الجمعة - 10 شوّال 1445 هـ - 19 ابريل 2024 م

الانتصار لأهل السنة وكشف مذهب أدعياء السلفية

A A

 للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أشرف خلق الله أجمعين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد.. فلا تكاد تخمد لأهل البدع راية إلا ويحاول بعضهم أن يرفعوا غيرها؛ عسى أن تلقى رواجًا وقبولًا، ويأبى الله تعالى إلا أن يتم نوره ويظهر الحق والسنة، ولو أنهم أنفقوا أوقاتهم في تدبر القرآن الكريم وتفهم سيرة سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم، وتخلوا عن اتباع الهوى؛ لرجعوا إلى الحق كما رجع إليه بعض كبرائهم.

فهذا أبو عبد الله الرازي ينشد في غير موضع من كتبه

نهاية إقدام العقول عقال وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

ويقول: “لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلًا، ولا تروي غليلًا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، وأقرأ في النفي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110]، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65]، ومن جرَّب مثل تجربتي، عرف مثل معرفتي”.

ويقول إمام الحرمين الجويني: “لقد خضت البحر الخضم، وتركت أهل الإسلام وعلومهم، وخضت في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمة [منه] فالويل لفلان، وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي”.

ويقول الغزالي: “أكثر الناس شكًّا عند الموت أصحاب الكلام”([1]).

وبين أيدينا واحدًا من تلك الكتب التي تنشر البدعة، وتؤصل للفرقة، وهو كتاب: “الانتصار لأهل السنة وكشف مذهب أدعياء السلفية”

نعرض له نقدًا يظهر عواره، واختلال المنهج الصحيح عند كاتبه، وليس مرادنا نقد جميع ما جاء في الكتاب من أباطيل، وإلا لخرجنا عن المقصود، ولو قصدنا إلى ذلك لطال بنا المقام جدًّا، وحسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق، واللبيب بالإشارة يفهم.

أولًا: المعلومات الفنية للكتاب:

عنوان الكتاب: الانتصار لأهل السنة وكشف أدعياء السلفية.

تأليف: حصن الدين أبي المعالي الأزهري – مدرس العلوم الشرعية والعربية بالأزهر الشريف.

دار الطباعة: دار النور المبين.

عدد صفحاته: يقع الكتاب في (338 ص) بالقطع المتوسط.

ثانيًا: خطة الكتاب:

كتابه إلى مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة.

فأما المقدمة: ففيها جمل من الادعاءات والمزاعم التي لم يقم عليها دليل، وقد جانب المؤلف فيها الموضوعية والإنصاف؛ وهذا نموذج من تلك الادعاءات؛ حيث يقول في (ص: 14): “ويحمل أدعياء السلفية لواء هذه الحملة الآثمة المسعورة على علماء المسلمين، وهم مشهورون بحب الطعن والتضليل -بل والتكفير أحيانًا- لمن خالفهم، خاصة وقد توفت لهم إمكانات تساعدهم على ذلك، ومن امتلاك للقنوات الفضائية، ودعم بأموال بعض الساسة في بعض بلاد المسلمين”.

ثم يضيف المؤلف اتهامًا آخر للسلفية بقوله في الهامش على قوله “أدعياء السلفية”: “وهم الفرقة التي تسمِّي نفسها اليوم بالسلفية، ولا يُقرّ لهم أهل السنة والجماعة بذلك الاسم، وترجع أصول أفكارهم ومذاهبهم إلى طوائف المجسمة والمشبهة الأوائل، خاصة فرقة الكرّامية، مع اختلافات طفيفة، ويدينون الله تعالى بآراء الشيخ تقي الدين ابن تيمية التي خالف فيها عقيدة أهل السنة، وخرق بها إجماع العلماء، وقد كانوا معروفين باسم الوهابية، نسبة إلى زعيمهم محمد بن عبد الوهاب التميمي النجدي الذي ظهر في القرن الثاني عشر الهجري بأرض نجد، ثم ادعى أنه على مذهب السلف، وأن مسلمي زمانه جميعًا كفار تجب محاربتهم وإدخالهم في الإسلام، ولما ظهرت عورات فكرهم نبذوا هذا الاسم وسموا أنفسهم بالسلفية نسبة إلى السلف الصالح ليكون لهم قبول عند العوام، وسيأتي الكلام على ذلك كله مفصّلًا مدعمًّا بالأدلة في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى”.

ويقول في (ص: 15): “وكيف لا يصدق ذلك والقائمون على الاتهام يتمسحون في سنن العادات من المبالغة في تطويل اللحى وتقصير الثياب، وقلوب العوام وضعاف الطلبة تنخدع بالمظاهر وتثق بأقوال من تظن فيهم الخير والصلاح…”.

ويقول في (ص: 16): “كما أنه يكشف حقيقة أدعياء السلفية وأنهم أحق الناس بلقب المجسمة…”.

فانظر يا رعاك الله كيف يتهم المؤلف علماء السلفية ودعاتهم في واقعنا المعاصر بالرياء وخداع العوام، عن طريق التمسك بسنن النبي صلى الله عليه وسلم الظاهرة، ثم يقول: إنهم أحق الناس بلقب المجسمة! فهل يستقيم أن يسعى المرء في متابعة هدي النبي صلى الله عليه وسلم الظاهر، ثم يكون في حق الله تعالى مجسمًا؟! مع العلم بأنه لا يخلو كتاب من كتب أهل السنة والجماعة في العقيدة إلا وفيه الإنكار الصريح على عقيدة المجسمة.

ولو ذهبنا نفنِّد تلك الادعاءات والافتراءات على منهج السلف لطال بنا المقام، وحسبنا أن يعلم القارئ الفطن أن هذه الفقرات والجمل المتكاثرة من الاتهامات – التي لم يورد عليها الكاتب دليلًا، ولو ضعيفًا – جميعها باطلة في ميزان الحق والعدل والإنصاف، بعيدًا عن الأهواء والتعصب، ولكن ما أسهل الدعاوى والاتهامات بالباطل، والإنصاف – كما يقال – عزيز؛ وما أجمل ما قاله الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: “من بركة العلم وآدابه الإنصاف فيه، ومن لم ينصف لم يفهم ولم يتفهم”([2]).

وكان الأجدر بالكاتب مناقشة المسائل بالطريقة العلمية الصحيحة، ولو فعل؛ لتبين له وجه الصواب فيها؛ كما يقال: كل مسألة إذا دقق الناظر فيها بإخلاص ومتابعة، تبين لك وجه الصواب منها.

وقد خالف المؤلف ما اشترطه على نفسه صراحة؛ حيث يقول في (ص: 15): “لكن صحة العقيدة تعرف بالاستناد إلى الأدلة والبراهين القطعية التي لا يتطرق إليها الشك ولا تتخللها الظنون”. مع تحفظنا على قوله: “القطعية”([3])، ولا يكاد يجد القارئ الحصيف تلك الأدلة والبراهين فيما يقرره المؤلف من عقائد.

