف منه([11])- ليس له أي دلالة سلبية، بل هو مهنة الأنبياء وديدنهم، وقد وصف الله به كتابه فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين} [يونس: 57].

وأمر الله بها نبيه في دعوته للناس، وجعلها إحدى وسائل الإقناع المشروعة، فقال: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين} [النحل: 125]. قال السمعاني: “الموعظةُ هِيَ الدُّعَاء إِلَى الله بالترغيب والترهيب، وَقيل: الموعظة الْحَسَنَة هِيَ القَوْلُ اللين الرَّقِيق من غير غِلظة وَلَا تعنيف”([12]).

فالوعظ أسلوبٌ شرعيّ في الإقناع والتأثير على الناس، وليس فيه أي إشكال، والواعظ هو مثل الفقيه والنحوي والطبيب، يقوم عن الأمة بفرض كفائيّ يحسنه، فلا يُلام ما دام يقوم بمهمته قيامًا حسنًا، فلا يتوجَّه إليه اللوم ما دام منشغلًا بما يحسنه وما ينفع الناس، وتوجيه اللوم إليه هو من القعود بكل صراط.

ومن ناحية واقعية فإن من انتسب للوعظ من السلفية المعاصرة كان أحسنَ أداءً من غيره وأكثر تأثيرا، فدعاة السلفية المعاصرة غلب فيهم الحرصُ على الابتعاد عن الخرافة والدجل والأحاديث الموضوعة وما يؤثِّر على الناس سلبًا، فاكتفوا بالكلام فيما يقرِّب الناسَ من ربهم بطرقِهم مواضيعَ تشكِّل تحديًّا للأمة بطريقة سليمة معرفيًّا، فنفع الله بهم وهدى خلقا كثيرا على أيديهم، وها هي القنوات الدينية الأكثر متابعة في العالم تتبع لهم، والدعاة الأكثر تأثيرا منهم ولله الحمد، وليس كل منِ امتهن الدعوةَ والوعظ تكون هذه هي صفته العلمية فقط، بل قد يكون عالما من كبار أهل العلم رأى أن واجبَ الوقت في حقِّه هو التربية والتزكية وإرشاد الناس، فتفرغ لذلك، فالشيخ المحدث أبو إسحاق الحويني عالم بالحديث مبرز فيه يعِظ الناس ويرشدهم، وهو خِرِّيج قسم الترجمة، فليس لقَى في العلوم الدنيوية ولا الدينية، وكذا كثير من الدعاة ممن حصل لهم قبول وانتشار حسن جمع إلى دعوته تخصُّصات علمية، وحصل فيها مراتب عالية لم يحصلها مناوِئوه مع تفرغهم وعدم انشغالهم.

ومن ناحية واقعية فإن السلفيةَ ليست محصورةً في الدعاة ولا الوعاظ، وتقييمها بهذه الطريقة غير موضوعيّ؛ لأن تقييم مدرسة تضمّ الباحثين والعلماء وطلاب العلم وحصرها في نشاط واحد من أنشطتها يعدُّ غير موضوعي، وهو مخلّ علميًّا بتقييم صاحبه، فلم تغب السلفية يوما من الأيام عن العلم والتحقيق والبرهان، أليس من نبذَ التقليد ودعا للاجتهاد وعلَّم الأمة أنه لا توجد حجُب بينها وبين كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم هم علماء سلفيون؟!

فكتُب العلم في شتى الفنون في هذا العصر يتصدّرها الكِتاب السَّلفي، ففي التفسير لا تجد ذكرًا لكتب التفسير المعاصرة بالمقارنة مع كتاب محاسن التأويل لجمال الدين القاسمي، وكتاب تيسير الكريم الرحمن للسعدي، بالإضافة إلى كتب التفسير بالمأثور التي أخرجها السلفيون للنور، وكذا آثار المعلمي والبشير الإبراهيمي وغيرهم من العلماء المصلحين.

وتجد على قائمة كتب السنة كتب الألباني وتخريجاته، وعبد القادر الأرناؤوط رحمهم الله جميعا، ومَن مثل العلامة ابن عثيمين في شرح كتب الفقه الحنبلي وكتب الاعتقاد وكتب الحديث وتقرير المسائل تقريرا علميًّا يفيد الذكي ويفهمه الغبي؟!

والمراكز العلمية المتصدِّرة للتصدِّي للإلحاد والردّ على جميع الشبهات كلّها سلفية، وميزة المراكز السلفية اعتماد منهج القرآن، وتطوير آلات الدفاع العلمية، والابتعاد عن الطرق التقليدية المعقدة، وهي طرق المتكلمين وتفصيلاتهم، وقد كانت المراكز السلفية سبَّاقة في هذا الميدان متفردة في الطرح، يناقشون القضايا نقاشا علميًّا متزنًا، مع تنوع أعمالها العلمية وجودتها، فإن معالجتهم للظاهرة الإلحادية تعد قوية علميًّا ومتفوقة على نظيراتها.

هذا مع وجود مئات البحوث في عشرات الجامعات ومختلف التخصُّصات لشخصيات سلفية، وما من باب من أبواب المعرفة إلا وقد طرقه السلفيون، وكان عطاؤهم فيه أحسن من عطاء غيرهم.