سبب التأليف:

في ثنايا المقدمة أظهر المؤلف سبب تأليفه بقوله (في ص: 16): “وفي هذا الكتاب بمشيئة الله تعالى، مناقشة قضية صفات الباري تبارك وتقدس، خاصة ما يتعلق بما ورد في نصوص المتشابهات من القرآن الكريم والسنة النبوية العطرة، فإنها أكثر ما يشَنِّع به أولئك الناس على أهل السنة، ويزعمون مخالفتهم فيه لمنهج السلف  واعتقادهم”.

وفي هذه الفقرة يتضح للقارئ الكريم الشبهة التي أدخلت على المؤلف، وبنى عليها كتابه، وهي اعتباره أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تناولت صفات الله تعالى من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله تعالى، وهذا هو عين مذهب أهل التفويض([4]).

وقد توسع علماء أهل السنة والجماعة في الرد على هذه الشبهة، وأحسب – والله أعلم – أنه بالوقوف على ضعف هذه الشبهة وبطلانها يندفع أكثر ما في الكتاب، وأقتصر في هذا المقام على قول يناقش المسألة بهدوء وبمنطقية – بعيدًا عن التعصب والهوى -.

فإن الحق في هذه القضية: أن آيات الصفات ليست من المتشابه، وإنما كيفية الصفات من المتشابه الذي لا نعلمه، والذي نكل علمه إلى الله سبحانه وتعالى([5]) .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -في معرض رده على من قال بهذا القول-: “وحينئذٍ فيكون ما وصف الله به نفسه في القرآن، أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم الأنبياء معناه، بل يقولون كلامًا لا يعقلون معناه…

قال: ومعلوم أن هذا قدح في القرآن والأنبياء؛ إذ كان الله أنزل القرآن وأخبر أنه جعله هدىً وبيانًا للناس، وأمر الرسول أن يبلغ البلاغ المبين، وأن يبين للناس ما نزل إليهم، وأمر بتدبر القرآن وعقله، ومع هذا فأشرف ما فيه – وهو ما أخبر به الرب عن صفاته… – لا يعلم أحد معناه، فلا يُعقل ولا يُتدبر، ولا يكون الرسول بيَّن للناس ما نزل إليهم، ولا بلغ البلاغ المبين.

وعلى هذا التقدير [يعني: القول بأن صفات الباري من المتشابه]: فيقول كل ملحد ومبتدع: الحق في نفس الأمر ما علمته برأيي وعقلي، وليس في النصوص ما يناقض ذلك؛ لأن تلك النصوص مشكلة متشابهة، ولا يعلم أحد معناها، وما لا يعلم أحد معناه لا يجوز أن يُستدل به.

فيبقى هذا الكلام سدًّا لباب الهدى والبيان من جهة الأنبياء، وفتحًا لباب من يعارضهم ويقول: إن الهدى والبيان في طريقنا لا في طريق الأنبياء؛ لأننا نحن نعلم ما نقول ونبينه بالأدلة العقلية، والأنبياء لم يعلموا ما يقولون، فضلًا عن أن يبينوا مرادهم.

فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد”([6]).

أخطاء متكررة:

وقع المؤلف في جملة من الأخطاء، ومن أشهرها:

الخطأ الأول: اعتباره مذهب أهل السنة محصورًا في الأشاعرة والماتريدية؛ فيقول مثلا في (ص: 16): “حيث يجد القارئ إثبات براءة مذهب أهل السنة الأشاعرة والماتريدية من التهم الباطلة التي يرميهم بها خصومهم”.

وهذه دعوى باطلة لا دليل عليها، وقد انتشرت تلك الدعوى في الآونة الأخيرة، وعُقدت لها المؤتمرات والندوات، وما مخرجات المؤتمر الذي انعقد في جروزني في الشيشان منا ببعيد، وقد تولى الرد على تلك الدعوى جماعة من علماء أهل السنة والجماعة، ولمركزنا عدة ردود عليها، ومنها:

  • “كلمة #مركز_سلف_للبحوث_والدراسات بخصوص بيان مؤتمر جروزني” وهذا رابطها: https://salafcenter.org/124/ .
  • مناقشة هادئة لورقة الدكتور أسامة الأزهري في مؤتمر الشيشان، وهذا رابطها: https://salafcenter.org/196/
  • الأشعرية والأئمة الأربعة.. من هم أهل السنة والجماعة؟ وهذا رابطها: https://salafcenter.org/137/

الخطأ الثاني: تكرر في كلام المؤلف رمي أهل السنة والجماعة (السلفية في وقتنا المعاصر) بالتجسيم؛ فيقول مثلًا في (ص: 16): “كما أنه يكشف حقيقة أدعياء السلفية، وأنهم أحق الناس بلقب المجسمة…”.

ولا يخفى على من له إلمام بكتب أهل  السنة والجماعة في كل عصر ومصر بأنهم برآء من تلك التهمة؛ فإنك لا تكاد تجد كتابًا يتناول عقيدة السلف إلا وفيه البراءة والإنكار على مذهب المجسمة؛ يقول السفاريني في لوامع الأنوار البهية (1/ 199): “فإن أهل الإثبات المتبعين للمنصوص من الأخبار والآيات ينزِّهون الله تعالى عن التكييف والحد، ويعتقدون أن من وصفه تعالى بالجسم أو كيف فقد زاغ وألحد”.

وأما موضوع الكتاب:

افتتح المؤلف كتابه بالباب الأول، وجعله بعنوان: تمهيد مهم وإطلالة تاريخية مفيدة:

ومما ذكره فيه قوله في (ص: 29): “مواقف العلماء عند ظهور مقالات أهل البدع:

  • قبل دخولهم هذا المعترك وخوضهم بحره؛ رفض علماء أهل السنة الانسياق وراء هذه الموجة الثقافية الجديدة؛ لما رأوه من خطورة المسلك، وأعرضوا عن الخوض في هذه اللُّجج وحذروا الناس من الخوض فيها.

فعلى سبيل المثال: قد سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، فقال: “الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق”.

  • بل وكانوا يتأثمون من محاورة أولئك المبتدعة، ويرون في هجرهم أفضل طريقة لاجتناب الناس إياهم.

ومن ذلك الآثار الصريحة عن الأئمة الكبار، أمثال أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى في النهي عن مجالسة أصحاب الكلام، فقد كان لقب أصحاب الكلام في العصور الإسلامية الأولى يطلق على المبتدعة خاصة”.

بالرغم من تلك الأقوال التي نقلها المؤلف في ذم علم الكلام ومن اشتغل به، إلا أنه اتبع مسلكهم وسار على طريقتهم

وتحت عنوان: ظهور الفرق وتمايزها

يقول الكاتب في (ص: 40- 41): “كما ظهر محمد بن كرَّام إمام المجسمة في خراسان، وأثبت هو وأتباعه لله تعالى الحقائق اللغوية لبعض الألفاظ التي وردت في النصوص مضافة إليه تعالى، كاليد والعين والساق والمجيء والنزول والهرولة، مما يوهم مشابهة الله تعالى لخلقه، وادعوا أنها صفات له، إلا أنها لا تشبه صفات المخلوقين”.

ولا ينقضي العجب مما كتبه المؤلف في هذه الفقرة؛ ويبقى السؤال أليست هذه الصفات ثابتة لله تعالى في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المطهرة؟! وماذا سيقول عن الإمام أبي الحسن الأشعري – الذي ينتسب المؤلف إليه، ويصفه كما في (ص: 41) بأنه شيخ الإسلام والملة وناصر الدين – وهو يثبت تلك الصفات وغيرها:

فيقول الشيخ أبو الحسن الأشعري رحمه الله في “رسالة إلى أهل الثغر” (ص: 127): “وأجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى، وأن له تعالى (يدين مبسوطتين)، وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه من غير أن يكون جوارحًا، وأن يديه تعالى غير نعمته”.

ويقول في الإبانة (ص: 125) – في إثبات صفة اليد لله تعالى -: “قد سئلنا أتقولون إن لله يدين؟ قيل: نقول ذلك بلا كيف، وقد دل عليه قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]”.

ويقول في مقالات الإسلاميين (1/ 226): “ هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة… وأن الله – سبحانه – على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [الرحمن: 5]، وأن له يدين بلا كيف كما قال: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، وكما قال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64]، وأن له عينين بلا كيف كما قال: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14]، وأن له وجهاً كما قال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} [الرحمن: 27]”.

ويقول في الإبانة (ص: 121) – في إثبات صفة العين لله تعالى -: “فأخبر تعالى أن له وجهًا وعينًا ولا تُكيَّف ولا تُحَدّ”.

وفي الإبانة (ص: 193) – في إثبات صفة الساق لله تعالى -: “ويقال لهم أليس قد قال الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُون} [القلم: 42]، أليس قد أمرهم الله تعالى بالسجود في الآخرة”.

ويقول في مقالات الإسلاميين (1/ 168): “وقال أهل السنة وأصحاب الحديث: ليس بجسم، ولا يشبه الأشياء، وأنه على العرش كما قال -عز وجل-: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، ولا نقدم بين يدي الله في القول، بل نقول استوى بلا كيف، وأنه نور كما قال تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: 35]، وأن له وجهًا كما قال الله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27]، وأن له يدين كما قال: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، وأن له عينين كما قال: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14]، وأنه يجيء يوم القيامة هو وملائكته كما قال: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} [الفجر: 22]، وأنه ينزل إلى السماء الدنيا كما جاء في الحديث، ولم يقولوا شيئًا إلا ما وجدوه في الكتاب، أو جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم”.

وفي إثبات صفة المجيء لله تعالى يقول أبو الحسن الأشعري في الإبانة (ص: 30): “ونقول: إن الله عز وجل يجيء يوم القيامة، كما قال سبحانه: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22]”.

ويقول أبو الحسن الأشعري في الإبانة (ص: 29) في إثبات صفة النزول لله تعالى: “ونصدق بجميع الروايات التي يثبتها أهل النقل عن النزول إلى سماء الدنيا، وأن الرب عز وجل يقول: “هل من سائل؟ هل من مستغفر؟”، وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافًا لما قاله أهل الزيغ والتضليل”.

ويقول البيهقي في كتابه “الأسماء والصفات” (2/ 382): “باب ما روي في التقرب والإتيان والهرولة”.

ويقول البيهقي فيه أيضًا (2/ 385) – بعد ذكره لحديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الهرولة -: “والذي أقول في هذا الخبر وأشباهه من أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم المنقولة على الصحة والاستقامة بالرواة الأثبات العدول، وجوب التسليم، ولفظ التحكيم، والانقياد بتحقيق الطاعة، وقطع الريب عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة النجباء الذين اختارهم الله تعالى له وزراء وأصفياء، وخلفاء، وجعلهم السفراء بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم…”.

من جملة الأخطاء التي وقع فيها المؤلف: أنه يذكر عناوين مفرغة من مضمونها:

ذكر المؤلف عدة عناوين مفرغة من مضمونها، ولو قرأ القارئ الحصيف مضامين تلك العناوين بتمعن وتمهل لم يجدها مندرجة تحتها، ومن ذلك.

ما ذكره المؤلف في (ص:46 ) تحت عنوان: التجسيم يعلن عن نفسه

ذكر المؤلف تحته بعض الوقائع والحوادث المستنكرة التي حدثت في أوائل القرن الرابع، ومنها ما وقع بين الطبري وبين الحنابلة من المنافرة بسبب مسألة اللفظ بالقرآن، واتهامه بالتشيع، يقول الحافظ ابن كثير في طبقات الشافعيين (1/ 226): “كان قد وقع بينه -الطبري- وبين الحنابلة، أظنه بسبب مسألة اللفظ، واتهم بالتشيع، وطلبوا عقد مناظرة بينهم وبينه، فجاء ابن جرير – رحمه الله – لذلك ولم يجئ منهم أحد، وقد بالغ الحنابلة في هذه المسألة وتعصبوا لها كثيرًا، واعتقدوا أن القول بها يفضي إلى القول بخلق القرآن، وليس كما زعموا، فإن الحق لا يحتاط له بالباطل، والله أعلم”. اهـ.

ومع أن المؤلف في (ص: 48) قد نقل كلام الحافظ ابن كثير بحروفه، وفيه ذكر السبب في تلك المنافرة، وهو مسألة اللفظ بالقرآن، إلا أن المؤلف أصرَّ على رد مذهب الحنابلة جملة بسبب تلك الحادثة!!.

ثم يستنتج المؤلف من تلك الواقعة نتيجة غريبة عنها، ولا تفيدها تلك الأسباب بحال، فيقول في (ص: 49): “وعُرفوا في مصنفات أهل العلم بالمجسمة والمشبهة والحشوية – بفتح الشين أو سكونه، كلاهما منقول عن أهل العلم – وقد كانوا يشاغبون الأشاعرة ومن ذهب مذهبهم في تنزيه الله تعالى عن الجسمية ومشابهة خلقه، ويفتعلون الفتن والاضطرابات”.

كما نجد المؤلف يعمم الحكم على الحنابلة بأنهم عرفوا بالمجسمة؛ استدلالًا بواقعة واحدة حدثت بين أصحاب أبي بكر المروزي الحنبلي وبين طائفة من العامة؛ فيستنتج من تلك الواقعة الوحيدة الغريبة أن الحنابلة عُرفوا في مصنفات العلم بالمجسمة… إلخ.

هكذا يعمم المؤلف الحكم ويجزم به أن الحنابلة عرفوا في مصنفات أهل العلم – التي لم يذكر منها الكاتب مصدرًا واحدًا – بالمجسمة والمشبهة والحشوية، وليعلم القارئ أن هذه الألفاظ التي رمى المؤلف بها الحنابلة هي عين الألفاظ التي رماها بهم خصومهم، ولم يزد المؤلف على أن ردد ما يقوله خصوم الحنابلة من غير دليل.