وعليه فإن اختزال التأثير السلفي في الوعظ وحدَه حيادٌ عن الموضوعية، وإغفال لجوانب علمية وموضوعية كثيرة، فكلّ شخص له عوامل تأثيره الخاصة به من جاه وعلم وتقى وقبول، هذا فضلا عن الجوانب الاجتماعية والتاريخية والموضوعية التي هي سبب رئيس في التأثير، هذا مع أننا ندرك أن التأثير والانتشار للأفكار خاضع للسنن الكونية، وليس علامة وحيدة للحق، فعوامل الانتشار والتأثير قد تكون طبيعية وشرعية، وقد تكون طبيعية وغير شرعية، وذلك لتبني قوة عسكرية ومالية وإعلامية لفكرة معينة ونشرها وفرضها على الناس بالنار والحديد، كما هو الشأن في كثير من المفاهيم المتداولة اليوم عندنا، ولو خلّي بين الناس وبين الحجة والبرهان بعيدًا عن تأثير قوى الشر، فإنه لا يخالجنا شك أن النصر بالحجة والبيان حظُّ كل متمسِّك بمنهج السلف رسمًا وحدودًا، وليس ادعاءً؛ لأن السلفية تحمل في طياتها مقومات البقاء، فهي قوية في نفسها، لا تحتاج من يقويها، لكن النهوض بهذا المنهج يحتاج تَمَثُّله في الواقع اعتقادا وعلمًا وسلوكًا، وهو لا يتحمل التجزئة أو التفريق، ولا يمكن التصرّف فيه والقيام به، ولا يمكن أبدا أن يكون بمعزل عن العلم والعمل، فأيّ سلفية لا تجعل من العلم منهجًا ومن العمل طريقًا للوصول إلى ما تريد فإنها تحكم على نفسها بالفشل.

 فالرجوع بالناس إلى النبع الصافي هو اصطفاء ومهمةُ صاحبه أصعب، بخلاف الهبوط بهم، فهو ابتلاء يحتاج نقصًا ولا يحتاج كمالا، كما يحتاج تفريطًا ولا يحتاج تمسكًا، وهنا يظهر الفرق الكبير بين أتباع منهج الحقّ وبين من جعلوا القرآن عضين وفرَّقوا دينهم وكانوا شيعًا.

لم يكن انتشار السلفية في الأمة يومًا من الأيام إلا علامة خير وصحوة؛ ولذلك عندما تظهر السلفية يظهر أئمَّة العدل والمصلحون، وعندما تضعف يظهر الخرافيون وعلماء السوء وأئمة الجور، وها هو التاريخ شاهد والأجيال لا تنسى، فالسلفية نهوض بالأمة في حين إن مناوأتها سقوط وتخلف وخروج عن الجادة.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ينظر: معالم الانطلاقة الكبرى (ص: 10).

([2]) ينظر: بيان تلبيس الجهمية (5/ 83).

([3]) ينظر: التغيير بالإصلاح في المنهج السلفي (ص: 20). أصله ورقة علمية مقدمة، ثم صدر حديثا في شكل كتاب.

([4]) زاد المعاد (5/ 594).

([5]) أخرجه أبو داود (4291) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو في السلسلة الصحيحة (599).

([6]) الصواعق المرسلة (2/ 400).

([7]) ينظر: قواعد المنهج السلفي (ص: 177).

([8]) صدرت لي ورقة علمية حول الموضوع بعنوان: التمذهب حقيقته وحكمه. وهي من منشورات المركز وهذا رابطها:

https://salafcenter.org/1449/

([9]) ينظر: مفتاح دار السعادة للإمام ابن القيِّم (3/ 104).

([10]) ينظر: شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ص: 140)، الموافقات للشاطبي (2/ 88)، السلفية وقضايا العصر (ص: 55 وما بعدها).

([11]) ينظر: تفسير الطبري (8/ 299).

([12]) تفسير السمعاني (3/ 210).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

ابن سعود والوهابيّون.. بقلم الأب هنري لامنس اليسوعي

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   بسم الله الرحمن الرحيم هنري لامنس اليَسوعيّ مستشرقٌ بلجيكيٌّ فرنسيُّ الجنسيّة، قدِم لبنان وعاش في الشرق إلى وقت هلاكه سنة ١٩٣٧م، وله كتبٌ عديدة يعمَل من خلالها على الطعن في الإسلام بنحوٍ مما يطعن به بعضُ المنتسبين إليه؛ كطعنه في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وله ترجمةٌ […]

الإباضــــية.. نشأتهم – صفاتهم – أبرز عقائدهم

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: من الأصول المقرَّرة في مذهب السلف التحذيرُ من أهل البدع، وذلك ببيان بدعتهم والرد عليهم بالحجة والبرهان. ومن هذه الفرق الخوارج؛ الذين خرجوا على الأمة بالسيف وكفَّروا عموم المسلمين؛ فالفتنة بهم أشدّ، لما عندهم من الزهد والعبادة، وزعمهم رفع راية الجهاد، وفوق ذلك هم ليسوا مجرد فرقة كلامية، […]

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

درء الإشكال عن حديث «لولا حواء لم تخن أنثى»

  تمهيد: معارضة القرآن، معارضة العقل، التنقّص من النبي صلى الله عليه وسلم، التنقص من النساء، عبارات تجدها كثيرا في الكتب التي تهاجم السنة النبوية وتنكر على المسلمين تمسُّكَهم بأقوال نبيهم وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، فتجدهم عند ردِّ السنة وبيان عدم حجّيَّتها أو حتى إنكار صحّة المرويات التي دوَّنها الصحابة ومن بعدهم يتكئون […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017