وفي (ص: 51) يعنون الكاتب: ابن تيمية رحمه الله تعالى ونصرته لمذهب المجسمة

ولم يورد المؤلف دليلًا واحدًا على نصرة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لمذهب المجسمة!. وأنى يكون هذه وكتب شيخ الإسلام مشحونة بالإنكار على المجسمة والتشنيع عليهم وعلى مذهبهم.

وفي (ص: 57) عنوان: التجسيم يسفك دماء المسلمين تحت شعار التوحيد وعقيدة السلف

وهو عنوان – كسابقه – لا يدل ما تحته عليه بحال، ولا يؤدي إليه؛ فقد صدَّره الكاتب بجملة من النقول عن دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله؛ ليخرج الكاتب في (ص: 63) بقوله: “.. فرأينا بعد ذلك الجماعات المسلحة، وسمعنا بالإرهاب وترويع الآمنين تحت شعار نصرة الدين بحجة أنهم كفار، ولم يكن ذلك معروفًا قبل انتشار كتبهم وبدعهم بين الناس، اللهم إلا ما كان من الخوارج ثم من الباطنية الحشاشين والقرامطة”.

والقارئ الحصيف مدعو إلى إيجاد العلاقة بين ما وصل إليه المؤلف وما قدمه من نقولات عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.

وفي (ص: 63) يعنون الكاتب بقوله: المجسمة في لباس أهل السنة يصنفون الناس

ولم يذكر تحته المؤلف دليلا واحدا على ذلك، ومن العجيب أنك ترى الكاتب قد اتخذ من بعض النقول التي فيها رجوع شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمهما الله تعالى – إلى الحق، دليلًا على عدم صحة ادعائهم أنهم على اعتقاد السلف!!.

وفي (ص: 68) عنوان: الأشاعرة والماتريدية هم جمهور الأمة.. علماؤها وأئمتها

قد أكثر الأشاعرة والماتريدية قديمًا وحديثًا من ترديد هذه الدعوى لتُقبل، والواقع يُكذِّبها، ولا يفيد الكاتب – في تأييد دعواه – ما ذكره من أسماء تحت كل فن؛ إذ أكثره مبني على الظن البِّين خطؤه، ولا عبرة به كما هو معلوم؛ فقد عدَّ الكاتب في (ص: 69- 70) الحافظ ابن كثير وابن عطية والبغوي، من علماء الأشاعرة، ولا يخفى على من له مسكة من علم، أو اطلاع على بعض كتب التراجم أن هؤلاء من أكابر علماء أهل السنة والجماعة، الذين يرميهم الكاتب بأنهم مجسمة.

وبهذا ينتهي المؤلف من الباب الأول؛ ليبدأ بعده بالباب الثاني (ص: 87)، وعنوانه: التجسيم في الفكر الإسلامي

وبعد مقدمة موجزة افتتح الكاتب الفصل الأول، وجعله بعنوان: التجسيم في فكر الحنابلة

وهذا الفصل قد صرح الكاتب أنه أخذه برمته من كتاب: “التجسيم وأثره في الفكر الإسلامي” للدكتور صهيب السقار، وقد افتتحه المؤلف (ص: 91) بكلمة حق، فقال: “والحق أن علماء الحنابلة منزَّهون عن هذا الغلو، وقد لهجوا بالبراءة منه وبتبرئة إمامهم أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى منه أيضًا”.

ثم أتبعه بكلام نقله عن ابن الجوزي، ومعلوم أن ابن الجوزي قد خالف مذهب أهل السنة والجماعة في بعض مسائل الاعتقاد، وخاصة في باب الصفات، فأخذ الكاتب كلامه في بعض الحنابلة على أنه مسلَّم ومقطوع به، بل وجعله أصلًا يرجع إليه!!. وليس هذا مسلك الإنصاف والعدل؛ إذ لا يؤخذ تقييم المذاهب من خصومهم.  

ثم يقول المؤلف (ص: 95): “ومثل هذه النصوص كثيرة في مواضعها، فنبرأ إلى الله  عز وجل من نسبة التجسيم إلى الحنابلة، كما برَّأهم الأشاعرة من ذلك” ثم يؤيد الكاتب كلامه بما نقله عن الشهرستاني.

أقول: وهذا الكلام هو الحق الذي لا محيد عنه، لكننا نجد المؤلف يغير رأيه – بعد أحد عشر سطرًا – ويحوِّل تلك الحقيقة إلى نقيضها، فيقول: “وربما كان من أسباب ابتعاد كثير من الحنابلة عن عقائد جمهور الأمة، هو مزيد التعمق بكل ما يُعزى للإمام أحمد مع تساهلهم في دراسة أسانيد تلك الأقوال المروية عنه”.

ولنا أن نوجه للمؤلف سؤالًا: أيُّ قوليك نصدق؟! هل الحنابلة مبرؤون من التجسيم، أم أنهم بعيدون عن عقائد جمهور الأمة؟!

وفي سبيل تأييد القول بأن الحنابلة بعيدون عن عقائد جمهور الأمة نجد الكاتب يورد كلامًا من رسالة أحمد بن جعفر الإصطخري عن الإمام أحمد، وفيها وصف الله جل  وعلا بأنه يتحرك.

ثم عاد المؤلف ونقل عن الحافظ الذهبي الطعن في تلك الرسالة، فقال في (ص: 97): “لكن الإمام الذهبي رحمه الله ذكر إحدى الرسائل المنقولة عن الإمام أحمد وأثنى عليها، ثم قال: وأما غيرها من الرسائل المنسوبة إليه كرسالة الإصطخري ففيها نظر”، وقال [يعني: الذهبي]: “لا كرسالة الإصطخري، ولا كالرد على الجهمية، الموضوع على أبي عبد الله”.

فإذا كانت نسبة رسالة الإصطخري إلى الإمام أحمد فيها نظر – كما نقله المؤلف عن الحافظ الذهبي – فكيف يستدل المؤلف برواية جاءت في تلك الرسالة على أن الحنابلة بعيدون عن عقائد جمهور الأمة؟! وهذا بلا شك نوع تناقض.

وفي (ص: 98) يعنون الكاتب بقوله: فإن قيل ما السبب في اختيار الغلاة مذهب الإمام أحمد بن حنبل؟

هكذا حصر المؤلف الغلاة في مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ومعلوم أن بدعة الغلاة لا تنحصر في مذهب بعينه، بل هي موجودة في أتباع المذاهب السنية جميعًا، كما هي موجودة في غيرهم، ولا غرو، وإليك بعض ذلك:

فهذا إمام الأشعرية في وقته أبو إسحاق الشيرازي يكفِّر كل أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما عدا الأشاعرة، فيقول: “فمن اعتقد غير ما أشرنا إليه من اعتقاد أهل الحق المنتسبين إلى الإمام أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه فهو كافر، ومن نسب إليهم غير ذلك فقد كفرهم، فيكون كافرًا بتكفيره لهم؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما كفر رجل رجلًا إلا باء به أحدهما»”([7])، فانظر إليه لا يكتفي بتكفير غير الأشاعرة، بل يكفِّر من لم يكفِّر من كفَّرهم!!.

وهذا عبد الله الغماري المغربي يقول في هامش كتابه: “الرد على الألباني”: “وقد ذكر أبو عبد الله علاء الدين البخاري العجمي المتوفى سنة (841 هـ): أن من أطلق على ابن تيمية شيخ الإسلام، فهو بهذا الإطلاق كافر”([8]).([9]).

ثم جعل المؤلف الفصل الثاني بعنوان: التجسيم في فكر المحدثين

وفيه أخذ المؤلف في الإنكار على بعض  المصنفات التي تُعنى ببيان مذهب أهل السنة والجماعة، وحجته أن فيها بعض العبارات التي قد يشكل فهمها، وبدلًا من اتباع المنهج العلمي في نقد الروايات؛ بأن يقوم بدراسة أسانيدها ومناقشتها بإنصاف، إذا بالمؤلف ينكرها جملة ويشنِّع على أصحابها!

ولولا خشية الإطالة لرددت على جميع ما آثاره من شبهات حول تلك المصنفات.

  • ومما تناوله المؤلف في هذا الفصل: كتابي “الرد على الجهمية”، و”نقض عثمان بن سعيد المريسي العنيد”، وكلاهما لعثمان بن سعيد الدارمي.

قلت: ومع أن المؤلف نقل عن الحافظ الذهبي قوله: “وفي كتابه [يعني: عثمان بن سعيد الدارمي] بحوث عجيبة مع المريسي يبالغ فيها في الإثبات، والسكوت عنها أشبه بمنهج السلف في القديم”.اهـ. إلا أن المؤلف لم يكتف بهذا الجواب من الحافظ الذهبي!! بل أخذ يرد هذا القول بحجج ضعيفة، وعلل واهية.

والقارئ الكريم مدعو إلى عقد مقارنة ليتكشف له منهج المؤلف:

فإن المؤلف أحيانًا يجعل قول الحافظ الذهبي هو الفصل، بل يقيمه دليلا لا يقبل الرد على انحراف أصحاب ابن تيمية المحبين له عنه بعد نصرتهم له!! كما في نقله عن الرسالة الذهبية في (ص: 52، 53)، مع العلم بأن هذه الرسالة المنسوبة الحافظ الذهبي مطعون في نسبتها إليه!!

وأحيانا أخرى نجده – كما في هذا الموضع – لا يقيم لقول الحافظ الذهبي وزنًا، بل يعارضه ويضعفه من غير دليل يصح.

ولنا أن نتساءل عن المعيار الذي يعتبره المؤلف في قبول القول أو إهداره؟! وبالطبع فإن المعيار ليس هو اتباع الهوى أو موافقة المذهب؛ بمعنى: من وافق مذهبي فهو صحيح، ومن خالفه فهو باطل.

وإنما المعيار الصحيح هو ما بسطه أهل العلم في كتبهم من التخلي عن الهوى والتحلي بالإنصاف؛ امتثالًا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135].

  • ثم ذكر المؤلف كتاب السنة لابن أبي عاصم، وبعده كتاب السنة للخلال.

وقد نقم المؤلف عليهما بعض النصوص التي لا توافق مذهب الأشاعرة.

  • وأعقبه بذكره لكتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله تعالى.

قلت: ومن العجيب أن المؤلف يذكر من جملة الأسباب التي تنفي صحة نسبة هذا الكتاب لعبد الله بن الإمام أحمد أنه يحتوي على بعض الآثار التي تطعن في الإمام أبي حنيفة!! هكذا من غير وجود منهج علمي يرتكز عليه في ذلك.

بل ويجعل المؤلف (ص: 110) مجرد تخريج هذه الروايات خير مثال على أن الطعن بأكابر المسلمين وعلمائهم ركن من أركان هذه العقيدة التي تصدى لها العلماء!!

فهل مجرد ذكر الكتاب للروايات التي تطعن في الإمام أبي حنيفة رحمه الله يدل على عدم صحة الكتاب، وأنه ركن من أركان عقيدة باطلة؟! بالطبع ليس الأمر كذلك، وطرق إثبات نسبة الكتاب معروفة، ولم يذكر أحد هذا الشرط منها.

مع أن نسبة الكتاب إلى الإمام عبد الله بن الإمام أحمد صحيحة لا مرية فيها، ولمزيد من التحقيق يراجع موقع الألوكة([10].  

  • ثم ذكر المؤلف كتاب “العرش” وما روي فيه لمحمد بن عثمان بن أبي شيبة، يقول الكاتب (ص: 111): “وحال الكتاب من حال مؤلفه، الذي نقل الذهبي تضعيفه عن الجمهور، وتكذيبه عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، وعن غيره الاتهام بالوضع!”

وما نقله المؤلف في بيان حال محمد بن عثمان صحيح، ولكنه ذُهل عن قول الحافظ الذهبي في كتابه “العرش” (2/ 337): “محمد بن عثمان هذا، حافظ أهل الكوفة، توفي على رأس الثمانين ومائتين، سمع عامة شيوخ الأئمة، وهذا كتاب مروي عنه بإسناد صحيح”.

ويبقى السؤال لماذا لم يعتمد المؤلف على قول الحافظ الذهبي في هذا الموضع؟!

على أنه يغني عن كتاب العرش لمحمد بن عثمان بن أبي شيبة، تصنيف الحافظ الذهبي نفسه، المسمى “العرش”، وللقارئ أن يتساءل لماذا لم يذكره المؤلف ضمن هذه القائمة؟!

  • ويتبع ذلك بالكلام عن كتاب “الصفات” للدارقطني.

وقد حكم المؤلف بإبطال نسبته للدارقطني؛ بقوله (ص: 112): “وهذا الكتاب تشهد حاله الحديثية على براءة الدارقطني البصير بعلل الحديث ورجاله منه، وإنما يصلح أن يكون من صنيع من رواه عنه، فلا تصح نسبته إلى الدارقطني كما نبه عليه الكوثري..”

والكتاب صحيح النسبة إلى الحافظ الدارقطني، وقد ذُهل الكاتب عمَّن صحح نسبة الكتاب إليه، ومن أشهرهم الحافظ الذهبي – الذي أكثر المؤلف من النقل عنه حيث أراد – فقد قال الحافظ الذهبي: “هكذا أخرجه الدارقطني في “الصفات” له”([11]) .

ولا يفوتني في هذا المقام التنبيه على أن المؤلف قد ذكر (ص: 71) الحافظ الدارقطني ضمن الأشاعرة!! ولعل هذا من الأسباب التي دفعت المؤلف إلى إبطال نسبة كتاب الصفات إليه!!

  • ثم تناول الكاتب كتاب “التوحيد” لابن خزيمة، ثم كتاب “التوحيد لابن منده، ثم كتاب “الأربعين في دلائل التوحيد” لأبي إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي.

وقد نقم الكاتب عليها جميعًا – كعادته – بعض النصوص التي لا توافق مذهب الأشاعرة، وكأن هذا هو معيار القبول والرفض عند المؤلف!! فما وافق مذهب الأشاعرة صحح نسبته، وما خالفهم طعن فيه وأبطل نسبته!!.

ثم أتبعه المؤلف (ص: 118) بعنوان: غلط هؤلاء المصنفين على وجه الإجمال

ولا يكاد القارئ الحصيف يجد وراء ما ذكره المؤلف تحت هذا العنوان طائلًا؛ إذ مبناه على أصول وقواعد فاسدة، أصَّلها الأشاعرة في قبول الأخبار ودلالتها([12]).

بعده وفي (ص: 118) يعنون الكاتب بقوله: مثال لوقوع الاختلاف والنزاع بين أهل الحديث بسبب الاعتقاد

وكأن الكاتب يقول: لا وجود للخلاف في مسائل العقائد، بل ويذهب إلى ما هو أبعد من هذا، ويرتب على الخلاف بين أهل الحديث في بعض مسائل العقيدة – كمسألة إثبات الحد لله تعالى – مبدأ عامًّا، فيخرج علينا بنتيجة غير صحيحة، يؤصلها المؤلف بقوله (ص: 121): “وبهذا يتبين أن المحدثين ليس لهم عقيدة جامعة، فيكون عزو عقيدة إلى جماعة أهل الحديث تمويهًا وخداعًا للناس، وتستُّرًا بما له قدسية ومكانة في القلوب….إلخ.”.

ولو كلَّف الكاتب نفسه البحث لوجد أن الخلاف في بعض مسائل العقيدة ثابت بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم: كمسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء، فهل يقول الكاتب فيهم ما قاله عن أهل الحديث؟!

على أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد ذكر الخلاف في مسألة الحد، واستفاض في ذكر وجوه الجمع بين الأقوال، ولله دره من إمام([13]).  

بعد ذلك شرع المؤلف في الفصل الثالث (ص: 123) بعنوان: الكرّامية المجسِّمة

ولا نزاع في كون فرقة الكرّامية فرقة ضالة، ولكن مما يؤخذ على المؤلف محاولته الربط بين مقالة الكرّامية وبعض ما يقوله أهل السنة والجماعة!

وقد بين علماء أهل السنة والجماعة ضلال فرقة الكرامية، كما أظهروا البراءة منهم، وأنكروا عليهم مقالاتهم المخالفة لمنهج السلف؛ يقول السجزي في رسالته إلى أهل زبيد (ص: 345): “وظهر بعد هؤلاء: الكرامية، والسالمية فأتوا بمنكرات من القول، وكلهم أئمة ضلالة يدعون الناس إلى مخالفة السنة وترك الحديث، وإذا خاطبهم من له هيبة وحشمة من أهل الاتباع قالوا: الاعتقاد ما تقولونه، وإنما نتعلم الكلام لمناظرة الخصوم. والذي يقولونه كذب، وإنما يستترون بهذا؛ لئلا يشنع عليهم أصحاب الحديث”. اهـ.

وقد قام جماعة من علماء أهل السنة بالرد على فرقة الكرامية: منهم عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه: “الرد على الكرامية”، وأبو المظفر طاهر بن محمد الإسفراييني في كتابه ” التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين” (ص: 111 وما بعدها)، ومما قاله أبو المظفر فيهم: “وما أحدثه [يعني: زعيمهم محمد بن كُرَّام] من البدع في الإسلام أكثر من أن يمكن جمعه في هذا المختصر، ولكننا نذكر من كل نوع شيئًا يتنبه به العاقل عن فساد ما كان ينتحله: منها أنه كان يسمى معبوده جسمًا، وكان يقول له حد واحد من الجانب الذي ينتهي إلى العرش، ولا نهاية له من الجوانب الأخر” اهـ. تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرًا.

ويقول ابن قدامة المقدسي في لمعة الاعتقاد (ص: 41- 42): “وكل متسم بغير الإسلام والسنة مبتدع: كالرافضة، والجهمية، والخوارج، والقدرية، والمرجئة، والمعتزلة، والكرامية، والكلابية، ونظائرهم، فهذه فرق الضلال، وطوائف البدع، أعاذنا الله منها“.

فانظر يا رعاك الله، بعد هذا البيان هل يصح ما فعله المؤلف من الربط بين فرقة الكرامية الضالة، وبين أهل السنة والجماعة المتمسكين بما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه؟!

ثم انتقل المؤلف إلى الفصل الرابع (ص: 137): التجسيم في فكر الوهابية

وهو عنوان يجذب الأنظار لكنه خالٍ عن مضمونه؛ فلم يناقش الكاتب فكر الوهابية – على حد قوله- في قضية التجسيم، وإنما لجأ الكاتب إلى الكلام الخطابي الإنشائي، حيث قام بتقسيم الفصل إلى جزأين:

أولا: جهودهم في نشر المصنفات التالفة وتحقيقها ونشرها وتعظيمها:

وأورد المؤلف تحته بعض مصنفات أهل السنة، مع الطعن فيها، وغمز بعض محققيها.

ثانيا: ذمهم لأهل السنة الأشاعرة والماتريدية، ورميهم لهم بالبدعة، واستباحة دمائهم وأعراضهم.

هكذا عنون المؤلف بقوله: “واستباحة دمائهم”!! ولم يورد قولًا واحدًا عن علماء أهل السنة يدل على هذا، أو يُشِر إليه!! ليعلم القارئ مدى عداوتهم لأهل السنة وافترائهم عليهم.

وبهذا أنهى المؤلف الباب الثاني؛ ليشرع بعده في الباب الثالث (ص: 154) تحت عنوان: قول الفريقين في قضية الصفات الخبرية:

وقد حاول المؤلف في هذا الباب بفصوله مقارنة قول الأشاعرة والماتريدية في الصفات الخبرية، مع قول أهل السنة والجماعة؛ لكن يغلب على المؤلف الحَيْدة عن المنهج العلمي في مناقشة القضية بعيدًا عن التعصب.

ففي الفصل الثالث (ص: 191) يورد الكاتب عنوانًا: شبهة إثبات أهل السنة بعض الصفات وتأويلهم البعض الآخر.

وبدلًا من مناقشة كلام شيخ الإسلام ابن تيمية: “لا فرق بين ما نفيتموه وما أثبتموه، بل القول في أحدهما كالقول في الآخر”، وجدنا الكاتب يحيد إلى مذهب بعض الأشاعرة في رد الاحتجاج بأخبار الآحاد في العقائد!! وهو استدلال باطل([14]).

وتحت الفصل الرابع (ص: 201) الذي جعله الكاتب بعنوان: قول المجسمة أدعياء السلفية ومناقشتهم فيه

وفيه يظهر جليًّا عدم فهم كلام أهل السنة والجماعة على وجهه الصحيح، ولنأخذ على ذلك مثالًا:

فبعد أن نقل الكاتب (ص: 206) كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح الواسطية: “نحن نقول: ينزل حقيقة، مع علوه حقيقة، وليس كمثله شيء”.

إذا بالكاتب يُعلِّق عليه بقوله (ص: 206): “قلت: ولا شك أن إثبات حقيقة النزول: الذي هو انتقال وقطع مسافة من أعلى إلى أسفل، مع إثبات حقيقة العلو: الذي هو تحيُّز الجسم في جهة فوق دون بقية الجهات، مع التمسك بنفي المماثلة الواردة في الآية لا يجتمعان، فضلًا عن اجتماع حقيقة العلو وحقيقة النزول إلى أسفل في الوقت نفسه، بِغَض النظر عن المماثلة”.

فالكاتب يفهم نصوص الكتاب والسنة في العلو والنزول في إطار المشاهد المحسوس في المخلوق – من الانتقال وقطع المسافة في النزول، وتحيز الجسم في جهة فوق في العلو – لا في إطار قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]. وهو منهج فاسد؛ يقول الخطابي: “وإنما ينكر هذا وما أشبهه من الحديث من يقيس الأمور في ذلك بما يشاهده من النزول الذي هو نزلة من أعلى إلى أسفل، وانتقال من فوق إلى تحت، وهذا صفة الأجسام والأشباح، فأما نزول من لا يستولي عليه صفات الأجسام فإن هذه المعاني غير متوهمة فيه…”([15]) .

وقد سبقت بعض النقول عن أبي الحسن الأشعري والبيهقي بإثبات تلك الصفات وغيرها على وجهها، من غير تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تشبيه، فانظرها تحت نقدنا لقول المؤلف: ظهور الفرق وتمايزها.

وتحت عنوان: تحريف معاني النصوص لتتماشى مع مذهب التجسيم.

يستنكر الكاتب على الشيخ ابن عثيمين قوله: “ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين…”.

ويجاب باختصار على المؤلف، فيقال له: هلا استنكرت على الشيخ أبي الحسن الأشعري قوله: “وأن له سبحانه عينين بلا كيف، كما قال سبحانه: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14]، وأن من زعم أن أسماء الله غيره كان ضالًّا”([16])، وغيرها من النقولات التي سبق بعضها تحت نقدنا لقول المؤلف: ظهور الفرق وتمايزها.

ثم يرتكب المؤلف بعد ذلك خطأً فاحشًا آخر، وهو بتره للكلام الذي نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية؛ ولا يكتفي بهذا بل يعقبه بنتيجة تخالف محتواه، فيقول: “ولعل ابن تيمية رحمه الله سطر هذا الكلام قبل أن يندفع في نصرة مذهب الحشوية ويكتب مصنفاته المعروفة بنصرة المذهب الذي رد عليه في الفقرة السابقة، والله تعالى اعلم”.

وإلى القارئ الكريم ما بتره الكاتب من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية: “وأما لفظ (العينين)، فليس هو في القرآن، ولكن جاء في حديث. وذكر الأشعري عن أهل السنة والحديث أنهم يقولون: إن لله عينين. ولكن الذي جاء في القرآن: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْني} [طه: 39]، {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [هود: 37]، {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 13، 14]([17]).

فليتأمل القارئ الحصيف ما جمعه المؤلف من خُطَّتي خَسْفٍ: من بتر للنصوص واقتطاعها من سياقها، مع خلل في فهمها!! ولا حاجة لنا بعد هذا إلى تتبع كل قول والرد عليه؛ لما في ذلك من الخروج إلى حد التطويل، وتفصيل الرد على ما أثاره المؤلف من شبهات له مواضع أخرى في مركز سلف، وفي غيره من مواقع أهل السنة والجماعة،

ونحن إذ نقدم لقرائنا الأعزاء هذا النقد لا نقصد منه الطعن في مؤلف الكتاب أو التشهير به، وإنما قصدنا هو إظهار الحق بأدلته، مع التنبيه على وقع في الكتاب من المخالفات والأخطاء، وأملنا في الله تعالى أن يردنا جميعًا إلى دينه مردًّا جميلا، ونسأله تعالى أن ينصر دينه وكتابه وسنة نبيه وعباده الصالحين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــ
(المراجع)

([1]) ينظر: الفتوى الحموية الكبرى (ص: 193- 195)، ومجموع فتاوى ابن تيمية (4/ 28، 5/ 10- 11).

([2]) جامع بيان العلم وفضله (1/ 530).

([3]) في مركز سلف ورقة علمية تناقش هذه المسألة تفصيلًا، وهي بعنوان: “حجية خبر الآحاد في العقائد”، وهذا رابطها: https://salafcenter.org/623/

([4]) في مركز سلف عدة مقالات حول موضوع التفويض وبيان بطلانه، ومنها:

([5]) جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف (1/ 257).

([6]) درء تعارض العقل والنقل (1/ 204- 205).

([7]) شرح اللمع (1/ 111).

([8]) الضوء اللامع (9/ 292).

([9]) لمزيد من التفصيل حول هذه النقطة يرجع إلى مقالة فضيلة الدكتور محمد بن إبراهيم السعيدي، بعنوان: “المداخلة الهولندية على السلفية والآبائية” ضمن مقالات مركز سلف، وهذا رابطها: https://salafcenter.org/1471/#_ftn1

([10]) على الرابط الآتي: http://majles.alukah.net/t29366/

([11]) العرش (2/ 303).

([12]) يجدر الرجوع إلى الورقة العلمية المنشورة في مركز سلف بعنوان: حجية خبر الآحاد في العقائد، وهذا رابطها: https://salafcenter.org/623/

([13]) ينظر: بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية (3/ 21) وما بعدها.

([14]) يجدر الرجوع إلى الورقة العلمية المنشورة في مركز سلف بعنوان: حجية خبر الآحاد في العقائد، وهذا رابطها: https://salafcenter.org/623/

([15]) ينظر: الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 378).

([16]) الإبانة عن أصول الديانة (ص: 22)، وتبيين كذب المفتري لابن عساكر (ص: 158).

([17]) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (4/ 413- 414).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

جديد سلف

دعوى أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل الحديث لفظي وقريب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: يعتمِد بعض الأشاعرة المعاصرين بشكلٍ رئيس على التصريحات الدعائية التي يجذبون بها طلاب العلم إلى مذهبهم، كأن يقال: مذهب الأشاعرة هو مذهب جمهور العلماء من شراح كتب الحديث وأئمة المذاهب وعلماء اللغة والتفسير، ثم يبدؤون بعدِّ أسماء غير المتكلِّمين -كالنووي وابن حجر والقرطبي وابن دقيق العيد والسيوطي وغيرهم- […]

التداخل العقدي بين الفرق المنحرفة (الأثر النصراني على الصوفية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: بدأ التصوُّف الإسلامي حركة زهدية، ولجأ إليه جماعة من المسلمين تاركين ملذات الدنيا؛ سعيًا للفوز بالجنة، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم تطور وأصبح نظامًا له اتجاهاتٌ عقائدية وعقلية ونفسية وسلوكية. ومن مظاهر الزهد الإكثار من الصوم والتقشّف في المأكل والملبس، ونبذ ملذات الحياة، إلا أن الزهد […]

فقه النبوءات والتبشير عند الملِمّات

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: منَ الملاحَظ أنه عند نزول المصائب الكبرى بالمسلمين يفزع كثير من الناس للحديث عن أشراط الساعة، والتنبّؤ بأحداث المستقبَل، ومحاولة تنزيل ما جاء في النصوص عن أحداث نهاية العالم وملاحم آخر الزمان وظهور المسلمين على عدوّهم من اليهود والنصارى على وقائع بعينها معاصرة أو متوقَّعة في القريب، وربما […]

كيف أحبَّ المغاربةُ السلفيةَ؟ وشيء من أثرها في استقلال المغرب

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة   مقدّمة المعلِّق في كتابِ (الحركات الاستقلاليَّة في المغرب) الذي ألَّفه الشيخ علَّال الفاسي رحمه الله كان هذا المقال الذي يُطلِعنا فيه علَّالٌ على شيءٍ من الصراع الذي جرى في العمل على استقلال بلاد المغرب عنِ الاسِتعمارَين الفرنسيِّ والإسبانيِّ، ولا شكَّ أن القصةَ في هذا المقال غيرُ كاملة، ولكنها […]

التوازن بين الأسباب والتوكّل “سرّ تحقيق النجاح وتعزيز الإيمان”

توطئة: إن الحياةَ مليئة بالتحدِّيات والصعوبات التي تتطلَّب منا اتخاذَ القرارات والعمل بجدّ لتحقيق النجاح في مختلِف مجالات الحياة. وفي هذا السياق يأتي دورُ التوازن بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله كمفتاح رئيس لتحقيق النجاح وتعزيز الإيمان. إن الأخذ بالأسباب يعني اتخاذ الخطوات اللازمة والعمل بجدية واجتهاد لتحقيق الأهداف والأمنيات. فالشخص الناجح هو من يعمل […]

الانتقادات الموجَّهة للخطاب السلفي المناهض للقبورية (مناقشة نقدية)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: ينعمُ كثير من المسلمين في زماننا بفكرٍ دينيٍّ متحرِّر من أغلال القبورية والخرافة، وما ذاك إلا من ثمار دعوة الإصلاح السلفيّ التي تهتمُّ بالدرجة الأولى بالتأكيد على أهمية التوحيد وخطورة الشرك وبيان مداخِله إلى عقائد المسلمين. وبدلًا من تأييد الدعوة الإصلاحية في نضالها ضدّ الشرك والخرافة سلك بعض […]

كما كتب على الذين من قبلكم (الصوم قبل الإسلام)

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: مما هو متَّفق عليه بين المسلمين أن التشريع حقٌّ خالص محض لله سبحانه وتعالى، فهو سبحانه {لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فالتشريع والتحليل والتحريم بيد الله سبحانه وتعالى الذي إليه الأمر كله؛ فهو الذي شرَّع الصيام في هذا الشهر خاصَّة وفضَّله على غيره من الشهور، وهو الذي حرَّم […]

مفهوم العبادة في النّصوص الشرعيّة.. والردّ على تشغيبات دعاة القبور

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لا يَخفَى على مسلم أنَّ العبادة مقصَد عظيم من مقاصد الشريعة، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وكانت فيصلًا بين الشّرك والتوحيد، وكل دلائل الدّين غايتها أن يَعبد الإنسان ربه طوعًا، وما عادت الرسل قومها على شيء مثل ما عادتهم على الإشراك بالله في عبادتِه، بل غالب كفر البشرية […]

تحديد ضابط العبادة والشرك والجواب عن بعض الإشكالات المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة لقد أمر اللهُ تبارك وتعالى عبادَه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ومدار العبادة في اللغة والشرع على التذلُّل والخضوع والانقياد. يقال: طريق معبَّد، وبعير معبَّد، أي: مذلَّل. يقول الراغب الأصفهاني مقررًا المعنى: “العبودية: إظهار التذلّل، والعبادة أبلغُ منها؛ […]

رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة.. بين أهل السنة والصوفية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الناظر المدقّق في الفكر الصوفي يجد أن من أخطر ما قامت عليه العقيدة الصوفية إهدار مصادر الاستدلال والتلقي، فقد أخذوا من كل ملة ونحلة، ولم يلتزموا الكتاب والسنة، حتى قال فيهم الشيخ عبد الرحمن الوكيل وهو الخبير بهم: “إن التصوف … قناع المجوسي يتراءى بأنه رباني، بل قناع […]

دعوى أن الحنابلة بعد القاضي أبي يعلى وقبل ابن تيمية كانوا مفوضة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة إن عهدَ القاضي أبي يعلى رحمه الله -ومن تبِع طريقته كابن الزاغوني وابن عقيل وغيرهما- كان بداية ولوج الحنابلة إلى الطريقة الكلامية، فقد تأثَّر القاضي أبو يعلى بأبي بكر الباقلاني الأشعريّ آخذًا آراءه من أبي محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان، وهو تلميذ الباقلاني، فحاول أبو يعلى التوفيق بين مذهب […]

درء الإشكال عن حديث «لولا حواء لم تخن أنثى»

  تمهيد: معارضة القرآن، معارضة العقل، التنقّص من النبي صلى الله عليه وسلم، التنقص من النساء، عبارات تجدها كثيرا في الكتب التي تهاجم السنة النبوية وتنكر على المسلمين تمسُّكَهم بأقوال نبيهم وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، فتجدهم عند ردِّ السنة وبيان عدم حجّيَّتها أو حتى إنكار صحّة المرويات التي دوَّنها الصحابة ومن بعدهم يتكئون […]

(وقالوا نحن ابناء الله ) الأصول والعوامل المكوّنة للأخلاق اليهودية

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة المقدمة: لا يكاد يخفى أثر العقيدة على الأخلاق وأثر الفكر على السلوك إلا على من أغمض عينيه دون وهج الشمس منكرًا ضوءه، فهل ثمّة أصول انطلقت منها الأخلاق اليهودية التي يستشنعها البشر أجمع ويستغرب منها ذوو الفطر السليمة؟! كان هذا هو السؤال المتبادر إلى الذهن عند عرض الأخلاق اليهودية […]

مخالفات من واقع الرقى المعاصرة

للتحميل كملف PDF اضغط على الأيقونة مقدمة: الرقية مشروعة بالكتاب والسنة الصحيحة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله وإقراره، وفعلها السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان. وهي من الأمور المستحبّة التي شرعها الشارع الكريم؛ لدفع شرور جميع المخلوقات كالجن والإنس والسباع والهوام وغيرها. والرقية الشرعية تكون بالقرآن والأدعية والتعويذات الثابتة في السنة […]

تغاريد سلف

جميع الحقوق محفوظة لمركز سلف للبحوث والدراسات © 2017